وزير التعليم: المراجعات النهائية المجانية تستهدف التخفيف عن كاهل أولياء الأمور    الأوقاف: افتتاح 12 ألف مسجد في عهد السيسي بتكلفة 18 مليار جنيه    شروط التقديم على شقق الأوقاف 2024 والأوراق المطلوبة    الأوقاف توزع 56 طن سلع غذائية من صكوك الإطعام في 11 محافظة    مصر تشهد ارتفاعا ملحوظا فى أعداد السيارات الكهربائية    فتح: رسائل الرئيس السيسى في قمة المنامة لم تكن كلامية ولكن فعل حقيقي (فيديو)    البرلمان العراقي يتجه لجولة ثالثة من التصويت على انتخاب رئيسه    الأمم المتحدة: 800 ألف فلسطيني أجبروا على النزوح من رفح جنوب غزة    لاعب يوفنتوس يوجه رسالة مؤثرة إلى أليجري بعد إقالته    توخيل يختمها ب خسارة مع بايرن ميونيخ ... ليلة وداع ماركو رويس.. بوروسيا دورتموند يستعد ل ريال مدريد برباعية أمام دارمشتات ... نجم منتخب مصر يسجل فى تعادل فرانكفورت مع لايبزيج    تجديد حبس الأب المتهم بقتل ابنته وتقطيعها لأشلاء في الجيزة    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بالفيوم    السكك الحديد تعلن تشغيل قطارات إضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    جامعة دمنهور تحتفل باليوم العالمي للمتاحف    فصائل فلسطينية تعلن استدراج قوة للاحتلال.. وقتل 5 جنود وإصابة آخرين    أعراض الذبحة الصدرية عند الرجال والنساء، وما هي طرق علاجها؟    19 صورة لاكتشاف نهر بجوار الهرم الأكبر.. كيف بنى المصريون القدماء حضارتهم    عزة مصطفى: عادل إمام شخصية وطنية.. وكل الشرائح العمرية تحب أعماله    الوالدان يستحقان معاملة خاصة.. الأزهر يناقش حقوق كبار السن بملتقى المرأة الأسبوعي    لافروف: روسيا منفتحة على الحوار مع الغرب بشأن الاستقرار الاستراتيجي    «الصحة» توجه نصائح هامة لمرضى الجيوب الأنفية للحماية من التقلبات الجوية    «معلومات الوزراء» يعلن أجندة وبرنامج عمل مؤتمره العلمي السنوي بالتعاون مع جامعة القاهرة    حصاد تريزيجيه مع طرابزون قبل مواجهة إسطنبول باشاك شهير فى الدوري التركي    مذكرة قواعد اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي 2024.. لا يخرج عنها الامتحان    المعارضة الإسرائيلية: على جانتس الاستقالة اليوم    بالخطوات.. طريقة الحصول على نتيجة الشهادة الابتدائية 2024    وزير التعليم: لدينا 46 ألفًا و994 طفلًا من ذوي الهمم.. و159 ألفًا و825 بمدارس الدمج    خالد المولهي: جميع الفرق الإفريقية تخشى الأهلي داخل أو خارج أرضه (خاص)    برج الثور.. حظك اليوم السبت 18 مايو: عبر عن أفكارك    كوكا يقود تشكيل ألانيا أمام سامسون سبور في الدوري التركي    رسميًا.. إشبيلية يعلن رحيل مدربه بنهاية الموسم    أخبار مصر.. غدا طقس شديد الحرارة ورياح والعظمى بالقاهرة 38 درجة    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    «التمريض» تطلب من وزير المالية إعادة النظر في الدعم المقدم للفرق التمريضية    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    انطلاق امتحانات نهاية العام 2024 ب«أعمال الإسكندرية».. وعميد الكلية يتفقد اللجان (صور)    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وُصف بالأسطورة.. كيف تفاعل لاعبو أرسنال مع إعلان رحيل النني؟    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    بالفستان الأحمر.. هانا الزاهد وعبير صبري في زفاف ريم سامي | فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر محرر برلمانى 29 أنيس منصور تحت قبة البرلمان
نشر في أكتوبر يوم 30 - 10 - 2011

رحم الله أستاذنا الكبير أنيس منصور الذى كان طرازا فريدا من بين كل رؤساء التحرير الذين عملت معهم منذ أن بدأت خطواتى الأولى فى الطريق الطويل فى شارع الصحافة.. حيث عُينت فى مجلة «آخر ساعة» بعد تخرجى فى كلية الإعلام- جامعة القاهرة عام 1975.. وكنت أسعد حظا من زملائى فى مؤسسة «أخبار اليوم» أن يكون رئيس تحريرى فى ذلك الوقت هو الأستاذ أنيس.. الذى كان نجما لامعا فى عالم الأدب والفكر وعميدا لمدرسة الصحافة فى أخبار اليوم.. بجانب مؤسسييها الأستاذان مصطفى وعلى أمين.
وعندما أصدر الرئيس السادات قراره بتعيينه رئيسا لمجلس إدارة دار المعارف، ورئيسا لتحرير مجلة أكتوبر فى يونيو 1976 انتقلت معه بعد استقالتى من «آخر ساعة» لأننى كنت لا أتخيل فى يوم من الأيام أن يكون لى رئيس تحرير غيره.. أو أحرم من هذا الأستاذ الذى كان يحرص دائما على أن يأخذ بأيدى خريجى الدفعتين الأولى والثانية من كلية الإعلام.. وكان يتابع أعمالنا وخطواتنا- بأبوته المعهودة- ويفتح لنا صفحات مجلتنا.. وأبواب الأمل.. ويردد لنا دائما أن العمر أمامكم لتحقيق ما تصبون إليه.
***
ولا أنسى أبدا كلماته لى عندما رشحنى للذهاب إلى مجلس الشعب لأول مرة فى بداية عام 1977 للعمل مع الكاتب الكبير زهير الشايب- رحمه الله- صاحب ترجمة وصف مصر لتغطية أحداثه ومتابعة جلساته ولجانه. وقال لى يومها: إن مصر كلها تحت عينيك وبين أصابعك.. وأنك سوف تذهب إلى كنز صحفى لا يتاح للكثيرين من المحررين.. فحاول أن تمدنا بكل ما فى المجلس من أخبار وتحقيقات وتقارير برلمانية ومقالات.
وأكد لى أنه غير متعجل فى أن أبدأ العمل فى البرلمان، ولكن قال لى أدرس وتابع أولا وكون شكبة علاقات مع الأعضاء.. وتابع اللجان بكل دأب ونشاط، فهى المطبخ الرئيسى لأى برلمان فى العالم.. ثم ابدأ الكتابة.
وكانت هذه هى مدرسة أنيس منصور الصحفية القائمة على العلم والدراسة والعلاقات والبحث والتنقيب وراء الخبر.. فهو لا يرفض أى فكرة تعرض عليه، حتى ولو كانت «محروقة أو بايته» بالتعبير الصحفى.. ولكنه كان يطورها لنا ويرشدنا إلى المصادر الجديدة التى يمكن الاستفادة منهما.. سواء كانت مصادر حية أو دراسات أو كتب أو حتى نسافر إليها فى شمال مصر أو جنوبها.. وكان لا يجد غضاضة فى أن يتصل لنا بالمصدر ويقدمك له بأفضل كلمات.. وربما يحجز لك موعدا معه.
وأذكر أنه قال لى: أذهب إلى د. فؤاد محيى الدين رئيس لجنة الشئون العربية فى مجلس الشعب فى ذلك الوقت: تحدث معه، تعرف على أفكاره واتجاهاته واجرى معه حوارا صحفيا.. ونفذت ما قاله لى، وبعد أيام عين السادات د. فؤاد محيى الدين نائبا لرئيس الوزراء.. وعرفت منه أنه التقى بالأخ أنيس عند الرئيس السادات على حد تعبيره، وفهمت بعد ذلك لماذا قال لى الأستاذ اذهب إلى د.فؤاد محيى الدين- رحمه الله.
***
ورغم أن أنيس منصور كان أستاذا متميزا وفريدا فى عالم الصحافة.. وصاحب أرشق عبارة فى الصحافة المصرية والعربية وأجمل عناوين يكتبها قلمه.. إلا أنه كان برلمانيا قديرا فى نفس الوقت.. فقد اختاره الرئيس السادات من ضمن الأعضاء المعينيين فى أول مجلس للشورى فى عام 1980 ووصل عددهم إلى 70 عضوا.
وكان هذا المجلس يضم عددا كبيرا من رموز السياسة والصحافة والأدب والفن ورجال الدين.. أذكر منهم إبراهيم سعده وتوفيق الحكيم وثروت أباظة وأمنية السعيد والشيخ الباقورى ومحمود المليجى وهمت مصطفى وغيرهم كثر.
وقد أثرى الأستاذ أنيس هذا المجلس خلال عضويته التى امتدت على مدى 24 سنة وبالتحديد من 1980 حتى 2004 بأفكاره وآرائه واقتراحاته.. وكان عضوا فى لجنة الثقافة ومشاركا فى جميع اللجان.
ورغم كل أعماله ومهامه ومشاغله إلا أنه كان يحرص على الحضور إلى مجلس الشورى.. والمساهمة فى المناقشات التى كانت تجرى تحت القبة.
وكان بعض النواب فى مجلسى الشعب أو الشورى يستشهدون فى كلماتهم عند تعرضهم لبعض المواقف السياسية أو القضايا المصرية بما يكتبه على صفحات مجلة أكتوبر أو فى عموده «مواقف» فى جريدة الأهرام.. فقد كانت مقالاته ودراساته تمثل لهم كنزا ثقافيا وسياسيا واجتماعيا يقتبسون منه أو يستشهدون به ليؤكدوا كلامهم أو يدللوا على أهميته.
ولم يقتصر دور الأستاذ على عضوية مجلس الشورى فقط.. ولكن كانت عيناه على ما يحدث فى مجلس الشعب أيضا ومتابعا لجلساته ومناقشاته.
وأذكر أنه فى إحدى المرات كان حاضرا فى مجلس الشورى ولم يصبر حتى يعود إلى مجلة أكتوبر لتكليفى بعمل تحقيق عن سرقة الآثار المصرية، وكانت هناك حادثة شهيرة تمت فى الأقصر.. ولكنه اتصل بى من مجلس الشورى ليقول لى:
اذهب إلى الأقصر فورا بالطائرة ومعك مصور.. وحقق الموضوع واستكمل الجانب القانونى فى مجلسى الشعب والشورى، وهل نحن فى حاجة إلى تعديل القانون لمواجهة مافيا الآثار، وتهريبها للخارج أم لا؟..
ونفذت ما قاله لى بالحرف الواحد وخرج التحقيق الصحفى بعنوان :»ولا أثر للصوص الآثار»، وأضاف عنوانا آخر «.. ومازال لصوص الآثار يخرجون لنا ألسنتهم»!
لقد كان حقا أستاذا.. ولكنه الأستاذ المتواضع بعلمه وثقافته الموسوعية وخلقه.. وكان يتعامل معنا- رغم أننا كنا فى بداية الطريق- كأننا زملاؤه ولسنا تلاميذه.. ولم يغضب منى فى يوم من الأيام إذا راجعته فى عنوان أو معلومة.. ولكنه كان يقول لى دائما: اقترح ما تريد.. وكان يبدل ويعدل حتى تخرج موضوعاتنا فى أفضل وأجمل صورة تحريرا وإخراجا..
***
لقد كان الأستاذ أنيس رغم نجوميته التى وصلت إلى الآفاق.. لكننا كنا نفاجأ فى لحظة من اللحظات أنه بيننا فى صالة التحرير ويجلس فوق أحد المكاتب.. ويسأل كل واحد منا: ماذا عنده؟.. ولماذا لم ينته من موضوعه عن «... ...» ويسأل آخر إذا كان يعرف نمرة المصدر الفلانى.
***
رحمه الله.. كان فى قمة التواضع مع كل جيلى.. ولم يكن يرتدى ثوب الكبرياء الكاذب والغطرسة والتعالى مثل بعض رؤساء التحرير على المحررين الذين يعملون معهم!
رحمك الله «يا أستاذ» عشرات الأجيال- الذين وضعت أقدامهم على أول الطريق.. فشكرا لك وغفر الله لك ولنا حتى نلقاك عند مليك مقتدر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.