شاهد.. هتافات حماسية من الجماهير خلال مباراة بيراميدز وسيراميكا كليوباترا    تشكيل باريس سان جيرمان لمواجهة نيس في الدوري الفرنسي    الحكومة تكشف تفاصيل جديدة عن وصول 14 مليار دولار من أموال صفقة رأس الحكمة    وكلاء وزارة الرياضة يطالبون بزيادة مخصصات دعم مراكز الشباب    بعد تشغيل محطات جديدة.. رئيس هيئة الأنفاق يكشف أسعار تذاكر المترو - فيديو    أبومازن: اجتياح قوات الاحتلال رفح الفلسطينية كارثة يدفع ثمنها الأبرياء    وزارة النقل تنعى هشام عرفات: ساهم في تنفيذ العديد من المشروعات المهمة    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد بيت شباب 15 مايو لاستقبال طلاب ثانوية غزة    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    «جوزي الجديد أهو».. أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على ظهورها بفستان زفاف (تفاصيل)    طاقم عمل A MAD MAX SAGA في العرض العالمي بمهرجان كان (فيديو)    «الشعب الجمهوري» يهنئ «القاهرة الإخبارية» لفوزها بجائزة التميز الإعلامي العربي    أمير عيد يكشف ل«الوطن» تفاصيل بطولته لمسلسل «دواعي السفر» (فيديو)    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    رئيس جامعة المنصورة يناقش خطة عمل القافلة المتكاملة لحلايب وشلاتين    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    "الزراعة" و"البترول" يتابعان المشروعات التنموية المشتركة في وادي فيران    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    زياد السيسي يكشف كواليس تتويجه بذهبية الجائزة الكبرى لسلاح السيف    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رغم تصدر ال"السرب".. "شقو" يقترب من 70 مليون جنية إيرادات    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    رجال أعمال الإسكندرية تتفق مع وزارة الهجرة على إقامة شراكة لمواجهة الهجرة غير الشرعية    مدعومة من إحدى الدول.. الأردن يعلن إحباط محاولة تهريب أسلحة من ميليشيات للمملكة    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    فرحة وترقب: استعدادات المسلمين لاستقبال عيد الأضحى 2024    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    صور.. كريم قاسم من كواليس تصوير "ولاد رزق 3"    إسرائيل تتحدى العالم بحرب مأساوية في رفح الفلسطينية    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل898 ألف مريض بمستشفيات الحميات    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية شرفة عابدين حسن البنا جاسوس رسمى للاستخبارات النازية
نشر في أكتوبر يوم 08 - 11 - 2015

تولى الشيخ حسن البنا بشكل شخصى مسئولية الإشراف الإدارى مع تشغيل محطة إرسال الاستخبارات الألمانية النازية المقابلة لقصر عابدين، كما تعهد طبقاً لبنود اتفاقه السرى الذى كشفته الوثائق النازية السرية بحماية الضباط الألمان الذين وصلوا للقاهرة لتشغيل الإرسال اللاسلكى وتدريب مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عليه وتأسيس محطة التجسس الجديدة فى مصر.
فى إطار التعاون ضخ أدولف هتلر إلى حسن البنا عبر قبرص عشرة ملايين جنيه بريطانى ومصرى كعملات ورقية مزيفة من نوعية «الجنيه الكامل» أنعشت اقتصاد جماعة الإخوان المسلمين ومن أرباح العمليات التى أدارها البنا بتلك «الملايين المزيفة» التى سممت النظام البنكى المصرى لحساب الرايخ الثالث أسس الإخوان معظم المكاتب الخارجية والأفرع الإقليمية والدولية التى عرفت بعدها حول العالم. استقبل الشيخ حسن البنا فى مصر الملايين البريطانية المزيفة من فئة عملة الجنيه الكامل واستخدمها لتمويل شراء صفقات أسلحة سُرقت من مخازن معسكرات القوات البريطانية وخزنها بمخازن سلاح تابعة للجماعة تمهيداً لتهريبها إلى رجال أمين الحسينى بفلسطين لشن عمليات نوعية مسلحة خاطفة لإرهاق وتشتيت البريطانيين والمستوطنات اليهودية.
حققت خطة الرايخ الثالث نجاحات واستمرت على ذلك النحو لشهور وبعدما كانت عملية نقل الأسلحة إلى فلسطين بطريق شحنها بالبحر معرضة للمخاطر وجد النازيون أن أكثر الطرق الآمنة لإنجاح العملية تكمن فى تهريب السلاح عبر دروب صحراء شبه جزيرة سيناء المصرية إلى فرع الإخوان المسلمين فى فلسطين.
لكن جاءت تلك النجاحات عكس ما خطط له هتلر والبنا وشريكه الحسينى لأن الدمار الذى تسببت فيه العمليات الهجومية على القوات البريطانية بفلسطين حصدت ثماره المستوطنات اليهودية- الصهيونية فى شكل تفوق عسكرى نوعى على دفاعات القرى العربية وبالتالى قوات الانتداب- الأجنبى- البريطانية المحتلة.
كدست عمليات شراء فائض الأسلحة البريطانية المسروقة التى أدارها الشيخ حسن البنا من مصر لحساب الرايخ الثالث السلاح والذخيرة لدى مخازن جماعة الإخوان المسلمين وباتت عملية صيانة تلك الأسلحة والمعدات من الأعباء التقنية الثقيلة على الجماعة والقيادة النازية فى برلين.
لم يستوعب رجال الشيخ أمين الحسينى فى فلسطين كميات الأسلحة التى هربتها جماعة الإخوان إليهم عبر دروب صحراء سيناء واستشرى الفساد بين رجال مفتى القدس لعدم وجود سجلات منظمة ودقيقة لقيد وارد الشحنات.
فباع رجاله قطع السلاح المميزة إلى المستوطنات والمنظمات الصهيونية المسلحة مقابل مبالغ حصلوها لأنفسهم حتى تحول الشيخان البنا والحسينى لموردين غير مباشرين بل مصدراً رئيسياً لتسليح المهاجرين والمنظمات اليهودية- الصهيونية داخل فلسطين.
خدم غباء جماعة الإخوان المسلمين المصرية مصالح القسم السياسى- جهاز استخبارات الوكالة اليهودية فاستغل فساد رجال الحسينى وتحولت الأموال النازية المزيفة إلى غنيمة لكل أطراف الصراع حتى ضباط الانتداب فازوا بعطايا سخية لغض البصر عن عمليات تهريب الأسلحة من مصر حتى ضاعت أرض فلسطين فى النهاية وقامت دولة إسرائيل.
فى تلك الأثناء تسببت عمليات تهريب الأسلحة التى أدارتها جماعة الإخوان من القاهرة لحساب النازى بشكل عشوائى مع العملات المزيفة باهتزاز الأصول المالية البريطانية والمصرية بعنف أدى لانهيار غير مسبوق لبورصات المال العالمية الأمر الذى سبب ضرراً مباشراً لأرصدة العائلة المالكة المصرية الذهبية والورقية السائلة.
كلف الملك فاروق الأول مستشاريه ورجال قصره لكشف سر ما يحدث من دمار للأصول المصرية وتدهور أرصدته من الجنيه الإسترلينى فقدم له «مكرم عبيد» باشا- توفى فى 5 يونيو 1961- وزير المالية وقتها تقريراً فى بداية صيف عام 1942 أكد خلاله أن كافة الأزمات التى تعرض لها الاقتصاد الملكى المصرى سببها التعاون السرى الغامض بين الشيخ حسن البنا وقوى خارجية لم يسميها عبيد باشا بدقة فى تقريره.
لم يقتنع الملك فاروق بما انتهى إليه مكرم عبيد باشا خاصة بعدما بدأت معظم بنوك العالم فى رفض إجراء عمليات التحويلات البنكية Swift البريطانية والمصرية مما أجبر البنك البريطانى Bank of England- تأسس بتاريخ 27 يوليو 1694- على منح تخفيضات وتسهيلات لم تتكرر فى تاريخه لتشجيع العالم على التعامل بالجنيه الإسترلينى والمصرى المرتبطان ببعضهما سياسياً واقتصادياً فى تلك الفترة الزمنية بسبب ظروف الاحتلال ثم الحرب العالمية الثانية.
المثير للغاية أن السير «دافيد بيترى» Sir David Petrie الثابت شغله مهام منصبه كمدير للاستخبارات الملكية البريطانية الفرع MI5- تأسس عام 1909- خلال الفترة من إبريل عام 1941 حتى تقدمه باستقالته الرسمية فى إبريل عام 1946.
كان الوحيد على مستوى أجهزة الاستخبارات بالعالم الذى انتبه وثمن الشواهد الفنية الدقيقة التى ساقها تقرير مكرم عبيد باشا الذى رفض الملك فاروق تصديقه بشأن مسئولية جماعة الإخوان المسلمين والشيخ حسن البنا لما تعرضت له العملتان المصرية والبريطانية بأسواق وبورصات العالم المالية من خسائر منهجية فشل أعتى الخبراء الماليون فى تفسيرها.
اكتسب دافيد بيترى خبرة وسمعة مشرفة فى خدمة التاج الملكى البريطانى خلال الفترة من عام 1900 وحتى عام 1936 عندما عمل كرئيس لمكتب استخبارات شرطة ولاية «دلهى» فى مستعمرة الهند- البريطانية.
والثابت أن دافيد بيترى ترأس بعدها لجنة الخدمة العامة التابعة لمستعمرة الهند البريطانية إلى شهر إبريل عام 1941 عندما عين مديراً لإدارة فرع الاستخبارات الملكية البريطانية الداخلية الشهير بكود الاختصار الدولى MI5.
اعتمد السير دافيد بيترى على علوم البحث الجنائى الحديثة وحصل على معظم الدورات العلمية الخاصة بمجال الاستخبارات المدنية لذلك ثمن تقرير مكرم عبيد باشا الوارد من مصر إلى الفرع MI5 بشأن الانهيار الاقتصادى كنتيجة مباشرة لنشاط جماعة الإخوان المسلمين المصرية فى عمليات منهجية لتهريب الأموال والأسلحة من مصر لفلسطين.
أصدر السير دافيد بيترى- توفى فى 7 أغسطس 1961- بصفته مدير للفرع MI5 تكليفاً رسمياً إلى قسم B-Branch المسئول عن ملفات تحقيقات مكافحة التجسس ونشاط العملاء المزدوجين حول العالم للبدء فى بحث غموض الانهيار الاقتصادى المصرى- البريطانى.
فأسند قسم B-Branch صلاحياته إلى رئيس قسم البحوث المتخصصة المحامى اليهودى الديانة- البريطانى الجنسية Herbert Lionel Adolphus Hart- «هيربرت ليونيل أدولفوس هارت» كمهمة رسمية عاجلة سرية للغاية هدفت لفتح تحقيق نوعى يكون أساسه المعلومات والأدلة التى ساقها وزير المالية المصرى مكرم عبيد باشا عن مسئولية جماعة الإخوان المسلمين المصرية حول الانهيار الاقتصادى المفاجئ للعملات الورقية فئة الجنيه المصرى والبريطانى.
اشتهر رئيس قسم البحوث المتخصصة فى فرع MI5 المحامى هيربرت ليونيل أدولفوس هارت بتدينه وميله إلى مساندة الفكر الصهيونى وحلم الدولة اليهودية وكان يدرس وقتها «فقه القانون» Jurisprudence بجامعة Oxford البريطانية التى تأسست عام 1542.
اهتم المحامى اليهودى رئيس قسم البحوث المتخصصة بتقرير مكرم عبيد باشا وأثارته بقوة الشواهد التى حذرت من تهديد مباشر على المستوطنات اليهودية فى فلسطين وغفل الجميع لدى فرع MI5 معلومة مهمة أن خالات المحقق اليهودى Herbert Hart عِشن فى تلك الفترة نفسها فى إحدى تلك المستوطنات اليهودية- الصهيونية الغير شرعية داخل فلسطين.
على ضوء المخاوف والتحذيرات والشواهد الواردة فى تقرير وزير المالية المصرى حقق المحامى هيربرت هارت وعندما طابق بيانات مكرم عبيد باشا مع معلومات سابقة سلمتها الوكالة اليهودية إلى الفرع MI6 عن حسن البنا ومفتى القدس تأكد من علاقتهما بالنازى واستخبارات الرايخ الثالث.
ومع ذلك فشل Herbert Hart من الناحية العملية والقانونية فى إثبات علاقة الشيخ حسن البنا بملف تجنيد الشباب المسلم المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين للخدمة لدى الفيلق العربى الحُر النازى.
كما أخفق المحقق اليهودى- البريطانى Herbert Hart فى توثيق أدلة قانونية- قضائية مباشرة وواضحة كان يمكن الاعتماد عليها فى توجيه اتهام مباشر لإثبات مسئولية مؤسس الجماعة المصرية الشيخ حسن البنا عن الانهيار الاقتصادى للعملتين الملكيتين المصرية والبريطانية حتى لو على مستوى القطر المصرى وفلسطين.
العميل «النبى» كشف مسئولية حسن البنا عن الانهيار الاقتصادى المصرى والبريطانى؟
جندت يولاند هارمر جاسوسة جهاز استخبارات الوكالة اليهودية الشاب الصعيدى «محمود مخلوف» ابن الشيخ «حسنين محمد مخلوف» عالم الأزهر ومفتى الديار المصرية فى الفترة من عام 1946 حتى عام 1950 ثم للمرة الثانية من 5 يناير عام 1946 إلى 7 مايو عام 1950.
حمل محمود مخلوف اسم الكود «النبى»، وذلك طبقا لبيانات وثائق الوكالة اليهودية السرية وبالتحديد المعلومات الواردة بين صفحات تقرير «عمليات الوكالة اليهودية فى مصر من عام 1944 حتى عام 1948- باب مصادر معلومات الوكالة فى مصر» لكنه عمل فى بداية علاقته وتعارفه على هارمر بدون مقابل حتى ارتفعت قيمته لدى استخبارات الوكالة اليهودية كمصدر موثوق للمعلومات فى مصر عندما اعترف أمام هارمر بحقيقة عمله كمرسال سرى لحساب الشيخ البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. ثم أبدى استعداده إلى كشف كل الأسرار والمراسلات السرية التى ستقع بيده وتسلمها له الجماعة المصرية وفى سياق عرضه زعم رفضه لتصرفات الشيخ حسن البنا فى الشأن الفلسطينى وتخوف أعضاء بارزين فى جماعته بأن سياسته بالتدخل المسلح هناك ستجر مصر إلى مشاكل دولية وإقليمية لا حصر لها فى المستقبل القريب لاسيما مع بريطانيا وفى إطار تعاونه كشف إلى الوكالة اليهودية شيفرة مراسلات الشيخ حسن البنا.
بعدها أكد مخلوف- النبى- أنه سيخدم القضية اليهودية بكل قوته من داخل مجلس الأمة المصرى، حيث توقع فوزه بالانتخابات النيابية التى أوشكت على الانطلاق وقتها بالقاهرة وأعلن أمام هارمر صراحة عن حاجته إلى مبلغ ألف جنيه مصرى بدعوى الاإفاق على تمويل حملته الانتخابية لأجل الترشح لانتخابات مجلس الأمة المصرى فى عام 1948 فنقلت هارمر طلبه للوكالة وبعدها بأسبوعين تسلم من القدس المبلغ الذى طلبه كاملاً.
اللافت فى التفاصيل طبقاً لترتيب الأحداث نشبت حرب فلسطين صباح السبت الموافق 15 مايو عام 1948 ومع بداية الحرب انهارت شبكة العملاء والجواسيس الصهاينة فى مصر بين الذين عملوا مع يولاند هارمر وذلك بشكل مؤقت وبالتحديد بداية من 15 مايو 1948، حيث ألقت وقتها السلطات المصرية القبض العشوائى على العشرات من نشطاء الحركات الصهيونية واليهودية فى مصر وفى صباح 20 مايو 1948 أبرقت يولاند هارمر بشكل عاجل إلى الوكالة اليهودية فى القدس أخبرتهم فيها أنها فقدت الاتصال مع العميل «النبى» وكانت تقصد محمود مخلوف وطلبت من قيادتها هناك التوجيه العاجل للتصرف السريع.
كسر شيفرة «مكاتبات الشيخان»؟
وكان المستهجن فى معلومات وبيانات العملية أن الاستخبارات البريطانية قايضت الوكالة اليهودية فى 9 ديسمبر عام 1939 مقابل كتيب شيفرة «محمود مخلوف» المرسال السرى بين الشيخين البنا والحسينى الذى أثبت علاقتهما السرية مع الرايخ الثالث وألمانيا النازية.
وبالرغم من تسليم الوكالة اليهودية لكتيب فك شيفرة مراسلات ومكاتبات الشيخان السرية بين القاهرة وطهران وروما حتى برلين إلى جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية فشلت الأخيرة فى توثيق معلومات الوكالة لدرجة دفعتهم فى لندن للشك وتنحية كافة المعلومات التى بدت ساعتها مقبولة ربما معقولة لتورط الشيخين فيما حدث داخل أسواق بورصات مصر ولندن المالية من انهيار مفاجئ وغير مبرر للعملات المصرية والبريطانية؟
ومن الواضح أن الفرع MI5 لم يعتمد على معلومات الوكالة اليهودية لأسباب كانت مهنية وتقنية بحتة أهمها أن الاستخبارات البريطانية القوية رأت فى جهاز المعلومات الصهيونية الصاعد مجموعة من الضباط الهواة المتهورين فلم تُثمن معلوماتهم كما شكت فى نواياهم بشكل أدى مباشرة إلى التعامل بحذر لافت مع ملفات معلوماتهم إلى تجنيبها بشكل كلى.
وعلى ضوء بيانات تقرير مكرم عبيد باشا صدرت التوصيات المباشرة من الفرع MI5 بالاستخبارات الملكية البريطانية إلى الفرع MI6 المسئول عن تنفيذ العمليات الخارجية بضرورة التدخل لكشف نشاط جماعة الإخوان المسلمين المصرية ومؤسسها فى تهريب الأموال والأسلحة غير الشرعية بشكل منهجى من مصر إلى فلسطين وتمويل ذلك بعمل سرى غير شرعى بمساعدة الاستخبارات النازية وهو ملف أمن قومى بريطانى بامتياز.
ومع ذلك فالثابت أن جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية بفرعيه فشل فى التأكد من عمل الشيخ البنا لحساب استخبارات الرايخ الثالث النازية وإلا أجهزوا عليه بالقاهرة أو على أقل تقدير كانوا اعتقلوه على الفور بتهمة التجسس والعمالة فى حالة الحرب لصالح الأعداء فى ألمانيا النازية.
لذلك كان من الضرورى أن يعيد الفرعان MI5 وmi6 تحقيقاتهما من البداية مع البحث عن خطة محكمة لاختراق جماعة البنا فى مصر لتوفير الوقت ولتحقيق معلومات ونتائج نوعية تقطع كل شك فى معلومات الوكالة اليهودية وتقرير مكرم عبيد باشا المثير بدلائل من داخل جماعة الإخوان يمكن اعتمادها كأدلة قانونية قوية أمام المحاكم البريطانية. فحصت المجموعة البريطانية المكلفة باختراق جماعة الإخوان المسلمين المصرية من قبل الاستخبارات البريطانية والفرع MI6 مع خبيرين نفسيين الملف الشخصى للشيخ البنا حتى ظهرت نقطة ضعف خفية لدى «الشيخ الهدف» تجاه الفتيات من صغيرات السن بشكل عام.
عليه بدأ البحث بشكل مركز عن تلك الفتاة عميلة MI6 التى سيمكنها اختراق حياة حسن البنا وكشف أسرار خفايا أنشطة جماعته دون إثارة شكوكه ودون التورط فى مصر مما سيستدعى تدخل علنى من قبل الاستخبارات البريطانية والأصعب أن تكون مسلمة حتى يستقبلها البنا وتنجح عملية زرعها بشكل طبيعى وسط الجماعة المدربة صاحبة الخبرة. عن طريق الصدفة البحتة وجد أحد ضباط الفرع MI6 طلباً بشأن نقل إدارى داخلى قدمته متدربة بجهاز الاستخبارات الجوية الملكية البريطانية مسلمة الديانة شابة هندية- بريطانية للأب هندية- أمريكية للأم تدعى Noor Inayat Khan مواليد العاصمة الروسية موسكو بتاريخ 2 يناير عام 1914 تحدثت اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية بطلاقة.
اللافت للانتباه أن تلك العميلة أصرت بإلحاح فى بداية ربيع عام 1942 على طلب نقلها إلى وحدات العمليات الميدانية كى تنال شرف المشاركة بالعمليات السرية خلف خطوط العدو النازى والسر أن أخيها الأصغر كان مجنداً بالجيش البريطانى وأصيب أثناء قتاله ضد الفيلق العربى الحُر التابع للجيش الألمانى على جبهة اليونان.
لتلك الأسباب التى لا يمكن أن تتكرر حتى فى أفلام السينما وجدت الاستخبارات البريطانية أن الضابطة «نور عنايت خان» هى العميلة المثالية لتنفيذ مهمة اختراق جماعة الإخوان فى مصر وبقى ساعتها أن يؤلف لها الفرع MI6 قصة الغطاء المناسب كى تنطلق للقاهرة. وربما كانت قصة الغطاء النموذجى هدية السماء الثانية فقبلها بأسبوع أسرت الاستخبارات البريطانية خمسة جنود من قوات الفيلق العربى الحُر النازى فى اليونان لكنها لم تُبلغ هيئة الصليب الأحمر- تأسست فى 24 يونيو 1863- بيانات هؤلاء الجنود كأسرى وكمفقودى عمليات حربية، حيث كانواقيد التحقيق والاستجواب فى تلك الأثناء داخل العاصمة لندن. خدمت كافة الظروف الاستخبارات البريطانية والفرع MI6 بعدما كان بين الأسرى الخمسة شاب مسلم من أصول أسيوية ولد فى مصر لأم هندية وأب بريطانى درس العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر وانضم فى القاهرة عام 1939 إلى جماعة الإخوان المسلمين.
والأهم أنه كان يتيما عاش مع شقيقته التى عملت كممرضه بمستشفى قصر العينى وعقب انضمامه لجماعة الإخوان فاجأ أخته وانضم إلى الفيلق العربى الحُر فاعتمدت العملية على بياناته ومعلومات عائلته خاصة شقيقته الكبرى التى انتقلت عام 1941 للعمل والإقامة فى العاصمة الفرنسية باريس.
مهمة ضابطة الاستخبارات البريطانية نور عنايت لاختراق جماعة الإخوان المسلمين
استُدعيت نور عنايت خان إلى قيادة جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية واعتقدت يومها أن طلب نقلها للوحدات العاملة خلف خطوط العدو قد قُبل وربما صَدق حَدسها، حيث كُلِفَت ذلك اليوم الموافق الجمعة5 يونيو عام 1942 بالتوجه إلى العاصمة المصرية القاهرة مع هوية الشقيقة الكبرى للجندى الأسيوى المفقود على جبهة اليونان من الفيلق العربى الحُر.
أتوقف أمام الملف الشخصى وبيانات الضابطة نور عنايت المكلفة بمهمة اختراق جماعة الإخوان المسلمين المصرية المودع لدى أرشيف الاستخبارات البريطانية بالعاصمة لندن مع الإشارة لإمكانية مطالعة ملخصه والحاجة لتصاريح خاصة للاطلاع الشامل لدواعى أسرار الأمن القومى وحساسية محتواه بالنسبة للمملكة المتحدة وأجهزة استخباراتها إلى يومنا هذا. وللتوثيق والإرشاد الأكاديمى الملف رقم 22666/A تم التعامل عليه تحت الحظر القانونى الشامل كأحد أسرار الأمن القومى الملكى البريطانى لمدة ستين عاماً كاملة من تاريخ التأكد من وفاة صاحبة الملف. يحمل الملف من الخارج البيانات التالية وقد حاولت تصويره بكاميرا من نوع خاص عقب التصريح لى باستخراجه للاطلاع دون السماح بالتصوير فى محاولة كادت أن تتسبب فى منعى من استكمال البحث والتحقيقات فى داخل هيئة الأرشيف البريطانى فى مدينة لندن:
ARCHIVAL PF-ALPHABETICAL/SERIES
NORA – INAYAT – KHAN
Jeanne Marie
JEANNE – MAELEINE
NURSS
F-SECTION
اشتهرت الضابطة نور عنايت خان فى ملفات عمليات الاستخبارات البريطانية بعدة أسماء سرية كودية أبرزها Nora Baker - Madeleine - Jeanne Marie Rennier وهى أول ضابطة لاسلكى بريطانية محترفة عملت خلف خطوط العدو النازى لحساب المملكة المتحدة لمساعدة المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال الألمانى خلال الحرب العالمية الثانية.
وهى الابنة الكبرى بين أربع أشقاء هم Vilayat مواليد 1916 Hidayat مواليد 1917 وKhair الذى ولد عام 1919 والدها «هازرات عنايت خان» هندى- بريطانى انحدر من أصول هندية - مسلمة نبيلة تزوج عام 1913 من والدتها «أمينة بيجوم» هندية- أمريكية الجنسية فى ولاية «نيو مكسيكو» عندما كان فى رحلة عمل مهنية إلى الولايات المتحدة.
عقب عودته من أمريكا عمل والدها فى أوروبا كمعلم محترف للموسيقى وللتعاليم الصوفية الإسلامية ثم انتقل مباشرة للعمل والإقامة فى العاصمة السوفييتية موسكو التى أمضى فيها الشهور الأولى للحرب العالمية الأولى ثم تركها واستقر بعائلته بضاحية Bloomsbury بمدينة لندن. حيث درست ابنته نور عنايت لدى معهد مقاطعة Notting Hill للتمريض التابعة لإدارة منطقة Kensingtonand Chelsea حتى انتقلت العائلة مرة أخرى فى عام 1920 إلى فرنسا حيث عاشت فى منزل وفرته لهم الحركة الصوفية الفرنسية فى منطقة Suresnes القريبة من العاصمة باريس. عقب وفاة والدها فجأة عام 1927 ساءت أحوال عائلتها المعيشية والمالية ومرضت والدتها وشقيقتها Vilayat فتحملت نور الشقيقة الكبرى المسئولية وراعت أمها وأختها حتى شفيتا وباتت هى المُعيلة الرئيسية لوالدتها وشقيقتها ولشقيقيها الأصغر منها Hidayat وKhair سجل الملف الشخصى السرى للغاية للضابطة نور عنايت أنها كانت هادئة الطباع رقيقة المشاعر خجولة إلى حد مبالغ فيه حالمة استطاعت استكمال دراسة تمريض طب الأطفال بجامعة «السوربون» Sorbonne- تأسست عام 1257- الشهيرة كما درست الموسيقى بمعهد الكونسرفاتوار Paris Conservatory العالمى الشهير الذى تأسس فى باريس بتاريخ 3 أغسطس عام 1795 فى باريس تعلمت نور عنايت العزف على آلة البيانو والهارب الموسيقية ثم نظمت وكتبت الشعر وألفت بمجال قصص الأطفال حتى عملت لحساب مجلات أطفال متخصصة وألقت ديوان شعرهاعبر راديو باريس الذى بدأ بثه فى 6 نوفمبر عام 1922 اشتهرت نور عنايت ككاتبة للأطفال حتى نشر لها فى عام 1939 بمدينة لندن أشهر كتبها تحت عنوان Twenty Jataka Tales الذى استلهمت قصصه من واقع الأساطير البوذية القديمة.
هربت نور عنايت فور اندلاع الحرب العالمية الثانية بعائلتها من العاصمة باريس لمدينة Bordeaux جنوب غرب فرنسا ومنها عبر البحر إلى بريطانيا لتستقر بتاريخ 22 يونيو 1940 فى بلدة Falmouthالتابعة لمقاطعة Cornwall انضمت نور عنايت فى Falmouth مع شقيقها الأصغر Hidayat بتاريخ 19 نوفمبر 1940 إلى سلاح الجو الملكى البريطانى حيث ألحقت بفرع المساعدات النسائية الجوية الذى تشكل فى عام 1939 حلمت منذ يومها الأول فى صفوف الجيش البريطانى بالحصول على أعلى الأوسمة الملكية حتى تساهم فى مد الجسور بين موطن عائلتها الأصلى الهند وبين المملكة المتحدة وكرست وقتها لأجل تعلم اللاسلكى وتحصيل فرق الاستخبارات حتى رُقيت إلى رتبة ضابط لاسلكى مساعد.
رُشحت نور عنايت بسبب خبراتها الحياتية واللغوية المتعددة للخدمة فى جهاز الاستخبارات الجوية الملكية التابع للاستخبارات البريطانية MI6 وعينت بقيادته ونفذت مهام تحت هوية Madeleine أبرزت خلالها قدرات غير عادية بالنسبة لشابة بمثل عمرها وتفوقت بأداء دور الممرضة مساعدة الطبيب الذى تخفت وعملت خلفه معظم الوقت.
فى أثناء فترة إعدادها السريعة وبسبب حاجة جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية الفرع الخارجى MI6 إلى القوة البشرية المتمثلة بالعملاء المدربين عانت نور عنايت الكثير من الضغوط المهنية والنفسية حتى كتب عنها قادتها من الضباط أنها تخشى الأسلحة، عاطفية، مضطربة المشاعر ثم لا يوصى بتجنيدها خلف خطوط العدو.
وعلى ذلك حاول قادتها معاونتها على تخطى مخاوفها بتكليفها بعملية روتينية للغاية داخل العاصمة المصرية القاهرة على أن تشرع على الفور فى استخدام شيفرات اللاسلكى التى تعلمتها كتجربة عملية قبل العملية الرئيسية فى أوروبا خلف خطوط النازى مع التأكيد أن ذلك الجزء ما زال خاضعاً للحظر التام داخل ملفها المودع لدى الأرشيف البريطانى فى لندن حتى كتابة تلك السطور.
انطلقت العميلة البريطانية نور عنايت خان صباح الجمعة الموافق 5 يونيو عام 1942 إلى القاهرة لتنفيذ عملية اختراق جماعة الإخوان المسلمين تحت غطاء هوية مصطنعة اعتمدت على معلومات الشقيقة الكبرى للجندى الأسيوى المفقود فى اليونان من الفيلق العربى الحُر.
وصلت ضابطة فرع الاستخبارات البريطانية MI6 إلى القاهرة تحت اسم Nora Baker وذهبت مباشرة إلى منزل الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان وكان عليها طبقاً لخطة الاستخبارات البريطانية أن تمثل دور الشقيقة المنهارة التى تركت حياتها وعملها بباريس وجاءت إلى العاصمة المصرية للبحث عن مصير شقيقها الأصغر والوحيد. بعدما فاجأها مرتين بحقيقة انضمامه إلى الجماعة المصرية ثم للفيلق العربى الحُر النازى وكانت وقتها تصغر الشيخ البنا بثمانى سنوات فقط لكنها بدت أصغر بأعوام بسبب تكوين جسمها الضعيف وهيئتها التى أظهرتها وكأنها فى عمر فتاة مراهقة.
استقبل الشيخ حسن البنا شقيقة الجندى المفقود عميلة MI6 بالترحاب واستضافها فى منزله بحى الحلمية الجديدة بالقاهرة دون مشاكل ولحظها السعيد تعرف البنا بالماضى على شقيقها المزعوم لكن لحظها لم يشاهد الشقيقة الحقيقية لذلك الجندى من قبل بل سمع عنها من خلال أحاديث شقيقها الذى شرح أحوالهم المعيشية الصعبة بمصر وحكى بالفعل أن شقيقته عملت كممرضة محترفة فى مهنة التمريض.
كعادته فى الالتزام بالحرص والحيطة المبالغ فيها طلب منها البنا أن تستريح من وعثاء السفر من باريس إلى مصر وسط ظروف الحرب الصعبة حتى اليوم التالى كما ناشدها الشيخ بالصبر والثقة بالله وبشخصه المتواضع وأكد لها أن المساعد هو الله.
ووعدها البنا أنه سيبحث بنفسه عن شقيقها بأسلوبه الخاص لكنه لم يكشف لها أى معلومة بشأن مسئوليته الشخصية عن عملية تجنيد الجندى الحقيقى للفيلق العربى الحُر مع آلاف الشباب المؤيدين لجماعة الإخوان الذين جندهم البنا طبقاً لاتفاقه السرى مع الرايخ الثالث.
فى خلفية المشهد أطلق الشيخ حسن البنا رجاله إلى مقر السكن القديم للجندى المفقود بحى شبرا- تأسس عام 1809- شمال مدينة القاهرة لجمع المعلومات عن شقيقته التى أقامت وقتها كضيفة فى منزله بحى الحلمية الجديدة جنوب القاهرة.
فى التوقيت نفسه طلب البنا من طبيب بالجماعة عمل يومها بإدارة مستشفى القصر العينى أن يحضر له فى صباح اليوم التالى بأى وسيلة صورة شخصية من ملف الممرضة شقيقة الجندى المفقود بعدما عملت بالمستشفى كمساعدة طبيب محترفة لمدة أربع سنوات كاملة قبيل هجرتها إلى فرنسا واستقرارها فى مدينة باريس.
وعلى ما يبدو غاب عن تفكير مؤسس جماعة الإخوان المسلمين يومها أن الاستخبارات البريطانية كانت متغلغلة تلك الفترة الزمنية بكل أرجاء المملكة المصرية بل أمكنها نقل ملفات كاملة من داخل قصر عابدين نفسه وبالتالى عالجت خطتهم كافة الاحتمالات ولم يغفلوا بالقطع خُطوة تبديل صور الشقيقة الحقيقية بصورة الضابطة البريطانية ضيفته.
تحاشى الشيخ البنا الحديث مع السيدة الضيفة وانتظر حتى ظهر اليوم التالى عندما عاد الطبيب الشاب مزهواً بانتصاره ومعه صورة بحجم كف اليد سرقها بناء على تعليمات المرشد العام الأول لجماعة الإخوان من ملف الممرضة الحقيقية شقيقة الجندى المفقود المودع لدى أرشيف مستشفى قصر العينى الذى عمل به كطبيب مناوب.
وكانت المفاجأة أنها صورة نور عنايت خان ضابطة الاستخبارات البريطانية الضيفة التى استضافها الشيخ حسن البنا على مسؤوليته الشخصية داخل منزله فور وصولها من باريس فى اليوم السابق.
عقب تلك الضربة الاستخباراتية التى حققتها العملية فُتحت كل الأبواب المغلقة لدى جماعة الإخوان أمام الضيفة ضابطة الاستخبارات البريطانية وذاب معها جليد الشكوك الذى سببه الظهور المباغت للشقيقة الكبرى فى مصر ربما لالتزام الضيفة بمعلومات الشقيقة الأصلية مع حفاظها على التقاليد الإسلامية ومنها بالقطع مواقيت الصلاة التى حرصت بمنزل البنا على أداء شعائرها بانتظام.
أعربت الضيفة Nora Baker على مائدة الشيخ البنا الذى بدأ يعاملها وكأنها من سيدات الجماعة عن خشيتها أن يكون شقيقها قد قتل فى المعارك وفقدت جثته على جبهة القتال باليونان فأكد لها أنه بانتظار الخبر اليقين سيأتيه خلال اليوم لكنه لم يقدم المزيد لكيفية استعلامه عن مصير شقيقها الجندى المفقود من الفيلق العربى الحُر؟
ومع ذلك لم تأخذ الاستخبارات البريطانية المعنى الضمنى لحديث البنا يومها كدليل على اعترافه بعلاقة جماعة الإخوان بالفيلق العربى الحُر ومن ثم بالرايخ الثالث بعد فشل نور فى التوصل لأى معلومة مؤكدة تثبت صحة المعلومات التى ساقتها الوكالة اليهودية.
فى تلك الأثناء وصل لمنزل الشيخ البنا فجأة شيخاً معمماً فأستأذن مضيفها لاستقباله بعدها غاب البنا لساعتين أبلغ خلالهما سكان شقة الدور الخامس النازية المطلة على شرفة قصر عابدين وسط القاهرة بقصة الممرضة شقيقة جندى الفيلق العربى الحُر التى زارته فجأة.
فاستعلم الضباط الألمان من قيادتهم فى برلين وأكدوا للبنا صحة معلومات ضيفته بشأن فقد خمسة جنود من نُخبة القوات الألمانية باليونان قبلها بأيام بينهم ذلك الشقيق المزعوم فسقط كل الشك من قلب الشيخ البنا وأصبحت الضيفة الغريبة محل ثقة جماعة الإخوان بمصر.
وضع الشيخ حسن البنا كوداً صارماً للتعامل بحذر حتى مع أفراد عائلات الإخوان فأكد لها أن شقيقها لم يُعلن كقتيل لكنه ورد كمفقود بالعمليات الحربية مع جنود آخرين جارى البحث عنهم وشدد البنا فى حديثه لضيفته المنهارة أنها كل البيانات الأولية التى وردت إليه بدقة.
فتمادت Nora Baker فى تمثيل حالة الشقيقة الكبرى الحزينة على مصير أخيها المتلهفة لسماع تفاصيل كيفية معرفة الشيخ البنا بتلك المعلومات فأجبرت بمناورة محترفة مؤسس جماعة الإخوان حتى كشف لها عن مسئولية الشيخ أمين الحسينى صديق الجماعة القديم الهارب من البريطانيين عن ذلك الفيلق العربى الحُر وكان ذلك بمثابة النجاح الكبير لها.
فى الحديث ناور البنا هو الآخر وأكد لضيفته- ضابطة MI6- أنه غامر من أجلها للسؤال عن شقيقها المفقود وزعم اتصاله على الهاتف الدولى لفندق شيبرد بشخص قريب من مفتى القدس علم منه بحقيقة الأمر وبالفعل أثبتت مراقبة عملاء MI6 للبنا بالقاهرة أنه اتصل مع الخارج من الفندق نفسه وانتظر لساعات حتى استقبل الجواب على نفس الخط من الطرف الآخر. مثل سيناريوهات أفلام الحركة والتشويق راقب عملاء الاستخبارات البريطانية تحركات البنا فى مصر وعلى الجانب الآخر المقابل دربت الاستخبارات الألمانية مؤسس جماعة الإخوان على كشف المراقبات والهرب منها عند اللزوم فبات من السهل عليه أن يراقب بالعكس العملاء البريطانيين المنطلقين فى أثره داخل شوارع القاهرة. ومن يدرس الملفات البريطانية التى كشفت تفاصيل عملية نور عنايت ويقارنها بما سجلته يوميات عملية الجنيه الكامل النازية سيصطدم بسيناريو تشويق كامل لتحركات حسن البنا وأساليب الخداع والتمويه التى استخدمها فى مواجهة عملاء MI6 المحترفين فى شوارع حى الحلمية الجديدة وحارات حى عابدين وشوارع وسط مدينة القاهرة. وربما وقف البعض مثلى ليبتسم بشدة أمام مشاهد مشابهة لأحداث هروب البطل فى الفيلم المصرى الشهير «الرجل الثانى» الذى عرض بالقاهرة بتاريخ 24 ديسمبر 1959 عندما كان يدخل لحمام عام ليغافل المراقبة لتبديل ملابسه وهيئته حتى يهرب أمام مراقبيه دون شكهم به وتعرفهم عليه. وكان الفارق بين الأسلوب الذى استعمله مؤسس جماعة الإخوان فى الواقع للهروب من عملاء الاستخبارات البريطانية وما نفذه البطل فى الفيلم اعتياد البنا استقبال أحد الشيوخ المعممين الملتحين بمنزله بحى الحلمية الجديدة وكان الرجل قريباً لأحد أعضاء الجماعة حتاج الحضور من بلدته الريفية للعلاج لدى مستشفيات القاهرة بشكل دورى أسبوعى. وبعد ساعة من وصول الرجل المعمم لمنزل البنا كان يُشاهد وهو يغادره فى طريقه لزيارة منزل قريبه أمام قصر عابدين ثم عودته ثانية لمنزل مؤسس جماعة الإخوان ليمضى ليلته حتى يخرج ثانية فى الصباح إلى مستشفى القصر العينى لتلقى العلاج على يد متخصصين كان بينهم أطباء بريطانيين معروفين لمحطة جهاز الاستخبارات البريطانية بالقاهرة أكدوا صحة مرضه وحاجته للتردد على العاصمة ومستشفياتها من وقت لآخر بغرض العلاج.
وكانت الخدعة التى لقنتها الاستخبارات الألمانية للشيخ البنا ودربته عليها أن ينتهز فرصة وصول ذلك الرجل المعمم الملتحى لمنزله ويستعد بزى مطابق لملابس الضيف الإسلامية الشرعية ثم يخرج فى ثقة أمام كل عملاء أجهزة العالم لشقة قصر عابدين ليقابل الضباط النازيين أو ليرسل بمعلوماته عبر اللاسلكى إلى برلين ثم العودة لمنزله وهكذا بكل مرة.
أعود لمنزل الشيخ البنا حيث جلست أمامه نور عنايت ضابطة الفرع MI6 الشقيقة المزيفة للجندى المفقود وقد كشف لها أن الصحف الأوروبية نشرت صباح ذلك اليوم نبأ فقد الجنود الألمان الخمسة باليونان وبينهم اسم شقيقها وأنه لم يترك الهاتف حتى تلقى رد مكالمته مع التأكيد على عدم العثور على الجنود المفقودة ما يعنى وجود أمل كبير بالعثور عليهم أحياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.