تعرف على برنامج احتفالية عيد العمال بحضور السيسي    عيار 21 الآن بيعًا وشراء.. سعر الذهب اليوم الخميس 2 مايو 2024 في أولى التعاملات    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    تراجع معدل التضخم في كوريا الجنوبية لأقل من 3% لأول مرة منذ 3 أشهر خلال أبريل الماضي    الإسكان: جار تنفيذ 64 برجا سكنيا بها 3068 وحدة.. و310 فيلات بتجمع صوارى في غرب كارفور بالإسكندرية    الطلاب يتظاهرون بالجامعات البريطانية احتجاجا على الحرب في غزة    هيئة البث الإسرائيلية: تشاؤم في إسرائيل بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن    الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني وتدمير 12 طائرة مسيرة كانت تستهدف مناطق في العمق الروسي    ميدو يصدم قائد الأهلي ويطالب بتسويقه    فيديو.. الأرصاد: أجواء مستقرة بشكل كبير حتى الثلاثاء المقبل    مصرع طالب صدمته سيارة مسرعه أثناء عودته من الامتحان ببورسعيد    فصل رأسها عن جسمها.. حبس المتهم بذبح ابنته وتقطيع جسدها لأشلاء في بولاق الدكرور    أبطال فيلم السرب وأسرهم يحتفلون بنجاحه في أول أيام عرضه (صور)    سفير روسيا لدى واشنطن: اتهامات أمريكا لروسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرانيا بغيضة    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    "الحرب النووية" سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    نسخة واقعية من منزل فيلم الأنيميشن UP متاحًا للإيجار (صور)    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: لم نرصد أي إصابة بجلطات من 14 مليون جرعة للقاح أسترازينيكا في مصر    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    تامر حسني يوجه رسالة لبسمة بوسيل بعد الإعلان عن اغنيتها الجديدة.. ماذا قال؟    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    كوكولا مصر ترفع أسعار شويبس في الأسواق، قائمة بالأسعار الجديدة وموعد التطبيق    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    النصر يطيح بالخليج من نصف نهائي كأس الملك بالسعودية    الخطيب يطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة افشة .. فماذا حدث ؟    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجبالى: الدستور الذى يكتبه الإخوان مقدمة لثورة جديدة
نشر في أكتوبر يوم 06 - 05 - 2012

اعتادت أن تكون الأولى دائماً، فكانت أول قاضية تعتلى منصة القضاء فى مصر، وكانت أول عضوة منتخبة فى مجلس نقابة المحامين ولدورتين متتاليتين وبأصوات الرجال قبل النساء كما تؤكد، ووصلت شهرتها للعالمية فاستعانت بها الأمم المتحدة لتكون واحدة من خبرائها الدستوريين، فعاشت تجارب – تصفها بالرائعة – فى كتابة دستورى كلا من جنوب افريقيا وشيلى، وللأسف – وعلى طريقة لا كرامة لنبى فى وطنه – لم تدرج فى عضوية اللجنة السابقة لكتابة دستور بلدها، رغم ترشيحها من قبل عدد كبير من منظمات المجتمع المدنى سواء لعضوية اللجنة السابقة أو اللاحقة، إنها المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية التى كان يرشحها البعض ويتمنى أن تكون اول سيدة تعتلى كرسى الرئاسة فى مصر، والتى عندما تتحدث عن الدستور وكيفية كتابته يجب أن نصمت جميعاً..*ما رأيك فيما يحدث على الساحة السياسية فى مصر الآن؟
** الوضع السياسى فى مصر الان هو معركة ما بين استمرار الدولة الوطنية القانونية الدستورية وما بين تجاوزها لفرض دولة واقع يريد البعض ان يفرضها على مصر بمؤازرة من قوى اقليمية ودولية ولديهم مشروعهم الخاص بذلك، وهذا هو العنوان الرئيسى، اما إذا قرأنا تفاصيل المشهد فسنكتشف ان الآليات التى انشأها الشعب المصرى لحماية الدولة الوطنية، التى هى دولة القانون، تتجاوز الان الدستور والقانون من اجل ان تصبح سلطة حكم وليس برلمانًا، فالبرلمان يعلم جيداً اننا مازلنا فى نظام رئاسى لم يستفت الشعب على تغييره لنظام برلمانى، وبالتالى فلا محاباة لفكرة تشكيل الحكومة عبر الاغلبيات البرلمانية فهذا معناه انقلاب على الشرعية الدستورية واغتصاب لها دون استئذان الشعب المصرى، لأننا لو أردنا القيام بهذا يمكن عمله فى الدستور القادم.. نجلس ونتشاور ونتحاور لنتوافق ثم يستفتى الشعب المصرى على ذلك، ثم بعد ذلك نغير نظام الحكم، أما ما يحدث الآن فى بعض الاحيان فهو انتهاك مباشر للشرعية الدستورية والقانونية، الجزء المكمل لهذا فى دولة الواقع التى تفرض علينا الدخول على سلطة القضاء بما يسمى بقانون القضاء الموحد لأن مهمة هذا القانون كما بدت هى اخفاء مؤسسات المرجعية من السلطة القضائية ممثلة فى مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا، لأن هناك فى داخل المشروع ما يسمى بادماج الهيئات القضائية مثلاً النيابة الإدارية تدخل على مجلس الدولة والأخير لا يبقى بالتشكيل الذى حمى الشرعية وصان الحريات والحقوق والعلاقة بين الدولة والمواطن، وعلى نفس السياق تتحول المحكمة الدستورية لغرفة فى القضاء العادى أو تتحول لمجلس دستورى او يتم التشكيك فى مصداقيتها كما حدث فى ميدان التحرير الجمعة قبل الماضية حين وقف البعض على منصات لا نعرف من أين أتوا بهذه الأموال التى تصنع بها هذه المنصات، وقفوا، لينتهكوا حرمة المحكمة الدستورية فى مصر التى هى مصنفة ثالث محكمة دستورية على العالم فى أروقة الأمم المتحدة – التى لا تجامل أحدا – باعتبارها حامى حمى الحريات وحقوق الإنسان فى المجتمع المصرى وانها هى التى حققت بعض المسارات الكبرى فى التغييرات السياسية والاقتصادية فى مصر، هذه المكانة الرفيعة للمحكمة الدستورية العليا تنتهك عمداً من قوى مرتبطة بتيار الإسلام السياسى فى محاولة جاهدة لإلغاء مؤسسات المرجعية فى المجتمع المصرى خاصة فى أروقة القضاء الذى هو جزء من أعمدة الدولة المدنية الحديثة الخاضعة للدستور والقانون.
استعادة دور الأزهر
الكارثة هى محاولة انتهاك حرمة الأزهر وهو المؤسسة الوطنية والمرجعية للإسلام الوسطى لقدرة التأثير العالمى من خلال ذاتية مصر وحضارتها التى تجسدت فى أزهر الألف عام، هذه المرجعية المهمة التى تسترد الآن عافيتها من خلال هذا الامام المستنير الشيخ الطيب وكثير من الشخصيات التى تحيط بهذه المرحلة تحاول أن تبلور دوراً وطنياً شبيهاً بالدور الذى لعبه الأزهر فى كل المراحل التاريخية للشعب المصرى، فإذا بهم فى محاولة لانتهاكه تكون هناك مطالبة بانشاء هيئة كبار العلماء من جميع الدول الإسلامية ثم هى التى تنتخب شيخ الازهر، هذا معناه انه قد تحول لتنظيم دولى يعبر عن استراتيجية اخرى وليس عن مشروع وطنى للدولة المصرية، وحين يكون هذا معلنا ويقال فى أروقه البرلمان فهذا معناه ان الدولة المصرية تنتهك، حين ننتقل على المسار الآخر للقوى الصلبة فى الدولة الوطنية (الشرطة والجيش)، هناك اعتراف بأن الشرطة استخدمت فى النظام السابق باعتبارها إحدى آليات وادوات الاستبداد السياسى ولكن تغييرهذه السياسات وهذه المنهجية فى استخدام الشرطة لا تعنى التفريط فى الشرطة الوطنية التى لا يجوز ان تتحزب أو تتعصب ولا تصبح آلية من آليات أى فصيل سياسى، فبعض محاولات اعادة هيكلةالشرطة كما تطرح هى محاولة لادماج ميليشيات بعض الدوائر التى لديها قوى صلبة خاصة فى الشرطة المصرية بما يسمح فى النهاية بأن تصبح الشرطة المصرية لاول مرة فى تاريخ الدولة المصرية ليست شرطة للشعب المصرى كله وإنما شرطة لمشروع سياسى لبعض التيارات، ثم هناك هذا المنهج الذى اتبع منذ يوليو الماضى فى محاولة لاقصاء الجيش المصرى عن الدائرة والفعل السياسى. والذى يقرأ المشهد فى مصر يجب ان يتذكر ان الجيش المصرى منذ مينا موحد القطرين هو القوة الصلبة التى تحمى المشروع الوطنى، ودائماً ما كنا نقول ان كبار الملوك والفراعنة كانوا قادة جيوش عظاما، ونتذكر أن القوات المسلحة المصرية والجيش المصرى منذ عهد محمد على بانى الدولة المدنية الحديثة كانت له مهمات فى حماية الدولة المدنية الوليدة لا يكفى ان نذكر منها أن الجيش المصرى تحرك بقيادة ابراهيم باشا لوأد الحركة الوهابيه فى مهدها حمايه للدولة الوليدة من التشدد الدينى، وهذا لمن يتوهمون ان الجيش المصرى هو جيش ثكنات على طريقة امريكا اللاتينيه وجيوش المرتزقة فى العالم، الجيش المصرى خرج منه ثورتان كبيرتان ( الثورة العرابية وثورة 52) وكلتاهما كان لهما التأثير العظيم فى تاريخ الشعب المصرى والمنطقة والعالم، الجيش المصرى فى 52 كان وريثاً لثورة شعبية عظيمة هى ثورة 19 التى بدأت مرحله صعبة جداً وانتهت بأن تكون عنواناً لحقوق وحريات سياسية ولكنها عجزت من أن تحقق الحقوق الاجتماعية للشعب المصرى لانها كانت ديمقراطية الطبقة «تحالف الإقطاع ورأس المال» قبل يوليو، وبالتالى فكان استكمال الحلقه التى نقصت فى مسيرة ثورة 19 هى ان تقوم ثورة يوليو باعادة توزيع الثروة والسلطة فى محاولة جاهدة لاقامة ما سمى بالعدالة الاجتماعية.. هذا هو تاريخ الشعب المصرى وتاريخ جيشه، المشهد الذى حدث فى 11 فبراير وافزع قوى داخلية وخارجية هو أن يخرج الشعب المصرى بثورته هو وجيشه «يدا واحدة» فى ميدان التحرير هذا المشهد كان لابد من كسره بأى ثمن ومن ثم فان كرات النار التى اشعلت فى الارض عمداً، وهناك خلايا نائمة تحركت من اجله، بدءا من ماسبيرو ومحمد محمود والبالون ثم جريمة بورسعيد المدينة الباسلة التى كان مطالباً بأن تتحول للمدينه القاتلة فيحاصرها الشعب المصرى بدلاً من ان يزهو بأنها جزء من تاريخه المضئ، وان توجه الضربه للنادى الاكثر شعبية وانتشاراً فى مصر وهو النادى الاهلى ليصبح ابناؤه الشباب الغض الذى لم يقرأ تاريخه بعد اسيرا لهذا التبشير بداخله بأن يصبح الجيش هو عدوه الاول، وان يصبح التمرد على الجيش الوطنى هو الاساس فى حياته وان نسمع بمنتهى السذاجة العمرية والفكرية والوجدانية اننا قد اصبحنا فى مواجهة ما سمى بالعسكر، هذا المشهد يجب ان يقرأ بوعى، فلم يكن فى تاريخ مصر عسكر، بل كان فى تاريخ مصر جيش وطنى جزء لا يتجزء من الدولة الوطنية، هذا التعبير المرتبك المستورد من امريكا اللاتينية باعتبار ان الجيوش هناك تسمى «عسكر» لانها كانت جيوش مرتزقة، ولكن الجيش المصرى هو الشعب المصرى لان كل أبناء القوات المسلحة المصرية هم ابناء الفئات الاجتماعية المصرية مجتمعة، هذه المشاهد تؤكد اننا على مشارف مواجهه خطيرة جداً تتعلق بحمايه الدولة الوطنية وحماية أمنها القومى فى الداخل والخارج، لان الشواهد على حدود مصر تقول ان هناك تنظيماً جهادياً تسلح تسليحاً وصل لمرحلة المدفعية المضادة للطائرات يقوم الان فى محاولات جاهدة باقتطاع جزء من سيناء من رفح للشيخ زويد لاقامة ما يسمى بالامارة الإسلامية، هذه الامارة المدعى بها وهذه الجماعة الغامضة التى لا نعرف من الذى سلحها ومن الذى ينفق عليها اضطرت الجيش المصرى للدخول لسيناء رغم انف كامب ديفيد ورغم انف أمريكا وإسرائيل لان اللحظة كانت لحظة للامن القومى المصرى حين دخل فى محاولة لوقف هذه المؤامرة فى القضم والهضم لبعض اجزاء من الوطن على المستوى الجغرافى، وليس فقط على المستوى السياسى حيث هناك خطر داهم على حدود سيناء وهناك من يخطط لإنهاء القضية الفلسطينية من خلال محاولة ايجاد الوطن البديل – المشروع القديم- بأن تصبح شمال سيناء هى المدخل لحل ازمة الشعب الفلسطينى بديلاً عن ان يكونوا فى مواجهة اسرائيل، هناك من يحيى هذا المشروع الان، اما فى جنوب مصر فلو قرأنا المشهد قراءه جيده ورشيده، ما يحدث فى جنوب السودان باصابع إسرائيلية وصهيونية واضحة فى محاولات لخلق مشكلة كبرى لمصر فى منابع النيل، ثم ما يحدث فى شمال السودان من محاولة لقطع اجزاء من مصر واجزاء من السودان لما يسمى بدولة النوبة الجديدة، فهذه ايضاً مخاطرة على مصر الجغرافيا والسياسة والتاريخ من اجل تقسيم مصر تقسيماً واقعياً، وحينما ننطلق للشمال الغربى ونجد ما يحدث على حدود مصر وليبيا نكتشف ان هناك من يمول بالسلاح والمال.. محاولات لتحريك أزمه للأمن القومى المصرى على حدود ليبيا ويدخل فى هذا السياق ما حدث فى العلمين والضبعة وما يحدث كل يوم وربما لان الجيش المصرى يتحلى بضبط النفس فى هذه المرحلة الخطيرة ولا يعلن كل الحقائق على الشعب المصرى، وربما يرى فى هذا السلامة والامان الوطنى فى حين اننى شخصياً ارى انه فى اطلاق المعلومات للشعب المصرى السلامة الوحيدة، أنا أرى مصر وطنا فى خطر، الدولة المصرية الوطنية فى خطر، الامر لم يعد مجرد صراع سياسى وانما هو صراع على تحديد شكل مصر بما يناسب المشاريع الاقليمية والدولية التى لا تريد لهذا الشعب ولا لهذه الثورة أن تقوم وأن تكتمل، وإن لم يشمل الوعى العام هذه الحقائق ويعيد كل الاطراف قراءة ما يحدث منهم تجاه الوطن فى هذه اللحظة فالتاريخ لن يرحم.
الحس الحضارى
?مصر إلى اين؟
?? انا ثقتى فى الشعب المصرى بلا حدود، التاريخ يقول ان الشعب المصرى يملك من الحس الحضارى والتاريخى ما يسمح له بحاسة سادسة وباستشعار ذاتى من أن يصبح هو الحل الحاسم فى اللحظات الحرجة، الشعب المصرى لن يلتقط الطعم، وهو حتى الان لم يكسر ثقته وعلاقته بجيشه رغم كل محاولات استنزاف هذه العلاقة على امتداد عام مضى، الشعب مازال يثق بجيشه، الشعب المصرى توحد تحت راية الازهر، وهو يثق ان الازهر مكون مصرى وأنه بمزيد من الجهد يمكن أن يكون مظلة الإسلام الوسطى الذى نستظل به جميعاً، الكنيسة الوطنية تجاوزت محنة ماسبيرو ربما لانها تعلم كثيرا من الحقائق على مستوى القيادات، وبالتالى فهى تحاول أن ترمم هذا الجرح الغائر الذى كان عنوانه الرئيسى استهداف مصداقية العلاقة ما بين اقباط مصر والجيش، انا اثق كثيراً فى الشعب المصرى فى عماله وفلاحيه ومثقفيه، اثق ان مكوناته الاساسية هى حصن حصين للدولة المصرية لأن الشعب المصرى عاش فى الدولة منذ 7 آلاف سنة وهو لا يحتمل فكرة الفوضى، ولا ناحية اللادولة، واللاسلطة، وهذا يفسر لنا كيف خرج من اجل الانتخابات فى ظل اصعب الظروف.
?بعد سيطرة التيارات الاسلامية على مجلسى الشعب والشورى هل تتجه مصر لدولة دينية؟
?? لأ، لن يستطيع أحد أن يغير من طبيعة الدولة المصرية، من يدخل فى حضرة مصر ستؤدبه بأدابها، وأنا أثق فى هذا مهما كان حجم الغلو والتشدد لان الشعب المصرى بطبيعته شعب وسطى، شعب يعرف دينه بالفطرة ويمارسه منذ آلاف السنين بخصوصية مصرية فليس من السهل على أحد أن يفرض عليه هذا التشدد إلى ما شاء الله، الشعب المصرى يكتشف الآن ان بعض رموز التشدد كاذبين والبعض منهم ارتكب جرائم، والبعض منهم حوكم فى جرائم جنائية وليست سياسية، هذا التراكم فى الوعى سيفرز بعد مرحلة مزيدا من الفرز فى الصفوف سيبقى من سيمارس دوراً سياسياً فى اطار الجماعة الوطنية، وهذا سيكون مرّحباً به فى كل الاحوال، لأن الثورة اطلقت سراح الجميع، بمعنى أنها تحاول أن تسمح لكل الأطراف أن تدخل فى دائرة الجماعة الوطنية بشروط هذه الجماعة الوطنية ومن سيحاول فرض شروطه على الجماعة الوطنية ستلفظه ولو بعد حين، انا اثق فى هذا بالرغم من ان التضحية ستكون جسيمة فى هذه المرحلة لانه لا توجد قيادة كاريزميه يتحلق حولها الشعب المصرى، ولا توجد قياده حزبية لحزب يستطيع ان يؤدى هذا الدور، ومازالت النخب غير قادرة على انها تقدم القيادة الجماعية للمشهد الوطنى كما حدث فى مراحل تاريخية سابقة، وبالتالى فالشعب المصرى بنفسه فى هذه المرحلة هو الذى سيفرز صفوفه من أول وجديد وهو الذى سيفرز قيادته القادمه وهو الذى سينضج على نار هادئة ولكن لا نخاف عليه.
الإخوان وامريكا
?هل هناك سمة تعاون وعلاقة بين الاخوان وامريكا؟
?? أنا أعتقد أن هناك شكلاً من اشكال التنسيق المبكر وليس من اليوم فقط، هناك علاقات سابقة والجميع يعلم انه كانت هناك لقاءات لقيادات من الجماعة مع السفراء السابقين وبعض الشخصيات السياسيه اى ان هناك علاقات، ولكن دعنى أقرأ المشهد بشكل مختلف عن العلاقات، ما الذى تريده امريكا من مصر فى هذه المرحلة؟ ومن الذى يمكن ان يحقق لها اهدافاً استراتيجيةفى المنطقة حالياً؟ هى تريد لكل الثورات العربيه ان تصبغ بصبغة دينية وان تحكم هذه الدول بصبغة دينية، لماذا؟ لان لديها هدفين رئيسيين، الهدف الأول يتعلق بأمن إسرائيل، فكلما كان الأمر واضحاً أن هناك أنظمة ذات صبغة دينية، اصبحت اسرائيل ليست وحدها التى تنتهك قيمه الدولة الوطنيه بان تصبح دولة قائمة على أساس دينى، وهذا فى حد ذاته خدمة غير مباشرة لهذا التكوين النتوء الذى انشئ فى قلب الأمة العربية، فى ذات الوقت هناك اتجاه لتهويد الدولة وهناك اتجاه للترانسفير الثالث، ومحاولات إقصاء العنصر العربى وتحويله لاماكن اخرى، وسيناء يمكن ان تكون البديل الذى يحلم به قادة اسرائيل حالياً بديلاً عن الدخول فى مساحات ضاقت بمن فيها سواء كانت غزة أو الضفه الغربية بعد اقتطاعها أو ما تم هضمه منها، هذا السياق يمكن ان يكون مبرراً لدى الغرب شركاء الاطلنطى بمزيد من الدعم لما يسمى بأمن اسرائيل فى مواجهة الانظمة التى تحيطها بالتشدد الدينى، قد لا يفهم البعض هذا ولكن عليه ان يقرأ المشهد هكذا، النقطة الثانية التى تريد أمريكا تحقيقها فى هذه المرحلة هى عدم المساس بالنموذج التنموى وعدم الرجوع عن النظام الاقتصادى الحر المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمصالح الاقتصادية الاستراتيجية لشركاء الاطلنطى واستمرار النهج على ما كان عليه فيما سبق، والارتباط الاساسى بانظمة التمويل الدولية التى تتحكم فيها استراتيجيات أمريكا وحلفائها، هذا الامر متحقق باليقين لان هذه التيارات ليس لديها مشروع لتحقيق العدالة الاجتماعية إلا من خلال الصداقات ومن خلال بعض النمو الاقتصادى بنفس الصبغه التى كانت تتم فى النظام السابق، فلم نسمع منهم تصوراً جديداً لكيفية بناء اقتصاد يقوم على اعادة توزيع الثروة والسلطة فى المجتمع ولم يتحدث احد منهم على أنه سيواجه هذا النموذج بأى شكل من اشكال التغيير، معظم قياداتهم اما لديهم مصالح اقتصادية كبرى من خلال التنظيم الدولى وإما لديهم مصالح اقتصادية كبرى من خلال المشاريع الداخلية، وهم كانوا مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بكل الدوائر الاقتصاديه التى كانت موجوده فى العهد السابق، فهل هناك تغيير حقيقى يمكن ان يهدد المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة الامريكية من قبل هذه التيارات؟ لا يوجد وبالتالى فالهدفان الاستراتيجيان لها فى أمان، الاخطر من هذا ان اى تشدد دينى فى الدول العربية سيؤدى بالضرورة لمزيد من الاحتقان الطائفى على مستوى الاقليات الدينية، هذا الاحتقان الطائفى سيكون بدايه لاستخدام كل اعداء هذه الامة وهذا الوطن لخلاياهم النائمة فى اشعال الحرائق الطائفية، وحين تشتعل هذه الحرائق فهى مقدمة للتدخل الاجنبى لان الاستنجاد بالناتو والغرب ستكون مبرره، وهى اللعبه الاخطر التى يمكن ان تؤدى لتقسيم البلاد ودرس السودان ليس غائباً لمن يريد ان يقرأ المشاهد قراءة رشيدة، ولهذا نقول ان الشراكة فى الاوطان هى الحمايه الحقيقيه لهذه الاوطان وليست ممارسة الغلبةالسياسيه وهذا هدف يمكن ان يصنّف من اهداف الامن القومى المصرى والعربى..
دستور عصرى
?شاركت عقب الثورة مباشرة من خلال المجلس الوطنى فى وضع مسودة دستور مصرى نال اعجاب كثير من التيارات السياسية.. فكيف يمكن وضع دستور عصرى يليق بمصر القرن الحادى والعشرين؟
?? لقد حاولت من موقعى ومن احساسى بالمسئولية ان اشارك فى صياغة المسار الدستورى لهذه الثورة العظيمة التى قام بها الشعب المصرى من اجل ان يحكم بدولة محصنة دستورياً، ولقد وضعنا - نخبه من الدستوريين القانونيين الكبار - ما سمى «بمبادئ الدستور القادم» حاولنا فيها استشراف الجديد فى المشاهد على مستوى تجارب العالم وعلى مستوى التجربة الذاتية المصرية، وضرورة تحصين هذه الثورة باهدافها فى اطر دستورية محكمة، إلا أن تطور الأحداث فى المرحلة الاخيرة ينبئ بالخطر، حيث لم تضع أمة دستورها فى ظل هذا الوضع الارتباكى وهذه الغلبة السياسية التى تمارس على أعلى مستوى، فالدساتير هى عنوان التوافق الوطنى وهى عنوان لقدرة الشعوب على التوازن بين المصالح المتعارضة، وبالتالى فهناك مخاطرة كبرى فى وضع الدستور فى ظل هذا المشهد الدامى الذى نحياه، خاصة أن هناك التباسا فى طبيعة العلاقة التى يمكن ان تنظم فى اطار الدستور ما بين ادوات الدولة ذاتها، وأنا سبق وذكرت كيف يفكر البعض فى السلطة القضائية، وكيف يفكر آخرون فيما يسمى بدور الجيش فى إطار الدولة الوطنية، وتصور هؤلاء ان الاقصاء يمكن ان يكون وارداً من حماية الأمن القومى فى منظوره الداخلى والخارجى، ثم النظام السياسى المصرى وكيفية تحصينه ضد الفساد وعدم الشفافية وقدرتنا على المحاسبة، هذه قضايا كبرى يجب ان تناقش بهدوء وبامعان وفى إطار بناء التوافق الوطنى، وهناك الضمانات المتعلقة بحماية الحقوق والحريات العامة، لأن هناك بعض الحقوق تنتهك قبل ان ندخل فى اطار صناعة الدستور القادم، الممارسات التى تحدث فى اطار حرية العقيدة فى بعض الاحيان، حماية دور العبادة، الفكر والإبداع، هذه المسارات التى تمثل ارهابا معنوى قبل ان تكون ارهابا للقانون والدستور تمارس على الارض، وبالتالى فالمشهد الثقافى والسياسى من اسوأ ما يكون وانا أرى انها ليست اللحظة المناسبة لكتابة دستور مصر بكل المقاييس، وكتابتة على عجاله هو «تهريج دستورى» إذا جاز التعبير. فبالتأكيد نحن نحتاج إلى تحرير المسار الدستورى من كثير من الضغوط وفى مقدمتها ضغط ما يسمى بالاغلبيات السياسية لان هذا فى حد ذاته يعد انحرافا دستوريا جديدا، الانحراف الاول كان انشاء المؤسسات الدستورية قبل وضع الدستور ذاته من حيث ان يحدد لنا اختصاصات ووضع هذه السلطات وعلاقاتها ببعضها البعض، وحارب البعض معركة وضع الدستور أولاً وكأنهم فى معركة مقدسة هم الان يدفعون ثمنها ضمن ما ندفع ثمنه كشعب لان عدم تحديد السلطات والصلاحيات الكامله أدى فى النهاية لأن يصبح البرلمان منقوص الصلاحيات، وحين ننتخب الرئيس سيكون منقوص الصلاحيات هو الاخر، وبالتالى فهناك معضلات دستورية فى الطريق وانا اعتقد ان المخرج الوحيد من هذا المأزق الدستورى هو فى تحرير المسار الدستورى القادم من تأثير اللحظة التاريخية التى نحياها والعودة لدستور 71 بالمواد المستفتى عليها التى عدلته لأن هذه هى النتيجة الحقيقية لاستفتاء مارس قبل الماضى، وهى إحياء دستور 71 وليس هناك من يجادل من الدستوريين والقانونيين من أن الارادة الشعبية التى أتت ب 71% بنعم قد أحيت دستور 71 مرة أخرى، وأنه معطل الآن وليس ملغياً، وبالتالى فسلطة التعطيل التى عطلته وهى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لانه سلطة من خارج الدستور يمكنها وهى تسلم السلطة للرئيس المنتخب ان تعيد دستور 71 من التعطيل بالمواد المستفتى عليها، فيصبح دستوراً مؤقتاً فى كل الاحوال ويمكن للرئيس أن يحكم من خلال هذه الوثيقة الدستورية المتكاملة، وأن تصبح كل سلطات الدولة موجودة صلاحياتها، وتبدأ فى أداء دورها كبرلمان يراقب الحكومة ويمكنه أن يسحب الثقة كما يريد، وليس كما يريد الآن خارج سياق الشرعية الدستورية، ويكون هناك التوازن القائم بين السلطات بما يتيح لمصر لحظة تلتقط فيها انفاسها وتعيد ترتيب أوضاعها والمشهد السياسى، وتحاول أن تتوافق على الهيئة التأسيسيه المتعثرة حتى الآن، وربما نحتاج فى لحظة لاحقة أن نحرر المسار الدستورى بالكامل من قبضة البرلمان مرة أخرى ليصبح المسار الدستورى قادراً على أن يحقق التوازن السياسى لان أى دستور يكتب من خلال الأغلبيات هو مقدمة لثورة جديدة، وهكذا علمنا التاريخ، فان لم يكن لدينا كل الرشد السياسى للوصول لمسارات أمنة لبناء التوافق الوطنى حول المشترك الذى يمكن ان يحمى هذه الدولة فاننا نعرّض أمن مصر القومى للخطر وربما يصبح الموقف فى هذا الإطار ليس فى قبضة القوى السياسية، وإنما فى قبضة من هم مسئولون عن أمن مصر القومى..
تفويض الصلاحيات
?ولكن صلاحيات الرئيس فى دستور 71 صلاحيات كبيرة ومطلقة فكيف يمكن العمل به مرة أخرى؟
?? هذه الصلاحيات يمكن تقسيمها كما هو قائم الآن، فالمجلس الاعلى للقوات المسلحة اصدر تفويضاً لرئيس الوزراء يشمل كل الصلاحيات التنفيذية المنصوص عليها فى القوانين واللوائح، وهى الصلاحيات التى كنا نعيب على انها تركز السلطة فى يد رئيس الجمهورية وتحول الوزارة لسكرتارية لدى الرئيس وهذا هو مكمن تركيز السلطة، وحين تصبح هذه الصلاحيات فى يد رئيس الوزراء بالتفويض نكون قد حللنا جزءا كبيرا من الاشكالية، وتبقى الصلاحيات الدستورية السيادية فى يد رئيس الجمهورية لتوازن السلطات، لأنه بدون صلاحيات لرئيس الجمهورية ستصبح إحدى السلطات غير قادرة على تحقيق التوازن الذى هو موجود فى دستور 71..
?ولكن هناك من سيقول إن دستور 71 اسقطته الثورة، فلماذا اعادة احياءه؟
?? اسقطته سياسياً بالثورة على نظام الحكم الذى انتجه، ولكن السقوط القانونى لا يكون الا بالالغاء الذى لا تملكه الا الارادة الشعبية عبر استفتاء شعبى، وبالتالى فتصرف المجلس الاعلى للقوات المسلحة بتعطيل الدستور وليس إلغاءه كان تصرفاً حكيماً، لانه لن يأخذ موقع الشعب المصرى، هم سلطة مؤقته مهمتها تسليم البلاد لسلطة مدنيه منتخبه وهذا هو التزامهم الاول فى اول اعلان دستورى، ولأجل هذا ادخلوا تعديلات على دستور 71 ودعو الشعب للاستفتاء عليها وخرجت النتيجه بنعم،ولما كان المجلس الأعلى هو سلطة التعطيل فيحق له ان يكون سلطة الاستدعاء، والسقوط السياسى لدستور 71 احيته الاراده اللاحقة فى مشهد الخروج الكبير للشعب المصرى فى الاستفتاء على المواد المنسوبه الى دستور 71 ، وربما بعض اللاعبين السياسيين لا يعجبهم هذا الآن لانهم حين شاركوا فى الحشد من اجل «نعم» لم يتصوروا انه يمكن ان يؤول بنا الحال إلى هذا المسار، ولكن احياناً يمكرون والله خير الماكرين، فالذين قالوا «لا» فى الاستفتاء كانوا يريدون وضع دستوراً كاملاً للبلاد قبل انتخاب الرئيس ومجلس الشعب، وللأسف الذين هزموا هذا المسار الاكثر سلاسة ويسراً ووضوحاً هم الان الذين يعانون من اثاره وربما كان هذا هو الدرس من الخالق وليس من المخلوقين..
ذاتية مصر
?كيف يمكن وضع دستور عصرى لمصر؟
?? الدستور العصرى لابد ان يعكس ذاتية مصر أولاً، ان يتحدث عن هذا الوطن الذى يمتد عمره بعمق التاريخ بشكل فيه تحديد لمعالم الهوية، مصر دولة لديها ذاتية حضارية للشعب المصرى، ثم لديها ارتباط وثيق جغرافياً وتاريخياً وثقافياً بالامة العربية، ثم لديها دور يشكل رمانه الميزان فى عالمها الاسلامى، ثم لديها ايضاً التزام لوجودها فى القارة الافريقية يملى عليها واجب ان هذه الدائرة الجغرافية فيها شريان الحياة الذى يحيا عليه الشعب المصرى، واخيراً لديها دور استراتيجى فى إطار البشرية ككل، دوائر الهوية المصرية تتكامل ولا تتقاطع، هذا هو عنوان أول مشهد فى الدستور المصرى القادم، ثانياً حماية مقومات الدولة الوطنية فلأول مرة فى التاريخ نحن مطالبون بأن ننص على وحدة مصر الجغرافية والسياسية فى الدستور لان هناك مخاطر تتعلق بها، لم يكن احد يتصور قبل 50 عاماً ان ينقسم السودان، هناك مخاطر ان تنقسم مصر، وبالتالى يجب ان ينص على وحدتها الجغرافية والسياسية فى الدستور القادم، سيستمر الاسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، واللغة العربية لغتها الرسمية باعتبارها مقومات الدولة، ولكن فى سياقها الذى تم التوافق عليه فى دستور 71 دون ان تكون عنوان لنظام سياسى لاى قوة من القوى التى تدعى ان هذا النص يخصها، ولا يخص الشعب المصرى الذى توافق عليه فى 71 دون أن يكون هناك ما يسمى بالاسلام السياسى، وربما نحتاج لوضع الضمانات المرتبطه بحمايه هذا النص فى اطار ذاتيه الدولة المصرية وحماية حقوق الاقليات الدينيه، هناك ضرورة ايضاً لأن تصبح دولة القانون والسيادة للشعب هى أساس الحكم فى مصر، لا يأتى من يستحدث لنا ما يسمى بأهل الحل والعقد، ولا يستحدث لنا سلطه لفرد يريد ان يكون أكبر من رئيس الجمهورية كما يتحدث البعض، هذا هو عنوان الدولة الدينيه مباشرة دون اخفاء، إذن ضرورة حمايه الدولة القانونيه والدستورية التى يكون الشعب فيها مصدر للسلطات، والتى تقوم على التعدديه بكل انواعها السياسية والثقافيه والدينيه ، لابد ان يكون عنوان التعددية قاسم مشترك فى كل شئ، ثم أيضاً حماية سيادة القانون من خلال الدولة القانونية القائمة على سلطات تقوم على القانون فى مقدمتها حماية دور الشرطة والقضاء وتأكيد وتعزيز استقلاله، وتأكيد ان الحماية الوطنيه بالقانون لا تقبل القسمة على اثنين، مبدأ المساواة جوهر التاج الدستورى، وتعزيزها بالضمانات، حمايه الكرامه الانسانية، وهذه هى احد عناوين ثورة 25 يناير، حماية حرية الفكر والبحث العلمى والابداع والعقيدةوالاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، كيف نحمى الحياة الخاصة للمواطن، حقه فى علاقاته بالدولة وعدم جواز انتهاكها، وهناك حقوق جديدة يجب ان تندرج فى الدستور الجديد منها الحقوق البيئية والحق فى المعرفة وبعض الحقوق الاساسية المتعلقة بضمان توزيع الثروة والسلطة وضمان عدم تجرؤ الاغلبية على الاقلية، ووضع أسس حمايه الأقليات فى إطار الدولة الديمقراطية، هذه كلها عناوين للدستور القادم، نظام الحكم وكيفية تحصينه ديمقراطياً أيا كان الاختيار، فيمكن ان يكون النظام برلمانياً واستبدادياً إذا ما كان هناك جور من البرلمان على سلطات الدولة فهناك استبداد للدولة البرلمانية، فتوازن السلطات هو الذى يحمى، وفى اطار الدولة الرئاسية قد تكون الدولة استبداديه وقد تكون ديقراطية كما هى الولايات المتحدة الامريكية، هناك ايضاً مبادئ الشفافية، المحاسبة، حماية أدوات الدولة الوطنية، حماية الازهر وتأكيد استقلاله وتعزيز دوره، حماية الكنيسة الوطنيه وتعزيز دورها، حماية الجامعة ومراكز البحث العلمى، والامر يحتاج ليس فقط لادراج الحق ولكن وضع الضمانات بداخل هذا الحق، ولذلك فكرة كتابة الدستور فى عجاله اعتقد انها ستضيع على الشعب المصرى فرصة ذهبية لكتابة دستور يليق بمقام مصر الحضارى..
تصبح أية نسبة لتمثيل الاحزاب موزعة بينهم على قدم المساواة لأن المسألة هنا وجهات نظر وليست كتلا تصويتية، والا كان هناك اصرار على كتابه دستور على هوى البعض وليس دستورا توافقيا، اطياف المجتمع يجب ان تكون بالكامل ممثلة داخل الهيئة التأسيسية، اطيافه السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية والدينية، وهيئاتة القضائية والشرطة والجيش والمرأة والشباب والفئات المهمشه والفئات الجغرافيه ذات التنوع الثقافى مثل النوبه وسيناء وحلايب وشلاتين، والوادى الجديد، يجب ان يكون هناك انعكاس داخل اللجنة لقدرات مصر الابداعية والفكرية، هذا التكوين حين يأتى بهذه الصيغة ويكون على قدم المساواة فهو أول عنوان لاستقامة النظام الدستورى..
?هناك بعض التيارات الليبرالية والمدنية رشحوا سيادتك لعضوية اللجنة الجديدة؟
?? هذا فخر لى واعرف أن كثيرا من الهيئات رشحتنى ايضاً للجنة الأولى، وتم إقصائى ضمن اقصاء 150 شخصية من اللحظة الاولى، لكن هذا لا يعنينى من قريب او بعيد ولا يؤثر فى، لانى اعتبر ان هذه لحظة لاسقاط الذات واسقاط اى شكل من اشكال الحديث عن الفرد، مصر زاخرة بالقضاة الدستوريين الحاليين والسابقين، ويمكن الاستفاده منهم، المسألة ليست شخصية أبداً، وأنا أقول أنى لا أريد أن أكون عضواً فى هذه اللجنه ويمكننى أن أكون أحد جنودها تكلفنى بأى دور أؤديه بمنتهى الأمانةيعنى كأدوات فنيه يستعان بها وأنا لست ممن يحرصون على التواجد فى أى مكان، وسنقول رأينا وسيصل لهم بأذن الله..
أول قاضية
?كنت أول قاضية تعتلى منصة القضاء فى مصر.. متى سنرى سيدة تعتلى كرسى الرئاسة؟
?? انا اعتقد ان هذا امر سهل وميسر إذا اخذت أية سيدة لديها القدرة والكفاءة الأمر بجدية، ولم تأخذه لمجرد أنه «شو إعلامى» أو لمجرد اثبات انها موجودة على سبيل الرمز، هناك شخصيات مصريه عظيمة جداً يمكنها ان تنافس على هذا المنصب وبعضهم ربما لو تقدم لسباق الرئاسه الحالى كان سيسبق كثيرا من الموجودين فى المشهد، وانا كنت أرشح السفيرة مرفت التلاوى لأن تشارك فى هذا السباق لتثبيت حق المرأة المصرية فى تبوأ هذا المنصب، وهناك عشرات من الشخصيات النسائية التى يمكنها ان تتقدم لاداء هذا الدور ومصر زاخرة بالكفاءات، والقضية ليست مرتبطة بالنوع بقدر ما نحن نريد رئيساً كفأً يتقى الله فى هذا الوطن وهذا الشعب ويحاول ان يتحمل مسئولية هذه المرحلة الانتقالية الحرجة بامانة ومسئولية وبقراءة رشيدة لقيمة الشعب المصرى ويحترم تاريخ وجغرافية مصر..
?هل كان المناخ العام الذى نراه عقبة أمام إقدام السيدات على ترشيح نفسها؟
?? لا أعتقد هذا، قصة الخوف من المناخ الثقافى المحيط وتفشى التشدد الدينى من زاوية والتراجع النسبى فى الثقافات المستنيرة فى المجتمع من ناحية أخرى ليست السبب، فقادة الرأى والفكر دائماً ما يقتحمون المشاهد الصعبة، فإذا كانت الأمور ميسرة فأين هو الكفاح؟ والدول التى وصلت لمرحلة استقرار المرأة فى موقع القياده بالتأكيد عانت فى بدايه المرحلة من ثقافات مغايرة وسائده لا تحبذ ذلك، ولكن تغيير ثقافة المجتمع يأتى من خلال الممارسه وليس من خلال انتظار اللحظة المناسبة، وتجربتى الذاتيه دليل على هذا فقد كنت أول محامية منتخبه لعضوية مجلس نقابه المحامين ولدورتين على التوالى ، وفى ظل مرحلة سياسيه من اصعب ما يكون ودخلت فى ظل اغلبيات مختلفة معى فكرياً وبالرغم من هذا نجحت وبأصوات الرجال قبل النساء، وفى مجتمع محافظ مثل المحامين لا يقل محافظة عن مجتمع القضاء كان من الصعب ان يتصور احد ذلك ولكن التجربه المباشرة اثبتت انه يمكن، لانى كنت احترم مهنتى جداً واشارك فى العمل العام بقلبى وبعقلى وملتزمة تجاه وطنى وفى حياتى ومسلكى، الشعب المصرى لديه حس حضارى تجاه المرأة وهذا ما نشهده فى قرى ونجوع مصر وليس فى العواصم فقط، فالذى يذهب لصعيد مصر الذى هو عنوان الثقافه المحافظة والملتزمه بتراثنا يرى كيف تعامل المرأة فى مرحلة النضج عندما تصبح «الكبيرة» فى اى مجتمع صعيدى، فلا يجرؤ رجل ان يأخذ قرارا بدون ان يستشيرها ولديها دور مهم جداً فى توجيه العائله وتوجيه القرار فى المجتمع، والمرأة تستطيع ان تفرض نفسها فى اى موقع وشعب مصر يقبلها قيادةبمنتهى اليسر وليست لديه مشكله نهائياً، المشكله لدى النخب الثقافبه والفكرية أكثر منها لدى المواطن العادى وتجربتى الذاتيه تؤكد ذلك..
?ألم تفكرى فى ترشيح نفسك للمنصب؟
?? انا قلت اننى لن اغادر مكتبى فى المحكمة الدستورية العليا لاى موقع فى الدولة المصرية فى هذه المرحلة حتى يكون هناك مصداقية لدى الشعب المصرى من ان هناك من ابنائه من لا يرون ان لهم مصلحة شخصية فى شىء، وإنما مصلحتهم الوحيده هى ان يقوم هذا الوطن على قدميه..
?كيف ترين مرشحى الرئاسة الحاليين؟
?? ربما الرؤوس متقاربه لكن لابد من قراءه دقيقه فى تاريخ كل مرشح وفى حقيقه التوجهات التى يعبر عنها وحقيقه انتماءاتة وارتباطاتة وقدرتة على الحفاظ على فكرة، فنحن بحاجه لمرحلة انتقاليه يكون عنوانها هو بناء الدولة الوطنيه المصرية فى سياقها التاريخى الذى يحترم ثورة 25يناير..
استقلال القضاء
?بعد ما حدث فى قضية منظمات المجتمع المدنى وسفر المتهمين الاجانب.. كيف يمكن تحقيق استقلال القضاء؟
?? القضاء المصرى مستقل، ربما فى بعض الاحيان نتصور اننا سننشئ استقلال القضاء، ولكن القضاء المصرى لديه مساحه كبيرة من الاستقلال ولديه قدرة على إدارة العداله، قد يكون لديه مشكله حقيقيه فى البنيه وفى الأمكانات والقدرات الذاتيه للقضاه خصوصاً فى مرحلة نعيشها من التجريف الثقافى، كان لدينا زمان القاضى الموسوعى كان مثقفا رفيع المستوى قبل ان يكون قاضياً، فهناك ضرورة لفتح ملف التكوين الثقافى والقانونى للقاضى المصرى، وهناك قضايا كثيرة مهمة فى اطار تمكين القضاء من اداء دوره بشكل أكثر قدرة لكنى اعتقد دائماً ان استقلال القضاء ليس قانوناً، الاستقلال ليس علاقة بين السلطات بقدر ما هو استقلال ذاتى للقاضى، القاضى المستقل لا يوجد أحد يمكنه ان يملى عليه أية كلمة أو اراده الا ضميره والقانون والدستور، ودائماً أقول أن القاضى الذى لا يحمل استقالته فى جيبه لا يستحق أن يجلس على المنصه، لا أحد يقول إنه تم الضغط عليه هذا لا وجود له فى القضاء، فالقضاء دائماً عنوانه هو
«القاضى المستقل»، أنا أثق فى القضاء المصرى وان عموده الفقرى وبنيانه مازال صحيحاً وعظيماً، ولو كان هناك بعض الثغرات المرتبطه ببعض الافراد فهذا امر يواجهه التطهير الذاتى للقضاء وكل هيئة قضائيه لديها قدرة التطهير الذاتى ولكن قد لا يعلن عن بعض الأمور حماية لسلطة القضاء وأن كنت أرى أن الاعلان عن بتر أى عنصر فاسد هو تاج على رأس القضاء..
التطهير السياسى
?ما رأى سيادتك فى فكرة التطهير السياسى؟
فكرة المحاسبة السياسية فى حياة أى شعب يتعرض لثورة لها معايير مدرجة فى قواعد دولية، وهى معايير العدالة الانتقالية فى الأمم المتحدة وهى تضع ضوابط لهذه الممارسه لفكرة المحاسبة السياسية، ومصر لها تجربه سابقه فى ثورة يوليو التى وضعت قانون الغدر وكان يتضمن تعريفا لجريمة الغدر السياسى وتعريفا لجريمة الغدر الاقتصادى وتعريفا لاستغلال النفوذ ثم كان يفصل ما بين الوقائع الجنائية فيحيلها للمحكمة الجنائية، وما بين وقائع الفساد السياسى فيحيلها للمحكمة الخاصة التى انشئت بموجب نص القانون، وايا كان من يتهم فى هذه الجرائم المنصوص عليها يحال للمحاكمة، ثم يصدر عليه الحكم الذى يمكن ان يكون مدنياً مثل العزل السياسى أو تطبيق فكرة العقوبة المدنيه بالتجريد من الممتلكات إلى آخره، وهذه التجرة مستقرة الآن فى اوضاع دوليه، بمعنى ان تجربةمصر الذاتيه التى طبقتها فى سنة 52 فى قانون الغدر أصبحت الآن معايير دولية فلابد أن تستدعى فى إطار التطهير، لانه إذا كان سيأخذ التطهير عنواناً دون معايير وضوابط فسيصبح وسيله لتدمير كل قدرات الشعب المصرى من تصفيه حسابات إلى اقصاء للكفاءات لحساب من هم ادنى كفاءه، وللوشايه ممن يستطيعون أن ينافقوا أية سلطه سواء كانت سابقه أو لاحقه، وتصبح المسألة مهزلة وخطيرة، لا يوجد شئ اسمه التطهير بالمسطره، ولكن التطهير دائماً من خلال وقائع ومعلومات وحقائق وأشخاص بعينها تتعرض للمحاكمة ثم يصدر عليها حكم سواء كان جنائيا أو عقوبات مدنيه، فكرة ان يرفع فى وجه اى شخص عمل لدى الدولة المصرية خلال 30 عاماً من عهد مبارك انه فلول، ما هو تعريف كلمة «فلول»؟ لابد ان نخرج من نطاق هذه الكلمة بسرعة ونفكر على مستوى التقنين الذى يقول إن الذى أفسد وفسد لابد ان يحاكم بما فعل، وفى هذا تصبح مصر دولة القانون والمؤسسات والتاريخ، غير مقبول ان نسمع لاحد أيا كان ويؤسفنى ان يكون رجل قانون وقاضيا أن يقول فى قلب البرلمان «ياريتنا قتلناهم»، هذا معناه أن دولة القانون تنهار فى مصر، وإننا نستدرج للفوضى، مصر ليست اى بلد وشعبها ليس كأى شعب، وهو لم يرتكب جريمه فى حياته وتاريخه حتى مع حكامه، الشىء الخطير فى هذا الشعب انه لم يحاسب حكامه، وكان دائماً ما يتطلع لما بعد، والذى كان يصفى كان الحاكم الجديد، بدءاً من محمد على ومذبحة القلعه وكل الاحداث ما بعدها، الحاكم هو الذى كان يصفى اما الشعب المصرى لم يصف حسابات مع اى حاكم سابق وهذه طبيعته، لانه شعب غير دموى، شعب حضارى وعنوانه دائماً العدالة والقانون وهذا موضوع فى غايه الاهمية والخطورة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.