صغيرة هى.. دلوعة.. رقيقة.. حبوبة.. لا تقع عليها عين أى إنسان إلا أحبها ودخلت قلبه.. فهى ودودة منذ كانت بنت شهور قليلة.. تحب الجميع وتقبل على أى يد تمتد لها لتحملها.. إذا كانت هكذا مع الغريب فما بالنا بالقريب.. فهى حبيبة أمها.. ونور عين أبيها.. فهى البكرية.. هى زرعهما الأخضر.. تخاف عليها أمها التى كادت تطير من الفرح عندما أخبروها بعد الولادة أن الله رزقها بطفلة جميلة رقيقة.. أخذتها بين أحضانها فهى تحب البنات.. هل يصدق إنسان أنها كانت تدعو الله أن يرزقها بابنة بالرغم من أنها تعيش فى قرية وأصولها القروية تفضل الذكور عن البنات ولكنها كانت تتمنى البنت لتقف بجوارها فى كبرها تحمل عنها هموم البيت ومتطلباته عندما تكبر ويشتد عودها.. وتكون السند لها وكاتم أسرارها، ولكن العود الأخضر الجميل بدأ يذبل بدون أى مقدمات.. الأم تؤكد للأب أن الابنة مصابة بشىء ما لا تعرفه ولكنها تشعر به.. والأب يطمئنها بأنها وعكة صحية وسرعان ما تعود لحالتها الطبيعية.. عيون الأم تنظر.. تراقب تتأمل وقلبها تؤكد أن «راوية» طفلتها الجميلة تعانى من شىء ما.. فجأة أصيبت بارتفاع شديد فى درجة الحرارة.. انخلع قلب الأم عليها.. حملتها بالرغم من أنها بلغت العاشرة من عمرها وذهبت بها إلى الوحدة الصحية.. فحصتها الطبيبة ووصفت لها الأدوية وشخصت الحالة على أنها نزلة برد وليس هناك أى داع للقلق.. ولكن قلب الأم هو قلب الأم مهما حدث.. عادت بها إلى المنزل وتحسنت حالتها، ولكن عودها الأخضر بدأ يشوبه الإصفرار والجفاف.. وبعد مرور عام وفى نفس الوقت أصيبت الابنة مرة أخرى بارتفاع بدرجة الحرارة.. حملتها الأم مرة أخرى وجرت بها إلى المستشفى المركزى هذه المرة.. ولكن لم يصف الطبيب لها الدواء.. بل تم حجزها وأجريت لها تحاليل وفحوص وأشعة وظهر ما لم يكن يخطر على بال الأم.. أخبرها الأطباء أنها مصابة بسرطان بالغدد الليمفاوية.. كاد قلب الأم يتوقف وسرت رعشة قوية فى جسدها وسقطت مغشيا عليها على الأرض.. وعندما أفاقت أخذت ابنتها بين أحضانها وكأنها تخاف عليها وتحميها من المرض.. تخاف أن يأخذها أحد من بين يديها.. ظلت الأم وابنتها بالمستشفى لمدة أسبوعين.. وفى النهاية طلب الأطباء من الأب حملها إلى المعهد القومى للأورام بالقاهرة.. حيث الإمكانات الطبية المتاحة والمتوفرة.. وقد كان بالفعل حملتها الأم إلى المعهد وتم حجزها وبدأ العلاج الكيماوى والإشعاعى وانفرط عقد الأسرة.. الأب يعيش مع أولاده الثلاثة الآخرين بقريتهم بمحافظة بنى سويف والأم مع الابنة المريضة بالمعهد القومى للأورام بالقاهرة حيث العلاج، الأم تؤكد أن أى شىء وكل شىء يهون من أجل الابنة.. أكثر من تسع سنوات هى طول فترة العلاج بالمعهد وإن كانت فى حساب الأم والابنة أكثر من تسعين سنة.. أصاب الأسرة كلها الغم والهم.. وما زاد الطين بلة أن الابنة المسكينة خلال العلاج من السرطان اللعين أصيبت بالتهاب كبد وبائى فيروس C وأصبحت المصيبة مزدوجة والعلاج بالطبع غال جدًا ويفوق قدرة أى إنسان.. وفى هذه الحالة الأب المسكين غير قادر على توفير احتياجات الابنة المريضة ومواجهة متطلبات ومصاريف الأبناء، خاصة أنهم طلاب بالمراحل التعليمية المختلفة.. دخل الأب من عمله الموسمى لا يتعدى 350 جنيها شهريا والأم تمد يدها تطلب العون والمساعدة.. فهل تجد من يقف بجوارهم؟ من يرغب ليتصل بصفحة مواقف إنسانية.