انه كان متوقعاً لكن ما إن تم الإعلان عن ترشح رئيس الوزراء الروسى فلاديمير بوتين للرئاسة حتى ظهرت ردود أفعال متباينة وخاصة فى الغرب الرافض لعودة بوتين إلى منصب الرئاسة الذى تركه فى 2008، والسؤال الذى يطرح نفسه لماذا تخشى الدول الغربية عودة بوتين للرئاسة؟ وهل تنجح الجهود المكثفة التى تبذلها للحيلولة دون وصول بوتين إلى عرش الكرملين مرة أخرى؟ ففى خطوة لم تفاجىء المراقبين أعلن فلاديمير بوتين ترشحه للرئاسة عام 2012، وذلك خلال المؤتمر العام للحزب الحاكم «روسيا الموحدة» الذى أعلن فيه الرئيس الحالى «ميدفيديف» تأييده لبوتين، وأنه قبل اقتراح بوتين بشأن قيادة الحزب الحاكم فى انتخابات مجلس النواب الروسى فى الانتخابات المقررة فى ديسمبر المقبل ممهدًا لنفسه الطريق ليصبح رئيسًا لحكومة بوتين حال فوزه فى انتخابات الرئاسة. وقد أثار إعلان ترشح بوتين للرئاسة ردود أفعال متبانية بين مؤيد ومعارض سواء فى الداخل أو فى الخارج، ففى الداخل تبدو فرص بوتين فى إعادة انتخابه فى مارس المقبل مضمونة 100% حيث لايزال بوتين - الذى حكم روسيا ثمانى سنوات - يتصدر قائمة استطلاعات الرأى، وقد كشف ميدفيديف بأن سبب عدم خوضه انتخابات الرئاسة يعود إلى أن بوتين أكثر السياسيين احتراما وشعبية فى البلاد. من ناحية أخرى شارك نحو ثلاثمائة شخص فى تظاهرت دعت إليها حركات معارضة عدة فى وسط موسكو ورفع بعضهم لافتة كتب عليها «يجب على بوتين أن يرحل» و«انتخاباتكم مهزلة»، بينما اتهم البعض الآخر الزعيمين «بوتين وميدفيديف» بمصادرة سلطة الشعب حيث اعتبر العديد من المحللين السياسيين أن تولى «ميدفيديف» لمنصب الرئيس الروسى إنما كان يمثل جسرًا يمكن لبوتين العودة من خلاله إلى منصبه السابق. كما اتفق المحللون الروس على أن عودة بوتين مجرد تأكيد لواقع عدم تخليه يومًا عن الحكم، وكان «بوتين» قد اختار عام «ميدفيديف، 46 عاماً خليفة له نظراً لأن الدستور لا يسمح بثلاث ولايات متتالية. فضلاً عن ذلك أقر البرلمان عام 2008 إصلاحًا دستوريًا يطيل الولاية الرئاسية من أربع إلى ست سنوات اعتبارًا من عام 2012، ونظريًا يمكن لبوتين 58 عامًا أن يرشح نفسه من جديد عام 2018 وأن يبقى فى السلطة حتى عام 2024. أما بالنسبة للغرب فقد أعرب محللون عن تخوفهم من أن وصول بوتين مرة أخرى إلى الحكم فى موسكو من شأنه أن يحدث توترًا فى علاقات روسيا بالعديد من كبار الساسة فى دول غربية مهمة مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا حيث إن «بوتين» لا يحظى بالود والحب من قبل الغرب والولاياتالمتحدة، وقد تعرض منذ توليه عام 2000 لحملات نقد واسعة من جانب الغرب وصلت إلى حد اتهامه بأنه «موسولينى العصر» لذا فإن بذل الغرب جهودًا للحيلولة دون عودة بوتين إلى منصب الرئاسة والتى تمثلت فى عدد من التلميحات منها إمكانية مصادرة الأموال الروسية المودعة فى البنوك الغربية ومنها أيضًا عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، وأيضًا قيام أعضاء البرلمان الأوروبى بمناقشة إمكانية وضع اسم بوتين وعدد آخر من المسئولين فى روسيا فى القائمة السوداء ومنعهم من دخول عواصم الاتحاد الأوروبى، وهذه القائمة تضم أسماء جميع المسئولين الروس الذين يشتبه فى مشاركتهم فى قضية إصدار قرار الاتهام بشأن الملياردير الروس «خادر كوفسكى» ومساعده ليبيدف واللذين اتهما بالتهرب الضريبى وسرقة أكثر من 30 مليار دولار ومئات الملايين من براميل النفط الروسى، ويرى المراقبون إن مناقشة البرلمان الأوروبى لقضية إدراج بوتين فى القائمة السوداء هى محاولة صريحة لمنعة من خوض الانتخابات القادمة وإذا ما اتخذ القرار فإته يعنى نهاية حقيقية لمستقبل بوتين السياسى فكيف يمكن لدولة مثل روسيا يكون قائدها ممنوعاً من دخول دول الاتحاد الأوروبى، يأتى ذلك رغم ما أكدته الولاياتالمتحدة على لسان مارك تونر المتحدثه باسم وزارة الخارجية أن علاقتها بروسيا لاتزال تحظى بالأولوية بغض النظر أعيد انتخاب فلاديمير بوتين أم لا، كما أعلن بوتين أن عودته المحتملة للكرملين فى حال فاز فى الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تتسبب فى تدهور علاقات روسيا مع الغرب.