قوات الاحتلال تداهم عددًا من المنازل خلال اقتحامها بلدة جيوس شرق قلقيلية    4 توصيات ل«اتصالات النواب» لسلامة الراكبين بشركات النقل الذكي    أسعار الدواجن واللحوم اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    زاخاروفا تعلق على التصريحات الأمريكية حول قرار الجنائية الدولية    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: لا حلول عسكرية في غزة.. يجب وقف الحرب والبدء بحل الدولتين    الصحة: منظومة التأمين الصحي الحالية متعاقدة مع 700 مستشفى قطاع خاص    احذروا الإجهاد الحراري.. الصحة يقدم إرشادات مهمة للتعامل مع الموجة الحارة    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    فرنسا: ندعم المحكمة الجنائية الدولية واستقلالها ومكافحة الإفلات من العقاب    «بلاش انت».. مدحت شلبي يسخر من موديست بسبب علي معلول    هل يرحل زيزو عن الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية؟ حسين لبيب يجيب    «بيتهان وهو بيبطل».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على انتقادات الجماهير ل شيكابالا    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    اعرف موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة المنيا    أحمد حلمي يغازل منى زكي برومانسية طريفة.. ماذا فعل؟    «كداب» تقترب من 2 مليون مشاهدة.. سميرة سعيد تنجح في جذب انتباه الجمهور ب الصيف (فيديو)    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    وزير الصحة: العزوف عن مهنة الطب عالميا.. وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط    محمود محيي الدين: الأوضاع غاية في التعاسة وزيادة تنافسية البلاد النامية هي الحل    سائق توك توك ينهي حياة صاحب شركة بسبب حادث تصادم في الهرم    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    دونجا: سعيد باللقب الأول لي مع الزمالك.. وأتمنى تتويج الأهلي بدوري الأبطال    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    مصطفى أبوزيد: احتياطات مصر النقدية وصلت إلى أكثر 45 مليار دولار فى 2018    7 مسلسلات وفيلم حصيلة أعمال سمير غانم مع ابنتيه دنيا وايمي    واشنطن: نرفض مساواة المحكمة الجنائية الدولية بين إسرائيل وحماس    خط ملاحى جديد بين ميناء الإسكندرية وإيطاليا.. تفاصيل    اتحاد منتجي الدواجن: السوق محكمة والسعر يحدده العرض والطلب    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    وزير الرياضة يهنئ منتخب مصر بتأهله إلي دور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    مراقبون: قرار مدعي "الجنائية الدولية" يشكك في استقلالية المحكمة بالمساواة بين الضحية والجلاد    إصابة شخصين في حريق شب بمزرعة بالفيوم    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    على باب الوزير    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديمتري ميدفيديف: هزيمة الغرب في أفغانستان ورادة بقوة
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 11 - 2009

شبيجل: سيادة الرئيس، تشارك فى الاحتفال بالذكرى العشرين لسقوط سور برلين مع عدد من قادة العالم فى برلين. أين كنت يوم 9 نوفمبر 1989؟
الرئيس ميدفيديف: لا أتذكر على وجه الدقة أين كنت فى ذلك اليوم التاريخى ولكننى ما زال أتذكر بدقة كيف تغير شكل الحياة فجأة فى الاتحاد السوفييتى بعد هذا اليوم. فى ذلك الوقت كنت كمدرس مساعد فى جامعة سان بطرسبرج وأدركت أن هذا التطور لن يؤثر فقط على ألمانيا وإنما على كل أوروبا وعلى بلاده أيضا. فقد كنت أرى أن سور برلين شكل رمزا لانقسام القارة الأوروبية وانقسام العديد من شعوبه وانهياره فتح الباب أمام إعادة توحيد الشعوب.
شبيجل: ميخائيل جورباتشوف آخر قادة الاتحاد السوفييتى أصبح شخصية تاريخية مرموقة فى المانيا والغرب عد سقوط جدار برلين فكيف تراه أنت.
ميدفيديف: كرئيس لروسيا حاليا لا أستطيع إصدار أحكام عن الرؤساء السابقين. وقد أشادت ألمانيا وغيرها من دول غرب أوروبا بدور جورباتشوف فى إسقاط الجدار الحديدى. ولكن الأمر فى روسيا مختلف حيث ينقسم الرأى العام تجاه أعمال هذا الرجل بشدة. فالاتحاد السوفييتى انهار فى سنوات حكمه والكثير من الروس شعروا أنهم فقدوا بلادهم فى ذلك الوقت وحملوه المسئولية. والأمر المؤكد أن التاريخ هو الذى سيصدر الحكم الصائب عما قام به آخر رئيس للاتحاد السوفييتى.
شبيجل: الرئيس الروسى السابق فلاديمير بوتين لم يتحفظ عند الحديث عن انهيار الاتحاد السوفييتى وقال إنه كان «أكبر كارثة جيوسياسية» فى القرن العشرين.
ميدفيديف: الرئيس بوتين لم يربط ذلك باسم جورباتشوف وقد كان متحفظا مثلى تماما. فانهيار الاتحاد السوفييتى كان صدمة لكل من يعيش فى الاتحاد بغض النظر عما إذا كان هؤلاء يعتبرون تفكك الدولة كارثة شخصية أو كإحدى نتائج حكم الشيوعيين. وبالتأكيد فقد كان الآمر دراماتيكيا. فالشعوب التى كانت متحدة على مدى عقود وعلى مدى قرون فى بعض الحالات وجدت نفسها فجأة فى دول مختلفة مرة أخرى. وانقطعت الصلات بين أفراد العائلة الواحدة فى حالات عديدة بعد أن أصبح كل مجموعة من أبنائها فى دولة مختلفة عن الآخرى.
شبيجل: من المؤكد أنه انهيار الاتحاد السوفييتى كان مأساة لكن هل كان أكبر مأساة بالفعل؟
ميدفيديف: أرى أن الحرب العالمية الثانية لم تكن أقل كارثية منه. فعشرات الملايين من البشر قتلوا. وهل كانت الثورة الروسية عام 1917 أيضا كارثة؟ فقد ادت إلى حرب أهلية حيث كان الصديق يطلق النار على صديقه. من المؤكد أن انهيار الاتحاد السوفييتى يصنف ضمن أكثر أحداث القرن العشرين دراماتيكية ولكن لم يكن له تداعيات دامية كأحداث أخرى.
شبيجل: أهم قضايا مرحلة ما بعد الاتحاد السوفييتى علاقات روسيا بالجمهوريات السوفيتية السابقة. وفى ضوء تعليماتك لا يوجد حاليا سفير لروسيا فى أوكرانيا كما أنكم تتدخلون بشكل منتظم فى بيلاروس. فلماذا تحاولون دائما حل المشكلات مع جيرانكم بأساليب «القبضة القوية»؟
ميدفيديف: ألا توجد مشكلات بين دول الاتحاد الأوروبى؟ ألمانيا أيضا لديها مشكلات مع جيرانها. ولهذا نحن لسنا استثناء.
شبيجل: عندما تقول إنكم لن ترسلوا سفيرا إلى دولة ما ما دام رئيسها فى السلطة فهو موقف فريد تقريبا بالنسبة لأوروبا؟
ميدفيديف: هناك الكثير من الأمور الفريدة فى العالم. وكل المشكلات الحالية سببها رجل واحد وهو الرئيس الأوكرانى.
فهو يتبنى أفكارا معادية لروسيا ويتحرك على أساسها ولا يمكن الوصول إلى حلول وسط معه. وكل شىء قام به خلال السنوات الأربع الماضية كان يهدف إلى إفساد العلاقات الثنائية بين موسكو وكييف. فهو انتهك الاتفاقات التجارية ويحاول إعادة كتابة التاريخ وطرد عدد من الدبلوماسيين الروس من بلاده. وهذه كلها تصرفات غير ودية كان تتطلب ردود فعل. وسوف تجرى الانتخابات الرئاسية قريبا فى أوكرانيا وأتمنى أن يصل إلى السلطة سياسيون أكثر واقعية فيما يتعلق بروسيا. وسوف يعود السفير الروسى إلى كييف عندما يحدث هذا.
شبيجل: هل يعنى هذا أن الصراع بين أوكرانيا وروسيا يمكن أن يتحول إلى مواجهة عنيفة؟
ميدفيديف: لا يوجد صراع بين البلدين. والشعبان الروسى والأوكرانى شقيقان تربطهما علاقات وثيقة تاريخية واقتصادية. ورغم الأزمة الراهنة فحجم التبادل التجارى بين البلدين يصل إلى مليارات الدولارات.
شبيجل: مر على انهيار الاتحاد السوفييتى 18 عاما وهى فترة قصيرة نسبيا. وفى مقال أخير وصفت المجتمع الروسى بأنه يتأثر الصعوبات الاقتصادية والفساد المستشرى وأنه يؤمن بقوة فى السلطة ويميل إلى إلقاء اللوم على الدول الأجنبية فيما يواجهه. ألم يحن الوقت لكى تتوقف روسيا عن توجيه الاتهامات إلى الغير؟
ميدفيديف: نحن ما زلنا نبنى مجتمعا مدنيا حديثا. فمنذ 18 عاما كنا شعبا على الفطرة واتضح أن الكثير من توقعاتنا مجرد خيال. كانت القيادة السياسية مسئولة عن رسم كل الخطوط للسلطات المحلية. وكنا نعانى من تفشى الفساد والبيروقراطية المتحجرة. لكننا اليوم أصبحنا أكثر نضجا ونعرف بصورة أفضل أين تقف بلادنا والمكان الذى يجب أن نتطلع إليه.
شبيجل: لكن هل روسيا بالفعل أكثر نضجا الآن؟ وزير داخليتكم أعلن إنه فى العهد السوفييتى المجيد كان القضاء على الفساد لا يستغرق أكثر من شهر.
ميدفيديف: أتمنى لو أنه لدى وزير الداخلية فكرة واضحة للقضاء على الفساد. وهذا بالتأكيد لا يمكن أن يحدث خلال شهر. كما أننى اعتقد أنه كان فقط يقصد حجم الانتهاكات التى تحدث فى وزارته. فالقضاء على الفساد سوف يشغلنا لسنوات. كما أن الفساد موجود فى كل مكان ولكنه يأخذ فى بلادنا أشكالا بغيضة. وقد كان الفساد موجود فى العصر القيصرى وخلال العصر السوفييتى، لكن كان أقل وضوحا. فى عصر ستالين تراجع الفساد إلى أدنى مستوى ممكن.
ونحن بالفعل نتحدث عن الوسائل، التى كان يستخدمها. فى عام 1991 بدأت التغييرات السياسية والاقتصادية فى روسيا وازدهر الفساد. وغالبا ما يكون للحرية مزايا وعيوب. ويجد موظفو الحكومة فى تلك الظروف فرصا لتحقيق مكاسب شخصية من خلال شراء الأصول العامة أو الحصول على الرشاوى.
شبيجل: كيف ستحارب الفساد بصورة فعالة؟
ميدفيديف: بالفعل أصدرنا قوانين لم تشهدها روسيا منذ أكثر من ألف سنة وشكلنا مجلسا رئاسيا لمحاربة الفساد وأجبرت موظفى الدولة على إعلان ثرواتهم ودخولهم ودخول أفراد عائلاتهم وقد التزموا بذلك حاليا رغم حالة السخط بين بعضهم.
شبيجل: الديمقراطية وسيادة القانون من مقاييس نضج المجتمعات أيضا. فإلى أى شوط سارت بلادكم فى هذا الطريق فى ظل الاتهامات بوجود تلاعب وتزوير فى الانتخابات المحلية التى أجريت فى أكتوبر الماضى؟ وكيف ترون عمليات الاغتيال المتعددة كما حدث مع الصحفية آنا بوليتكوفسكايا؟
ميدفيديف: أنت تطرح السؤال الخطأ. حالة بوليتكوفسكايا ما زالت رهن التحقيقات. وقد تحدثت بشأنها مع مدير مكتب التحقيقات الروسى منذ أيام قليلة.
شبيجل: المتهمون تمت تبرأتهم فى المحكمة.
ميدفيديف: المحققون مقتنعون تماما بأن تفسيرهم للقضية صحيح وأنهم قاموا بكل ما يمكن من أجل حل لغز هذه القضية. وسوف تعود القضية إلى المحكمة مرة أخرى. وهذا أمر معتاد فى القضايا الجنائية ولا يعنى هذا أنه لم تجرى تحقيقات كافية. فالمحكمة ببساطة وجدت أن حجج الدفاع أكثر إقناعا من حجج الادعاء. وهذا حقها. ولذلك لا يصح أن تقول لمجرد حصول المتهمين على البراءة أنه لم تجر تحقيقات كافية.
شبيجل: لكن الأمر تكرر أكثر من مرة ولم تتم إدانة أى متهم فى جرائم الاغتيال الشهيرة التى ارتكبت فى روسيا مؤخرا.
ميدفيديف: أعطنى مثالا. لا توجد جريمة بدون قانون. وأنا فقط أستطيع التعليق على حالات محددة.
شبيجل: ماذا عن الصحفية أنستازيا بابوروفا التى قتلت فى يناير الماضى مع ستانيسلاف ماركيلوف المحامى الناشط فى مجال حقوق الإنسان بأحد شوارع موسكو؟ وكذلك ماذا عن ناشطة حقوق الإنسان نتاليا استميروموفا التى اختطفت فى الشيشان فى يوليو الماضى وتمت تصفيتها برصاصات فى الرأس فى نفس اليوم؟
ميدفيديف: التحقيقات مازالت جارية فى قضية إستميروفا. كما أن التحقيقات فى مقتل بابوروفا وماركيلوف أسفرت عن القبض على اثنين من المشتبه فيهم.
شبيجل: فى انتخابات أكتوبر الماضى بلغت نسبة التصويت المعلنة فى عدد من أحياء موسكو أكثر من 90%، وهو ما يزيد كثيرا عن متوسط نسبة التصويت فى العاصمة ككل؟
ميدفيديف: أرى أن الانتخابات تمت بصورة سليمة ولكن هذا لا يعنى أنها جاءت خالية من الأخطاء ولا التجاوزات.
وهناك عدد من الشكاوى فى موسكو ومدن أخرى. وقد تحدثت مع قادة الأحزاب. واتفقنا على ضرورة فحص كل الشكاوى أمام القضاء. ولكن من المهم التأكيد أن كل الأحزاب اتفقت على أن الانتخابات عكست بصورة دقيقة المشهد السياسى فى روسيا. كما اتفقت كل الأحزاب على تحسن الإجراءات الانتخابية. وسوف نطور النظام الانتخابى مجددا.
شبيجل: هذا كلام جيد. لكننا مازلنا نشعر بقلق تجاه الأجواء التى تجرى فيها الانتخابات حيث يسعى موظفو الانتخابات إلى إرضاء الحزب الحاكم وهو حزب روسيا الموحدة.
ميدفيديف: حزب روسيا الموحدة هو القوة السياسية الرئيسية فى البلاد. ولكنه أيضا لم يكن راضيا عن النتائج فى عدة أماكن. وعندما يكون هناك مسئول متعاطف مع حزب سياسى، ويحاول مساعدته أثناء الانتخابات فهو يرتكب جريمة يعاقب عليها وفقا لقانون العقوبات. واعتقد أن التحقيقات الدائرة حاليا بشأن الشكاوى سوف تسفر عن إدانة جنائية أو إدارية لعدد من موظفى الانتخابات.
شبيجل: فى مقال كتبته مؤخرا تحت عنوان «إلى أمام يا روسيا» قلت إن الشعب الروسى يعانى من الأزمات الاقتصادية. فلماذا لم تتغلب روسيا على هذه الأزمات اعتمادا على مواردها الطبيعية الوفيرة منذ انتهاء الحقبة السوفييتية؟
ميدفيديف: لأن الشعب سقط سريعا فى «هوة إدمان المخدرات». وأصبح تصدير البترول والغاز هو المخدر الذى أدمنه الشعب الروسى. والشعب لا يمكنه الحصول على الكميات الكافية من هذا المخدر حتى مع ارتفاع أسعار البترول والغاز إلى عنان السماء. منذ خمس سنوات لم نكن نتخيل أن يصل سعر برميل البترول إلى 150 دولارا. التجارة فى الموارد الطبيعية سهلة. تؤدى إلى استقرار اقتصادى وهمى. الأموال تتدفق على الدولة وبكميات جيدة. ويمكن علاج المشكلات الحادة بهذه الأموال. وبالتالى تتصور أنه لا حاجة إلى إجراء إصلاحات اقتصادية. ولا تحتاج إلى التعامل مع تنويع الإنتاج. ويمكننا التخلص هذا الوضع غير السليم إذا تعلمنا الدروس من الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة.
شبيجل: ننتقل الآن إلى الحديث عن موضوع آخر وهو علاقتكم برئيس الوزراء فلاديمير بوتين. ما زال هناك غموض حول طبيعة العلاقة التى تربط الرئيس الروسى برئيس وزرائه. هل تحاول الوصول إلى استراتيجية مزدوجة لدعم النظام الحالى؟ بوتين يغازل دائما قطاعات واسعة من الشعب. وأنت تحاول تغازل الغرب والأقلية الليبرالية فى روسيا.
ميدفيديف: لا شك أننا نعمل معا بطريقة سلسة للغاية رغم أنه كانت هناك توقعات عديدة بحدوث تصادم بيننا. ومن المؤكد أن لكل منا أفكاره وأساليبه. ولكن وتحت أى ظرف لن يحدث أن نعود إلى عصر «القيادة الجماعية» التى كان يمثلها المكتب السياسى للحزب الشيوعى الحاكم فى العهد السوفييتى حيث كان جميع أعضاء المكتب يتبنون نفس الأفكار ويرددون نفس الكلام والمواقف.
شبيجل: أثارت تصريحات بوتين الأخيرة بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة دهشة الكثيرين فى الغرب. عندما سئل عمن منكما سيخوض الانتخابات عام 2012 قال إنكما ستجلسان معا للتوصل إلى اتفاق. وأعرب الرئيس السوفييتى السابق جورباتشوف عن صدمته. وقال إنه إذا كان ولابد التوصل إلى اتفاق فيجب أن يكون من الناخب. أما الآن فالأمر يبدو وكأن الشعب مستبعد من اللعبة.
ميدفيديف: أنصح السيد جورباتشوف بقراءة كلمات بوتين بعناية. فهو قال إنه إذا ظل كل من فلاديمير بوتين وديمترى ميدفيديف شخصيات سياسية جذابة لدى الناخبين بحلول موعد الانتخابات فسوف يجلسان معا ليحددا من منهما سيخوض الانتخابات. ولم يقل بوتين أننا سنقرر من منا سيكون الرئيس المقبل.
شبيجل: فى الوقت نفسه هناك العديد من التحديات السياسية. فمعاهدة ستارت الخاصة بالحد من الأسلحة ستنتهى يوم 5 ديسمبر المقبل والرئيس الأمريكى باراك أوباما قال إنه يحلم بعالم خال من السلاح النووى. فهل تحدث إليكم عن الكيفية التى يريد بها الوصول إلى هدفه؟
ميدفيدف: من غيرنا يمكن أن يحقق هذا الهدف؟ فالجزء الأكبر من الترسانة النووية فى العالم موجودة فى أيدى روسيا وأمريكا. وإذا لم نعالج هذا الأمر لن يكون هناك نزع للسلاح النووى فى العالم. وقد سرنا بالفعل فى طريق مبشر لآن الإدارة الأمريكية وضعت هذه القضية ضمن أولوياتها على عكس الإدارة الأمريكية السابقة.
شبيجل: التوافق الأمريكى الروسى وحده لا يكفى لإخلاء العالم من السلاح النووى.
ميدفيديف: هذا صحيح تماما، فالقوى النووية الأخرى فى العالم لا تبدو متفقة مع حلم أوباما. وحتى حلفاؤنا الأوروبيون لا يشاركونا نفس الرؤية. وتستطيع تصور من أقصد.
شبيجل: هل تقصد فرنسا وبريطانيا؟
ميدفيديف: الدول التى انضمت إلى النادى النووى حديثا تبدى قدرا أقل من التفهم لقضية إخلاء العالم من أسلحة الدمار الشامل. وهناك الدول التى تحاول الحصول على السلاح النووى بطريقة غير مشروعة والدول التى لا تعترف بامتلاك أسلحة نووية. علينا التفكير فى طريقة نقنع بها الجميع بأهمية التخلص من الأسلحة النووية.
شبيجل: أنت قريب من المخاوف الغربية من حصول إيران على سلاح نووى. فكيف ستتعامل روسيا مع مثل هذه الحالة.. وإلى أى مدى يمكن لروسيا التعامل مع إيران النووية التى تمتلك صواريخ قادرة على نقلها إلى أى مكان؟
ميدفيديف: إيران لها كل الحق فى الاستفادة من التطبيقات السلمية للتكنولوجيا النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا اعتراض هنا. وعلى إيران احترام تعهداتها الدولية فى هذا المجال. وبالتالى لا يمكنها إخفاء أى منشأة نووية. واكتشاف منشأة نووية بالقرب من مدينة قم يثير القلق. وإذا نجحت المفاوضات الحالية لتسوية ملف تخصيب اليورانيوم الإيرانى فسوف نكون سعداء بالمشاركة فيها.
شبيجل: وإذا لم تنجح؟
ميدفيديف: من الناحية النظرية كل الخيارات مطروحة. وقد تحدثت مع الرئيس أوباما فى هذا الشأن. ونحن لا نريد بالتأكيد الوصول إلى فرض العقوبات. لكن إذا لم تنجح المفاوضات فسيكون من الصعب استبعاد هذا الخيار.
شبيجل: ماذا عن صفقات السلاح الروسى إلى إيران؟
ميدفيديف: روسيا لن تسلم إيران إلا أسلحة دفاعية فقط.
شبيجل: هل ترى أن الغرب فى أفغانستان يمكن أن يتعرض لنفس هزيمة الاتحاد السوفييتى؟
ميدفيديف: بالتأكيد. وإذا لم يساعد الغرب فى قيام دولة قادرة على أداء مهامها الأساسية فى أفغانستان فلن تشهد هذه البلاد أى استقرار بغض النظر عن حجم القوات التى سيتم نشرها فيها.
خدمة نيويورك تايمز الصحيفة الخاصة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.