قبل ساعات من إعلان الفائدة.. سعر الدولار مساء اليوم الأربعاء    تشكيل باير ليفركوزن المتوقع أمام أتالانتا في نهائي الدوري الأوروبي    سام مرسي يتوج بجائزة أفضل لاعب في «تشامبيونشيب»    "الفجر" ينشر التقرير الطبي لأحد ضحايا حادث الفنان عباس أبو الحسن    التحضيرات لعيد الأضحى 2024: تزايد البحث عن موعد الوقفة والأضاحي    غرفة المطاعم تعتمد الميزانية وأسماء الفائزين في الانتخابات بالتزكية    المستشار حنفي جبالي يلتقي رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي    وزير التعليم العالي يبحث مع مدير «التايمز» تعزيز تصنيف الجامعات المصرية    إقبال السياح على مكتبة مصر العامة بالأقصر (صور)    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    مصدر رفيع المستوى: ممارسة مصر للوساطة جاء بعد إلحاح متواصل للقيام بهذا الدور    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    أحمد أيوب ل"هذا الصباح": ثبات موقف مصر تجاه فلسطين أقوى رد على أكاذيب إسرائيل    كيفية الحفاظ على كفاءة التكييف في فصل الصيف    الخارجية الفرنسية: الاعتراف بدولة فلسطينية ليس أمرا محظورا بالنسبة لفرنسا    وزير العمل: مصر تمتلك عمالة ماهرة مؤهلة للتصدير إلى السوق العربي والدولي    المشدد 7 سنوات للمتهم بقتل ابن زوجته بالقليوبية    مصرع سيدة دهسا أسفل عجلات سيارة بمصر الجديدة    انتقاما من والده.. حبس المتهمين بإجبار شاب على توقيع إيصالات أمانة بالمقطم    تطورات الحالة الصحية للفنان عباس أبو الحسن.. عملية جراحية في القدم قريبا    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    "لحصد المزيد من البطولات".. ليفاندوفسكي يعلن البقاء في برشلونة الموسم القادم    هلا السعيد تتعرض للتحرش من سائق أوبر: "فك حزام البنطلون"    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    العمل: تسليم شهادات إتمام التدريب المهني لخريجي 6 برامج تدريبية مجانية بأسوان    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    بإشارته إلى "الرايخ الموحد".. بايدن يتهم ترامب باستخدام لغة هتلر    توريد 208 آلاف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    سفير الاتحاد الِأوروبى بالأردن: "حل الدولتين" السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    الرئيس الصيني: السياحة جسر مهم بين الشعبين الصيني والأمريكي للتواصل والتفاهم    استعدادات مكثفة بموانئ البحر الأحمر لبدء موسم الحج البري    5 نصائح غذائية للطلاب خلال فترة الامتحانات من استشارية التغذية    51 مباراة دون هزيمة.. ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ في موسم استثنائي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية شرفة عابدين 3 حسن البنا جاسوس رسمى للاستخبارات النازية
نشر في أكتوبر يوم 25 - 10 - 2015

تعاون الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية ومرشدها العام الأول مع استخبارات القائد النازى أدولف هتلر مستشار الرايخ الثالث وتعهد كتابة بتجنيد خمسة وعشرين ألفاً من شباب جماعته ومؤيديها فى مصر ودول عربية وأجنبية لخدمة العسكرية النازية خلال الحرب العالمية الثانية فولد "الفيلق العربى الحر".
ثم نشط البنا فى مجال جمع المعلومات التى أرسلها إلى برلين عبر اللاسلكى بشيفرة رقمية متغيرة اختصاراً للوقت كما هرَّب الوثائق السرية الأصلية إلى ألمانيا وأبرزها خزانة وثائق كاملة مثبتة فى السجلات الألمانية نقلها الشيخ أمين الحسينى معه إلى طهران.
أثبتت وثائق الأرشيف الألمانى أن عناصر من الاستخبارات النازية فحصتها داخل السفارة اليابانية التى استولت عليها القوات الإيطالية فى طهران ونقلوا منها بيانات عالية التصنيف ساهمت فى تحقيق انتصارات ألمانية كبرى فى معارك ليبيا والصحراء الغربية المصرية.
وهى ذات الخزانة التى سلمها مفتى القدس فى برلين إلى الفوهرر أدولف هتلر أثناء لقائهما معاً صباح الجمعة الموافق 28 نوفمبر عام 1941، أكدت وثائقها معلومات الشيخ البنا التى أبرق بها طيلة الوقت بواسطة الشيفرة اللاسلكية من موقع سرى لجماعته فى قلب العاصمة المصرية سأكشف تفاصيله لاحقاً.حققت يولاند هارمر الجاسوسة الصحفية التى عملت لحساب استخبارات الوكالة اليهودية فى مصر نجاحات متميزة بسبب المعلومات الدقيقة التى وفرها لها وميزها بها تاج الدين الصلح الدبلوماسى اللبنانى وعشيقها بصفته النائب المساعد للأمين العام للجامعة العربية للملف الفلسطينى والإسلامى.
أماطت بعضها اللثام عن حقيقة طبيعة العلاقات الجانبية بين الملك فاروق الأول وجماعة الإخوان المسلمين المصرية ومؤسسها الشيخ حسن البنا وتوثق الملفات البريطانية عالية التصنيف أن تاج الدين الصلح كان صديقاً شخصياً مقرباً من"أحمد محمد أحمد مخلوف حسنين البولاقى" باشا رئيس الديوان الملكى الذى لقى مصرعه إثر حادث سيارة أثار الجدل والشكوك على كوبرى "قصر النيل" وسط القاهرة بعد ظهر الثلاثاء الموافق 19 فبراير عام 1946، حيث اعتاد الصلح استضافة الملك فاروق ورائده أحمد حسنين باشا مع الحاشية الملكية المصرية فى جبال لبنان كل شتاء استضافة العظماء وخلال تلك الإجازات والمناسبات الخاصة اقترب الصلح بقوة من حسنين باشا فنال ثقة القصر والملك مع حرس البلاط الحديدى مثلما أطلق عليهم. حتى بات بين أقلية سياسية معدودة من السفراء والدبلوماسيين الرسميين العاملين بالمملكة المصرية اللذين يمكنهم مقابلة رئيس الديوان الملكى المصرى بل ربما الملك فاروق الأول نفسه دون مواعيد مسبقة.
فى هذه الأجواء كان تاج الدين الصلح بين خمس شخصيات عربية رفيعة أمكنها مطالعة الملفات المصرية والعربية والإسلامية المصنفة تحت بند "سرى للغاية"وذلك بعلم الملك فاروق الأول وثقة وموافقة أحمد حسنين باشا الرسمية- الغير مشروطة.
وكان يكفى أن توجه يولاند هارمر عشيقها الدبلوماسى اللبنانى لكى يزور رئيس الديوان الملكى المصرى فى مكتبه بقصر عابدين أو لدعوة أحمد حسنين باشا لحفلة خاصة حتى تُفتح خزائن الأسرار العربية أمام الصلح لينقل منها دون مشاكل أدق التفاصيل والبيانات إلى صديقته وعشيقته المراسلة الصحفية جاسوسة الوكالة اليهودية فى مصر.
على هامش المراسم الروتينية دأب الصلح على استدراج رئيس الديوان الملكى المصرى الذى وثق فيه كى يسمع منه آخر الأخبار غير المتاحة سوى للملك وأقرب أصدقائه وهى معلومات صُنفت كسرية للغاية فى مجملها وكان حسنين باشا الشهير بالحرص الشديد لا يكشفها إلا لكاتم أسراره وصديقه الحميم تاج الدين الصلح الدبلوماسى اللبنانى الوسيم.
الجدير بالإشارة أن أحمد حسنين باشا والده عالم الأزهر الشريف "محمد أحمد مخلوف حسنين البولاقى"وكان جده "أحمد مخلوف حسنين" أميراً للتجار ومقرباً للبلاط الملكى المصرى.
تخرج فى جامعة أكسفورد البريطانيةأقدم الجامعات الأوروبية - تأسست عام 1096 - بامتيازفى عام 1915 ثم تولى عدد من الوظائف الحكومية المصرية الهامة حتى لازم الأمير فاروق خلال دراسته التى بدأت فى لندن عام 1935 كرائد له واستمر معه إلى جلوسه على العرش.
وكان لزواجه من السيدة "لطيفة هانم سيف الله باشا يسرى" قصة موثقة بالملفات البريطانية بشأن تاج الدين الصلح ومن المعروف أن لطيفة هى ابنة الأميرة "شيوه كار إبراهيم فهمى خانم أفندى"- توفيت فى 17 فبراير 1947- مطلقة الملك "فؤاد الأول"- والد الملك فاروق الأول- الثابت جلوسه على عرش مصر خلال الفترة من 15 مارس عام 1922 إلى وفاته بالقاهرة بتاريخ 28 إبريل عام 1936، كانت لطيفة هانم زوجة أحمد باشا حسنين وأم أولاده الأربعة تغار عليه بشكل كبير نظراً لرشاقته ووسامته وشهرته والثابت أنه مثل المملكة المصرية فى رياضة "سيف المبارزة" - الشيش- بأولمبياد العالم الصيفية التى أقيمت فى العاصمة الفرنسية باريس فى الفترة من 4 مايو حتى 27 يوليو عام 1924 وسجلت الوثائق البريطانية السرية واقعة شديدة الأهمية هاجمت فيها لطيفة الدبلوماسى اللبنانى بشكل مباشر وأعلنت اعتراضها التام على علاقة زوجها الوطيدة بهبل حذرت حسنين باشا من الاستغراق فى تلك العلاقة التى بدت حدودها مريبة وغير مبررة على الأقل بالنسبة لعائلتها.
وعندما لمست اقترابه الشديد من الدبلوماسى اللبنانى تاج الدين الصلح اعترضت على سهرهما معاً لأوقات متأخرة فى القاهرة كما رفضت سفريات حسنين باشا الخاصة إلى لبنان ونزوله فى ضيافة الصلح وظلت تشك بسبب علاقات الصلح المتعددة مع سيدات المجتمع المصرى وفى إحدى المرات نبهت زوجها إلى أنها تعتقد أن الصلح جاسوساً للبريطانيين ومع ذلك لم يهتم الزوج السياسى المخضرم بتحذيراتها.
وبعدما تطلقت بعد ذلك من حسنين باشا بسبب زواجه العرفى السرى من "الملكة نازلي" والدة الملك فاروق - توفيت فى 29 مايو 1978 - كشفت لطيفة للعائلة الملكية أن تاج الدين الصلح من وجهة نظرها كان سبباً رئيسياً فى إفساد أخلاق زوجها وفشل زواجها.
تناولت الوثائق البريطانية السرية فى ملف عملية "شرفة عابدين" تعاون تاج الدين الصلح مع استخبارات الوكالة اليهودية وهى معلومات وثقها تقرير "عمليات الوكالة اليهودية فى مصر من عام 1944 حتى عام 1948- مصادر معلومات الوكالة فى مصر".
على ضوء المعلومات توصل الصلح إلى معلومة شديدة الحساسية سمعها من أحمد حسنين باشا فى بداية أغسطس عام 1945 ثم نقلها داخل الفراش إلى يولاند هارمر ومنها مباشرة إلى استخبارات الوكالة اليهودية وفرعها العربى فى القدس.
حيث أكد أحمد حسنين باشا أن الشيخ حسن البنا أوقع الملك الشاب باسم الدين فى حبائله حتى ردد فاروق خلفه قسم جماعة الإخوان دون أن يُدرك حجم المقاصد الخبيثة لمؤسس الإخوان وأنه أبدى تحفظه الكامل على تصرف الملك ثم كشف إلى فاروق الخدعة فأمر الملك الشاب باستدعاء الشيخ البنا مرة ثانية على عجل لمقابلته فى قصر عابدين.
وعندما وصل مرسال الملك فاروق إلى منزل الشيخ البنا فى حى الحلمية الجديدة الذى يبعد عن قصر عابدين بمسافة لا تزيد على ثلاثمائة متر شعر مؤسس جماعة الإخوان المسلمين بالخطر وقال إلى مرسال الملك: "أنى لأشتم ريح حسنين باشا" وربما صدق حدسه يومها.
وعندما بلغ البنا القصر كان فاروق متحفزاً فى انتظاره وفى حوار جانبى غير مبرر حكى الملك للشيخ حسن البنا نكتة بينها مقولة مصرية متوارثة تقول "لما تشوف حلمة ودنك" لم يفهمه البنا فى البداية وربما قصد تصنع عدم فهمها وهو فى حضرة ملك البلاد.
ومع ذلك وصفها الشيخ البنا أمام أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى عقب اللقاء وهو فى طريقه لمغادرة قصر عابدين بالنكتة غير المفهومة ولأن فاروق لم يقل الكثير ولم يفهم الشيخ ساعتها السبب الخفى وراء الاستدعاء المفاجئ وحرمانه من صلاة المغرب حاضراً مثلما قال فقد أجبره الموقف على الشك والتفكير العميق.
حاول البنا أن يستفسر قبيل مغادرته قصر عابدين من حسنين باشا الموقف فأكد له أن الملك ربما تراجع عن سبب استدعائه أو ربما احتاج وقتاً إضافياً لمفاتحة مؤسس جماعة الإخوان فى شىء مهم لم يكشفه حتى إلى رئيس ديوانه تقديراً لدور البنا وحفاظاً على السرية التامة.
فخرج الشيخ البنا دون إجابات مقنعة وعندما فكر بتركيز فيما حدث منذ لحظة لقائه بالملك كشف الأحجية وأن فاروق الأول وجه إليه شخصياً تلك الجملة الغريبة: "لما تشوف حلمة ودنك" كرد على سعيه الخبيث لإعلان ضم ملك مصر إلى جماعته فى يوم ما بالمستقبل.
كانت تفاصيل ذلك اللقاء المثير بين الشيخ والملك معلومة استخباراتية عالية التصنيف على قدر كبير من الأهمية بالنسبة إلى الجاسوسة يولاند هارمر لأنها كشفت رفض الملك فاروق لفكرة الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين المصرية ناهيك عن رفضه لأفكار الجماعة.
كما فسرت الرواية التى سمعها ونقلها تاج الدين الصلح من حسنين باشا مثلما حدثت السر وراء حرص الملك فاروق على الظهور المفاجئ بهيئة حامى الدين الإسلامى لكى يتفادى مخططات وتهديدات جماعة الإخوان المسلمين تجاه الداخل المصرى.
كما وثقت المعلومة ذاتها تاريخ بداية العداء الشخصى بين الملك وذلك الشيخ الذى حاول توريطه سياسياً ودينياً بخبث نية ما كان من شأنه تهديد عرشه خلال تلك الفترة العصيبة ومعارك الحرب العالمية الثانية فى ذروتها والانتصارات البريطانية تتوالى بينما هزائم ألمانيا الحليف السرى للملك فاروق تتعاظم.
بسبب تلك الواقعة بالتحديد مثلما كشف بعدها حسنين باشا لصديقه الدبلوماسى اللبنانى تاج الدين الصلح وجه الملك فاروق رئيس ديوانه إلى مراقبة تحركات الشيخ البنا فكلف حسنين باشا بدوره مجموعة من ضباط الحرس الحديدى المقربين من القصر لرصد النشاط السرى لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين حيث طالبهم بتقديم تقارير يومية وأسبوعية بشأن لقاءات البنا الداخلية ومراسلاته البريدية الخارجية والأهم نص توجيهاته الدينية بشأن القصر وملك البلاد.
ومن تلك التقارير نسخ أحمد حسنين باشا معلومات بعينها أرسلها بأمر الملك فاروق الأول فى إطار التعاون المشروع إلى دول عربية كان بينها لبنان حتى تأخذ الحيطة السياسية من جماعة الإخوان المسلمين ومن هنا كان تاج الدين الصلح يحصل على نسخ رسمية "سرية للغاية" من تقارير المتابعات السرية لتحركات ونشاط الشيخ البنا على الأقل داخل مصر.
وفى النهاية كانت الجاسوسة يولاند هارمر تتسلم هى الأخرى نفس التقارير من عشيقها الولهان الدبلوماسى اللبنانى النائب لدى الجامعة العربية بالقاهرة ومنها مباشرة إلى الفرع العربى لاستخبارات القسم السياسى التابع للوكالة اليهودية التى تجسست هارمر لحسابها داخل مصر.
فجرت الوثائق البريطانية السرية وأكدت معلوماتها الملفات الإسرائيلية مفاجأة من العيار الثقيل فبسبب إصرار الوكالة اليهودية على استهداف معلومات الشيخ حسن البنا مؤسس جماعةالإخوان المسلمين توصلت الجاسوسة يولاند هارمر إلى الخطة الأصلية لعمليات الجيش المصرى- العربى قبل حرب فلسطين 1948.
وأكدت سجلات الأرشيف الرسمى البريطانى والإسرائيلى مع الألمانى بل والمصرية أن هارمر كانت أخطر جواسيس الوكالة اليهودية وقسمها السياسى وفرعها العربى فى مصر خلال تلك الفترة الهامة من تاريخ الشرق الأوسط وأن مصدر معلوماتها تاج الدين الصلح استمر فى الحصول على التقارير المصرية السرية بشكل روتينى حتى عقب وفاة صديقه أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى. بل كانت العميلة يولاند هارمر جاسوسة الوكالة اليهودية فى مصر السبب الحقيقى المباشر غير المتداول داخل السجلات والمصادر الرسمية الحكومية لهزيمة العرب فى الحرب عام 1948 ومازالت معلومات ملفها الشخصى ممنوعة من النشر لما حوته من بيانات بعضها مُخجل طالت الحياة الخاصة لعدد من السياسيين المصريين والعرب على حد سواء كرد فعل متوقع على تدفق المعلومات والأسرار الملكية - المصرية الدقيقة لنشاط جماعة الإخوان المسلمين فى فلسطين كلفت الوكالة اليهودية فرعها العربى إلى توجيه الجاسوسة يولاند هارمر لتنشيط معلوماتها بالقاهرة وملازمة عشيقها الجديد مصدر معلوماتها الأهم النائب المساعد لرئيس الجامعة العربية بداية من تاريخ صدور قرار التقسيم الدولى بشأن فلسطين. وذلك لكشف التحركات المصرية والعربية فى توقيت مبكر يسمح لقوات الدفاع اليهودية عن المستوطنات الصهيونية داخل فلسطين "الهاجاناه" بالاستعداد التكتيكى والاستراتيجى لردع العرب وعن طريق عشيقها بالقاهرة وقعت هارمر على أثمن معلومة على الإطلاق كجاسوسة صهيونية فى مصر وكان الشيخ حسن البنا نفسه سبب تلك الكارثة بالتحديد.
الثابت أن القرار الدولى رقم 181 المعروف باسم قرار تقسيم فلسطين أصدرته الجمعية العمومية العامة لمجلس الأمن التابعة لمنظمة الأمم المتحدة - تأسست فى 26 يونيو عام 1945 -فى تاريخ 29 نوفمبر عام 1947 ويومها أعلنت الجامعة العربية من القاهرة الحرب على المنظمات الصهيونية المسلحة.
فى تلك الأجواء المتوترة كشف الدبلوماسى "تاج الدين الصلح" أمام عشيقته يولاند هارمر معلومة خصها بها دون غيرها من الصحفيين والمراسلين الأجانب العاملين داخل القاهرة بشأن السفير السويدى لدى المملكة المصرية - وقتها - WidarBagge "ويدار باجي" وأكد لها أن الشيخ حسن البنا التقى باجى وطلب دعم جماعة الإخوان لأن الحرب العربية لتحرير فلسطين على الأبواب وعندما حقق الصلح فى معلومة البنا وجدها دقيقة وحقيقية.
وأن ذلك السفير تولى بشكل استثنائى بصفته مستشار أمنى دولى العضوية الملكية ضمن لجنة استخباراتية بريطانية سرية للغاية تشكلت بالقاهرة لبحث وضع خطة إنهاء الانتداب البريطانى على فلسطين مع الانسحاب الكامل منها بسبب صعوبات حكومية مالية أعاقت استمرار تمويل خطة بقاء القوات البريطانية فاعلة وقوية فى منطقة الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التى كبدت الاقتصاد البريطانى خسائر فادحة.
نقلت يولاند هارمر كالمعتاد فى إطار عملها كجاسوسة المعلومة التى لا تقدر بثمن بواسطة اللاسلكى إلى الوكالة اليهودية فأمرتها بالتقرب على الفور من ويدار باجى السفير السويدى بالقاهرة وبدأت الوكالة الاستعدادات النهائية لإعلان دولة اليهود وانتظرت المعلومات التى ستكشفها هارمر من خلال بيانات تقارير متابعة الشيخ حسن البنا ومعلومات الصلح لكى تحدد لهم بدقة موعد خطة التحرك العسكرى العربى والانسحاب البريطانى من فلسطين.
فى نفس الليلة بأسلوبها الفريد من نوعه عقب افتعالها حضور حفل دبلوماسى بدعوة خاصة ليست باسمها سربها إليها تاج الدين الصلح أقيمت فى السفارة البريطانية بحى جاردن سيتى الثرى وسط مدينة القاهرة.
اخترقت يولاند هارمر حياة السفير السويدى ويدار باجى وتطور الإعجاب بينهما وسط أجواء الحفل الصاخب إلى علاقة غرامية انتهت باصطحابه لها فى سيارته الدبلوماسية عقب نهاية الأمسية الدافئة إلى مسكنه الخاص حيث أمضت معه تلك الليلة فى فراشه.
سقط ويدار باجى الدبلوماسى السويدى الحالم و السفير السويدى لدى المملكة المصرية فى شباك الصحفية الفاتنة جاسوسة الوكالة اليهودية بعدما أوهمته أنه الرجل الوحيد بحياتها ثم غمرته بكل ما تعلمته من فنون ممارسة العشق والحب حتى أصبح مثلا لخاتم بإصبعها وسط تساؤلات وهمس داخل الوسط الدبلوماسى بالقاهرة فى أجواء مجتمع نهاية أربعينيات القرن الماضى المحافظ أعلن ويدار باجى السفير السويدى لدى العاصمة المصرية القاهرة يولاند هارمر عشيقة رسمية له بالمنطق الأوروبى. بعدها اعتاد اصطحابها إلى المناسبات الدبلوماسية بل اشترط إصدار السفارات الأجنبية والهيئات الدبلوماسية والحكومية دعوات خاصة باسمها كمرافق شخصى له ومن يومها رافقته هارمر بكل المناسبات والمراسم حيث وجدت فيها مرتعاً للمعلومات التى وثقتها وكشفتها من حواراتها مع سياسيين ودبلوماسيين مصريين وأجانب من الطبقة الراقية عن طريق ويدار باجى اخترقت يولاند هارمر السفارة البريطانية نفسها بعدما أصبحت متمرسة فى عملها السرى مخضرمة فى إدارة علاقاتها الغرامية مع كبار السياسيين من المصريين والأجانب مدنيين وضباط على حد سواء.
اللافت أن هارمر استغلت بعلم الوكالة اليهودية معلومات ديوان القصر الملكى عن جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها البنا التى زودها بها تاج الدين الصلح بانتظام للمقايضة على أخرى فى مصلحة الوكالة حصلت عليها من فرع الاستخبارات البريطانية فى مصر حيث كان لها علاقة وطيدة مع ضباط بريطانيين نافذين فى القاهرة.
فى ذلك التوقيت علمت يولاند هارمر من بين معلومات صديقها الحميم "ريتشارد جايلس" الضابط البريطانى- مدير المباحث الجنائية بمدينة القاهرة أن هناك مستندات عالية القيمة سلمت لمقر السفارة البريطانية فى مصر وأودعت على الفور داخل الخزانة السرية للغاية فى حى جاردن سيتى الثرى الذى تأسس فى عام 1800، الثابت للتوثيق أن الحى كان موقعاً "للقصر العالي" مثلما كان يطلق على محل سكن والدة الخديوى إسماعيل السيدة "هوشيار قادن أفندى" المتوفاة والمدفونة بتاريخ 21 يونيو عام 1886 فى المقابر الداخلية فى "مسجد الرفاعي" الذى أمرت خلال حياتها بتشييده بحى القلعة فى مدينة القاهرة. فأخذت هارمر المعلومة هدفاً وسبقها جايلس وأوصى عليها لدى ضباط أصدقاء له داخل السفارة كان بينهم قائد الأمن وكان ضابطاً بريطانياً مثقفاً لكنه امتاز بالخجل الشديد تجاه الجنس الناعم عمل لحساب جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية الفرع MI5 المسئول عن أمن وتأمين السفارات البريطانية حول العالم والثابت أن جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية تأسس بفرعيه الداخلى والخارجى MI6 - MI5 فى عام 1909حتى أوقعت بجمالها قائد أمن السفارة البريطانية أثناء حفل دبلوماسى حضره معها عشيقها الرسمى السفير السويدى ويدار باجى وفى خضم الحفل تلك الليلة استأذنت هارمر للذهاب للحمام لإصلاح زينتها لكنها انتهت فى أحضان الضابط البريطانى بغرفة استراحة جانبية مارسا فيها شتى ألوان الحب. بعدها بأيام قليلة وضعت يدها على أهم إنجاز سجل باسمها فى تاريخ عمليات استخبارات الوكالة اليهودية فى مصر وبمساعدة ضابط أمن السفارة البريطانى الذى وعدته بالانتقال للإقامة معه سرقت من خزينة الملحق العسكرى البريطانى بالقاهرة كل الملفات الخاصة بخطة الهجوم العسكرية المصرية - العربية على قوات الهاجاناه- الدفاع- المسلحة فى فلسطين.
ساهم الحظ فى تحقيق جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية ذلك النجاح التاريخى وكانت جماعة الإخوان المسلمين المصرية سبب كشف الخطط العربية وطبقاً لما وثقته المعلومات الرسمية البريطانية فقد سرق عملاء الشيخ حسن البنا خرائط عمليات الهجوم العربية من مقر الجامعة العربية وكانت كلها بتوقيع الملك فاروق الأول بصفته قائداً للجيوش العربية.
وعندما علم عبد الرحمن عزام باشا الأمين العام الأول للجامعة- من عام 1945 حتى عام 1952 - أمر القنصل تاج الدين الصلح نائبه للملف الفلسطينى والإسلامى بالتحقيق وحجب موضوع سرقة الخرائط العسكرية عن الديوان الملكى المصرى كى لا تحدث فضيحة ربما مواجهة مع الملك تنتهى بعزل عزام باشا نفسه من منصبه.
وعندما حقق الصلح بأساليبه الخاصة بمساعدة استخبارات الوكالة اليهودية علم أن الشيخ حسن البنا قايض جهاز الاستخبارات الملكية البريطانية بمحطة MI5 العاملة فى القاهرة على بعض الخرائط السرية لعمليات الهجوم العربية التى هددت القوات البريطانية داخل فلسطين. وأن البنا تسلم مقابل الخرائط المسروقة من الجامعة العربية شحنة أسلحة بريطانية خفيفة شحنها بعلم الاستخبارات البريطانية إلى قواته داخل فلسطين وأنMI5 توثقت من صحة تلك الخرائط من جاسوس عمل لحسابها بجوار الملك فاروق الأول فى قصر عابدين.
وكان مسئول محطة الاستخبارات الملكية البريطانية العامل من السفارة البريطانية بالقاهرة يستعد للسفر إلى لندن لتسليم الخرائط الهامة فوقعت عليها هارمر بمحض الصدفة دون علم وترتيب مسبق منها أو حتى من قيادتها المباشرة فى استخبارات الوكالة اليهودية بالقدس. ربما لا يتكرر الحظ مرتين لجاسوس لكنه حدث مع يولاند هارمر فبعد أن وضعت يدها على مستندات خطة الهجوم المصرية - العربية الكاملة قبل حرب فلسطين عام 1948 اتصل بها عشيقها الدبلوماسى اللبنانى تاج الدين الصلح من مكتبه لدى الجامعة العربية بالقاهرة وطلب منها مقابلته بشكل عاجل للأهمية القصوى.
اعتقدت هارمر أنه اشتاق لحبها كعادته لكنه أبلغها أن لديه هدية أهم من كل الهدايا التى أحضرها لها من قبل ففهمت أن هناك معلومات شديدة الحساسية وقعت بيده فجأة فألغت نشاطها فى جمع المعلومات وارتباطاتها الصحفية وهرولت إلى مسكنه فى حى الزمالك.
وكانت المفاجأة الحقيقية أنه سلمها فى الفراش تلك الليلة يد بيد كافة البيانات والمعلومات والأوامر الحربية وتواريخها بالإضافة إلى تعداد دقيق للجيوش المصرية- العربية وكل تفصيلات أماكن التمركز المتوقعة لتلك الوحدات بل سلمها نسخاً من الخرائط العسكرية المصرية والعربية الأصلية كان عليها توقيع يد الملك فاروق الأول وخاتمه الشخصى.
كشفت المعلومات الدقيقة فى تلك الملفات للوكالة اليهودية وقوات الدفاع الصهيونية كافة العمليات المصرية والعربية قبيل موعد تنفيذها مع أعداد القوات المصرية وأنواع تسليح فرق وكتائب ووحدات الجيوش التى شاركت بالمعارك فى فلسطين مع مواقعها السرية.
من هنا اعتبرت الجاسوسة يولاند هارمر من أهم وأنجح عملاء الوكالة اليهودية فى كل تاريخها ولها بمدينة القدس نصب تذكارى باسمها سُجل عليه حقيقة تجسسها على مصر ودورها البارز فى تحقيق الانتصار على القوات العربية المشتركة بحرب عام 1948 فى الواقع لم يكن السفير السويدى WidarBagge "ويدار باجى" الوحيد على قائمة سفراء الدول الأجنبية العاملين لدى المملكة المصرية بين الذين وقعوا فى شباك يولاند هارمر جاسوسة الوكالة اليهودية فى القاهرة.
بل كشفت الوثائق الإسرائيلية "منتهى السرية" أن الفرع العربى التابع للقسم السياسى فى الوكالة اليهودية كلف هارمر فى بداية شهر يناير عام 1947 باستغلال قدراتها الجنسية بهدف تجنيد دبلوماسى أجنبى بارز عمل لدى السفارة البولندية فى القاهرة أعلن إعجابه بجمالها فى مناسبات اجتماعية وسياسية جمعتهما معاً وحضرتها هارمر بصحبة السفير السويدى عشيقها الرسمى.
فى التفاصيل نجحت هارمر فى تجنيد الدبلوماسى البولندى دون مشاكل حتى جندته مقابل حصوله شهرياً على مبلغ ألف جنيه مصرى ذهباً وأن ذلك الدبلوماسى سلم هارمر وثائق شديدة السرية كشفت العديد من الخطط العسكرية المصرية ضمن ملف التعاون المشترك بين المملكة المصرية ودولة بولندا التى مثلها فى مصر.
الأكثر من هذا كشفت الوثائق الإسرائيلية نفسها أن الجاسوسة اليهودية - الصهيونية يولاند هارمر جندت فى تلك الفترة بالقاهرة بأسلوب الجنس جاسوساً مصرياً آخر ظهر اسمهمع بياناته الشخصية وانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين بين السطور الرسمية تحت اسم الكود "فلفل" كان مقرباً من الشيخ حسن البنا. وأثبتت البيانات أن "فلفل" عمل ساعتها كمترجم عسكرى لدى السفارة الروسية بالقاهرة وأنه سلم يولاند هارمر قبيل نشوب حرب 1948 بأسابيع قليلة معلومات دقيقة حصلت عليها الاستخبارات الروسية حددت فيها موعد الهجوم العربى وخطة المعارك الخاصة بالجيش المصرى بالإضافة لنسخة من ملف التعاون العربى- السوفييتى والاستعدادات العربية العسكرية للحرب.
وحددت الوثائق الرسمية أن أهم معلومات "فلفل"التى سلمها إلى يولاند هارمر كان نصاًلبروتوكول جلسة سرية جرت صباح 11 مايو عام 1948 داخل مجلس الأمة المصرى برئاسة "محمد حامد جودة" باشا الثابت ترأسه لمجلس الأمة المصرى فى الفترة من 18 يناير عام 1945 حتى 6 نوفمبر عام 1949، وأن ذلك البروتوكول كشف للوكالة اليهودية أسراراً دقيقة بشأن تحالفات الجيوش العربية مع موافقة المملكة المصرية على إعلان الحرب على المنظمات الصهيونية المسلحة فى فلسطين.
أما أبرز المعلومات التى حصلت عليها يولاند هارمر عن الحياة السرية - الشخصية للشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين فكان مصدرها الشاب "محمود مخلوف" ابن الشيخ "حسنين محمد مخلوف" عالم الأزهر الجليل. وطبقا لما سُجل من بيانات وتفاصيل أطلقت الوكالة اليهودية فى وثائقها "منتهى السرية" على محمود مخلوف اسم الكود "النبى" وعمل مخلوف الابن لحساب يولاند هارمر فى القاهرة بدون مقابل فى بداية التعارف والعلاقة بينها.
وقد ارتفعت قيمته كمصدر للمعلومات بقوة لدى الوكالة اليهودية عندما اعترف بحقيقة عمله كمرسال سرى لحساب الشيخ "حسن البنا" مؤسس جماعة الإخوان المسلمين مع الإشارة أن كل تلك المعلومات الموثقة وردت بين سطور صفحات تقرير "عمليات الوكالة اليهودية فى مصر من عام 1944 حتى عام 194- مصادر معلومات الوكالة فى مصر". ثم أبدى استعداده إلى كشف كل الأسرار والمراسلات السرية التى ستقع بيده وتسلمها له الجماعة المصرية وفى سياق عرضه زعم رفضه لتصرفات الشيخ حسن البنا فى الشأن الفلسطينى وتخوف أعضاء بارزين فى جماعته بأن سياسته بالتدخل المسلح هناك ستجُر مصر إلى مشاكل دولية وإقليمية لا حصر لها فى المستقبل القريب لاسيما مع بريطانيا. بعدها أكد مخلوف- النبى أنه سيخدم القضية اليهودية بكل قوته من داخل مجلس الأمة المصرى، حيث توقع فوزه بالانتخابات النيابية التى أوشكت على الانطلاق وقتها بالقاهرة وأعلن أمام هارمر صراحة عن حاجته إلى مبلغ ألف جنيه مصرى بدعوى الإنفاق على تمويل حملته الانتخابية لأجل الترشح لانتخابات مجلس الأمة المصرى فى عام 1948 فنقلت هارمر طلبه وبعدها بأسبوعين وصل المبلغ الذى طلبه كاملاً من القدس.
اللافت فى التفاصيل طبقاً لترتيب الأحداث نشبت حرب فلسطين صباح السبت الموافق 15 مايو عام 1948 ومع بداية الحرب انهارت شبكة العملاء والجواسيس الصهاينة فى مصر وبينهم الذين عملوا مع يولاند هارمر وانقطع الاتصال معها لأسابيع بالتحديد بداية من 15 مايو 1948، حيث ألقت وقتها السلطات المصرية القبض العشوائى على العشرات من نشطاء الحركات الصهيونية واليهودية فى مصر وفى صباح 20 مايو 1948 أبرقت يولاند هارمر بشكل عاجل إلى الوكالة اليهودية فى القدس تخبرهم أنها فقدت الاتصال مع العميل الملقب باسم "النبى" وكانت تقصد "محمود مخلوف" طالبة منهم التوجيهات العاجلة للتصرف السريع.
نهاية حرب عام 1948
واعتقال وسقوط يولاند هارمر؟
انتهت معارك حرب 1948 رسمياً بتاريخ 20 يوليو عام 1948 وقبيل نهاية نفس الشهر اعتقلت الاستخبارات البريطانية فى القاهرة يولاند هارمر جاسوسة الوكالة اليهودية وأثناء التحقيقات سقطت مريضة وتبين إصابتها بالتهاب مُزمن بالرئة فاضطرت السلطات وقتها للإفراج عنها دون تقديمها إلى العدالة.
فى خطوة تاريخية وسياسية غير مسبوقة قبلت بريطانيا فى شهر أغسطس 1948 شروط دولة إسرائيل التى أُعلن قيامها رسمياً بتاريخ 14 مايو 1948 وعندها أجريت أول عملية تبادل للجواسيس فى تاريخ الدولة العبرية تم خلالها مبادلة الجاسوسة يولاند هارمر بعدد من الضباط البريطانيين الذين سقطوا فى أسر القوات الإسرائيلية خلال معارك 1948، فضلت المملكة المصرية فى نهاية شهر أغسطس 1948 الاكتفاء بطرد الجاسوسة يولاند هارمر من مصر حتى لا تتسبب قضيتها فى فضح علاقاتها الجنسية المشينة مع العشرات من رجالات السياسة والدبلوماسية العربية والمسئولين بالقصر والديوان الملكى المصرى.
فى أكتوبر عام 1948 غادرت الجاسوسة يولاند هارمر القاهرة إلى العاصمة الفرنسية باريس، حيث قابلت هناك الياهو ساسون الذى سبقها إلى أوروبا وتقابلا بحضور موشى شيرتوك- شاريت- رئيس القسم السياسى التابع للوكالة اليهودية الذى نصحها بإجازة مرضية طويلة فى إحدى المصحات فى سويسرا حتى تستعيد نشاطها.
فى ذلك اللقاء الهام سلمت يولاند هارمر أول تقرير فى تاريخ الصراع العربى- الإسرائيلى فى الشرق الأوسط أكدت خلاله أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى توجد لديها رغبة سياسية حقيقية وجادة إلى بحث عقد معاهدة سلام وصلح دائم مع دولة إسرائيل عن طريق التفاوض المباشر. بغض النظر عن اعتمادها الرئيسى على الجنس بهدف جمع المعلومات من أجل الصهيونية والشعب الإسرائيلى تماماً مثلما أقنعها الياهو ساسون بصك الفتوى الدينية الشرعية تزوجت يولاند هارمر فى حياتها ثلاثة مرات أولها عندما كانت فى السابعة عشر من عمرها. وكشف ملفها السرى شخصية زوجها الأول Jacques Abraham de Botton وهو يهودى شرقى من أصل سويسرى أنجبت منه بالقاهرة فى 16 فبراير عام 1936 ولدهما الوحيد"جلبرت دى بوتون"- Gilbert de Botton اقتصادى سويسرى- بريطانى له نظريات علمية دولية فى علم المال مسجلة باسمه توفى بتاريخ 27 أغسطس عام 2000، تتبع شجرة يولاند هارمر كشف حفيدها "آلان دى بوتون"-Alain de Botton ويعمل ككاتب وشاعر وهو مقدم تليفزيونى يهودى- بريطانى شهير من أصول سويسرية مواليد مدينة زيورخ فى تاريخ 20 ديسمبر 1969، عقب تماثلها للشفاء فى سويسرا وصلت هارمر فى بداية شهر سبتمبر عام 1949 بصحبة Gilbert de Botton ابنها الوحيد وحقيبة سفر صغيرة للعاصمة الفرنسية باريس حيث وجدت بانتظارها كمكافأة حكومية ورسمية لها من وزارة الخارجية الإسرائيلية- الجديدة وقتها- وظيفة دبلوماسية مرموقة للعمل ضمن طاقم السفارة الإسرائيلية فى باريس. مع بداية عام 1949 أصبحت يولاند هارمر أهم دبلوماسية إسرائيلية بكل أوروبا والغريب أن ملفها السرى يؤكد بثقة أنها ظلت تتسلم من وقت لآخر المعلومات من أصدقاء وسياسيين مصريين نجحت فى الحفاظ على علاقاتها الشخصية الحميمية معهم بل وقابلت بعضهم سراً فى باريس وبالعاصمة الإسبانية مدريد عندما انتقلت للعمل ضمن كادر السفارة الإسرائيلية فى مدريد عام 1950.
فى عام 1957 رحلت أهم جواسيس إسرائيل من النساء مريضة بسرطان الرئة ويومها أغلقت مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة "الموساد" ملف العميلة "نيكول" الصحفية اليهودية - المصرية التى تسببت فى هزيمة مصر والدول العربية فى حرب عام 1948.
فى عام 1999 أنتجت مؤسسة السينما الإسرائيلية فيلماً وثائقياً مدته 125 دقيقة- أول فيلم عبرى وثائقى 1948 بيت الصفصاف- ناطق باللغة العبرية والإنجليزية كان بتمويل علنيمن مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة- الموساد أخرجه Reuven Miran وعُرض فى ذكرى وفاة الجاسوسة يولاند هارمر تحت عنوان Yolande Remembered، بعدها أطلقت دولة إسرائيل اسم يولاند هارمر وسط مراسم حكومية رسمية وكاملة على ميدان صغير فى حى "قاتمون" جنوب وسط مدينة القدس لأجل تخليد دورها المميز فى عمليات التجسس على مصر والجامعة العربية وجماعة الإخوان المسلمين من أجل قيام دولة إسرائيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.