حالة من الغموض تسيطر على القضية المعروفة إعلاميًا ب"رشوة بعض المسؤولين بوزارة الزراعة"، لا سيما في ظل القرار السريع الذي أصدره المستشار علي عمران، القائم بأعمال النائب العام، أمس الأحد، بحظر النشر في القضية رقم 673 لسنة 2015 حصر أمن دولة عليا. وشدد على أنه تم حظر النشر في جميع الوسائل المرئية والمسموعة، وكذلك جميع الصحف والمجلات القومية والأسبوعية، وغيرها من النشرات والمواقع الإلكترونية؛ وذلك لحين الانتهاء من التحقيقات، عدا البيانات التي تصدر من مكتب النائب العام بشأنها. وكانت هيئة الرقابة الإدارية قد ألقت القبض على محيي قدح، مساعد ومدير المكتب الفني لوزير الزراعة، مساء أمس، داخل مكتبه؛ دون إيضاح التهم الموجهة إليه، فضلاً عن القبض على الصحفي محمد فودة. يُشار إلى أن الرقابة الإدارية ألقت القبض، خلال الفترة الأخيرة على عدد من المهندسين والقيادات بهيئة التعمير ومشروعات التنمية الزراعية، التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، بتهمة تسهيل الاستيلاء على أراضي الدولة. وتجدر الإشارة إلى أن الصحفي محمد غانم كان له مقالة منشورة بصحيفة التعاون التابعة لوزارة الزراعة في شهر فبراير الماضي يكشف فيها خيوط تلك القضية الغامضة. وقال "غانم" في مقالته إن أحد رجال الحزب الوطنى المنحل فى دمياط سعى للاستيلاء على 2500 فدان ملاصقة للريف الأوروبي بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، تصل قيمتها إلى نحو 3 مليارات جنيه، ممارسًا ضغوطًا شديدة على الدكتور عادل البلتاجي وزير الزراعة عبر "إعلامي" شهير ارتضى أن يكون سمسارًا، وآخر سجين سابق في قضية رشوة كبرى أصبح بين ليلة وضحاها أحد أضخم رجال الأعمال في مصر. وأوضح -في مقالته- إلى أن وزارة الزراعة قبلت "شيكًا" بقيمة 2.5 مليون جنيه من تحت حساب تقنين وضع اليد على الأرض بالمخالفة للقانون، مبينًا أن بلطجية رجل الأعمال تحركوا فور قبول الشيك نحو مساحة الأرض لفرض سيطرتهم وسطوتهم عليها، كما يسابقون الزمن حاليًا لزراعتها كاملة بغرس شتلات وهمية عمر 4 و5 سنوات بغرض الإيحاء بزراعتها زراعة جادة وقديمة لضمان تقنين أوضاعها عند معاينتها من أجهزة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية كإجراء طبيعى ضمن إجراءات تقنين وضع اليد على الأرض بغرض الزراعة، للحصول عليها بأبخس الأثمان. وأشار -في مقالته المنشورة منذ عدة أشهر- إلى أن ائتلاف شباب الثورة بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بات طرفًا في القضية، وهددوا بالتقدم ببلاغ في الواقعة برمتها إلى جهات التحقيق في قضايا الفساد بوزارة الزراعة في حالة عدم استرداد الأرض وطرحها للبيع بالمزاد، وهو ما دفع الدكتور عادل البلتاجي إلى تجميد قبول الشيك الذي سدده رجل الأعمال للهيئة عبر "المتهم السابق بالرشوة"، وإحالة الملف برمته إلى المستشار القانوني مرة أخرى للبت في قبول الشيك من عدمه وأيضًا معاينة الأرض من عدمه ومدى أحقية رجال الأعمال في تقنين أوضاعها بموجب التنازلات التي تقدم بها من أشخاص يدعون تبعية الأرض لهم!. وفي مقالته ثانية له، كشف الكاتب محمد غانم أن عصابات الاستيلاء على أراضي الدولة كثر، إذ كتب قائلاً: "هناك واقعة جديدة للاستيلاء على 2500 فدان داخل المناطق المعروفة ب"الريف الأوروبي" وتتجاوز قيمتها 3 مليارات جنيه على الأقل؛ حيث يمارس رجلا أعمال أحدهما من أبرز رجال الحزب الوطني المنحل بدمياط، والآخر من أباطرة الاستيلاء على أراضي طريق القاهرةالإسكندرية الصحراوي، ضغوطًا كبيرة على وزارة الزراعة لتخصيص تلك المساحات دون وجه حق لهما وبالمخالفة للقانون". وأوضح أن حكاية الأرض تعود لتاريخ 25 يونيو عام 2000 حيث تقدم رجل أعمال شهير بطلب لتقنين وضع اليد على مساحة 10 آلاف فدان بناحية وادي النطرون، وانتهى البحث لموقع المساحة أنها داخل ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ولكنها تتداخل مع طلبات سابقة لشركتين لاستصلاح الأراضي. وأشار إلى أنه في أعقاب ذلك تأسست شركة "الريف الأوروبي" ونظرًا لجدية أعمال الاستصلاح والاستزراع تم استصدار قرار بتحصيل مقابل انتفاع لمساحة 7012 فدانًا، واستبعاد 3 آلاف فدان من بينها ال2500 فدان التي يحاول أحد رجال الأعمال حاليًّا وباستماتة وعبر ضغوط إعلامية مكثفة انتزاعها من وزارة الزراعة، وهو ما دفع الدكتور عادل البلتاجي وزير الزراعة إلى طلب الرأي القانوني ومعاينة المساحة واتخاذ الإجراءات.
