منذ أيام احتفلنا بالذكرى 1435 للهجرة وهى إحدى الحوادث الجلل فى التاريخ الإسلامى، حيث هاجر الرسول ? وصحابته مكة إلى المدينةالمنورة، تاركين خلفهم الأموال والولد والزوجة فى سبيل الله فى مشهد ممتلئ بالعبر والعظات غير أننا حاليًا نتصارع على مكاسب سياسية وأمور الدنيا، وأصبحت أمة النبى محمد ? تحتفل بالهجرة النبوية بشكل سطحى دون التمعن فى الدروس المستفادة منها.. رغم اتفاق العلماء على أننا فى أمس الحاجة الآن للعبرة والعظة من الهجرة النبوية وتطبيق مبادئ التسامح والتعايش وقبول الآخر التى طبقها الرسول الكريم فور وصوله المدينة رغم كثرة الديانات والمعبودات والجنسيات والعصبيات. الشيخ محمد عثمان البسطويسى رئيس نقابة الدعاة المستقلة: إن حب الوطن أصدق دليل علمنا إياه الرسول (صلى الله عليه وسلم ).. فقد تربى النبى فى مكة وعلى أرضها وبين أهلها، لكن الدعوة إلى الله لم تحظ بالقبول الواسع فى هذه البقعة.. وكل من اعتنقوا الإسلام أرادوا الفرار إلى أماكن أخرى حتى يمكن الله سبحانه وتعالى لهم.. فمنهم من هاجر إلى الحبشة مرتين ومنهم من أمره النبى (صلى الله عليه وسلم ) بالهجرة إلى المدينة فى سبيل الله. وأضاف: إن النبى (صلى الله عليه وسلم ) خرج من مكة واقفًا على مشارفها قائلاً لها: «والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله.. وأحبها إلى قلبى ولولا أن قومى أخرجونى منك ما خرجت» موضحًا أن حب الوطن من الإسلام والبكاء عليه من سنة النبى.. وتابع: لذلك أراد الحق سبحانه أن يثلج قلب النبى وجعل له من التسرية والتسلية مافرج عنه هذا البعد وهذه الوحشة فقال: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ).. والمقصود بالمعاد هنا فى هذه الآية الكريمة «مكة». ووجه البسطويسى رسالة إلى كل الشعب المصرى الذى يعيش على أرض هذا الوطن قال فيها «تذكروا مقولة النبى ل «مكة».. وإن حب الوطن من الدين، وأن من لايحب وطنه لا يحق له أن يعيش على أرضه»، مضيفًا: علينا أن نعطى وطننا ونضحى من أجله، وأن نهجر كل ما فيه هدم وتخوين وفوضى، وأن نعمل ونسعى جاهدين على أن نعمل بوصايا رسول الله ونأخذ منه العبرة فى بناء هذا الوطن أسوة به (صلى الله عليه وسلم ). عِبّر ودروس فى حين قال الشيخ فؤاد عبدالعظيم وكيل وزارة الأوقاف السابق إن هجرة النبى الكريم كلها عبر ودروس، كفيلة بإخراجنا مما نمر به من أزمات، مطالبًا الجميع بالنظر إلى أفعال النبى (صلى الله عليه وسلم ) عندما هاجر إلى المدينةالمنورة... ونتعلم الأخلاق وكيف نتعامل مع الله.. وكيف يتعامل المسلم مع ربه ومع أخيه المسلم؟ والمؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين والتى وصلت إلى حد الإرث حتى أصبحوا يتوارثون فيما بينهم إلى أن نزل قول الله تعالى: (وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ). وأعرب عن اندهاشه مما حدث فى الهجرة وقمة الروعة فيها قائلاً أى أخلاق هذه موضحا أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) أعطانا درساً فى المواطنة وحقوق الإنسان وعلم العالم كله كيف تكون حقوق الإنسان وتابع: أن كلمة «لهم ما لنا وعليهم ما علينا تحمل الكثير والكثير مؤكداً أنه كان فى المدينة فى وجود النبى من يعبد الأصنام ومن يعبد الكواكب وآخرون يعبدون النار بل كان فيها كل الأجناس ولم يطردهم النبى (صلى الله عليه وسلم ).. بل قال أهلاً بكم ولكم حقوق وعليكم واجبات. وتساءل وكيل وزارة الأوقاف.. لماذا نتصارع فيما بيننا ويحارب بعضنا بعضًا، ونحن رسولنا واحد وديننا واحد؟ مطالبا بأن نأخذ العبرة من الرسول (صلى الله عليه وسلم ) لقوله تعالى «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة»، فتعالوا أيها المصريون إلى الوحدة الإسلامية والاعتصام بحبل الله لقوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) ..وتعالوا إلى أمة الإسلام فقال عنكم ربكم (كنتم خير أمة أخرجت للناس ) وقال إن ما يحدث بعيدا عن أخلاقيات الإسلام وروح هذا الدين الحنيف، ناصحًا بالإقدام إلى مائدة الرحمة والأخوة وبدء صفحة جديدة لبناء هذا البلد.. وتعالج النفوس المريضة بعد أن تهدمت الأخلاق وأصبح الكل يريد أن يحقق لنفسه المصلحة بعيداً عن مصلحة الآخر حتى لو تعارض ذلك مع الدين. واختتم كلامه وهو يؤكد إننا فى حاجة إلى مراجعة كبيرة ونراجع أنفسنا حتى نفيق. قيم إنسانية وقال الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء إن الهجرة النبوية تضفى على المجتمع قيما إسلامية منها الحفاظ على حقوق الإنسان، والتسامح والعفو، وحب الوطن، مشيراً إلى أنه رغم أن كفار مكة أخرجوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) من داره إلا أنه عندما عاد إليها فاتحًا لم يأخذ أموالهم. وذلك لأنه لايمرر الخطأ بالخطأ، وإعمالاً لقوله «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك». وأوضح أن الهجرة أقرت مبدأ المصداقية والحقيقة.. والاعتماد على الله والأخذ بالأسباب، كما أقرت مبدأ توثيق الصلة بالله ببناء المساجد وبين المسلمين بالمؤاخاة، وتوثيق الصلة بين المسلمين وغيرهم بصحيفة «المدينة» داعيا الله عز وجل أن يأخذ المسلمون اليوم بمبادئها.