مثل قنبلة انفجرت فى مخزن ذخيرة.. كان قرار الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بحل مجلس إدارة اتحاد عمال مصر بناء على المذكرة التى قدمها له الدكتور أحمد البرعى وزير القوى العاملة التى استندت إلى حكم بحل 147 لجنة نقابية من اجمالى 2500 لجنة يتكون منها الاتحاد. قرار الحل تسبب فى نشوب أزمة كبيرة داخل الاتحاد حيث اعترض الجميع على هذا القرار وطعنوا فى قانونيته ودستوريته وبات الأمر أشبه بكارثه أوشكت على الوقوع وتستدعى أن يتدخل الجميع لنزع فتيلها لأن الأوضاع التى تعيشها مصر الآن لا تتحمل أن يحدث قلق فى مكان بغاية الأهمية والخطورة مثل اتحاد عمال مصر. «أكتوبر» رصدت تداعيات القرار من داخل الاتحاد، وكيف يمكن مواجهة الكارثة التى قد تحدث. فى البداية يقول إسماعيل فهمى القائم بأعمال رئيس الاتحاد «المنحل» إن اتحاد العمال يمثل قلعة حصينة لعمال مصر منذ أكثر من مائة عام أو إذا كان هناك بعض القيادات عليهم تحفظات أو غير ذلك فإن هذا أمر آخر أما هذا المبنى فهو كيان وحصن لعمال مصر وقرار الحل بنى على معلومات مضللة وأكد سمير فهمى أن اتحاد العمال مستهدف منذ مدة لأنه رفض التطبيع مع اتحاد عمال إسرائيل، أما الاتحاد المستقل ودار الخدمات النقابية فلهما علاقات وطيدة مع اتحاد عمال إسرائيل وينفذون أجندات خارجية. وقال فهمى إننا منعنا من الدخول لمقر الاتحاد بقوة الشرطة ولم نرد أن يحدث صدامً من شأنه أن يحدث فوضى وعدم استقرار ولكنى طلبت من كافة القيادات النقابية التمسك بالقانون والدستور وعدم إثارة الفوضى والبلبلة. وأضاف قائلا: تقدمنا ببلاغ للنائب العام ضد د. أحمد البرعى وزير القوى العاملة والهجرة لعدم التزامه بالإجراءات القانونية وتقدمنا بشكوى إلى المجلس العسكرى ورئيس مجلس الوزراء ضد د.البرعى نظرًا لتعمده تضليل رئيس مجلس الوزراء وخداعه من خلال تقديمه مذكرة تفيد تنفيذ أحكام قضائية قديمة لا تمت بصلة لمجلس إدارة الاتحاد. وإنما كانت ضد 147 لجنة نقابية عمالية ضخمة ضمن 2500 لجنة ببطلان انتخاباتها فى الدورة النقابية 2006 - 2011. وأضاف فهمى أن د. البرعى منذ تولى الحقيبة الوزارية للقوى العاملة سعى إلى تدمير اتحاد العمال الرسمى لصالح الاتحاد المستقل الذى كان مستشارا قانونيا له. وأشار إلى أن اتحاد العمال الرسمى (المنحل) سيتقدم بشكوى إلى كل المنظمات الدولية وفى مقدمتها المجلس الدولى لحقوق الإنسان وكافة المنظمات الدولية المعنية بالعمال بكل ما قام به د. البرعى. كارثة ويقول أحمد الدباح رئيس النقابة العامة لعمال اليومية والذى يضم فى عضوية النقابة 16 مليون عامل فى جميع أنحاء الجمهورية إننا نرفض اتحاد العمال بقياداته، ولكننا ضد عدم استعمال القانون فى حل اتحاد العمال لأن السؤال الذى يجب أن يطرح فى هذه الحالة من الجهة المنوطة بقرار حل اتحاد العمال؟ الإجابة هى المحكمة الإدارية العليا بعد تداولها للموضوع وبناء عليه يصدر قرار المحكمة بحل الاتحاد من عدمه، أما القرار بهذا الشكل فقد سبّب كارثة، لأن اتحاد العمال لن يقبل المساس بالحركة النقابية العمالية بهذا الشكل المزرى، لأننى إذا وافقت اليوم بهذا الشكل غير القانونى على حل اتحاد العمال فمن السهل أن نحل النقابة العامة لعمال اليومية بل من السهل أيضًا أن يحل الاتحاد المستقل الذى يقيم الافراح الآن. وأوضح الدباح أن هذا القرار سيزيد من تعاطف العمال مع القيادات الموجودة وسيزيد من التحامهم وتعاطفهم مع هذه القيادات لأن اتحاد العمال مؤسسة وليست أفرادا. ويتساءل رئيس نقابة عمال اليومية لماذا بعد أن هدأت الأمور نسبيًا ودارت عجلة الإنتاج يصدر هذا القرار غير المدروس وغير القانونى فيثير العمال ولمصلحة من؟ هل يريد خلق أزمة وتعطيل الإنتاج وهذا الاستقرار؟ مشيرًا إلى أن هذا القرار مخالف للاتفاقية الدولية للحريات النقابية التى ينادى بها د. البرعى التى تخلق نوعًا من أنواع الفوضى العمالية القاعدية فكيف يكون فى مصنع من المصانع أكثر من لجنة نقابية؟ فهذا الامر سيؤدى إلى فوضى سوف تضر بالحركة النقابية أكبر ضرر، وهى أن يدفع بقياداته فى الانتخابات القادمة فى نوفمبر القادم. القرار باطل ويوضح الدباح أن هذا القرار غير دستورى وباطل لأنه ليس من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء إصدار مثل هذا القرار بل هذا القرار يجب أن يصدر من الجهة الإدارية وهى وزارة القوى العاملة بعد أن تطمئن إلى أن هذا القرار صادر من المحكمة الإدارية العليا بصفة نهائية، إذن فالموضوع كله يتعلق بقانونية القرار من عدمه ومن هنا تأتى الخطورة فى الفكرة التى قامت عليها ثورة 25 يناير ومن أجلها وهى فكرة الدولة المدنية، وأن عدم إعلاء مبدأ «سيادة القانون» سيحول الأمر إلى كارثة، نحن نختلف مع اتحاد العمال ونرفضه ولكننا ضد عدم استعمال القانون فى حل الاتحاد. ويشير رئيس النقابة العامة لعمال اليومية إلى ان الخطورة أيضا فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى القادمين فإن هذا القرار سيخلق ثورة غضب داخل الحركة النقابية وحربا بين اتحاد العمال الرسمى والاتحاد المستقل لأن هذا القرار لم يصبه الصواب وله تداعيات سلبية على الانتاج. قرار مخالف أما د. كمال سليم على نائب رئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية فيقول إن هذا القرار غير قانونى ومخالف لقانون العمل لسنة 35 لسنة 1976 والتى تنص المادة 70 على أن جهة حل الاتحاد أو المنظمات النقابية هى المحكمة الابتدائية المنظمة لذلك، كذلك يعد هذا الأمر مخالفا للمادة 4 من الاتفاقية 87 الخاصة بالحريات النقابية الصادرة عن منظمة العمل الدولية الذى يحذر الجهة الادارية من حل مجالس التنظيمات النقابية إلا بقرار محكمة نهائى هذا اولا أما النقطة الثانية والمهمة والتى يدعى فيها د.البرعى أن هناك أحكاما بحل الاتحاد لنقابات عمال مصر وحقيقة هذه الاحكام هى بطلان انتخابات لعدد من اللجان الفرعية وعددها 147 لجنة من بين 2500 لجنة نقابية أو كلها أحكام صادرة فى مواجهة وزارة القوى العاملة وليس الاتحاد وبالتالى إذا تم تنفيذ هذه الأحكام تحل 147 لجنة وليس الاتحاد ويوضح د. كمال أنه قد تم رفع قضية مستعجلة واستشكل فى هذا القرار وحدد لها جلسة 25/8/2011 للنظر فيها ووفقا للقانون يتم إيقاف التنفيذ لحين البت بمعرفة القضاء. ويضيف د. كمال أن وزير القوى العاملة أصدر القرار رقم 188لسنة 2011 بتشكيل لجنة إدارية برئاسة أحمد عبد الظاهر لادارة شئون الاتحاد، وهذه اللجنة باطلة بسبب انها تضم فى عضويتها 21 عضوا من غير أعضاء التنظيم النقابى وغير مسددة للاشتراكات ونحن نتساءل هل إذا حلت أية نقابة مهنية مثل نقابة الصحفيين أو المحامين؟ فهل يحق لادارة هذه النقابة أشخاص من غير الصحفيين أو المحاسبين وبالتالى هذه اللجنة باطلة لأنها تضم اشخاصا غير منتمين إلى التنظيم النقابى. ويشير د. كمال إلى أنه كان يتعين على الوزير إخطار الاتحاد بحل المجلس وعلى المجلس دعوة الجمعية العمومية للاتحاد صاحب السلطة الأعلى أن تقبل حل المجلس وتعيين مجلس مؤقت لادارة شئون الاتحاد لحين الانتخابات القادمة فى نوفمبر القادم. ولكن الوزير ضرب بكل القوانين والأعراف الدولية عرض الحائط وأن هذا يعتبر تدخلا فى شئون التنظيم النقابى وهذا مخالف للاتفاقيات والحريات النقابية التى يطالب بها الوزير ويتساءل سليم لماذا اختار د. البرعى د. أحمد عبد الظاهر رئيسا للجنة المؤقته، علما بأنه كان أمينا لعمال الجيزة فى الحزب الوطنى؟ ومن ضمن اللجنة أيضا عبد الحميد عبد الجواد عضو مجلس الشعب السابق للحزب الوطنى وبعض التيارات الموجودة باللجنة من الحزب الوطنى، بل كانوا من رجال جمال مبارك فى الحزب الوطنى، وبالأخص أحمد عبد الظاهر الذى أدين فى أكثر من ثلاث قضايا اهدار للمال العام وهنا يبرز سؤال إذا كنا بحق نسعى لاثراء العمل النقابى بقيادات شريفة ونظيفة بعيدة عن التلوث النقابى والسياسى والمالى فهل هى هذه القيادات ؟ اختصاصات اللجنة من جهته حدد د. أحمد البرعى وزير القوى العاملة والهجرة اختصاصات اللجنة المؤقتة لإدارة شئون الاتحاد بأن تكون مفوضة لاستكمال تنفيذ باقى الأحكام القضائية الصادرة ببطلان جميع تشكيلات الاتحاد وتشكيل لجان فنية لحصر وجرد الأموال السائلة والعقارية والحسابات البنكية للاتحاد والمؤسسات والاتحادات المحلية التابعة له، كما أشار الوزير أن اللجنة لها جميع صلاحيات مجلس إدارة الاتحاد المنحل المنصوص عليها فى القانون. بينما اكد د. أحمد عبد الظاهر رئيس اللجنة المؤقتة المشرفة على الاتحاد أن قرار حل مجلس إدارة اتحاد العمال هو أحد مكتسبات الثورة «على حد قوله» وأن الوقت يحتاج إلى تضافر كل الجهود وأن ما حدث من احتجاجات أعضاء الاتحاد «المنحل» غير مؤثرة وأنه قد تم تكليف أمنية شفيق الكاتبة الصحيفة وعضو اللجنة المؤقتة فى إطار عملها كمستشار إعلامى للاتحاد، بالإشراف على جريدة العمال من أجل تطويرها وإعادة هيكلتها بما يتلاءم وروح الثورة مع الاحتفاظ بالمحررين ولكن يبقى السؤال الآن هل يستسلم مجلس إدارة الاتحاد «المنحل» أمام هذا الطوفان بعد أن تقدم اعضاؤه باستقالات جماعية فى اجتماع الجمعية العمومية الأخير الذى عقد أمام مبنى اتحاد العمال، بالإضافة إلى ما تقدموا به من شكاوى ومذكرات للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئاسة الوزراء؟.. إجابة السؤال ستجيب عنه الأيام القادمة.