جامعة المنوفية تتقدم في تصنيف CWUR لعام 2024    توريد 225 ألف طن منذ بدء القمح في المنيا    فودة يتفقد تطوير وتوسعة طريق كمين وادى فيران / كاترين    انطلاق القمة العربية في البحرين بمشاركة الرئيس السيسي    السعودية تعرب عن إدانتها لمحاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا    أول رد من فيرنانديز على مزاملة رونالدو في النصر    بحجة تأديبهن.. التحقيق مع المتهمة بالتعدي على شقيقاتها بعين شمس    التحضيرات لعيد الأضحى 2024: مواعيد الإجازة ووقفة عرفات في مصر    "دار وسلامة".. قافلة طبية للكشف على المواطنين بقرية أولاد يحيى في سوهاج    «المشاط» تناقش مع «الأوروبي لإعادة الإعمار» آفاق الاستثمار الخاص ضمن برنامج «نُوَفّي»    تداول 10 آلاف طن و585 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    «التربية والتعليم» تنظم فعاليات مسابقة المعلمة الفعالة    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    الرئيس الصيني: موسكو وبكين تدعوان إلى «حل سياسي» في أوكرانيا    نقابة العاملين الأكاديميين بجامعة كاليفورنيا تجيز إضرابا ردا على قمع احتجاجات غزة    الرئيس الأوكراني يتوجه إلى جبهة "خاركيف" في ظل احتدام المعارك شمالي المنطقة مع القوات الروسية    قمة البحرين.. قائمة الزعماء العرب الحاضرون والغائبون    التعليم تنظم فعالية "دور معلمة رياض الأطفال في رفع وعي طفل"    هالاند يتصدر إعلان قميص مانشستر سيتي لموسم 2025    الدوري السعودي يستخدم "الغردقة" لجذب محمد صلاح.. ما التفاصيل؟    تراجع دور بيلينجهام في ريال مدريد بسبب مبابي    شوبير السبب.. كواليس إيقاف الحكم محمود عاشور من إدارة مباريات الدوري المصري    البحرية المصرية والبريطانية تنفذان التدريب البحري المشترك "مدافع الإسكندرية"    «الإسكان» تعتمد تخطيط أرض مشروع شركة مشارق للاستثمار العقارى بالقاهرة الجديدة    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    خلال 24 ساعة.. رفع 39 سيارة ودراجة نارية متهالكة من الميادين    وفاه الشيخ السيد الصواف قارئ الإذاعة المصرية.. وأسرة الراحل: الدفن والعزاء بمسقط رأسه    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    رئيس جامعة المنيا يبحث مع الجانب الإيطالي تطوير معامل ترميم الآثار بالجامعة لخدمة الباحثين    لهذا السبب.. ياسمين عبد العزيز تتصدر تريند "جوجل"    ممنوع الرضع.. تعرف على شروط دخول حفل شيرين عبد الوهاب في دبي    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة للمشروعات ويتفقدان مستشفى بني محمديات بمركز أبنوب    «الصحة» تقدم 5 إرشادات مهمة للوقاية من الإصابة بالعدوى خلال فترة الحج 2024    وزير الزراعة: صرف 139 مليون جنيه تمويلا جديدا للمشروع القومى للبتلو    وزير الخارجية اليمني: هجمات الحوثيين لم تضر سوى باليمن وشعبه وأشقائهم العرب    الأحد.. عمر الشناوي ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    المشدد 6 سنوات لعامل ضبط بحوزته 72 لفافة هيروين في أسيوط    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    "الرعاية الصحية": حل 100% من شكاوى المنتفعين لأول مرة    الولايات المتحدة.. تراجع الوفيات بجرعات المخدرات الزائدة لأول مرة منذ جائحة كورونا    محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة ويتفقدان مستشفى بني محمديات بأبنوب    مد فترة التقديم لوظائف القطار الكهربائي الخفيف.. اعرف آخر موعد    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    صدام جديد مع ليفربول؟.. مفاجأة بشأن انضمام محمد صلاح لمعسكر منتخب مصر    يسرا رفيقة عادل إمام في مشوار الإبداع: بتباهى بالزعيم وسعيدة إني جزء من مسيرته    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    تنظيم 50 أمسية دينية في المساجد الكبرى بشمال سيناء    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    وزير الرياضة يطلب هذا الأمر من الجماهير بعد قرار العودة للمباريات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من السلام إلي الحرب..إيران في العاصفة
نشر في نهضة مصر يوم 08 - 07 - 2008

المعسكر الغربي بالنسبة لإيران لا يهدف فقط إلي إيقاف عملية تخصيب اليورانيوم، ولكن إلي جذب النظام الإيراني إلي ساحة المجتمع الدولي والوقوف تحت أنواره
الجميع يتكلمون الآن عن حرب قادمة ضد إيران، والجميع أيضا يقولون إن الحرب ستكون الملاذ الأخير وأن اللجوء إليها لن يتم التفكير فيه قبل استنزاف كل الخيارات السلمية الأخري. ومن الواضح أن وجود مثل هذه الموسيقي التصويرية العسكرية قد أصبح ضروريا بسبب طبيعة الأزمة، وعلاقتها بقضية تخصيب اليورانيوم التي لم ينجح المجتمع الدولي حتي الآن في إقناع طهران اتخاذ قرار بالتخلي عنه. نحن إذن أمام أزمة خطيرة يمكن أن تتحول في أية لحظة إلي حرب حتي ولو كانت الأغلبية تستبعد ذلك. وربما قد نحتاج إلي طرح عدد من الأسئلة لاستجلاء طبيعة هذه الأزمة، وأسلوب المجتمع الدولي في التعامل معها، واحتمالات تحولها من المسار السلمي إلي الحرب، وقدرة إيران علي الاشتباك في حرب طويلة، وتوقعات نتائج هذه الحرب بالنسبة لإيران والمنطقة والعالم.
نبدأ بطبيعة الأزمة ونري أنها من النوع "العاجل" غير القابل للانتظار والتأجيل، لأن ذلك من وجهة نظر المعسكر المضاد سوف يمنح إيران وقتا غاليا لتطوير قدراتها النووية والتحول إذا استمر الضغط عليها إلي المسار النووي العسكري أي إلي إنتاج سلاح نووي وهذا ما يقلق إسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وتأتي العجلة أيضا من طبيعة الخطاب الإيراني في أعلي مستوياته. رئيس الجمهورية الإيرانية يتكلم ويكرر ضرورة محو دول من خريطة العالم، ويهدد بضرب أهداف حيوية لجيرانه، ويعلن بشكل مستمر عن قدراته العسكرية الجديدة وما قد يضاف إليها من تطوير مستمر وخاصة في مجال الصواريخ بعيدة المدي القادرة علي الوصول إلي إسرائيل ودول الخليج وأوروبا. ومقارنة بحالة صدام حسين، نجد أن التهديد الإيراني له مصداقية أعلا من التهديد الصدامي، ولاشك أن خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية يعرفون أن سيطرة إيران علي التكنولوجيات النووية الحساسة أعمق بكثير مما كانت عليه الأمور في حالة العراق.
لكن الشئ الذي لا يمكن تجاهله ويبرر عجلة الغرب وليس إسرائيل فقط هو حجم النفوذ الإيراني الإقليمي مقارنة بنفوذ صدام حسين. والمشكلة أن بعضنا ينسي أننا نتعامل مع ثورة وليس انقلابا إيرانيا استطاع إزاحة الشاه بكل هيلامنه وكل علاقاته الدولية الواسعة، وبرغم أهمية طهران وقت قيام الثورة في منظومة الأمن الأمريكي والغربي، ودور إيران في الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفييتي. هذه السلطة الثورية الدينية والشيعية هي التي نجحت في وقت قصير مد نفوذها إلي جنوب لبنان وتحويل الجيب الشيعي الصغير والفقير إلي حالة ثورية استطاعت ونجحت في جعل جماهير العالم العربي والاسلامي يقف علي قدميه رافعا صور حسن نصر الله متجاهلا كل ما أصاب لبنان من دمار وعدم استقرار. هي أيضا الثورة التي نجحت في جعل سوريا حليفا لها في حين فشل صدام في ذلك. الخلاصة أننا أمام مشروع فكري يريد أن يتمدد وينتشر لكن في إطار ديني تُشكل فيه القداسة جانبا مهما في إدارة شئون الحكم، وهو ما يشكل نوعا من التهديد غير قابل للتنبؤ به والتعامل معه بطريقة منطقية. وهذا هو الفارق الأساسي بين القنبلة الإيرانية وبين القنبلة الهندية أو الباكستانية بالنسبة لإسرائيل وأوروبا وأمريكا.
المعسكر الغربي بالنسبة لإيران لا يهدف فقط إلي إيقاف عملية تخصيب اليورانيوم، ولكن إلي جذب النظام الإيراني إلي ساحة المجتمع الدولي والوقوف تحت أنواره، وهو ما حدث من قبل مع الاتحاد السوفييتي والآن يجري مع كوريا الشمالية. فالمعني الحقيقي للتهديد ليس في امتلاك سلاح ولكن في وجود حالة تعتيم في الداخل واحتكار للسلطة وتمركزها في يد مجموعة مغلقة لا يمكن التنبؤ بقراراتها. وعلي سبيل المثال لم يكن هناك واحد في العراق يمكنه الاعتراض علي غزو الكويت، ونفس الشئ يمكن أن نجده في كوريا الشمالية، وكان الوضع كذلك في مصر نسبيا في عهد عبد الناصر. لذلك تتكون حزمة الحوافز الغربية من جوانب تكنولوجية واقتصادية وسياسية لدعوة إيران إلي السوق العالمي ليعرض بضاعته في النور وليس في الظلام.
المشكلة أن إيران تطالب أن يكون لها دور إقليمي بدون أن توصف هذا الدور. والدور الإقليمي في عقل المجموعة المسيطرة حاليا في طهران تعني الهيمنة ونشر المذهب الشيعي ولا مانع من اتباع وسائل الاغتيال والإرهاب لتحقيق أهداف سياسية معينة. وهو نفس الأسلوب، ولكن من منطلق آخر، الذي كان صدام يخطط له بالنسبة للخليج. وعندما اجتاح صدام الكويت كان في نيته أن يقنع الغرب بأن يترك له بالوكالة السيطرة علي هذه المنطقة الهشة وإخضاعها لنظام صدام الدموي. ولو كان نظام صدام ديموقراطيا وأقام مع دول الخليج
علاقات تعاونية اقتصادية وسياسية ما منعه أحد، لكنه كان يحلم بسلطة سكرتير الحزب الشيوعي في زمن الاتحاد السوفييتي وقدرته علي إصدار الأوامر بالتليفون لرؤساء دول حلف وارسو في أوروبا الشرقية. وفي الحقيقة لقد كانت هناك آمال إيرانية في ثورة الخميني من قطاعات مدنية رأت أن من الممكن أن يكون لها دور في بناء إيران الحديثة بعيدا عن فكر الشاه الإمبراطوري، واستخدمهم الخميني لبعض الوقت ثم أزاحهم جميعا، وعندما أراد خاتمي من داخل المؤسسة الدينية طرح فكر قادر علي التعامل مع العالم حوصر وتم التخلص منه، ومازال في المؤسسة الإيرانية من ينتقد الخطاب السياسي الإيراني لكن كل ذلك لن يغير بسهولة من صخرة الأيديولوجية الرابضة في قم والتي تنظر إلي المنطقة والعالم من زاوية مختلفة تماما لا يرضي طموحها إلا امتلاك القنبلة النووية والصواريخ بعيدة المدي واستخدامها طبقا لمنطلقها الخاص كما فعل حسن نصر الله تماما عندما قرر بدء الحرب وإطلاق الصواريخ وهو يخرج لسانه لحكومة السنيورة ويهزأ من ضعفها منتشيا بهتاف الجماهير.
وسوف أكون مندهشا لو وافقت طهران (أو لنقل قم) علي إيقاف عملية التخصيب. فمن الناحية القانونية البحتة من حق غيران امتلاك هذه التقنية، والنظام من الناحية الأيديولوجية يرغب في ذلك. وهناك من يري أن إيران تُريد الحصول علي أفضل عرض ممكن وهي تضغط في هذا الاتجاه وتماطل بمعني أنها سوف تقبل في النهاية وقف التخصيب في الداخل وهو احتمال ضعيف من وجهة نظري، ولو حدث ذلك سيكون له آثاره الداخلية والخارجية بالنسبة للنظام الحاكم في طهران. وعلي الجانب الآخر، ومن الناحية السياسية وليس القانونية، هناك قرار من مجلس الأمن بوقف تخصيب اليورانيوم لأن إيران أخفت من البداية هذه العملية عن الوكالة الدولية، وبالتالي وضعت طهران في خانة تهديد السلام والأمن الدوليين الأمر الذي يفتح الطريق لمجلس الأمن -إذا لم يستخدم أحد حق الفيتو - الموافقة علي استخدام القوة ضد إيران.
نأتي إلي الخيار العسكري واحتمالاته وهي ليست قليلة، إما بسبب الضغط الإسرائيلي الذي لا يتوقف عن دفع الآخرين إلي هذا الطريق، أو أن تقوم إسرائيل بالمهمة وحدها كما فعلت مع سوريا. أو أن تبادر إيران عند إحساسها بالخطر كما فعل حزب الله وقرر البدء بالحرب قبل أن يسبقه إليها العدو. وإيران ليست قوة عسكرية كبيرة، وليست هي الأفضل مقارنة بتركيا وإسرائيل، وهناك شكوك حول قدرة قواتها الجوية. والسيناريو الأول أن تكون ضربة إسرائيل أو أمريكا محدودة لكن مؤثرة، وهنا قد تبلع إيران الضربة كما فعل صدام وكما فعلت سوريا مؤخرا علي أمل إصدار بعض البيانات التقليدية تدين الاعتداء ورفع الأمر إلي مجلس الأمن. لكن ذلك سوف يصيب الصورة الثورية الإيرانية في الصميم، بعد أن سبقت وهددت حرق كل إسرائيل وليس نصفها فقط كما هدد صدام.
وفي حالة قيام طهران برد شامل فستكون الحرب مفتوحة وواسعة، ولن تقتصر علي طرفين، فسوف يدخل كل الحلفاء علي الخط لأن النتيجة يتوقف عليها مستقبل الشرق الأوسط وربما العالم. وقد تقدم إيران عرضا أوليا جيدا بالصواريخ ضد أهداف تخص العدو أو حلفائه، وقد تصل إلي أهداف حيوية داخل إسرائيل والخليج، وقد تضرب قطعة بحرية أمريكية، لكن الحساب النهائي سوف يتوقف علي شيئين محوريين. الأول أنشطة المخابرات وقدرتها علي النفاذ إلي الآخر وتحديد مواقع الأهداف ودرجة مناعتها. وأتصور أن الأقمار الصناعية هذه الأيام تعمل بكامل طاقتها. والأمر الثاني هو القدرة علي تعويض مخزون الذخيرة من الصواريخ وغيرها من أنواع النيران المختلفة. واستهلاك الذخيرة في الحرب الحديثة كبير ويحتاج إلي تعويض مستمر. ويتوقف ذلك علي قدرة تعويض ما يستهلك ذخيرة من مصادر خارجية أو داخلية إذا كان ذلك متاحا وممكنا وإذا لم تتعرض مخازنه ومصانع إنتاجه للقصف الجوي أو الاكتساح البري. وتقديري أن إيران لا يمكنها الصمود في حرب طويلة، علي الأقل سوف يحدث لها ما حدث للعراق، فليس لها حلفاء كبار يمكنهم دخول الحرب معها، وقد تصاب إسرائيل وأمريكا بأذي لكن حجم الضرر بالنسبة لإيران سيكون عظيما في كل الأحوال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.