لم يأت من فراغ ذلك الحب الكبير الذى شمل به الناس جميعاً الجراح المصرى العالمى د. مجدى يعقوب ولكن لقاء ماقدمت يداه بلمساتها السحرية ليعيد الله على يديه العافية لقلوب ضعفت ووهنت وكادت إن تموت ليصبح ملكاً لهذه القلوب كما أسماه الإعلام البريطانى حين قلدته ملكة انجلترا أعلى الأوسمة البريطانية بمنحه لقب «سير» لما حققه من إنجازات علمية غير مسبوقة فى جراحات القلب المفتوح.. ذلك التخصص الدقيق وجعلت منه أحد أبرز ممارسيه على مستوى العالم إن لم يتجاوز بإقرار زملائه من أهل التخصص بأنه الأبرز على الإطلاق فى هذا المجال. ورغم كل هذه المكانة العلمية المرموقة فقد حباه الله تواضعاً كبيراً ضاعف من حب الناس له وزاد من إعجابهم بقدراته العلمية الرائعة. أما فى وطنه الأم مصر فلم يكن مجدى يعقوب ابناً بارا لها فقط كما لم يكن عقلا نابها من عقول أبنائها الأفذاذ فحسب وإنما هو سيرة حياة سامية تستمد سموها من حضارة مصرية عمرها آلاف السنين والتى أفرزت ذلك النموذج الإنسانى الرائع الذى يكاد يندر فى هذا الزمان وبكل هذا القدر من تدفق المشاعر الفياضة حيال كل البشر دون استثناء وبغير انتقاء.. وإن المتتبع لمحطات حياته الثرية بكل ألوان العطاء سوف يلمس ذلك عن قرب ويدرك من الأمثلة التى تجسدت بها ولها تلك الصور الباهرة من العطاء الإنسانى لدى هذا المصرى الوفى المخلص لأبناء وطنه وللإنسانية جمعاء، وحقاً صدق من أطلق عليه «ملك القلوب» ليس لأنه أنقذ آلافاً من القلوب المعتلة ولكن ربما لسبب مستتر وقد يبدو مغايرا وإن كانت له صلة وثيقة بالقلوب متجاوزاً وظيفتها الفسيولوجية كمضخة تبث الدم فى سائر أعضاء الجسد البشرى إنما القلوب ذلك المكمن الربانى للمشاعر الراقية والأحاسيس المرهفة والتى امتلأت حباً للرجل وتقديراً متبادلا صوبه من عواطف جياشة تجاه مرضاه على اختلاف أوطانهم وألوانهم ودياناتهم وأعراقهم وثقافاتهم لأن ذلك كله لا يعنيه بقدر ما أن الكل عنده سواء بسواء والجميع لديه يحملون قيمة كبرى لكونهم يندرجون جميعاً تحت صفة «إنسان». ولكل هذه المآثر النادرة فى زماننا ليس غريباً أن يفاجئنا الرئيس حسنى مبارك فى مطلع العام الجديد حين أصدر قراره الجمهورى النبيل نيابة عن شعب مصر بأسره بمنح الدكتور مجدى يعقوب أرفع الأوسمة المصرية وأكثرها شموخاً وهى قلادة النيل العظمى التى تمنح لرؤساء الدول والقامات السامقة من أبناء الوطن الذين رفعوا اسم مصر عالياً خفاقاً فى شتى مجالات العمل الإنسانى. ورغم عظمة الإنجازات التى حققها الدكتور مجدى يعقوب على أرض مصر فإنه لا ينسبها إلى نفسه ولكن إلى طاقم معاونيه من أطباء وممرضين وسائر التخصصات الطبية الأخرى ولا غرابة فى ذلك فهذا الرجل قد جمع كل مايحمله شعب مصر من قيم. وتشاء الأقدار أن تتضمن سيرته الذاتية صلة وثيقة بكل أرجاء الوطن المصرى حيث ولد بمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية فى السادس عشر من نوفمبر 1935 وعاش بها سنوات طفولته وصباه المبكر ليحمل سجايا الريف المصرى فى الوجه البحرى بينما تحمل «جيناته الوراثية» تقاليد الوجه القبلى حيث عائلته العريقة فى محافظة أسيوط مسقط رأس والده الطبيب المشهور هناك د. حبيب يعقوب كما لعبت أسوان دوراً مهماً فى حياته حين التحق بمدرسة أسوان الثانوية فى تلك الفترة الحاسمة من حياته حيث تكونت ثقافته الأولى والتى غرست خلالها مشاعر الاعتزاز بالحضارة المصرية القديمة والتى عمقت لديه أواصر الانتماء للوطن والفخار بتاريخه وكان هذا هو السر الذى عاش بداخله قرابة السبعين عاماً حتى شرع فى تأسيس جمعية «سلاسل الأمل» والتى كان أول إنجازاتها ذلك المركز الطبى العالمى لجراحات القلوب الذى أوصى الرئيس مبارك بدعمه على المستويين الشعبى والتنفيذى حتى يصبح هذا المركز مواكباً لكل المستجدات العلمية فى مجال الجراحة تحقيقاً للأمل الذى يصبوا إليه د. مجدى يعقوب فى جعله مركزاً مواكباً لركب التقدم العلمى الحديث. وأكد فى هذا الصدد أن مصر زاخرة بالمواهب العلمية الطبية التى يمكن أن تجعل من هذا المركز قبلة للباحثين من العلماء الدوليين حتى تكتمل رسالته فى علاج الحالات المستعصية والحرجة لمرضى القلب وخاصة من غير القادرين لتعمم الفائدة المرجوة من إنشائه.. وقد وعد الدكتور مجدى يعقوب بتكرار زيارته لوطنه الأم مصر ليشرف بنفسه على خطوات تطوير هذا المركز العالمى تلبية لرغبة الرئيس مبارك ليكون قدوة للشعب المصرى فى إعلاء قيمة الانتماء للوطن ونحن على يقين فى أن هذا المركز سيكون نواة لغيره من المشروعات القومية المصرية ليس فى المجال الطبى فقط، إنما فى كل المجالات التى تعيد إلى مصر وجهها الحضارى المنشود.