لعين أنت أيها المرض.. لعين كاللص تتسلل داخل جسد الإنسان.. تسرق جهده.. تسرق فرحته.. تسرق كده وتعبه.. لص سرقت الآلاف إن لم يكن أكثر من ذلك.. لص لم تترك صغيرا أو كبيرا الكل عندك سواء.. أنك معروف للجميع ظاهر كالشمس ولكن لا يستطيع أحد أن يقف أمامك ويواجهك حتى أن المسئولين عن الصحة فى مصر لا يستطيعون مواجهتك والقضاء عليك قبل أن تقضى على فريستك.. فليس لك كبير إلا الله سبحانه وتعالى هو القادر على القضاء عليك.. إنه الفشل الكلوى اللعين.. يفترس الكلى ولا يترك المريض به إلا بعد أن ينتهى عمره.. لا يفرق بين شاب أو صغير.. غنى أو فقير.. يأتى على الأخضر واليابس فمصاريف علاجه كبيرة ويحتاج المريض إلى إمكانات ضخمة لمواجهته.. ومع أن وزارة الصحة تقوم بتحمل مصاريف الجلسات الخاصة بالغسيل الدموى والتى تصل إلى ثلاث جلسات أسبوعيا.. إلا أن المريض يحتاج أيضا إلى نقل دم ليعوض الانيميا التى يصاب بها بسبب الغسيل الدموى.. كما أنه يحتاج دائما إلى أدوية مكملة لما تصرفه له وزارة الصحة.. أيضا المريض يحتاج إلى مصاريف غذاء خاص وانتقال من وإلى وحدة الغسيل الدموى، وهى كثيرا ما تفوق قدرته لو كان من الطبقة المتوسطة أو محدودى الدخل. وهنا ثلاث حكايات مؤثرة لثلاثة من الشباب يعانون من هذا المرض اللعين الذى فتك بهم. أول هذه الحكايات صاحبتها فتاة لم تتجاوز بعد السابعة والعشرين من عمرها تنتمى لأسرة فقيرة أب مريض وأخوة أصغر منها يعيشون حياة بائسة.. ومع ذلك كانت زهرة جميلة.. مقبلة على الحياة بالرغم من خروجها للعمل هنا وهناك من أجل أن تقف بجوار أمها وأبيها إلا أنها كانت سعيدة عندما ترى نظرة الرضا فى عين أبيها وابتسامة الحنان على وجه أمها.. كانت لها أحلام وردية. وكانت تعيش طائرة فى السماء محلقة كالعصفور، ولكن كل هذه الأحلام تبخرت فى الهواء.. جناحها كسر قبل الأوان وسقطت من أعلى لتهوى على الأرض وتنكسر عظامها وتتفتت. كان يوما صعب فى حياتها عندما خرجت صباحا إلى العمل عندما بدأت فى المشى شعرت بآلام فى ساقيها وضعف ووهن فى جسدها ولكنها تحاملت على نفسها استكملت مشوارها اليومى إلى العمل وعندما وصلت لم تكن تستطيع أن تقف على قدميها جلست قليل على الأرض بالقرب من مقر العمل طلبت من أحد المارة مساعدتها ولكنها سقطت مغشيا عليها وعندما فاقت وجدت نفسها على سرير بأحد المستشفيات ونظرت فى الوجوه حولها ووجدت عينين تعرفهما جيدا أنها عيون أمها التى كانت تبكى عليها.. طلب منها الطبيب عدم الحركة وإنها ستظل بالمستشفى يومين سيتم فيهما إجراء بعض التحاليل حاولت أن ترفض لأنها سوف تفقد مصدر رزقها، ولكن الأم أقنعتها بالعدول وأن تظل بالمستشفى وخضعت فى النهاية وتم إجراء التحاليل التى كانت نتائجها غير مرضية، فقد أكدت أنها مصابة بفشل كلوى وعليها أن تخضع لجلسات الغسيل الدموى ثلاث مرات أسبوعيا.. عقدت الصدمة لسانها ولم تستطع أن تتكلم وسلمت أمرها إلى الله وبدأت العلاج والجلسات ولكن ظروف حياتها وحياة أسرتها الاقتصادية الصعبة جعلتها ترسل خطابا تطلب فيه مساعدتها والوقوف بجوار والدها المريض الذى يتقاضى معاش ضمان اجتماعيا لا يكفى حاجة الأسرة. أما الحكاية الثانية فهى لشاب يبلغ من العمر الثلاثين يعيش مع أمه بعد وفاة والده يعمل عامل بناء يخرج فى الصباح ليبحث عن لقمة العيش ويعود فى المساء ببعض الجنيهات منهك القوى غير قادر على أن يجلس من شدة التعب والإرهاق.. كانت تمر عليه أيام كثيرة وهو جالس على الأرض فى الشارع فى انتظار من يستخدمه، وبالطبع كان لا يجد فى جيبه ما يسد رمقه ورمق أمه، ولكن ماذا يفعل؟ ينتظر وينتظر وعاد فى يوم من العمل وهو مرهق غير قادر على أن يرفع رأسه أو يحمل فى يده شيئا.. نام على فرشته استيقظ فى منتصف الليل على آلام فى جنبه حاولت الأم التى استيقظت على أناته أن تساعده بكوب شاى واسبرين ولكن أصيب بنوبة قئ.. وضعت الأم يدها على رأسه شعرت بحرارة جسده وارتعاش أطرافه.. طلبت منه الذهاب إلى المستشفى كان رده أنه لا يملك حتى ثمن رغيف العيش.. فى الصباح استدانت من جارتها وطلبت منه أن يذهب. فى المستشفى طلب منه إجراء بعض التحاليل وكانت الطامة الكبرى أنه مصاب بفشل كلوى وعليه أن يذهب إلى وحدة الغسيل الدموى ثلاث مرات أسبوعيا حتى ينقى الدم من السموم وعندما سأل عن أى علاج آخر بعيدا عن جلسات الغسيل الدموى. أكد له الطبيب أنه لا يوجد أى علاج إلا ذلك كان يذهب يوما للجلسة ويحاول اليوم الثانى أن يذهب للعمل ولكنه منهك القوى غير قادر ولن يستطيع العمل مرة أخرى وجلس فى المنزل ينتظر مصيره المحتوم وأرسل يطلب المساعدة وخاصة أنه يحصل على معاش ضمان 120 جنيها وهو مبلغ لا يكفى أى شىء. والحكاية الثالثة لا تختلف كثيرا عما سبقها.. هى حكاية شاب لا يتعدى الرابعة والعشرين من عمره يعيش مع أمه بعد أن توفى والده وتركها بدون دخل.. نعم له من الإخوة ستة رجلان وأربعة بنات تزوجوا جميعا وتركوه مع الأم مع أنه مصاب بفشل كلوى منذ أكثر من خمس سنوات كان شقيقاه يحاولان مساعدته فى أول الأمر، ولكن بسبب الحياة وصعوبتها والرزق القليل وكثرة العيال أصبحا لا يستطيعان، فالعين بصيرة واليد قصيرة وطبعا البنات لا يوجد لديهن دخل سوى مرتب الأزواج والذى يصرف وأكثر منه على الأولاد وكل واحدة منهن لا تستطيع أن تطلب من زوجها مساعدة الأخ والأم وأصبح يعيش على مساعدات أهل الخير. فهل يجد هؤلاء الثلاثة من يقف بجوارهم ويساعدهم.. فمن يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية؟