وحدة البحوث السياسية بجريدة التحرير إذا سيطر الحوثيون على الحكم سيزداد نشاط «القاعدة» ويتحول الصراع إلى حرب أهلية شاملة يدخل اليمن اليوم الخامس على التوالى من المواجهات الدامية، بين جماعة عبد الملك الحوثى والجيش اليمنى فى شمالى صنعاء. وقد نتج عن تلك المعارك قتل 70 حوثيا و15 جنديا نظاميا يمنيا. يعود الصراع فى اليمن، إلى التقسيم الدينى الواقع بين حكام اليمن السنة وجماعة الحوثى ذات العقيدة الزيدية المتفرع عن المذهب الشيعى. وينقسم صراع الحوثيين مع الدولة اليمنية إلى مرحلتين، مرحلة ما قبل الربيع العربى، ومرحلة ما بعد الربيع العربى. فجماعة الحوثى بدأت نشاطها منذ عام 1994 كحركة نضال ضد الأوضاع السياسية التى يفرضها نظام على عبد الله صالح، وقتل مؤسسها حسين الحوثى عام 2004، عندما حول جماعته إلى ميليشيا مسلحة تستهدف القوات اليمنية، معتمدا على دعم إيران الدبلوماسى والمالى والعسكرى للوقوف ضد نظام اليمن والتسبب فى أزمات أمنية فى جنوب المملكة العربية السعودية. بما أدى فى عامى 2009 و2010 إلى مساعدة السعودية لليمن فى حربها ضد الحوثيين عندما اخترقوا الحدود السعودية، واستولوا على جبل الدخان وقتلوا جنودا سعوديين، مع كشف المخابرات اليمنية عن وجود مقاتلين إيرانيين ولبنانيين من تنظيم حزب الله فى أوساط الحوثيين فى ذلك الوقت، والكشف عن زوارق أسلحة إيرانية. وانتهت الحرب بانسحاب الحوثيين من جنوب السعودية ووقف القتال مع القوات اليمنية. ويرى المحللون اليمنيون صعوبة للتوصل إلى اتفاق بين الحوثيين والدولة، لأن الحوثيين يحاولون كسب الوقت لكسب مزيد من الأرض لصالحهم، ولتجنب أى رد فعل دولى يتهمهم بعرقلة المبادرة الخليجية. أجندة تحرك الحوثيين فى اليمن الوضع العسكرى فى اليمن معقد، فجيش اليمن النظامى مفكك بين الإخوان المسلمين وأنصار الرئيس المخلوع على عبد الله صالح، مع وجود قبائل مسلحة وانتشار تنظيم القاعدة فى مساحات واسعة من اليمن. أولا: من الممكن اعتبار أى انتصار للحوثى ردا إيرانيا سريعا على تحالف جدة الغربى العربى السنى ضد تنظيم «داعش» داخل الأراضى السورية والعراقية. وإيران تعتبر تحالف جدة رفض دخولها بناء على طلب السعودية، كما أن تحالف جدة لن يتعاون مع حليف إيران فى سوريا بشار الأسد، وقد يقوم حلف جدة بالتعامل العسكرى معه بشكل أو آخر. ثانيا: الحوثيون يرسلون رسائل متعددة بأنهم لا يضمرون شرا للسعودية، لكن إعلامهم يتحدث دوما عن الوهابيين التكفيريين الذين يجب قتالهم. خطاب الحوثيين واضح ضد السعودية حتى لو لم يذكرها بالاسم، كما أن الحوثيين لا ينسون عامى 2009 و2010، حين سمحت السعودية للجيش اليمنى بدخول أراضيها ليضرب الحوثىين من الخلف. ثالثا: اليمن يعانى من أزمة اقتصادية خانقة ونقص مواد بترول وانقطاع متكرر للكهرباء، والمعونات السعودية لم تكن كافية لتحسين الأوضاع فى اليمن بشكل كاف، وذلك بسبب وجود مكون إخوانى فى حكومة وحدة الوفاق اليمنى لا تريد السعودية دعمه. والحوثيون مدفوعون فى حملتهم العسكرية باحتمال أن ترسل لهم إيران مليارات الدولارات والوقود، مثلما تفعل إيران مع نظام بشار الأسد فى سوريا، بما يجعل الحوثيين يظهرون بمظهر منقذى اليمن أمام قطاعات كثيرة من الشعب اليمنى التى أتعبتها الأزمة الاقتصادية، ومما يرسخ من قوة الحوثيين فى اليمن، معتمدين على دعايتهم ضد الفساد فى اليمن ورفع أسعار السلع والخدمات والوقود بشكل قياسى طوال السنوات الثلاث السابقة. ماذا لو انتصر الحوثيون فى اليمن؟ الحوثيون على لسان متحدثيهم الرسميين يضعون اليمن أمام خيارين: إما دولة جديدة تماما وإما حرب، فماذا لو انتصروا وسيطروا على مراكز صنع القرار فى صنعاء؟ أولا: حكومة تحكم اليمن تحت سيطرة الحوثيين هو دافع محفز لزيادة نشاط تنظيم القاعدة فى اليمن، التى تزداد هجماتها ضد الجيش اليمنى، مع تجنيدها عديدا من أبناء السنة فى اليمن، مع اشتداد حرب الحوثيين على اليمن، بما يضع اليمن أمام احتمالين: تحالف بين «القاعدة» فى اليمن و«داعش» فى محاربة جماعة الحوثيين، وإما دعم سعودى لتنظيم القاعدة فى اليمن لمحاربة جماعة الحوثيين. ثانيا: مع احتمالية انتصار الحوثيين فى اليمن، تزداد احتمالية تحول الصراع فى اليمن إلى حرب أهلية شاملة. مع عدم الاستطاعة بالتنبؤ بتبعات تلك الحرب الأهلية بالقرب من الحدود السعودية. ثالثا: انتصار الحوثيين فى اليمن، يفتح باب التكهنات أمام احتمالية تدخل الدول العربية الكبرى تحت راية جامعة الدول العربية فى اليمن، من أجل إنهاء نفوذ جماعة الحوثيين وتجريدهم من قواتهم العسكرية، ومنع النفوذ الإيرانى من التسلل للدول الخليجية المجاورة «عمان والسعودية»، ووقف نشاط «القاعدة» فى اليمن ومنع أى تأثيرات مرتقبة على خليج عدن بما يؤثر على خطوط سير ناقلات البترول فى قناة السويس؟.