بالرغم من الهجوم الحاد الذى شنه آخر رؤساء الاتحاد السوفييتى ميخائيل جورباتشوف على رئيس الوزراء الروسى فلاديمير بوتين فى الذكرى العشرين للانقلاب الشيوعى الفاشل الذى أدى فى النهاية إلى انهيار الاتحاد السوفييتى، متهما إياه بالعودة بروسيا إلى الوراء، فإن تقريرا نشرته صحيفة نيويورك تايمز أظهر ازدياد نسبة الروس الذين يتمنون عودة الاتحاد السوفييتى ويؤيدون سياسات بوتين. فقد أحيا الروس بلا حماسة فى 19 أغسطس ذكرى الانقلاب الذى قام به فى ذلك اليوم من عام 1991 مجموعة من المحافظين السوفييت المعارضين لإصلاحات جورباتشوف السياسية والاقتصادية، إلا أنه فشل بعد ثلاثة أيام حيث نجح رئيس جمهورية روسيا بوريس يلتسين، مدعوما من سكان موسكو ومن وحدات عسكرية انضمت إليه، فى قيادة التعبئة ضده. وأسفر الاشتباك بين العسكريين والمتظاهرين عن سقوط ثلاثة قتلى هم الضحايا الوحيدون للانقلاب الذى حدد مصير الاتحاد السوفييتى حيث عجل بحل اللجنة المركزية للحزب الشيوعى ومن ثم انهيار الاتحاد فى ديسمبر 1991. وبهذه المناسبة واصل جورباتشوف (80 عاما) - الذى لا يحظى بشعبية كبيرة حيث يلومه الكثيرون على انهيار الاتحاد السوفييتى وإقحام البلاد فى فوضى اقتصادية عارمة فى تسعينيات القرن الماضى - هجومه الحاد على بوتين متهما إياه بالقضاء على الديمقراطية فى روسيا. وانتقد جورباتشوف حزب روسياالمتحدة الذى يتزعمه بوتين حيث وصفه بأنه نسخة سيئة من الحزب الشيوعى السوفييتى. كما اتهم بوتين بعرقلة محاولات الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف لتنفيذ برنامج لتحديث روسيا. وكان بوتين بعد نحو 15 عاما من الانقلاب قد وصف انهيار الاتحاد السوفييتى بأنه «أكبر كارثة جيوسياسية شهدها القرن العشرين». وقد لفتت «نيويورك تايمز» فى التقرير الذى نشرته فى ذكرى الانقلاب إلى أن استطلاع الرأى الأخير الذى أجرته وكالة «ليفادا سنتر» يبدو أقرب إلى وجهة نظر بوتين حيث كشف أن 10% فقط ينظرون إلى فشل الانقلاب باعتباره انتصارا للديمقراطية، بينما وصلت نسبة الأفراد الذين وصفوا ذلك بالمأساة إلى 39%، بعد أن كانت 25% فى 2001. وفى هذا السياق، يقول سيرجى فيريتيلنى، 54 عاما، الذى أصيب بطلق نارى عندما تقدم وهو أعزل قبل 20 عاما للمساعدة فى إيقاف تقدم الدبابات فى وسط موسكو: «فى ذلك الوقت فى روسيا، وراء الستارة الحديدية، كنا قد سمعنا فقط عن الديمقراطية.. وآمنا بالفعل بكلمة الديمقراطية الساحرة، غير أن الكثير من الأمور لم تسر على النحو الذى توقعناه. بدأنا نسأل أنفسنا عما أرقنا دماءنا من أجله». وترى الصحيفة أنه خلال السنوات العشر التالية للانقلاب شوهت التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الفوضوية، إَضافة إلى محاولات الإصلاح المترنحة، سمعة الديمقراطية مما أدى إلى ترحيب الكثيرين بالاستقرار الذى جلبه بوتين، حتى لو كان ذلك على حساب بعض الحريات الديمقراطية. وتقول ليوبوف كومار، أم جندى شاب كان واحدا من الثلاثة الذين قتلوا فى الليلة الأخيرة من الانقلاب، إنه «لو كان باستطاعة ابنى أن يتبين ما سيؤل إليه وضع الدولة، لما شارك فى وقف الانقلاب». وكشف استطلاع الرأى أن 20% من الروس يشاركون السيدة كومار رغبتها فى الرجوع إلى عصر الاتحاد السوفييتى، وأشارت ردود من تم استطلاع آرائهم إلى أن الروس يرغبون فى الديمقراطية، ولكن ديمقراطية من نوع معين، من خلال حكومة مركزية قوية، حكومة تقترب من الحكومة الموجودة فى روسيا اليوم. وذكر أكثر من نصف من تم استطلاع آرائهم، 53%، أنهم يولون أهمية أكبر ل«النظام» عن حقوق الإنسان.