الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا من يعانى من مرارة المرض التى تصل فى بعض الأحيان إلى مرارة العلقم.. بل تزيد على ذلك عندما يكون الإنسان مريضاً محتاجاً ويمنعه حياؤه من أن يمد يده.. ولكن عندما تزيد وطأة المرض ويصبح هو محور حياة الأسرة التى لا تجد ما يعينها عليه فهذه هى المأساة بعينها.. وتزداد المعاناة عندما يكون المريض هو رب الأسرة الذى لا تستطيع الاستغناء عنه وخاصة هو الركن الأساسى وعمادها.. و«مصطفى» رجل مسن أصابه المرض منذ سنوات بعيدة، يتذكر حكايته مع المرض عندما كان فى أواخر العقد الرابع يعمل عاملا زراعيا أجيرا لا يملك قوت يومه.. يجد ويتعب ليعود آخر النهار بجنيهات قليلة تكفى أولاده بالكاد.. أياما وليالى يتعب ليوفر لأسرته احتياجاتها.. كان يعمل وكأنه جمل صابر على التعب.. شديد التحمل ولكن أحيانا ما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. أصيب بارتفاع بدرجة الحرارة وآلام بجميع أجزاء جسده النحيل.. حاول أن يتماسك وأكد للزوجة أنه سرعان ما يشفى.. فدائما ما يهمل الفقير المحتاج حاله.. ويتهاون فى حق نفسه فلو أصيب بالمرض فهو يعلم جيدا أنه ليس ندا قويا.. لأنه يعجز عن مواجهة مصاريفه واحتياجات العلاج أو الذهاب إلى الطبيب أو حتى إلى المستشفى فدائما طلبات المرض كثيرة وكل طلب له ثمن.. تهاون مصطفى وحاول علاج نفسه أياما ولكن لم تفلح المحاولة أمام شدة المرض.. اضطر إلى أن يستدين ليذهب إلى المستشفى وكانت الدائرة المغلقة التى ظل يسير فيها هو وأسرته وهى تحكم قبضتها عليه.. أشعة وتحاليل.. ولم يكن فى الحسبان ما توصل له الطبيب فهو يعانى من فيرس كبدى (سى) وتليف بالكبد وتضخم بالطحال ويحتاج إلى علاج كثير وراحة تامة.. فقد «مصطفى» شجاعته ولمعت عيناه بالدموع من هول المفاجأة.. وجلست الزوجة مذهولة فهى لم يخطر ببالها أن زوجها أصبح عاجزاً لن يستطيع الحركة أو العمل فهناك محاذير وغذاء ومتطلبات كثيرة وكيف تواجه الأسرة كل ذلك.. حاولت أن تساعد الزوج والأولاد بتربية الطيور وبيعها ولكن ما كانت تكسبه لا يفى باحتياجات الأولاد، خرج كل منهم إلى العمل ولكن الجنيهات القليلة أيضاً لم تكفى مصاريف مرض الأب وطعام الأسرة الذى أصبح عيشا حافا حتى يوفروا الأدوية والغذاء للأب الذى لم يتحمل حال أسرته وأصيب بقصور بالشرايين التاجية وأصبح لا حول له ولا قوة ينام على فرشته لا يستطيع الخروج يدعو الله أن يقف بجانبه.. ساعده بعض أهل القرية فى الحصول على معاش ضمان ولكنه لا يفى باحتياجاته أرسل يطلب المساعدة.. من يرغب يتصل بصفحة موقف إنسانية.