تتجه الأنظار غدا الاثنين إلي مجلس الدولة حيث من المقرر أن تحسم الجمعية العمومية لمستشاري المجلس، "700 عضو" مسألة تعيين المرأة بالقضاء الإداري، وسط توقعات برفض قرار المجلس الخاص - أعلي سلطة إدارية بالمجلس - تعيين المرأة بمجلس الدولة. ويأتي انعقاد الجمعية العمومية غير العادية بعد 26 عاما من آخر جمعية غير عادية وسط انقسام قضاة المجلس بين مؤيد ومعارض لتعيين المرأة، كل من الطرفين له مبرراته فبينما يري أنصار تعيين المرأة ان تعيينها خطوة علي طريق تمكين المرأة قضائيا بعد أن اعتلت أعلي المناصب في الدولة، وأن المجلس ليس أقل شأنا من القضاء العادي وهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، يري الفريق الرافض لتعيين المرأة ان ظروف المجتمع ونظرته الحالية لوضع المرأة مازال يفرض نفسه علي عدم تمكين المرأة قضائيا. يستند أصحاب هذا الاتجاه ايضا إلي رفض النيابة العامة قبول بنات بها في الدفعات الأخيرة، اضافة إلي ما يمثله القضاء الإداري من عبء يصعب علي المرأة تحمله، لأن القاضي الإداري يقضي معظم وقت عمله في المنزل وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة التي يتركز دورها الأساسي في المنزل لرعاية الأسرة وهو ما يزيد من صعوبة تأديتها لمهمتين في مكان واحد. ليس هذا فحسب ما يستند اليه أنصار رفض تعيين المرأة بمجلس الدولة وانما لان مرافق مجلس الدولة والقضاء بصفة عامة، لا تتحمل عمل المرأة سواء كانت هذه المرافق تتعلق بالعجز في المكاتب أو دورات المياه. وكان المجلس الخاص - أعلي سلطة إدارية - برئاسة المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة قرر قبول تعيين المرأة بعد موافقة 4 من أعضاء المجلس الخاص - ورفض 3 هم المستشارون محمد عبدالغني النائب الأول لرئيس المجلس، رئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع، عادل فرغلي رئيس محاكم القضاء الإداري ومحمد عطية رئيس التفتيش الفني والمحاكم التأديبية. غير أن قرار المجلس الخاص لاقي رفض العديد من مستشاري المجلس الذين قاموا بجمع توقيعات لعقد جمعية عمومية غير عادية لمناقشة مسألة تعيين المرأة. وحسب المستشار عادل فرغلي رئيس محاكم القضاء الإداري عضو المجلس الخاص، فان رفضه لتعيين المرأة ينطلق من خشيته فشل التجربة خاصة أن هناك قاضيات ممن عُينّ في القضاء العادي تقدمن باستقالتهن وعدن إلي هيئاتهن الأخري سواء كانت النيابة الإدارية أوهيئة قضايا الدولة. وقال فرغلي انه يشفق علي المرأة من العمل القضائي ومن يريد تعيينها ربما يكون له مصلحة خاصة في تعيين بناته لكن فرغلي أكد أن القرار في يد الجمعية العمومية والمجلس الخاص باعتبارهما أعلي السلطات في مجلس الدولة. وعلي الرغم من ان الشريعة الإسلامية لم تحسم أمر تولي المرأة القضاء وتركته لأولي الامر، إلا أن استطلاعات الرأي الفردية تشير داخل مجلس الدولة إلي رفض الجمعية العمومية تعيين المرأة ولكن بحسب مصادر قضائية رفضت ذكر اسمها، فان المشكلة التي قد تواجه الجمعية العمومية هي أن توصياتها ليست ملزمة للمجلس الخاص، وان كان المجلس الخاص لم يسبق له رفض أو عدم تنفيذ ما تنتهي اليه الجمعية العمومية، باعتبار ان ذلك يعد التزاما أدبيا. وردا علي ما يتردد بأن هناك جهات عليا في الدولة تضغط لتعيين المرأة بمجلس الدولة، قالت المصادر ان المجلس هيئة قضائية مستقلة ولا يملك أحد توجيه قراره في اتجاه معين. يذكر ان المستشار عبدالرازق السنهوري رئيس مجلس الدولة الاسبق كان قد أصدر حكما عام 1953 برفض دعوي تعيين الدكتورة عائشة راتب، وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية الاسبق في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة مستندا في حيثيات رفضه إلي ان تقاليد وأعراف المجتمع المصري تمنع تولي المرأة القضاء، وهو نفس الرأي الذي يستند اليه الرافضون لتعيين المرأة حاليا. وكانت آخر جمعية عمومية غير عادية لمستشاري المجلس عام 1986 لبحث قضية استقلال مجلس الدولة عن وزارة العدل بما يتماشي مع نص الدستور الذي أكد ان "المجلس هيئة قضائية مستقلة" وبالفعل أصدرت الجمعية توصيات تم رفعها لرئيس المجلس ورئيس الجمهورية حصل بعدها علي كامل استقلاله.