النفط يسجل مكاسب أسبوعية وسط مؤشرات على تحسن الطلب    البيت الأبيض: يجب فتح الجانب الفلسطيني من معبر رفح فورا    منظمة الصحة العالمية: لم نتلق أي إمدادات طبية في غزة منذ 10 أيام    غارات إسرائيلية تستهدف منازل بعدة مناطق في قطاع غزة    عملاق الدوري التركي يزاحم موناكو على ضم محمد عبد المنعم    قمة الدوري السعودي.. الهلال يخطف «نقطة» من النصر بمشاركة رونالدو    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالطريق الحر بالقليوبية    محطات وقوف قطار «القاهرة – أسوان» الإضافي في عيد الأضحى المبارك    انتشال جثة شاب غرق فى مياه النيل بقرية الجعافرة في أسوان    دعاء حلمى: عادل إمام نجم تلاحم مع جمهوره من خلال أعماله    ما علاقة الزعيم عادل إمام بكرة القدم؟.. أعمال خالدة ولقطات نادرة    أول ظهور ل ريم سامى بالفستان الأبيض في حفل زفافها (فيديو)    فيديو.. أحمد السقا: لما مصر تمر بظروف صعبة لازم نستحملها    طريقة عمل البيتزا من المنزل بأقل تكلفة    الري: الموافقة على 38 طلب بمحافظات البحر الأحمر وجنوب سيناء لتراخيص الشواطئ    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    تطوير محمية ودعم ب15 مليون جنيه.. بروتوكول تعاون بين وزيرة البيئة ومحافظ جنوب سيناء    مصطفى الفقي: غير مقتنع بالفريق القائم على "تكوين" وكلامهم مردود عليه    "مات بعد شهور من وفاة والدته".. نجوم الرياضة ينعون أحمد نوير    هل يمكن لفتاة مصابة ب"الذبذبة الأذينية" أن تتزوج؟.. حسام موافي يُجيب    تأثير الامتحانات على الطلاب ونصائح للتغذية السليمة    إعلام أمريكي: موقف أوكرانيا أصبح أكثر خطورة    وظائف وزارة الزراعة 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    كوريا الجنوبية تتهم بيونج يانج بزرع الألغام في المنطقة المنزوعة السلاح بين البلدين    «هندسة مايو» يكرم الكاتب الصحفى رفعت فياض    في ذكرى ميلاده.. لماذا رفض عادل إمام الحصول على أجره بمسلسل أنتجه العندليب؟    هشام ماجد يكشف عن كواليس جديدة لفيلمه «فاصل من اللحظات اللذيذة»    ضمن الخطة الاستثمارية للأوقاف .. افتتاح مسجدين بقرى محافظة المنيا    طيران الاحتلال يغتال القيادي بحماس في لبنان شرحبيل السيد «أبو عمرو» بقصف مركبة    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    حريق هائل يلتهم محتويات شقة سكنية في إسنا ب الأقصر    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    تحذيرات الرئيس فى القمة    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    «المستشفيات التعليمية» تكرم المتميزين من فرق التمريض.. صور    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    إحباط تهريب راكب وزوجته مليون و129 ألف ريال سعودي بمطار برج العرب    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح نيازي يفسر النص من وحي المنظور والحواس
نشر في نقطة ضوء يوم 07 - 12 - 2015

أهداني صديقي الشاعر والمترجم والأديب الكبير الدكتور صلاح نيازي ثالث مساهماته في النقد التطبيقي كتاب "المنظورية والحواس في تفسير النص"، والمتابع لما يخطه قلم نيازي يعرف أن هذه ليست سوى بعض فيض يراعه الثر.
والكتاب مجموعة مقالات منشورة يربطها خيط لا تجد أية صعوبة في تتبعه، حيث تشدك الفكرة كما الإسلوب، حتى لكأنك لا تقرأ عن الشعر وإنما تقرأ الشعر ذاته.
في البدء يجب معرفة أن نيازي لا يطرح مدرسة جديدة في الأدب تنافس ما عرف من المدارس أو المذاهب الأدبية، وإنما وكما هو واضح من العنوان، فإنه يطرح أداة أو معيارا لسبر غور النص وتلمس محتواه، وكما يقول في المقدمة "معياران نقديان قد ينضافان إلى نظريات نقدية معتمدة، لفك رموزات نصوص شعرية ذات طابع غريزي على وجه الخصوص كأشعار المتنبي وشكسبير.. "، علماً أن "هذان المعياران النقديان" لا يختصان بالشعر فقط، وإنما بالأدب والفن عموماً، وبالأخص الفن التشكيلي والسينمائي.
هذان المعياران يساهمان بفهم أعمق وأكثر تطابقاً مع حقيقة وجوهر المنجز الأدبي والفني، وكتحصيل حاصل فإنهما يبعدان الشطط عن ناقلي النص من لغة إلى أخرى، وهذا ما وضحه نيازي في أكثر من موقع، حيث بين ابتعاد بعض النصوص المترجمة لمترجمين كبار كجبرا إبراهيم جبرا وغيره عن روح النص بلغته الأصلية.
وللتدليل على أهمية ما أسماه الكاتب "المنظورية والحواس" ينتقل بنا من الأدب السومري، وبالأخص ملحمة كلكامش، مروراً بالملك الضليل (أمرؤ القيس)، ثم المتنبي، فشكسبير، وعمالقة الأدب العالمي وصولاً إلى يوسف إدريس، مستنبطاً اللآليء الإبداعية الكامنة في المنجز الإبداعي الإنساني، والتي سيكون فهمنا لها ناقصا من دون هذين المعيارين.
المنظورية كما يعكسها نيازي تتحدد بأين يقف المبدع من الظاهرة أو الحدث أو المروي، أو المُعبر عنه، فوق أم تحت، شمال أم جنوب شرق أم غرب، وكل هذا يعني (المكان منظور له من زاوية مختلفة)، وهو ما أسماه الجماليون بزاوية النظر، وزاوية النظر مهمة في فهم النص ولنأخذ مثلاً .
منظر لنخلة أمامها نهر، جنوبها حديقة أوراد، شمالها مقهى، خلفها شارع. فإذا أردنا تصويرها كتابة أو رسماً، أو بواسطة آلة أكانت كاميرا فوتوغرافية أم سينمائية، فإننا سنصورها من أحد الجهات الأربع، فإذا صورناها من الشمال فإننا سنصور نخلة خلفها أوراد حيث تزدحم الألوان، وربما ثمة فراشات وأمور أخرى متعلقة بحديقة الأوراد، وإذا صورناها من جنوبها فإننا سنصور نخلة خلفها مقهى، فيها رواد قد يلعبون الدومينو أو يشربون الأرجيلة أو يشاهدون التلفاز، وإذا صورناها من الأمام ، فسنصور نخلة خلفها شارع، تمرق فيه سيارة أو دراجة، وربما امرأة تحمل طفلاً، وكل ما يتوقع أن يكون في شارع.
أما إذا صورناها من الخلف فإننا سنصور نخلة خلفها نهر، قد يكون مترعاً، وليس من المستبعد أن نرى صياداً ينشر شباكه، ونوارس طافية، وطيور محلقة، وربما صبيان يسبحون. وإذا صورناها من الإسفل باعتبار أنها على مرتفع ونحن في جرف النهر فإننا سنصور نخلة تنغرس في سرة السماء التي قد تكون هادئة ساكنه أو عاصفة هوجاء، وإن صورناها من الأعلى، من أعلى بناية مثلاً، فإننا سنصور نخلة لا نرى جذعها غالباً، أمامها نهر، خلفها شارع، شمالها مقهى، جنوبها حديقة أوراد.
وفي مطلق الأحوال فإننا نكون قد صورنا نخلة، ولكن بخلفيات مختلفة، فإذا وضعنا بالإعتبار الزمن، صيفاً أم شتاء أم ربيعاً، أم خريفاً، صباحاً، أم ظهراً أم عصراً، أم ليلاً، (النخلة في الأزمان المختلفة) فإننا سنصور نخلة ولكن بمعطيات مختلفة تماماً، فقد لا يكون ثمة أوراد ولا ألوان، ولا صبيان في الشط يسبحون.
إلى هنا ونحن في الشكل (الشكلانية)، والمنظر هنا سيتنوع بكل تأكيد، ولكن من دونما فرادة. من يعطي للفن فرادته هو (وجهة النظر)، كما يقول علماء الجمال، و(الحواس) كما يقول أستاذنا المبدع صلاح نيازي .
النخلة هي النخلة، جذور وسباح، وجذع وكرب، وسعف وعثوق دانية، من يجعلها سيدة الشجر؟ من يجعلها عمتنا؟ هي بذاتها ليست عمة لأحد منا، ولا سيدة الشجر، نحن من نجعلها كذلك، لماذا؟ لأننا نألفها ونحبها، ليس فقط لأنها تعطينا رطباً جنياً، أو نستظل بفيئها، فهي عندما تكون منفردة لا يستظل بظلها أحد، فقط عندما تتجاور يكون لها ظل ثخين، والنخلة مختلفة، شكلاً ولونا، فمن العجفاء المصفرة السعف، وهي النخلة المغروسة في بطن الصحراء، إلى النخلة المتنعمة المربربة المخضرة السعف، وهي المجاورة لضفاف الإنهار.. هل كلنا نحب النخلة؟ وإذا أحببناها ما هي درجة حبنا لها؟
أنا شخصياً أعرف قريباً لي لا يحب النخلة، يتمنى أن يحتطب كل نخلة في بستان أبيه، وله عذره وسببه، فذات يوم، وكان صغيراً، جيء بأبيه محمولاً على الأذرع، كان أبوه مشهوراً بلون عينيه الزرقاوين زرقة الشذر المصفى، وكان يجني الرطب، إلا أن "سلاية" انغرزت في عينه الزرقاء فأدمتها، ثم أطفأتها، أصبحت العين الزرقاء بيضاء.
ترى لو أن قريبي أراد أن يعبر عن نخلتنا هل سيصورها عمته، أم فاقئة عين أبيه؟
النخلة هي النخلة، ما حولها هو ما حولها، مهما اختلف الوقت، لكننا لا نكتفي بصورة واحدة لها، ولا نقتنع بتعبير واحد، مهما كان شاملاً، والسبب بسيط أننا ننشد الفرادة والتنوع، والفرادة والتنوع في "زاوية النظر"، و"وجهة النظر" فيما أسماه أديبنا المتفرد صلاح نيازي "المنظورية والحواس" .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.