لا شك أن قضية تجديد الخطاب الدينى من أهم القضايا التى تمس الأمن القومى، لأن الفوضى فى ساحة الدعوة وظهور الدعاة الأدعياء الذين أثاروا البلبلة فى عقائد الناس، وقدموا الإسلام على أنه دين الكراهية والعنف، واجتذبوا عناصر من الشباب من ذوى العقول الخاوية والنفوس الضعيفة، وبعض هؤلاء الدعاة له صلات واتصالات بدول ومنظمات وجماعات وجهات لها مصالح فى هدم كيان الدولة المصرية، ووقف نموها، وتمزيق وحدتها. المشكلة أن هناك من ينكر وبقوة أن لمصر أعداء يجندون فى الداخل من ينفذ لهم أهدافهم بحسن نية أو بسوء قصد أو مقابل المال والحماية والمغريات كثيرة، وضعاف النفوس ليسوا قلة! و الشواهد أمامنا.. تفجيرات.. قتل عشوائى للمواطنين الأبرياء.. أسلحة بكميات هائلة تدل على وجود مصادر تمويل وتسليح وتخطيط فى الداخل والخارج.. والهدف هو إثارة القلق وهز استقرار المجتمع المصرى وإظهار صورة للبلد وكأن الإرهاب فيها يهدد التنمية والسياحة والاستثمار.. هل يمكن أن تكون هذه من أهداف من يريد بمصر خيرا؟ أليس من حقنا أن نتساءل لماذا تفتح دول بعينها الأبواب أمام قادة التنظيمات الإرهابية والمسئولين عن التخطيط والتحريض على إثارة الفوضى.. لماذا تستقبلهم وتمنحهم الحماية وتوفر لهم الحياة المرفهة فى القصور وفنادق الخمسة نجوم.. ولماذا تبرر هذه الدول فى إعلامها جرائمهم وتحرض المصريين صراحة على التخريب والاشتراك فى هذه المؤامرة الكبرى؟ هذه أسئلة مشروعة.. بل هى الأسئلة التى يجب أن يوجهها كل مصرى لنفسه ويوجهها للدول المتآمرة والمحرضة والداعمة للإرهاب الذى يريد بنا شرا! وسؤال للمثقفين والإعلاميين الذين يقولون إن الحديث عن المؤامرات من الأوهام التى لا أساس لها، والمؤامرة هاجس فى العقول وشبح يخلقه الفاشلون لتبرير فشلهم.. وقد انكشفت حقيقة بعض أصحاب هذه النظرية وانكشف مصادر تمويلهم.. وأفكارهم ومع ذلك مازالوا يرددون أكاذيبهم ويتبعون القاعدة الشيطانية التى تقول: اكذب.. اكذب.. واستمر فى الكذب بقوة وثقة حتى يصدقك الناس وهى قاعدة قد تنجح ولكن مع فئة من الناس تصدق ما يقال لها دون تمحيص، ومع ذلك فسرعان ما ينكشف سرهم ويعرف الناس الحقيقة وينضمون إلى العاملين فى البناء وليس الهدم ويدركون أن كل دولة فى العالم لها أعداء، وكل دولة لديها سياسة للتعامل مع أعدائها بشكل مباشر أو غير مباشر، وكل دولة لديها جهاز مخابرات يجند العملاء وأحيانًا يعمل العميل لصالح هذا الجهاز دون أن يدرك أنه يخون بلده ويتصور أنه يعمل لمصلحة بلده وللدفاع عن عقيدته ولإعلاء كلمة الله! وهل هناك من يجهل أن المخابرات المصرية كشفت عن جانب من المؤامرة على مصر وعن الجواسيس الذين كانوا يعيشون بيننا وينقلون أسرار بلدهم إلى جهات أجنبية ويشاركون فى عملية نشر الفكر الدينى المنحرف بين الشباب ويحرضونهم على التخريب والقتل باسم الدين.. وفى المحاكم والسجون جواسيس من كل نوع.. ولن يتوقف تجنيد وتصدير الجواسيس.. وهذا ما يفرض على مؤسسات التربية والإعلام أن ينبه إليه باستمرار وبقوة ووفق برنامج متكامل لإيقاظ الوعى الوطنى بصفة مستمرة. والإرهاب ليس جديدا علينا، فقد ظلت مصر تعانى من الإرهاب على مدى سنوات طويلة، وكلما قطعت ذراعا للإرهاب ظهرت أذرع جديدة، لأن المؤامرة مستمرة ولم تتوقف، والأموال تتدفق لأن هدم الدولة المصرية وتنفيذ مخطط تقسيمها يستحق من وجهة نظر المتآمرين أن تنفق فيها المليارات وليس الملايين.. فمصر جوهرة ثمنها غال، ومن يستطيع هدمها وتقسيمها يسهل عليه السيطرة على المنطقة العربية وإخضاعها بحيث لا تقوم لها قائمة هل آن الأوان للعمل على تنفيذ سياسة متكاملة تقوم فيها كل جهة بدورها بجدية وتخضع للمحاسبة إذا قصرت أو تباطأت. إن وزارة التربية والتعليم مقصرة ويجب أن تعترف بتقصيرها وتبدأ فى توعية التلاميذ بمخاطر الإرهاب وتغرس فيهم القيم وأن الإنسان فى هذا العصر بما فيه من تحديات ومؤامرات لا يمكن أن يحصر آماله فى تحقيق مصالحه الشخصية وأن ينجح فى الحياة بدون أن يرتبط حلمه وترتبط مصلحته بالحلم الوطنى وبمصلحة الوطن، لأن استقرار الوطن استقرار للمواطن وأمن الوطن هو أمن للمواطن ورخاء الوطن ينعكس حتما على رخاء المواطن.. وحماية الشرعية والحفاظ على كيان الدولة فى مواجهة حروب الشياطين هو الضمان لحياة ومستقبل المواطن.. وأن كل أموال من الخارج لجماعة أو لأفراد عن غير طريق الدولة المصرية لا يمكن أن يكون هدفها مصلحة الوطن والمواطنين.. والتمويل المشروع الذى يسعى إلى دعم التنمية وتحسين أحوال المواطنين هو التمويل الذى يتم تحت بصر الدولة وبعلمها وبسماحها. والعمل الشريف يتم دائمًا علنا ومن الطريق الشرعى ولا يتم سرا وفى الخفاء.. الشرفاء يعلنون أفكارهم وتصرفاتهم ولا يلجأون إلى السرية أو الإنكار.. وإذا كان ضعاف النفوس يسعون إلى تحقيق الثراء بأية وسيلة وعن أى طريق ولديهم استهانة بالقيم الوطنية والأخلاقية ويسهل إغراءهم فهؤلاء يجب على كل مواطن شريف أن يتصدى لهم ويحذر من خداعهم وأساليبهم الملتوية فى قلب الحقائق. حماية البلد واجب على كل مصرى.. وليس هناك أهم من تماسك الشعب ووحدته ومواجهته للفكر المنحرف باسم الدين، وللشائعات ولمحاولات التفرقة بين المواطنين والتفرقة بين المواطنين والقيادة الشرعية التى اختارها الشعب ووثق فيها وتعمل بقوة لصالح الشعب. الغريب ان المدارس والجامعات والإعلام لا يركز فى هذه المرحلة على الوصول إلى كل فرد صغيرا أو كبيرا وشرح الحقائق له بالأسلوب الذى يناسبه ليستوعب ما وصل إليه الحال فى العراق وليبيا وسوريا واليمن والصومال من خراب ودمار وقتل وتهجير وملايين المشردين فى أنحاء العالم وكل ذلك والمجرمون يعلنون أنهم فعلوا ما فعلوه لتحقيق الديمقراطية وتطبيق الشريعة. مصر فى حرب.. حرب حقيقية أخطر من حرب 1956 وحرب 67.. لأن الحرب فيهما كانت معلنة والهدف منها لا يخفيه المعتدون وساحة الحرب محدودة ومحددة.. وجيش أمام جيش.. والشعب دائمًا وراء جيشه يحميه ويدعمه.. أما الحرب التى نواجهها اليوم فهى حرب الشياطين بحق.. حرب قذرة وغير أخلاقية.. ومن يحاربنا جبان لا يظهر ولا يعلن عن نفسه ويتحرك كما يتحرك اللصوص ويعمل كما يعمل المجرمون.. الخسة والدناءة فى كل ما يفعلونه وما يقولونه.. وهدفهم أن يتوقف البناء والتنمية وأن يتم تدمير اقتصاد البلد.. مع الإدعاء بأنهم يعملون لصالح الشريعة.. والدين وشريعته ليس لها مقاصد إلا البناء والتعمير.. أما المخربون فهم أعداء الشريعة وأعداء الدين. حان الوقت لكى تعلن كل المؤسسات والجماعات والوزارات والأحزاب عن دورها فى التصدى لحرب الشياطين.. بالعمل وليس بالكلام.