استئصال المرارة جراحيا عملية آمنة لا يصاحبها فى أغلب الأحوال أى مضاعفات وتؤدى لنتائج طيبة. لا يحتاج المريض بعدها إلا متابعة طبية لا تتجاوز الثمانية والأربعين ساعة فى حالات الجراحة التقليدية بينما يغادر المريض المستشفى فى اليوم ذاته إذا تم استئصالها بالمنظار. حصى المرارة مشكلة طبية شائعة لدى الرجال والنساء وإن كانت نسبتها تزيد عند النساء لأسباب تتعلق بدورة الهرمونات واستخدام حبوب منع الحمل. ويلاحظ ارتفاع معدلاتها فى حالات السمنة وارتفاع نسبة الكوليستيرول فى الدم ونمط الحياة الغذائية الغنى بالدهون لكنها أيضا تحدث نتيجة اتباع حمية غذائية قاسية بغرض فقدان الوزن بسرعة. كما أنها قد تتكون نتيجة تفادى الدهون فى الأكل بصورة قاسية إذ إن الدهون لازمة لنشاطها فأول وظائفها المساهمة فى تفتيت الدهون وإعادة امتصاصها. هناك أيضا دراسات تعزو تكوين تلك الحصوات لغياب فيتامين «ج» إذ إنه من المعروف أن فيتامين «ج» يساهم فى تحويل الكوليسترول للأحماض التى تفرزها المرارة. غياب فيتامين «ج» يسهل بقاء الكوليستيرول على حاله راكدا فى الحويصلة المرارية مما يمهد لتكوين حصوات منه. للكبد وظائف متعددة منها ما يشترك فيه مع البنكرياس والحويصلة المرارية لهضم الطعام وامتصاصه من الأمعاء. تفرز خلايا الكبد العصارة الصفراوية «السائل المرارى» التى تنحدر فى قنوات مرارية دقيقة تصب فى قنوات أكثر اتساعا لتنتهى إلى القناة الكبدية التى تتحد مع قناة الحويصلة المرارية لتكونا معا القناة المرارية الرئيسية التى تتحد بدورها مع قناة البنكرياس لينتهيا معا فى الاثنى عشر «الأمعاء الدقيقة». يفرز الكبد نحو نصف لتر من السائل المرارى يوميا ينحدر بعض منه مباشرة للأمعاء الدقيقة «لذا فاستئصال المرارة لا يعنى تعطيل هضم الدهون بصورة مطلقة» بينما تستقبل الحويصلة المرارية معظمه لتقوم بتركيزه بامتصاص معظم الماء منه ثم تعيد إفرازه للاثنى عشر أثناء تناول الطعام. تلك العصارة الهاضمة تؤدى دورا فاعلا فى هضم الدهون وتفكيكها حتى يسهل امتصاصها من الأمعاء. الحويصلة المرارية كيس له شكل ثمرة الكمثرى بحجم لا يتجاوز خمسين سم3 بينما طولها لايتجاوز العشرة سنتميترات وتجاور السطح السفلى للكبد والأمعاء الدقيقة. وظيفتها الأساسية تخزين العصارة الصفراوية بعد تركيزها. تتكون العصارة الصفراوية من الكوليسترول وأحماص صفراوية وصبغات بنسبة تحافظ على الكوليسترول فى صورة سائلة فإذا اختل هذا التوازن بدأ الكوليسترول فى التحول إلى الصورة الصلبة فى هيئة ذرات كالرمال قد تتحد لتكون حصوات أكبر حجما فيما بعد. 80٪ من حصوات المرارة قوامها الكوليسترول والباقى قد يتكون من الكالسيوم وبقية الأملاح أو صبغات البليروبن. تظل حصوات المرارة مهما تعددت واختلفت أحجامها صامتة لسنوات طويلة لا أثر لها على عمل الحويصلة المرارية ولا أعراض تنعكس على صحة الإنسان حتى تتحرك إحدى الحصوات لتسد مجرى القناة. يباغت الإنسان ألم شرس فى الجزء الأيمن العلوى من البطن وقد ينتشر إلى عضلات الظهر وقد يختلط الأمر على الطبيب والمريض معا بشأن التشخيص الذى يبدو الألم الحاد فيه عاملا مشتركا مع عدد من الحالات المرضية الأخرى كالتهاب البنكرياس أو آلام الذبحة الصدرية. يصاحب الألم أعراض أخرى منها عسر الهضم أحيانا، الحمى والرعشة، الرغبة فى القىء ثم القىء وأخيرا ظهور الصفراء «اصفرار بياض العين». تشخيص حصوات المرارة تتكامل فيه الأعراض الإكلينيكية مع وسائل التشخيص الحديثة مثل التحاليل المعملية «صورة دم كاملة، عد نوعى للخلايا البيضاء، وظائف الكبد» أو صورة للحويصلة المرارية بالموجات فوق الصوتية أو المسح الذرى «جاما كاميرا». رغم قسوة آلام التهاب الحويصلة المرارية أو إنسدادها بالحصوات فإن الأزمة لا تتكرر فى حوالى 30٪ من الحالات. إذ إن الالتهاب قد ينحسر بدون علاج أو أن الحصوة تتكسر وتمرق من القناة للأمعاء بلا مشكلات. لذا فمراقبة المريض ومتابعة أحواله قد يكون قرارا حكيم فى البداية. تفتيت الحصوات خاصة التى تكونت من الكوليسترول أمر وارد سواء باستخدام الأدوية أو الموجات التصادمية. لكن الواقع أن معاودتها للظهور مرة أخرى يعد أحد مشكلات هذه الطريقة فى العلاج. غالبا ما يكون استئصال المرارة كاملة هو الحل الأمثل للعلاج إذ إن احتمالات تكرار تكوين الحصوات أمر وارد بقوة. يتم استئصال المرارة الآن بسهولة باستخدام المنظار وإن كانت الجراحة التقليدية التى تستلزم استكشاف الكبد والأمعاء والبنكرياس قبل استئصال المرارة تتيح حرية أكبر للجراح وأمانا أكثر للمريض. لا حاجة لنظام غذائى خاص بعد العملية إلا فى تفادى الأطعمة الغنية بالدهون وللمريض أن يمارس جميع أنشطته العادية بعدها. ولكن هناك بعضا من النصائح التى قد تفيد فى تعافى الإنسان بعد العملية ومنها. الحرص على غذاء متوازن تقل فيه الدهون لكن لا تغيب بصورة مطلقة. محتوى عال من الألبان فى الخضراوات والفواكه الطازجة وإفطار يضم مجموعة الحبوب الكاملة والعيش المصنوع من القمح الكامل. زيت الزيتون يأتى فى مقدمة الأغذية التى يجب أن يحرص عليها مريض حصوات المرارة.