لا يكفى الحلم لنعيش فى واقع جميل.. فسرعان ما تنتهى الأحلام لنعود إلى الواقع تصدمنا حقائقه.. إذا لم نسع لتغييره وتحويله إلى ما نريد بالجهد والعمل، وهى الفكرة التى اعتنقها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى التعامل مع أحلام وطموحات المصريين، ليعيشوا حياة كريمة أولا، وأن يروا بلادهم فى المكانة التى تستحقها إقليميا بل عالميا. ولأن الاقتصاد هو القاطرة التى تقود الدول إلى القوة وامتلاك القرار فقد سارع الرئيس فى الأيام الأولى لتوليه للإعلان عن خطته لتدشين عدد كبير من المشروعات القومية الكبرى التى يمكنها أن تسهم فى حل الكثير من المشكلات التى تعانيها بلدنا، وأن يحيا الإنسان حياة كريمة بلا معاناة، إضافة إلى الهدف الأكبر وهو استقلال القرار المصرى. وكانت مقولة الرئيس «نحن فى سباق مع الزمن» هى الأكثر تكرارًا فى كافة خطاباته بمختلف المناسبات، منذ توليه مقاليد الحكم فى مصر قبل نحو عام ونصف العام وحتى الآن، وهو ما جعله يحث الخطى نحو تحقيق خطته الطموحة منذ اللحظات الأولى، وكان عام 2015 شاهدًا على العديد من الخطوات، كان أبرزها على الإطلاق الانتهاء من حفر المجرى الملاحى الجديد لقناة السويس الجديدة، بطول 72 كيلو متر، وهو المشروع الذى يسمح بتسيير السفن فى الاتجاهين دون توقف فى مناطق انتظار داخل القناة وكذلك تقليل زمن العبور مما يسهم فى زيادة الإقبال على استخدام القناة ويرفع من درجة تصنيفها، كما يؤدى لزيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن فى القناة لمجابهة النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية مستقبلا. ولكن الأهداف السابقة رغم أهميتها، لم تكن إلا جانبا ضئيلا من أهداف الانتهاء من المجرى الملاحى الجديد، إذ كان الهدف الأبرز والأهم هو تنمية محور قناة السويس، من خلال مشروعات ضخمة تتنوع بين تطوير موانئ ومطارات وتطوير الطرق فى محافظاتالإسماعيلية وبورسعيد والسويس، وحفر أنفاق ضخمة لمرور السيارات العملاقة أسفل قناة السويس إلى سيناء، بخلاف المشروعات الصناعية واللوجيستية الضخمة، ما سيؤدى لإعادة التوزيع العمرانى والجغرافى للسكان، خاصة فى سيناء من خلال مشروعات عمرانية وصناعية وتجارية متكاملة، ما سينعكس إيجابا على خطة مصر للقضاء على الإرهاب الذى يجد فى المساحات غير المأهولة بالسكان فى سيناء مرتعا لينخر كالسوس فى الجسد، وهو ما سيتغير تمامًا فور الانتهاء من تلك المشروعات، الأمر الذى يؤكد أن هذا المشروع وغيره هو قضية أمن قومى وليست مجرد مشروعات اقتصادية مجردة. وفى إطار الأمن القومى أيضا، دشن الرئيس السيسى من الفرافرة بالوادى الجديد، خلال الأيام الأخيرة من العام الماضى مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، تستهدف أيضا إقامة مجتمعات عمرانية جديدة فى مناطق تعانى الفقر السكانى وزيادة الرقعة الزراعية، باستخدام ثروتنا من المياة الجوفية، لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية التى نستورد الجزء الأكبر منها من الخارج، وتتيح توفير فرص عمل لتقليص نسب البطالة وإحداث طفرة اقتصادية كبيرة من خلال المشروعات التى ستقام لاستغلال الإنتاج الزراعى والحيوانى المستهدف. والمتابع لتحركات الرئيس وللمشروعات التى دشنها حتى الآن، يلحظ أنه حرص من خلال مجموعة من الخبراء والتنفيذيين، على تدارك أسباب فشل المشروعات العملاقة فى السابق، مثل مشروع توشكى الذى تسبب ارتفاع تكلفة نقل المنتجات منه، لعدم وجود شبكة طرق مناسبة، وعدم وجود مجتمعات سكانية وخدمات وبنية تحتية فى فشله وهروب المستثمرين من استمرار العمل فيه.. ويعد الانتهاء من تنفيذ جانب كبير من المشروع القومى لمضاعفة شبكة الطرق من خلال تنفيذ أكثر من 3 آلاف كم، واحدًا من المشروعات الذى حث فيه الرئيس على تدارك أخطاء الماضى، بإعادة رسم خريطة النقل والمواصلات، لتساهم فى التنمية الاقتصادية، بمناطق متعددة، من خلال تسهيل النقل والوصول إلى أماكن الإنتاج، بخلاف إقامة العديد من مشروعات الكهرباء التى قضت تماما على مشكلة انقطاع التيار التى عانتها مصر قبل أقل من عامين، وكان لها أثر سلبى مباشر على العديد من الأنشطة الاقتصادية. ومازالت خطوات الرئيس فى العام الماضى تضم الكثير، وتتضمن المشروع القومى لتنمية القرى، للارتقاء بالقرى المصرية بصفة عامة، والقرى الأكثر احتياجاً على وجه الخصوص، لتحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء، إضافة إلى القضاء على طوابير الخبز، وتوسيع مظلة التأمين الصحى، وغيرها، إلا أن تدشين تلك المشروعات لا يعنى أننا نجحنا بل أننا وضعنا أنفسنا على أول طريق تحقيق الحلم، ويرفع سقف طموحاتنا كمصريين فى أننا نستطيع.. ونستحق.. ونحلم أن تحقق بلادنا خطوات تجعلها فى مقدمة دول العالم، شريطة إخلاص النوايا والعمل الجاد، وخلق المناخ التشريعى المناسب لتحقيق الهدف.