تعليم الجيزة تحصد المراكز الأولى في مسابقة الملتقى الفكري للطلاب المتفوقين والموهوبين    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    الكويت ترحب بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعادة النظر بعضوية دولة فلسطين    تقرير إدارة بايدن يبرئ إسرائيل من تهمة انتهاك القانون الدولى فى حرب غزة    القاهرة الإخبارية: الإمارات تستنكر دعوة نتنياهو لإدارة قطاع غزة    في أقل من 24 ساعة.. «حزب الله» ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل    كرم جبر: على حماس أن تستغل الفرصة الراهنة لإحياء حلم «حل الدولتين»    محمود ناصف حكم مباراة الأهلى وبلدية المحلة.. وأمين عمر لمواجهة المصرى وبيراميدز    جوميز يركز على الجوانب الفنية فى ختام ثانى تدريبات الزمالك بالمغرب    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    فوزى لقجع ورضا سليم يتوسطان للصلح بين حسين الشحات والشيبى    إصابة 13 عاملا إثر حادث سيارة في الغربية    طقس معتدل في محافظة بورسعيد بعد العاصفة الترابية.. فيديو وصور    مصرع شخص صدمته سيارة طائشة في بني سويف    المهم يعرفوا قيمتي، شرط يسرا لوجود عمل يجمعها مع محمد رمضان (فيديو)    إحالة جميع المسؤولين بمديرية الصحة بسوهاج للتحقيق    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب والسبائك اليوم السبت 11 مايو 2024 بالصاغة    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    قرار عاجل من ريال مدريد بشأن مبابي    مباريات اليوم السبت 10-05-2024 حول العالم والقنوات الناقلة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلّى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك    مواعيد مباريات اليوم.. الأهلي ضد بلدية المحلة.. ونهائي أبطال آسيا وتتويج مرتقب ل الهلال    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    عز ينخفض لأقل سعر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو بالمصانع والأسواق    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    مأمورية من قسم الطالبية لإلقاء القبض على عصام صاصا    آبل تخطط لاستخدام شرائح M2 Ultra فى السحابة للذكاء الاصطناعى    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    برج الجدى.. حظك اليوم السبت 11 مايو: تجنب المشاكل    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    زيادات متدرجة في الإيجار.. تحرك جديد بشأن أزمة الإيجارات القديمة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    النجم شاروخان يجهز لتصوير فيلمه الجديد في مصر    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد محاولات البرلمان تقويض سلطاتها : فقهاء القانون: المحكمة الدستورية.. خط أحمر
نشر في أكتوبر يوم 27 - 05 - 2012

قال عدد من خبراء وفقهاء القانون إن المحكمة الدستورية العليا خط أحمر لا يجب المساس به مؤكدين أن محاولات مجلس الشعب تقويض سلطات المحكمة التى تعد «حصن القضاء» بهدف الحيلولة دون احتمال حل البرلمان بناء على دعوى تنظرها المحكمة الدستورية تطالب ببطلان انتخابات مجلسى الشعب والشورى، هى ضربة للقضاء المصرى العريق الذى يحتل مكانة مرموقة فى العالم.فى البداية وحول هذه القضية الساخنة يؤكد د. إبراهيم أحمد إبراهيم أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس إنه يوجد توتر فى العلاقة بين مجلسى الشعب والمحكمة الدستورية العليا.. ويرجع ذلك لوجود دعوى أمام المحكمة تطعن فى قانون انتخابات مجلس الشعب وهو ما جعل بعض أعضاء مجلسى الشعب يخشون أن تقضى المحكمة بعدم دستورية القانون الذى على أساسه تم انتخابهم، وهناك تفكير داخل المجلس بأن يتم تحصين بعض التشريعات التى يصدرها مجلس الشعب، بمعنى أن تكون هذه التشريعات غير قابلة للطعن عليها بعدم الدستورية، وبذلك يكون القانون غير قابل للإلغاء، بينما اقترح البعض الالتزام بما تصدره المحكمة الدستورية العليا من أحكام تؤدى إلى بطلان تشكيل مجلسى الشعب، أما الأمر الثانى فقد اقترح البعض من أعضاء مجلس الشعب النظر فى تشكيل مستشارى المحكمة الدستورية، وأن يأتى رئيس المحكمة بالانتخاب بواسطة أعضاء الجمعية العمومية للمحكمة وليس بقرار من رئيس الجمهورية كما يتم حالياً.
أما الاقتراح الذى قدمه بعض أعضاء مجلس الشعب، والذى يطالب بإعادة تشكيل مستشارى المحكمة، فهو اقتراح غير مقبول ومرفوض، نظراً لما يتمتع به مستشارو المحكمة من حصانة.
وبالنسبة لاختيار رئيس المحكمة بالانتخاب، فنحن نؤيد هذا الاقترح، لأنه أكثر تحقيقاً للديمقراطية.
ويرى د. إبراهيم أحمد إبراهيم أن الاقتراح بتحصين بعض القوانين غير مقبول؛ لأنه من المفروض أن تمتد رقابة المحكمة الدستورية إلى كافة التشريعات ولا يجوز تقسيم القوانين إلى قوانين تخضع لرقابة المحكمة، وأخرى لا تخضع لهذه الرقابة، ولا يوجد أساس قانونى شرعى لإجراء هذا التمييز، وهذه التفرقة بين مختلف القوانين. ويطالب بأن تكون كافة التشريعات خاضعة لرقابة المحكمة الدستورية.
وعلى ذلك يجب على أعضاء مجلس الشعب أن يغلبوا المصلحة العليا للبلاد عند قيامهم بسلطة التشريع فضلاً عن أنه ليس من المستحب أن تصدر القوانين لأسباب شخصية.. أو لأسباب حزبية!
وينهى د. إبراهيم أحمد إبراهيم حديثه أنه لحسن الحظ أن بمصر قضاء مستقر، وأنظمة قانونية منذ بداية عصر النهضة.. وليس من السهل المساس بهذه الأنظمة.
سلطة مستقلة
وتشير د. سهير عبد المنعم إسماعيل أستاذ السياسة الجنائية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن الفترة الانتقالية شهدت الكثير من أخطاء القوى السياسية، كان منها محاولة مجلس الشعب المساس بالنظام القضائى، فضلاً عن الانحراف التشريعى، حيث إن قانون العزل السياسى صدر فى فترة الريبة التشريعية، بمعنى أن كل قانون يجب أن يصدر متوخياً الصالح العام.. لكن عندما يصدر فى فترة معينة، ويحدد أشخاصا بعينهم فإن به انحرافا تشريعيا.. وهذا القانون معروض على المحكمة الدستورية للطعن فى دستوريته، وهناك دعوى أمام المحكمة الدستورية تطعن فى عدم دستورية المجلس نفسه، ومن ناحية أخرى فإن المساس بالسلطة القضائية عن طريق تغيير قانون دستورى بتشريع عادى أمر غير مقبول، وفى هذه الفترة نحتاج إلى إصدار دستور جديد، وبالتالى فإن ذلك أدى إلى تخوف وقلق وطنى من جراء استخدام التشريع كوسيلة لتحقيق أهداف خاصة، إلى جانب أن المحكمة الدستورية هى ركن أصيل فى مؤسسات الدولة المصرية، التى أكسبتها مشروعيتها بأدائها طوال سنوات وجودها.
وتطالب د. سهير بوضع قواعد سليمة تحمى المجتمع بصرف النظر عمن هو موجود فى السلطة من عدمه.. وذلك لن يتم إلا بتحقيق الفصل بين السلطات الثلاث بالفعل.. والحفاظ على استقلالية السلطة القضائية الحامية للشرعية فى الدولة.
غرض سياسى
ويوضح السفير د. سمير برهان وكيل وزارة الخارجية للشئون القانونية سابقا أن المحكمة الدستورية العليا لها اختصاص الرقابة اللاحقة على القوانين، إذا رفعت دعوى أمامها بالطعن فى دستورية أحد هذه القوانين، فإذا حكمت المحكمة بدستورية القانون صارت الدعوى فى طريقها العادى.. أما إذا حكمت بعدم دستورية القانون فعلى المحكمة المنظور أمامها الدعوى أخذ ذلك فى الاعتبار.. وفى فرنسا وبعض الدول الأخرى فإن المحكمة الدستورية تقوم بالرقابة اللاحقة والرقابة السابقة.
وبالنسبة لما يجرى الآن على الساحة المصرية بين المحكمة الدستورية ومجلس الشعب، فإن ذلك يمثل تجاوزاً سياسيا أكثر منه قانونيا، لأنه لا يوجد عندنا وطبقا للدستور مبدأ الفصل بين السلطات فلا يجوز أن تتغول السلطة التشريعية على اختصاصات السلطة التنفيذية.. أو أن تصدر قانونا بعينه للإخلال باختصاصات المحكمة الدستورية، وفى هذا ينبغى أخذ رأى الجمعية العمومية لمستشارى المحكمة الدستورية.. ولابد من التشاور معهم، لأنه اختصاصهم الأصيل.. ولا يصح أن يصدر مجلس الشعب قانوناً لأغراض سياسية بهدف تقليل اختصاصات المحكمة، أو الطعن أو المساس بهذه المحكمة!
حصن القضاء
ومن جانبه يقول المستشار رشاد بدور رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقا إن المحكمة الدستورية العليا هى حصن القضاء المصرى العادل والشامخ، ورغم القيود المفروضة على المحكمة فإنها تستطيع محاكمة أى إنسان على وجه الأرض حتى لو كان رئيس الجمهورية، كما أن أحكام هذه المحكمة مصونة، ورأيها محترم دولياً، وكل الدول تحتذى برأيها فمصر عريقة فى القضاء، وعرفت القانون والقضاء منذ آلاف السنين.. ومثال ذلك قصة الفلاح الفصيح الذى أخذ حقه بالقضاء وصودرت أملاك خصمه لصالحه بحكم قضائى واجب.
ويشير المستشار رشاد بدور إلى أن مصر استلهمت أحكام القضاء من القضاء الرومانى، وهم فلاسفة العالم فى هذا المجال، واستلهم القضاء المصرى الشامخ مبادئ وأحكام الشرائع السماوية اليهودية والمسيحية والإسلامية، فكل الشرائع السماوية مصدرها واحد هو الله سبحانه وتعالى، وستظل مصر ركيزة العالم أجمع فى القضاء، وستظل أحكام المحكمة الدستورية العليا نبراس القضاء العظيم.. ومن المعروف أن فقهاء الدستور المصرى هم الذين يصنعون دساتير العالم فى بلاد كثيرة مثل تركيا وغيرها التى استعانت بخبراء الدساتير المصريين عند وضع دستورها، والذين يقدمون الخبرة الدستورية والقانونية إلى مختلف الدول، أما المحكمة الدستورية العليا فلن يستطيع أن يقترب منها أحد، وسيظل قضاؤها شامخاً، وما يحدث حولها من مؤامرات ستسقط كلها.
شهرة دولية
ويقول د. نبيل الطوخى أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة المنيا وعضو لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة أن دستور 1971 خصص فصلاً مستقلاً للمحكمة الدستورية العليا يشمل 5 مواد من المادة 174 إلى إعادة 178.. ونص فى المادة 174 على أنها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها..وقضت المادة 175 من الدستور أن تتولى المحكمة الدستورية دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.. وتتولى تفسير النصوص التشريعية.. وتنص المادة 177 على أن أعضاء المحكمة الدستورية غير قابلين للعزل.. وتتولى المحكمة مساءلة أعضائها على الوجه المبين بالقانون.. ودستور 71 هو أول دستور مصرى ينص على إنشاء محكمة دستورية كهيئة قضائية مستقلة.
وقد حقق إنشاء هذه المحكمة الحلم الذى راود الكثير من رجال مصر المخلصين الحريصين على احترام الدستور.. وهو الأمل الذى طالما نادى به فقهاء القانون الدستورى لعدة عقود مضت،لمراقبة دستورية التشريعات.. ومدى موافقتها لأحكام الدستور.. وكان إنشاء المحكمة الدستورية بالقرار 81 عام 1969 يمثل خطوة أولى لقيام المحكمة الدستورية عام 1979، إعمالاً لنصوص دستور 71.. والذى بين ما يلى: تمارس المحكمة العليا اختصاصاتها المبينة فى القانون الصادر بإنشائها.. وذلك حتى يتم تشكيل المحكمة الدستورية العليا.
فقد نصت المادة 176 من الدستور على أن ينظم القانون كيفية تشكيل المحكمة الدستورية العليا وبين الشروط الواجب توافرها فى أعضائها وحقوقهم وحصاناتهم.. وأكد قانون المحكمة الدستورية رقم 48 لعام 1979 فى المادة الأولى منه ما سبق أن نصت عليه المادة 174 من دستور 71.. حيث نص القانون فى مادته الثالثة على أن تؤلف المحكمة من رئيس وعدد كاف من الأعضاء.. وتصدر أحكامها وقراراتها من 7 أعضاء.. ويرأس جلساتها رئيسها، أو أقدم أعضائها.. وعند خلو منصب الرئيس أو غيابه أو وجود مانع لديه يقوم مقامه الاقدم فالاقدم من أعضائها.
ويشير د. نبيل الطوخى إلى مشروع القانون الذى تقدم به نائبان من حزب النور السلفى والذى يطالب بإجراء تعديلات على قانون المحكمة الدستورية العليا ليس له تفسير إلا أنه مخطط من قبل مجلس الشعب لخوض معركة مع المحكمة الدستورية خوفا من أن تحكم المحكمة بحل البرلمان.
وأوضح أن البعض يرى أن البرلمان يريد افتعال أزمة مع المحكمة، بل ما يتم حالياً ما هو إلا نوع من ارهاب المحكمة وأعضائها.. وعرقله المؤسسة الدستورية عن أداء دورها. ويرى آخرون أن مجلس الشعب يحاول استباق الأحداث.. لذا بدأ بمحاولة الإلغاء دون المحكمة الدستورية.. وإنشاء نظام جديد للرقابة على دستورية التشريعات، وتحصين القوانين التى تصدر عن مجلس الشعب ضد أى رقابة دستورية.. والواقع أن ما يحدث هو نتيجة حتمية لما تعيشه البلاد من تخبط بسبب عدم وجود دستور.. ولا شك أن فى بقاء المحكمة الدستورية العليا فى مصر صيانة لنصوص الدستور.. وحماية لحقوق الأفراد..
الاختصاص الأصيل
ويكشف د. فتحى أحمد الذوق مستشار المركز العربى للدراسات الاستراتيجية أن مصر لم تعرف الرقابة على دستورية القوانين إلا بعد إصدار دستور 1923.. وهذا الدستور لم ينص صراحة على حق المحاكم فى بحث مسألة دستورية القوانين.. إلا أنه عند إنشاء مجلس الدولة بموجب القانون رقم 112 لعام 1946.. والذى ينص على أنه ليس ما يمنع المحاكم المصرية من التصدى لبحث دستورية القوانين.. حيث صدر الحكم بجلسة 1 فبراير 1948.. وقضت المحكمة الإدارية العليا.. أنه ليس فى القانون المصرى ما يمنع القضاء من التصدى لبحث دستورية القوانين، وذلك قبل إنشاء المحكمة الدستورية عام 1996 والقضاء الإدارى من حقه الحكم، وليس من حقه التفسير، وتتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية، والقرارات بقوانين إذا صارت خلافاً للتطبيق.. مما يقتضى توحيد تفسيرها، وفى كل الحالات تقضى بعدم دستورية أى نص فى القانون أو اللائحة يتعرض لممارسة اختصاصها، أو يتصل بالنزاع المطروح عليها..
خلط السياسة بالتشريع
ومن جانبه يقول المستشار محمد حسن الشحات نائب رئيس هيئة قضايا الدولة إن الفترة الانتقالية التى تمر بها البلاد تتسم بالصراع بين القوى السياسية والشعبية والدينية، ومع ازدياد الصراعات والاشتباكات دون أن يكون هناك هدف مشروع تتزايد تلك الأحداث الدامية التى تنال من مشروعية ثورة يناير.. ويتجه البعض إلى السيطرة على الحكم مرة أخرى والذى يتابع أحداث ثورة يناير يدرك أن تراكات الفساد والاستبداد لها دور أساسى فى محاولة نشر الفوضى للسيطرة على الثورة والقوى السياسية الاجتماعية والدينية والليبرالية تعانى من التخبط والتضارب فى القررات والمواقف، وهؤلاء يسعون بقصد أو بغير قصد إلى تحقيق أكبر قدر من السيطرة على الدولة.. تحت شعار أنهم يقومون بهدم النظام البائد.. والحقيقة أنهم يقومون بمحاولة هدم الدولة.
وقد استغلوا مشروعية المظاهرات والتى أصبحت تستخدم أحياناً للقتل والفوضى فى تكريس حالة الانفلات التى عاشتها مصر مؤخراً، وقد دفع ذلك المجلس العسكرى إلى جمع الشمل والحفاظ على الثورة وعلى البلاد. وأضاف بعض التيارات والجماعات التى استفادت من نجاح ثورة يناير، والتى نزلت إلى الشارع بعد أن اسقطت النظام السابق، استطاعت أن تتصدر الساحة، لكن الشعب سرعان ما تبين له فى وقت قصير خداع الشعارات الكاذبة وتبين له من الخارج والداخل.. وتسعى هذه الجماعات للاستيلاء على الدولة وطبيعى أن تلك الفئات لم تكن فى حسباتها صحوة الشعب.. خاصة بعد ما تعرض له جهاز الأمن من هجمات مكثفة من البلطجية والخارجين عن القانون.. وتعرض الكثير من رجال الشرطة للاستشهاد. وقد تدخل المجلس العسكرى وأكد على ثقته فى رجال الشرطة، وإعادة بناء جهاز الأمن مع الدعوة إلى التوافق بين جميع فئات المجتمع وأجهزة الدولة.
ثم نسمع نعرات البعض بالدعوة إلى تطهير القضاء، وتوجيه الاتهام إلى اللجنة العليا للانتخابات بعدم الالتزام مما جعل المفكرين والقضاة الشرفاء والشعب يحذرون من تغُّول السلطة التشريعية على السلطة القضائية، والتدخل فى شئون القضاء، وقد رفض قضاة المحكمة الدستورية العليا المشروع الذى وافقت عليه لجنة الاقتراحات بمجلس الشعب بشأن إعادة هيكلة المحكمة الدستورية وتعديل القانون رقم 48 لعام 1979.. حيث وصف هذا التعديل بأنه مذبحة للقضاء على غرار مذبحة القضاة عام 1969، والقانون المقترح هو قانون مشبوه وبه انحراف تشريعى هدفه الأول حماية مجلسى الشعب والشورى من الحل!..
وكذلك اقرار الطعون بعدم دستوريتهما بعد التوصية بحلهما، كما تبين لبعض الفقهاء أن الهدف من تعديل قانون المحكمة الدستورية إضافة مادة مقترحة فى التعديل تنص: على أنه فى حالة إصدار المحكمة الدستورية حكماً ببطلان مجلسى الشعب والشورى يكون غير ملزم للبرلمان، ولا يطبق إلا بعد انتهاء الدورة البرلمانية، وهو ما يعنى أن المجلس سوف يستمر 6 سنوات كاملة، حتى لو صدر حكم ببطلانه!.. وقد رفضت الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية برئاسة المستشار فاروق سلطان مشروع قانون إعادة هيكلة المحكمة الدستورية، الذى وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب؛ وأكدت الجمعية العمومية للمحكمة أن المشروع يمثل إهانة للمحكمة.. ومحاولة لتقليص مهامها الدستورية.. كما احتج أعضاء الجمعية العمومية على المادة 25 من مشروع القانون المقترح الذى ينص على تقليص دور الرقابة القضائية على القوانين والأحكام، حيث لا يكون للمحكمة أى رقابة على مشروعات القوانين التى يوافق عليها ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان! أما القوانين التى لا يوافق عليها هذا العدد فيكون للدستورية رقابة عليها!
وقد بادر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى تأكيد تقديره وثقته الكاملة بقضاء مصر، مشدداً على ضرورة التزام كل السلطات بأحكام الدستور والقانون، ومراعاة عدم تدخل سلطة فى أعمال سلطة أخرى لتحقيق المبدأ الدستورى بالفصل بين السلطات.
وأكد المجلس العسكرى تصديه لجميع أشكال التجاوز والادعاءات المشبوهة بتزوير الانتخابات ودعا المجلس سلطات الدولة إلى التعاون والالتزام بالتوافق الوطنى لتحقيق طموح الشعب فى الانتقال الديمقراطى الحر للسلطة.. والعبور بالبلاد إلى بر الأمان.
وأضاف المستشار محمد حسن الشحات أن القانون الدستورى هو القانون الأساسى الذى يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وتنظيم السلطات العامة من حيث تكوينها واختصاصاتها وعلاقتها ببعضها ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم.. وبضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات، والدستور يعلو على كل السلطات فى الدولة.. وهناك قاعدة دستورية القوانين التى تقضى بألا يصدر قانون على خلاف الدستور.. وإلا كان ذلك قانوناً باطلاً يتعين على القضاء الامتناع عن تطبيقه.. وقد نصت المادة 2 من دستور 1971 على أن يمارس الشعب السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين فى الدستور، كما نصت المادة 40 على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، ونصت المادة 57 على أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرية الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون.. هى جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية والمدنية الناشئة عنها بالتقادم. وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء.. وتنص المادة 64 منه على سيادة القانون وهو أساس الحكم فى الدولة، وتقضى المادة 65 منه بأن تخضع الدولة للقانون. واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، كما نصت المادة 86 منه بتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ويقرر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
وينهى المستشار محمد حسن الشحات حديثه أن ما سبق ذكره من نصوص يعنى أن الدستور نص على أن يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع دون التدخل فى أعمال سلطة أخرى.. وممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.. أما المقترح بتقليل رقابة المحكمة الدستورية على بعض القوانين التى تمت الموافقة عليها بمجلس الشعب بثلاثة ارباع أعضاء البرلمان تنطوى على تدخل صريح وسافر فى مهام المحكمة الدستورية.. ويتجافى مع المبادىء الدستورية التى نص عليها الدستور.. وهذا المقترح يتنافى مع جناحى الديمقراطية وهما الحرية والعدالة، أما الهدف من إعادة هيكله المحكمة الدستورية العليا فهو التدخل السافر فى أعمال السلطة القضائية بما يتضمن من إهانة للمحكمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.