دائما ما يتحدث عنهم اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية، فى كافة المشروعات القومية، يطلب من الإعلاميين الحديث معهم، لتنتقل الروح الإيجابية التى يمتلكونها إلى الناس، يقف وسطهم على الأقل مرة كل أسبوع تجدهم يلتفون حوله بمجرد وصوله إلى موقع العمل، كما يلتف الأبناء حول أبيهم لحظة وصوله، ورغم مشقة العمل وسط الجبال إلا أن عزيمتهم وإيمانهم بالدور الذى يقومون به، جعلتهم أقوى من صخور الجبل، كل منهم يملك حكاية، يرويها لزملاء العمل وقت الراحلة داخل أماكن إقامتهم فى الموقع، أو يروى مواقف يومية شهدها خلال يوم عمل شاق، تذهب مشقته بمجرد الانتهاء منه، ويتحول إلى حكاية تضاف إلى ما سبقها، ليعود نهاية الأسبوع إلى أسرته، ومعه ذكريات جميلة من موقع المشروع.عزيمتهم أقوى من الجبال، وإيمانهم بالدور الذى يقومون به لا يزعزع، التقينا بعدد منهم وكانت المفاجأة لنا هو الفنان «سيد الطيب» الذى تحول إلى مقاول فى مشروع هضبة الجلالة. فى البداية التقينا أحمد طه.. شابا لم يتجاوز الأربعين ربيعا - أحد أبناء محافظة بنى سويف- التقينا به فى منطقة «وادى أم رسيس» بمشروع هضبة الجلالة، يعمل «دباش» فى التكسيات لجسم الطريق من جهة الوادى للحفاظ عليه من آثار السيول، السمرة التى تكسو وجهه رسمتها أشعة الشمس على ملامح وجهه، الابتسامة لا تفارقه، تجعله شعلة طاقة إيجابية، ينقلها إلى كافة العاملين من حوله. نحن نقيم فى المشروع ونعود إلى منازلنا كل شهر، ونعمل هنا منذ 3 شهور وعملنا من قبل فى الطريق الإقليم، وأتمنى أن يدرك الشباب أنه ليست هناك بطالة، ولكن الشباب يبحثون عن وظائف داخل المكاتب. وسط العاملين وجدت شابًا آخر لم يتجاوز 17 عاما يعمل فى المشروع منذ 4 أشهر مساعد دباش وهو يحاول تعلم المهنة، يقوم بتجهيز الأسمنت الخاص بالبناء، عبر عن سعادته بالمشروع لأنه يربط طريق السخنة ببنى سويف، وطريق الكريمات، قال إنه وفر فرص عمل للشباب، وستفتح المشروعات المقامة فى هضبة الجلالة المجال، أمام الشباب. رأس أبو الدرج وصلنا إلى منطقة المنتجع السياحى برأس أبو الدرج وسط العاملين بالمشروع فى جبل الجلالة وجدنا الفنان «سيد الطيب» وسط عماله، والذى كان مفاجأة لنا، قال: البداية أخويا شغال هنا، وأخواتى شغالين هنا، ووجدت أنى كممثل معظم شركات الإنتاج لا تدفع فلوس وهو ما دعانى للعمل مع أخى وأنا خريج كلية هندسة وكنت فى شركة نمساوية، ولى براءة اختراع من أكثر من عشرين سنه، وأنا لست بعيدًا عن الهندسة نزلت للعمل بالمشروع، وربنا كرمنى وقدرت أوفر دعم مالى وأجرت معدات وتم إسناد قطاع فى مشروع هضبة الجلالة والحمد لله شغال كويس وملتزم بالتوقيتات والجودة، وهناك متابعة من قبل الهيئة الهندسية، للعمل على مدار 24 ساعة وطبعا لطبيعة عملى كممثل، ومأخوذ فكرة مسبقة عن أن الممثل لا يستطيع العمل فى هذا القطاع الشاق، تم تركيز المتابعة على القطاع الذى أعمل به خوفا من عدم الوفاء بما هو مطلوب حسب المخطط والمستهدف، وجدونى فى السادسة صباحًا موجود وسط عمالى فى الجبل فأنا هنا أستيقظ الساعة 4 صباحا وكانت المتابعة بشكل مستمر حتى أثبت قدرتى على العمل وبجودة عالية وفق المطلوب فى القطاع الذى تقوم المعدات والفنيين التابعين لى بتجهيزة، ومن السادسة صباحا حتى السادسة مساء وأنا وسط العمال والحمد لله حاسس برضا نفسى كبير، واللواء كامل الوزير عندما عرف من القادة عرف أننا شغال بشكل كويس جدًا، وعدنى بعد الانتهاء من هذا القطاع ساقوم بالعمل فى قطاع آخر. هذا المشروع جبار لا تقدر عليه سوى المؤسسة العسكرية.. وفى حالة قيام أى مؤسسة أخرى بالمشروع كان سيتكلف ضعف تكلفته الحالية، كما أن المشروع يعد مشروعًا استراتيجيًا، لأنه ينشأ طريقا بديلا للطريق الساحلى ويقلل من الحوادث التى كانت تحدث على الأخير نظرًا لضيق عرض الطريق الساحلى وكثرة المنحنيات، مصر دولة عظمى، وكان لابد من إقامة هذا المشروع لوقف نزيف الطرق. بالإضافة إلى أننا فى حاجة لتنمية اقتصادية وسياحية لذا كان من الواجب إقامة هذه الشبكة من الطرق، لذا وجب التحية للقوات المسلحة والرئيس عبد الفتاح السيسى على هذه المشروعات. وهى مشروعات يظهر العائد منها على المدى البعيد، لأن إنشاء طريق بعرض 22 مترًا يحافظ على الأرواح ويساهم فى التنمية. المدينة السياحية والمتكاملة وستقام بها جامعة الملك عبد الله، ودرجة الحرارة أعلى الهضبة أفضل بكثير. وفى نهاية لقائنا مع الفنان سيد الطيب أو المقاول - إن صح التعبير - قال: أوجه كلمة للشباب، يجب أن ننتبه لمستقبلنا، لأن أى مستثمر دائما يبحث عن المناطق المستقرة وليست مناطق التوتر، لذا يجب علينا أن نحافظ على الاستقرار. أنا لفت نظرى أمس طفل جاء للعمل مع والده من العاملين معى بالمشروع، قبلت رأسه لأنه يعين والده، فهو أفضل ممن لا يعملون، ويفضلون الجلوس على المقاهى، أو السير فى طريق مخالف للقانون. وكلمة أوجهها لمن يقودون الرأى العام: عليكم أن توجهوا الشعب للعمل والتنمية، مصر مثل أى مكان فى العالم بها سلبيات ولكن علينا أن نرى الجانب الإيجابى أيضا. وأقول لك تجربتى فى العمل مع القوات المسلحة أفخر بها دائما، تجدهم متابعين لكل كبيرة وصغيرة فى العمل، فالضابط المهندس إلى جوار مهندس المساحة الخاص بشركتى وكذلك المهندس الاستشارى لتنفيذ رؤية مشتركة فى رسومات أنا ملتزم بها وفق بنود محددة، هم لا يتركونك تفوت أى شىء، العمل يتم وفق متابعة صارمة. هذا المشروع سأظل أشرف بمشاركتى فيه، فبعد عام أو أكثر سأمر من هنا سأقول لأبنائى وأحفادى أبوكم هو من قام بالمشاركة فى هذا المشروع. مُصرّون على إنهاء العمل من جانبه، قال محمود عواد سائق جليدر وهو أحد أبناء سيناء فى مشروعات جبل الجلالة: «نعمل فى الحفر والردم للطريق، وقد بدأنا العمل فى المشروع منذ حوالى عام ونصف العام، من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التى نتعاون معها منذ فترة طويلة وقد شاركنا بالعمل فى قناة السويس الجديدة والطريق الدائرى الإقليمى وطريق بنى سويف». وأضاف عواد: «أنا من أبناء سيناء، والكثير من أبناء سيناء يعملون فى تلك المنطقة، ونواصل الجهد مع القوات المسلحة رغم صعوبة العمل فى موقع جبل الجلالة، إلا أننا مصرون على إنهاء العمل فى التوقيت المحدد إن شاء الله، وخلال أربعة أشهر سوف يتم الانتهاء من كافة الأعمال». وأشار إلى أن حجم العمالة كبير جدًا ويحتاج إلى عشرات الشركات، والقوات المسلحة تدعمنا بالمعدات من أجل الإنجاز فى الوقت، واستكمال المشروعات فى التوقيتات المحددة، قائلا: «هناك أماكن بكر لم يدخلها بشر من قبل، نعمل بها اليوم، لخلق مجتمعات جديدة، والمشروع الحالى هو أكبر وأصعب مشروع تنفذه القوات المسلحة. من جانبه، قال مصطفى أحمد سواق «جليدر»: «أعمل هنا منذ 3 شهور وعمرى 18 سنة، وأنتمى لمحافظة سوهاج، وأتقاضى 4 آلاف جنيه شهريًا، نظير عمل 8 ساعات يوميًا». وأضاف مصطفى: «اشتغلت فى توسيعات طريق السويس، ومبسوط جدا بالعمل مع القوات المسلحة، خاصة وأنها توفر فرص عمل للشباب والشركات العاملة فى مجال الطرق والإنشاءات». فى سياق متصل، قال وليد أسامة حمدان، أحد أبناء العريش، يعمل سائق على سيارة نقل، إنه يعمل منذ 4 أشهر فى المشروع، ويقود سيارته الخاصة، التى يؤجرها إلى المقاول الذى يعمل معه، وله سابقة أعمال مع القوات المسلحة فى مشروعات قناة السويس، والفرافرة والفيوم، لافتًا إلى أن عمره 21 عامًا، ويعمل فى مهنته منذ أكثر من 5 سنوات. « محمد سعيد» من أبناء سيناء العاملين بالمشروع شاب فى العقد الرابع من العمر حاصل على بكالوريوس تجارة ويعمل «سائق جليدر» منذ أكثر من 15 سنة لديه أربعة أطفال ويعمل لدى إحدى شركات المقاولات المشاركة فى المشروع، قال: انتقلنا إلى الموقع منذ أكثر من عام حيث أسند للشركة قطاع فى مشروع الطريق، ويوميا نصل الموقع فى الجبل من السادسة صباحًا وحتى المغرب، نحصل خلال تلك الفترة على ساعة غداء، ودائما المشروعات القومية تجمع كافة أبناء مصر من سيناء والوجه القبلى والوجه البحرى والدلتا، تشعر هنا أنك فى معركة تحدى حقيقية، لو تشوف مدى سعادتى كل يوم ونحن نتقدم بالطريق داخل الجبل، يصعب وصفها، كل منطقة فى القطاع الذى أمل فيه بوادى الحروث لها ذكريات ومررت عليها أكثر من مرة سواء أثناء عملية تسوية للتربة أو عملية إزاحة أو عملية تمهيد طريق، صدقنى تشعر وأنت تعمل فى الموقع وكأنك تراقب أحد أبنائك وهو يكبر أمام عينيك، المشروع ده اتولد على أيدينا وإن شاء الله ربنا يكمله على خير. توقف « محمد» عن الحديث قليلا ثم قال: « تعرف أن الجبل ده من سنة واحدة أى حد كان يأتى إلى هنا لا يصدق أننا سنخترق كل هذه المسافة بالطريق وسط الجبل وبهذا الشكل، فعلا الشعب المصرى شعب عظيم، صدقنى أنا وزملائى بالليك فى مكان إقامتنا بالوادى نشعر بالفخر بمشاركتنا فى المشروعات القومية. وانتهى اليوم الذى قضيناه فى مشروع هضبة الجلالة ولكن حكايات العاملين لم تنتهى وبطولة المصريين فى تحدى التحدى لن تتوقف.