تحرك جديد في عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024    أسعار الدواجن واللحوم والخضروات والفواكه اليوم الأحد 19 مايو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 19 مايو    بالطيران المسير.. فصائل عراقية مسلحة تعلن استهداف هدف حيوي في إيلات بإسرائيل    جانتس يطالب نتنياهو بالالتزام برؤية متفق عليها للصراع في غزة    خادم الحرمين الشريفين يجري فحوصات طبية في العيادات الملكية    شكرى يتوجه إلى أثينا فى زيارة ثنائية تستهدف متابعة وتعزيز مسار العلاقات    وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم صاروخي أوكراني استهدف شبه جزيرة القرم    عاجل.. رد فعل مفاجئ ل كهربا عقب مباراة الأهلي والترجي    وسام أبو علي: نسعى للتتويج باللقب في جولة الإياب أمام الترجي    حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 20 مايو 2024 | إنفوجراف    مصرع 6 أشخاص وإصابة 13 فى حادث تصادم أتوبيس على الطريق الدائرى بشبرا الخيمة    ماس كهربائي وراء حريق أكشاك الخضار بشبرا الخيمة    حظك اليوم وتوقعات برجك 19 مايو 2024.. مفاجأة للجوزاء ونصائح مهمة للسرطان    الفنان سامح يسري يحتفل بزفاف ابنته ليلى | صور    نهائي دوري أبطال أفريقيا| بعثة الأهلي تصل مطار القاهرة بعد التعادل مع الترجي    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بأحداث محمد محمود الثانية    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    الكرملين: الإستعدادات جارية لزيارة بوتين إلى كوريا الشمالية    بأسعار مخفضة.. طرح سلع غذائية جديدة على البطاقات التموينية    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    انخفاض أسعار الفائدة في البنوك من %27 إلى 23%.. ما حقيقة الأمر؟    تعليم النواب: السنة التمهيدية تحقق حلم الطلاب.. وآليات قانونية تحكمها    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    حملات لإلغاء متابعة مشاهير صمتوا عن حرب غزة، أبرزهم تايلور سويفت وبيونسيه وعائلة كارداشيان    رامي جمال يتصدر تريند "يوتيوب" لهذا السبب    عاجل.. موجة كورونا صيفية تثير الذعر في العالم.. هل تصمد اللقاحات أمامها؟    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    رامي ربيعة: البطولة لم تحسم بعد.. ولدينا طموح مختلف للتتويج بدوري الأبطال    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدى الدقاق يكتب من واشنطن:هل يتحقق السلام هذه المرة ؟
نشر في أكتوبر يوم 05 - 09 - 2010

قبيل إعادة إطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى واشنطن، سألت مسئولاً دبلوماسياً عربياً رفيع المستوى عما إذا كانت هذه المفاوضات سيكون مصيرها مثل جولات المفاوضات السابقة فى ظل تباين المواقف بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى؟ فأجابنى المسئول الدبلوماسى: علينا أن ننتظر ونرى ولكننى أعتقد أن الرئيس الأمريكى أوباما لن يسمح هذه المرة ولن يخاطر بالفشل، وقد يكون تعليق الدبلوماسى العربى صحيحاً، فأجواء المفاوضات سبقتها مخاوف من استمرار الموقف الإسرائيلى تجاه عودة عملية السلام، رغم إعلان إسرائيل المستمر عن رغبتها فى عودة المفاوضات، مع استمرار حديث قادتها حول يهودية الدولة وضمان أمن إسرائيل ومواصلة بناء المستوطنات، فى الوقت الذى استغلت فيه عملية الخليل ومقتل عدد من الإسرائيليين فى الحديث عن أمنها المفقود وضرورة مواجهة الإرهاب.
الرئيس الأمريكى باراك أوباما كان حريصاً على دعوة الرئيس حسنى مبارك والعاهل الأردنى الملك عبد الله، بالإضافة إلى طرفى الصراع الفلسطينى والإسرائيلى (الرئيس محمود عباس وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى) وتونى بلير مسئول الرباعية الدولية فى إشارة لرغبة الإدارة الأمريكية فى وجود دعم دولى لهذه المفاوضات وضمان نجاح الجهود الأمريكية التى وضعت عملية السلام ضمن أولوياتها منذ وصول الرئيس أوباما للبيت الأبيض.
مواقف الأطراف المشاركة كانت كلها واضحة سواء أثناء اللقاءات الثنائية بين القادة أو فى الكلمات التى ألقيت أثناء حفل (العشاء / الإفطار) الذى أقامه الرئيس الأمريكى لرؤساء الوفود، فقد أعاد الرئيس أوباما موقف بلاده بتمسكها بتسوية الصراع على أساس حل الدولتين فى حين أعلن الرئيس الفلسطينى محمود عباس التزامه بتنفيذ كل ما يترتب من نتائج تخرج بها هذه المفاوضات، موضحاً رغبة الفلسطينيين فى إحلال السلام والأمن لكل شعوب المنطقة، وحق شعبه فى العيش الآمن ضمن دولة مستقلة. وكرر نتنياهو الموقف الإسرائيلى ولكنه تحدث هذه المرة عن رغبته فى تحقيق سلام يعود بالفائدة على الجميع.
وفى كلمته التى استغرقت سبع دقائق تطلع الرئيس حسنى مبارك إلى أن تكون هذه المفاوضات نهائية وحاسمة تفضى إلى اتفاق سلام بين الجانبين فى غضون عام.
وأشاد الرئيس فى كلمته بالجهد الكبير الذى بذله الرئيس باراك أوباما وإدارته وبالتزام باراك الشخصى والجاد بالسعى للتوصل إلى تسوية سلمية للقضية الفلسطينية وخصوصا ما بذله من جهد لتذليل الصعاب وإعادة إطلاق المفاوضات.
واعتبر الرئيس مبارك دعوة أوباما لهذا الاجتماع تأكيدا جديدا لهذا الالتزام ورسالة تؤكد استمرار الولايات المتحدة فى دورها لرعاية المفاوضات فى المرحلة المقبلة بكل قوتها وعلى أعلى مستوى.
وأوضح الرئيس مبارك أن الذى لا يدرك قيمة السلام هو الذى لا يعرف الحروب وويلاتها، وذكر الجميع بأنه كان شاهد عيان على أحداث المنطقة فى سنوات الحرب والسلام وخاض معارك الشرق الأوسط وحروبه، وشارك فى مسيرة السلام منذ اليوم الأول، ولم يدخر جهدا للدفع بها إلى الأمام مؤكدا أنه لا يزال يتطلع لاكتمال هذه المسيرة ونجاحها، وتطرق الرئيس مبارك لمراحل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومرورها بصعاب عديدة وذلك منذ مؤتمر مدريد عام 1991، واضعا وموضحا كل الحقائق أمام الجميع، حيث ما يزال احتلال الأراضى الفلسطينية قائما ومازالت الدولة الفلسطينية المستقلة حلما فى ضمير الشعب الفلسطينى وهذا الوضع يسبب لشعوب المنطقة قدرا هائلا من الغضب والإحباط.
وأضاف الرئيس مبارك: لهذا لم يعد من المقبول أو المعقول ونحن فى مطلع العقد الثانى من الألفية الثالثة أن نفشل فى إقامة سلام عادل ينهى قرنا كاملا من النزاع ويحقق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطينى ويضع نهاية للاحتلال ويقيم علاقات طبيعية بين الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى.. علاقات تقوم على الندية والاحترام المتبادل وتحقق الأمن للجميع دون تمييز، ودعا الرئيس إلى الالتزام بمقررات الشرعية الدولية كأسس للتسوية السياسية المقبلة المتفق عليها تفضى إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى الذى بدأ فى يونيو 1967 وتقيم الدولة الفلسطينية ذات السيادة لتعيش جنبا إلى جنب فى سلام وأمن مع دولة إسرائيل.
وطالب الرئيس مبارك رئيس الوزراء الإسرائيلى أن تتحول رغبته فى تحقيق السلام إلى واقع ملموس وطالب إسرائيل باتخاذ قرارات مهمة ومصيرية وصعبة، ولكنها ضرورية لتحقيق السلام والتعايش والاستقرار، وقال للإسرائيليين: إن الاستيطان على الأرض الفلسطينية يتم بالمخالفة للقانون الدولى وهو لن ينشئ لإسرائيل حقوقا أو يحقق سلاما أو أمنا، ولذلك فالأولى أن يتم وقفه تماما إلى حين انتهاء العملية التفاوضية، ودعا الرئيس مبارك الإسرائيليين إلى اغتنام الفرصة الحالية وطالبهم بألا تفلت من أيديهم وأن يجعلوا السلام هدفا شاملا وطالبهم بمد أيديهم لليد العربية الممدودة إليهم بالسلام.
وفى كلمات واضحة وجه الرئيس مبارك حديثه للرئيس الفلسطينى محمود عباس مؤكدا أن مصر ستستمر فى دعمها للشعب الفلسطينى ولقضيته العادلة من أجل استعادة حقوقه المشروعة حتى تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وستواصل جهودها لرأب الصدع الفلسطينى تحقيقا للمصالح الوطنية الفلسطينية. وجدد الرئيس مبارك فى نهاية كلمته التزام مصر بمواصلة دفع عملية السلام وبثوابت السياسة الخارجية المصرية.
***
فى اليوم الثانى وعقب طرح مواقف كل الأطراف بدأت المفاوضات المباشرة بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى برعاية أمريكية مباشرة ومن المقرر أن يتم تشكيل عدة لجان تفاوضية تختص كل منها بملف مثل الحدود والقدس والمياه والأسرى والاستيطان وأن يتم الاتفاق على عقد جلسات متعاقبة وعلى مكان وتواريخ عقدها. وتقول بعض المصادر إن المفاوضات وجولاتها يمكن أن تستمر فى واشنطن وربما تنتقل إلى القاهرة بعد دعوة الرئيس مبارك فى مقاله الذى نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» بعنوان «خطة سلام فى متناول أيدينا» لاستضافة مصر لجولات المفاوضات التالية، ووجود اتجاه عام بين كل الأطراف للاستجابة للدعوة المصرية نظرا لعلاقات مصر بالطرفين وقربها الجغرافى.
ويبقى السؤال الأساسى: هل يتحقق السلام هذه المرة.. وكيف؟
لقد أعلن ممثلو اللجنة الرباعية الدولية التى تضم كلا من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبى دعمهم للمفاوضات المباشرة فى واشنطن بين الإسرائيليين والفلسطينيين لحل كل القضايا العالقة بشأن الوضع النهائى، وتضمن بيان اللجنة الذى أصدرته خصيصا لهذه المناسبة التأكيد على استمرار سريان بياناتها السابقة، ومن بينها بيان «تريستى» الذى صدر فى 26 يونيو عام 2009، و«نيويورك» فى 24 سبتمبر من نفس العام، وموسكو فى 19 مارس عام 2010، والتى نصت على أن المفاوضات المباشرة لحل كل القضايا العالقة بشأن الوضع النهائى يجب أن تؤدى إلى تسوية عن طريق التفاوض بين الأطراف. ووضع حد للاحتلال الذى يرجع إلى عام 1967، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ديموقراطية وقابلة للحياة تعيش فى سلام وأمن إلى جانب إسرائيل وجيرانها.
وأكدت اللجنة عزمها على دعم الأطراف المشاركة طوال المفاوضات التى يمكن أن تسفر عن نتائج خلال عام، وكذلك على تنفيذ أى اتفاق يتم التوصل إليه. ودعت الرباعية من جديد الطرفين إلى التحلى بالهدوء وضبط النفس، والامتناع عن أى عمل استفزازى، وأية لهجة عدوانية.
وأبدت اللجنة ترحيبها بنتائج اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية الذى عقد فى القاهرة فى 29 يوليو الماضى، وأشارت إلى أن النجاح المطلوب للمفاوضات سيتطلب دعما إقليميا ودوليا مستمرا، وأيضا لعملية موازية لبناء الدولة الفلسطينية، والبحث عن سلام إقليمى عادل ودائم وكامل كما جاء فى أطر مدريد، وقرارات مجلس الأمن، ومبادرة السلام العربية.
ودعا بيان اللجنة الرباعية الإسرائيليين والفلسطينيين إلى المشاركة فى المفاوضات المباشرة فى واشنطن لحل كل القضايا الباقية بشأن الوضع النهائى وتلبية تطلعات كل الأطراف. وأوفدت الرباعية ممثلها تونى بلير للمشاركة فى هذه المفاوضات.
***
وانطلق الجميع من بيان الرباعية الدولية الأخير واستند عليه الموقف الأمريكى الذى أضاف سقفا زمنيا حدده بعام لانتهاء هذه المفاوضات وفق بيان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون حيث يقوم كل طرف من الأطراف المعنية بالمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية المباشرة بتحديد موقفه ورؤيته لماهية هذه المفاوضات وللشروط والكيفية التى يجب أن تتم بها وتسير عليها مع التأكيد على أن كل الأطراف تريد نجاحها ولكن وفق رؤيتها وأهدافها وخصوصاً طرفى النزاع الفلسطينى والإسرائيلى، فإسرائيل استطاعت التخلص من الضغوط الأمريكية والدولية التى مورست عليها لمدة تزيد على العام بتجميد الاستيطان بشكل كامل والقبول بمبدأ حل الدولتين ونجح نتنياهو فى تحويل الضغوط عليه إلى ضغوط على الرئيس أوباما بواسطة اللوبى اليهودى الداعم للمصالح الأمريكية فتحولت سياسة أوباما تجاه نتنياهو من التشدد إلى تفهم المطالب الإسرائيلية وخصوصاً فيما يتعلق بهاجس إسرائيل الأمنى، وبدأت واشنطن ضغوطاً على السلطة الوطنية الفلسطينية لقبول الدخول فى هذه المفاوضات دون شروط مسبقة وأعاد نتنياهو من جديد الترويج لفكرة عدم وجود شريك فلسطينى حقيقى يمكن التفاوض معه.
ويبدو أن حكومة نتنياهو ليست فى عجلة من أمرها لإبرام أية صفقة تسوية خلال المفاوضات المباشرة المقبلة وفق المطالب الفلسطينية، ويبدو أن تل أبيب معنية أكثر بإطالة وضع المفاوضات كالعادة بما يتيح لها استمرار سياسة فرض الأمر الواقع، أو التخفيف من حدة الانتقادات الدولية الموجهة لها.
وستحول تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الحالية، وبرنامجها السياسى بلاشك دون تقديم نتنياهو أية تنازلات ممكنة فيما يتعلق بقضايا الحدود والقدس، واللاجئين فى ظل الإصرار الواضح على عدم وقف الاستيطان بما فيه «النمو الطبيعى»، حسب الرؤية الإسرائيلية، أو حتى القبول باستئناف المفاوضات المقبلة من النقطة التى توقفت عندها المفاوضات الماضية التى جرت فى شهر ديسمبر عام 2008 بين رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيهود أولمرت، والرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن».
وعلى الجانب الفلسطينى أدى عدم التقدم فى المفاوضات غير المباشرة التى بدأت فى شهر مايو الماضى، وعدم وجود أى مؤشرات لبناء الثقة مع الطرف الإسرائيلى إلى قيام الطرف الفلسطينى برفض العودة إلى المفاوضات المباشرة، إلا أنه تحت وطأة الضغوط الأمريكية والدولية غير المسبوقة على القيادة الفلسطينية، والاتهامات التى وجهت لها بأنها غير معنية بالمفاوضات حالياً، وافق الرئيس الفلسطينى محمود عباس على المشاركة فى المفاوضات. وتمثلت المطالب الفلسطينية بخصوص هذه المفاوضات فى الآتى:
* بدء المفاوضات من النقطة التى توقفت عندها مع حكومة أولمرت بعد انطلاقها فى مؤتمر «أنابوليس».
* تحديد مرجعية واضحة للمفاوضات وهى الانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو عام 1967.
* التجميد التام للاستيطان قبل البدء فى التفاوض.
* أن تسفر تلك المفاوضات عن تحقيق الهدف المرجو وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ويعد موقف القيادة الفلسطينية فى غاية الصعوبة وهى تخوض هذه الجولة من المفاوضات بسبب ما يعانيه الشعب الفلسطينى من تشرذم وانقسام لم يسبق له مثيل مقابل حكومة إسرائيلية يمينية تتمتع بدعم معظم القوى الإسرائيلية الرافضة للسلام ووجود شبه إجماع فلسطينى فى الداخل على عدم جدوى هذه المفاوضات التى لن تعيد شيئا لهم.
ويراهن الرئيس الفلسطينى على الموقف الأمريكى والدعم العربى لمواقفه مؤكداً أنه لن يسمح باتهام الفلسطينيين بأنهم ضد المفاوضات مشيراً إلى أن الغياب عنها سيضعف الموقف الفلسطينى على المستوى الدولى، أما الموقف الأمريكى فهو ينطلق من تعاطف واضح مع آمال الفلسطينيين فى حقهم فى العيش فى سلام.
وأعلن باراك أوباما أكثر من مرة عن دعمه لقيام دولة فلسطينية قبل نهاية مدة رئاسته الحالية وأوضحت هيلارى كلينتون أن هذه المفاوضات تهدف إلى الوصول إلى تسوية لقضايا الوضع النهائى وإلى اتفاق يفضى إلى قيام دولتين كل منهما ذات سيادة وتعيشان جنبا إلى جنب فى سلام، ويمكن القول بأن أهم ما يمكن استخلاصه من تصريحات المسئولين الأمريكيين المصاحبة للمفاوضات هو حدوث تحول فى موقف الإدارة الأمريكية بفعل موازين القوى الداخلية فى الساحة السياسية الأمريكية، والمصالح الحزبية التى لها الدور الأكبر فى توجيه سياسات الرئيس القاطن فى البيت الأبيض، فقد أكدت هيلارى كلينتون على أن هذه المفاوضات ينبغى أن تجرى دون أى شروط مسبقة، فى حين صرح المبعوث الرئاسى الأمريكى للشرق الأوسط جورج ميتشل بأن الحديث عن رغبة الولايات المتحدة فى انتهاء هذه المفاوضات خلال عام هو مجرد أمنيات، وأن تحديد هذا التوقيت يعود إلى إسرائيل والفلسطينيين معاً.
ومعنى ما سبق عملياً هو رفض المطالبات الفلسطينية الثلاث بأن تبدأ المفاوضات من النقطة التى توقفت عندها مع حكومة أولمرت بعد انطلاقها فى مؤتمر «أنابوليس» وأن تحدد لها مرجعية واضحة هى الانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو عام 1967، وبأن يتم التجميد التام للاستيطان قبل البدء فى التفاوض.
وفى الواقع فإن إدارة الرئيس أوباما مهتمه بإطلاق المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية المباشرة، والتوصل إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب «إسرائيل» وذلك سعياً منها لأخذ الوقت اللازم لمعالجة ملفاتها الخارجية الملتهبة ذات الصلة الوثيقة بالقضية الفلسطينية، وذات التأثير الشديد على المصالح الأمريكية والأمن القومى الأمريكى مثل الملف العراقى، والملف الأفغانى، والملف النووى الإيرانى، فضلاً عن محاولاتها الحفاظ على الحد الأدنى الذى يحول دون انهيار صورة الولايات المتحدة فى العالمين العربى والإسلامى.
***
أما مصر فقد قبلت الدعوة الأمريكية لحضور عملية إطلاق المفاوضات لكى لا يغيب الصوت العربى فيها، ولتكون داعمة للموقف الفلسطينى وباعتبارها إحدى الدول المحورية فى قضايا المنطقة، وتنطلق الرؤية المصرية لهذه المفاوضات والتى أوضحها الرئيس مبارك فى كلمته أمام قمة واشنطن من أهمية التوصل لتسوية شاملة وعادلة ونهائية متفق عليها وأن نجاح هذه المفاوضات لابد أن تتوافر لها عدة شروط أو ركائز أبرزها: أن هذه المفاوضات لابد أن تستند إلى مرجعيات واضحة محددة سلفاً ويجب أن تجرى وفق إطار جدول زمنى محدد حتى لا تتم بغرض التفاوض فى حد ذاته، ولكن بهدف الوصول إلى اتفاق سلام، وفى إطار زمنى محدد لا يجعل من التفاوض عملية بلا نهاية.
أيضاً تؤكد مصر أنه لابد أن تتوافر لهذه المفاوضات الأجواء المواتية عبر إجراءات لبناء الثقة من قبيل وقف الاقتحامات ورفع الحواجز وتسهيل انتقال المواطنين، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطينى.. وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، والذى يسبب معاناة لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطينى، هذا بالإضافة إلى توقف الجانب الإسرائيلى عن إثارة أية مواقف استفزازية قد تعرقل سير المفاوضات أو تهدد بفشلها.
وأكدت مصر على وجود فارق كبير بين تجربتها فى التفاوض المباشر مع إسرائيل والتى يجب على الفلسطينيين التعلم من دروسها، وبين التجربة الفلسطينية، فمصر عندما دخلت التفاوض المباشر، وتوصلت إلى اتفاقية «كامب ديفيد» ثم معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية دخلته صفا واحداً شعباً وحكومة فى حين أن الوضع مختلف فيما يتعلق بالشعب الفلسطينى، فقياداته لا تتحدث بصوت واحد بسبب الانقسامات الراهنة بين السلطة والفصائل، وخاصة حركة حماس.
ورغم هذا التباين الواضح بين كل الأطراف فإن الجميع يحدوهم الأمل فى خطوات شجاعة يتخذها الفلسطينيون والإسرائيليون وبالقدر نفسه يتمنى الجميع أن تبذل واشنطن كل جهودها لإقناع إسرائيل باللحاق بقطار السلام وانتهاز الفرصة المتاحة حتى لا تتكرر الإخفاقات التى لحقت بدورات المفاوضات السابقة مما يعرض المنطقة لأزمات وأعمال عنف وخطر اندلاع حروب جديدة بسبب إحباطات شعب حُرم من تحقيق أمانيه الوطنية المشروعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.