شعور من اثنين يتملك الفنان عند تكريمه، إما الإحساس الطاغي بأن مسيرته أوشكت علي الوصول إلي محطتها الأخيرة، كما أكد نور الشريف عقب تكريمه في مهرجان دمشق السينمائي منذ أيام، أو الغضب وعدم الرضاء والشعور القاتل بأن التكريم لم يأت في موعده الصحيح، بل جاء متأخرا، وبعد مرحلة من التجاهل والنكران! إلي أصحاب الفصيل الثاني انضم الفنان القدير يوسف شعبان، عقب إعلان تكريمه في مهرجان القاهرة للإعلام العربي، الذي يفتتح أعماله اليوم، وهو الإعلان الذي يبدو أنه لمس جرحا غائرا لديه، ليس فقط بالنسبة لمهرجان الإعلام فقط، بل لأنه ذكره بالتجاهل الكبير الذي طاله من قبل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهو حديث الشجون الذي يعبر عنه بقوله: لا أستطيع أن أنكر قيمة التكريم في حياتي، وحياة أي فنان، إذا كان موضوعيا، ولم يأت علي سبيل المجاملة أو الترضية، كما يحدث أحيانا مع البعض؛ ففي أكثر من مناسبة كان اختيار فنان للتكريم لا ينطلق عن أي أسباب تتعلق بالنزاهة والحيادية، لهذا كان التكريم يفقد معناه في حالات كثيرة، عند الفنان قبل جمهوره ومحبيه، ولحظتها لا يتحول التكريم إلي نقطة دافعة أو عنصر مشجع لمزيد من العطاء والإجادة، وفي الكثير من الأحيان كنا نشعر أن كل من "مشي أمام قاعة حفل الختام يحصل علي جائزة أو درع تكريم" (!) وأتذكر ما حدث في إحدي دورات المهرجان، عندما كان اسمه مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون، عندما فوجئنا بتكريم فنانة لم تقدم عملا تليفزيونيا في حياتها، والمهرجان اسمه الإذاعة والتليفزيون، وعندما انتابتنا الدهشة قالوا لنا، بسذاجة "لقد أخطأت موظفة الآلة الكاتبة، وكتبت اسمها خطأ (!) وكأن الآلة الكاتبة هي التي تتحكم في أسماء المكرمين". يوسف شعبان لم يبد غاضبا من تكريمه في المهرجان، هذا العام، بل بدا موضوعيا للغاية وهو يضيف: ينبغي علي الفنان أن يتفهم حقيقة ما يحدث من حوله، والظروف، وعليه ألا يبدي تذمره من تأخر لحظة تكريمه؛ فالمهم أن اللحظة جاءت في كل الأحوال، والأكثر أهمية أنه جاء والفنان مازال علي قيد الحياة ليشعر بالفخر أمام أهله وأبنائه والمقربين منه. وحول تجاهل مهرجان القاهرة السينمائي تكريمه، علي الرغم من تكريمه في مهرجان الإعلام الذي يأتي متزامنا معه هذا العام.. قال بسخرية: لا أعلم الأسماء التي وقع عليها اختيار مهرجان القاهرة السينمائي ليكرمها هذا العام، لكن يبدو أن إدارة المهرجان "مش واخده بالها مني"، أو ربما شعر عزت أبو عوف رئيس المهرجان بالغيرة لأنني لعبت دور أحمد حسنين في مسلسل "أسمهان"، وهو الذي لعبه من قبل في "الملك فاروق"؟! عموما قالها بعفوية أنا "مكبر دماغي" وإذا فكر مهرجان القاهرة السينمائي في تكريمي فأهلا وسهلا.. وشكرا، وإذا لم يفعل "مش حتفرق كتير معايا" لأنني مؤمن أنني لم أحقق شيئا بعد، علي الرغم من مشواري الفني الطويل، وكل ما قدمته حتي الآن مجرد محطات وتجارب لم تحقق ما أحلم به؛ فالفن وجهة نظر، بل نقطة في بحر الحياة كلما تعمق فيه الفنان كلما شعر بأن الحياة فيها الكثير، ولديه الأكثر الذي لم يحققه بعد.