سيناريوهات مجهولة ومخيفة مقبل عليها اليمن نتيجة لحالة التمزق وغياب التوافق الوطنى وهو ما كشفت عنه أزمة اختيار رئيس حكومة جديد وقبل الاستقرار على المهندس خالد محفوظ بحاح وغلبة أسلوب المحاصصة والطائفية بين الشعب اليمنى بين الجنوب والشمال من ناحية والمصالح الإقليمية لدول المنطقة خاصة إيران وجماعة الحوثيين من ناحية ودول الخليج وعلى رأسها السعودية من ناحية أخرى الأمر الذى حول اليمن لمسرح لصراع إقليمى سيكون لها انعكاساتها الخطيرة على امن الخليج العربى فكان لسيطرة الحوثيين المسلحة على مفاصل صنعاء دور فى تزايد القلق الخليجى خاصة بعد أن اعترف نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية الجنرال غلام على رشيد أن بعض القادة العسكريين الإيرانيين قدموا الدعم الاستشارى لجيش المالكى والجيش السورى ول «حزب الله» اللبنانى والمقاومة الفلسطينية فضلا عن الحوثيين باليمن.بخلاف ما كشفته معلومات استخبارية يمنية عن وجود عناصر من الحرس الثورى الإيرانى وحزب الله اللبنانى ودربت المسلحين الحوثيين وساعدتهم على احتلال العاصمة اليمنية صنعاء واحتلالها والقلق الخليجى له أسبابه. فاليمن يتمتع بموقع استراتيجى فهو يمسك بزمام مفاتيح الباب الجنوبى للبحر الأحمر وهناك تداخل وثيق بين مضيقى هرمز وباب المندب بما يُمثله من أهمية للناقلات المحملة بنفط الخليج باتجاه أوروبا. كما يربط حزام آمن الجزيرة والخليج العرب ابتداءً من قناة السويس وانتهاء بشط العرب. وهو ما كان سببًا فى الاجتماع الاستثنائى لوزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجى بجدة وبيانهم الذى يعد بمثابة رسالة تحذير شديدة اللهجة لكافة الاطراف الاقليمية بأن دول المجلس لن تقف مكتوفة الأيدى أمام التدخلات الخارجية الفئوية فى اليمن معتبرين أن أمن اليمن وأمن دول المجلس كل لا يتجزأ ووقوف دول مجلس التعاون الخليجى بقوة إلى جانب اليمن وشعبه من خلال الشرعية وما جاء فى قرارات الأممالمتحدة والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطنى. لكن كيف ستكون التحركات لدول مجلس التعاون الخليجى فى المرحلة المقبلة؟ وما السيناريوهات المقبل عليها اليمن جراء الأزمات السياسية المتتالية؟ يقول السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية الأسبق إن دول الخليج كانت صاحبة مبادرة التسوية للأزمة اليمنية وفى مراحل ما بعد انتهاء الأزمة الراهنة وأعتقد أن التحركات الخليجية تكمن فى عمل برنامج لإنعاش الاقتصاد اليمنى ويساعد فى ذات الوقت على تثبت قواعد التسوية السياسية بعد تسمية رئيس الحكومة الجديد هناك ويعطى فرصة لكافة الأطراف اليمنية للانطلاق نحو التهدئة والحوار السياسى وهذا البرنامج الاقتصادى مرهون بثبات التسوية السياسية الأمر الآخر هو اقتراح أن يكون هناك ما يشبه آلية معينة خليجية لقياس مدى فاعلية ترتيبات الأمن الداخلى باليمن بالتنسيق مع الحكومة اليمنية بدون أن يفهم ذلك أنه تدخل فى الشأن الداخلى إلى أن تلجأ الحكومة اليمنية لهذة الآلية الاستشارية كلما احتاجت أو تأزمت الأوضاع. الدكتور على الطراح أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت أكد أن الاهتمام على مستوى مجلس التعاون يحمل بعض التردد أحياناً تجاه الانخراط فى مزيد من الاهتمام بما يجرى فى اليمن مع أن دول الخليج العربى ليست بعيدة جغرافياً عن اضطرابات المشهد اليمنى والاستمرار فى تجاهل أحداث اليمن يعتبر أحد مصادر الخطر المحدقة بالمنطقة الخليجية خاصة مع المتاعب المصاعب الاقتصادية التى تشكل أحد التحديات الجسيمة التى تواجه مجلس التعاون الخليجى وقد يكون التردد لدى بعض دول الخليج العربى فى انتشال اليمن تعبيراً عن عدم انسجام بعض السياسات الخليجية التى مازالت تعمل وفق آليات تقليدية لا تأخذ فى الحسبان المتغيرات الدولية التى تتشكل حالياً فى الحرب ضد «داعش» والإرهاب الذى يجتاح العراق وسوريا. وقد لا يكون المطلوب فى هذه المرحلة ضم اليمن إلى مجلس التعاون بقدرما هو مطلوب وضع آليات ورسم سياسات مشتركة تساعد اليمن على الخروج من الأزمة والحد من التدخل الإقليمى فى الشأن المحلى. فى حين يرى الباحث أحمد عمر مدير وحدة الحركات الإسلامية بالمركز العربى للدراسات الإنسانية أن اليمن فى ظل أزمته الحالية مقبل على سيناريوهات ثلاثة - أولا: دخول اليمن فى حرب أهلية قوامها الحوثيون الشيعة وبعض الفصائل الإسلامية المسلحة ممثلة عن الطرف السنى وذلك بصرف النظر عن أى اتفاق سياسى خاصة أن ما أحدثه الحوثيون من دخولهم صنعاء بتلك الطريقة المسلحة خلف جرحًا فى نفوس معظم اليمنيين السنة فإذا أضفنا لذلك أن معظم القبائل اليمنية مسلحة وسيغذى هذا الصراع حاضنة شعبية سنية من جهة ودولة إيران الشيعية من جهة أخرى. ثانيًا: محاولة الحوثيين حكم الدولة اليمنية من وراء ستار (نموذج حزب الله) بحيث يصبح الحوثيون هم الفصيل السياسى العسكرى المسلح الذى يحوز على حصة من الكعكة السياسية تمكنه من ارتهان القرار السياسى للدولة اليمنية بيده. ثالثًا: اشتعال ثورة سنية أخرى تعيد رسم الخريطة السياسية للدولة اليمنية من جديد. ويبدو أن السيناريو الثانى هو الذى تدفع به دول الخليج رغم عدم استبعادنا لبقية السيناريوهات. يؤشر على ذلك صمت معظم الدول الخليجية على اجتياح صنعاء بل ترحيب بعضهم بالاتفاق بين الحوثيين وعبدالهادى منصور الرئيس اليمنى المؤقت وهو ربما يحقق مصلحة فى الرؤية قصيرة المدى بعودة تحالف الحوثيين والنظام القديم لتقاسم الحكم فى الدولة اليمنية. تلك المصلحة المتمثلة فى إعطاء ضربة جديدة لثورات الربيع العربى والحفاظ على بيئة سياسية فى دول الجوار وإن عاصمة شيعية رابعة ونموذج «حزب الله» فى لبنان وأنصار الله فى اليمن سيغرى الطائفية فى كثير من دول الخليج لخروج أنصار لله جدد وأحزاب لله آخرين فى معظم الدول الخليجية ويبقى السيناريوهان الأول والثالث قابلين للحدوث فى أرض الواقع فى أى لحظة خاصة أن الساحة أصبحت مهيأة لكثير من التفاعلات والتى لا يستطيع أحد أن يقدر حجمها. فأمن اليمن واستقراره هو أمن لدول الخليج واستقرارها و تحقيق الاستقرار لن يتأتى إلا بإيجاد الحلول والبحث عن أسباب أزمات اليمن الداخلية كغياب الحرية، والإصلاح والتطوير، والعدالة الاجتماعية والأمن والعدل والكرامة الإنسانية.