يري هنري سيجمان "Henry Siegman" أنه لن تنجح مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بدون إدماج حركة حماس في تلك المفاوضات. ويضيف أن الفرضية الأمريكية والإسرائيلية بعزل حماس وعدم الحوار معها سيفضي إلي عملية سلام ناجحة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، فرضية خيالية ليست صحيحة. وأن هذا لن يتحقق لأنه لا يمكن تحقيق أي تقدم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدون حماس؛ باعتبارها فاعل له وزنه وتأثيره فلسطينياً. وهنري سيجمان "Henry Siegman" متخصص في عملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط، والعلاقات العربية الإسرائيلية والسياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط. فقد عمل مديراً تنفيذياً لمجلس اليهود الأمريكيين (American Jewish Congress) للفترة من 1978 إلي 1994، ومؤسسا وباحثا بمركز دراسة روكيفيلر (Rockefeller Study Center) بايطاليا عام 1992، وكذلك مؤسس اللجنة اليهودية العالمية لاستشارات بين الأديان (International Jewish Committee for Interreligious Consultations) عام 1968، ومدير الرابطة الأمريكية للدراسات الشرق أوسطية (American Association for Middle East Studies) ومحرر بدورية الدراسات الشرق الأوسطية(Middle East Studies) من عام 1658 إلي 1963. وكان مدير برنامج الولاياتالمتحدة الشرق الأوسط التابع لمجلس العلاقات الخارجية (CFR). يعرض تقرير واشنطن نص حوار أجراه معه الزميل برنارد جويرتزمان Bernard Gwertzman من مجلس العلاقات الخارجية، وفيما يلي نص المقابلة: مع استمرار القتال بين حماس وإسرائيل، ومع وفاة أكثر من مائة من الفلسطينيين والقليل من الإسرائيليين خلال الأسابيع الماضية. هل تعتقد أن الطرق الدبلوماسية من أجل الوصول إلي وقف إطلاق النار من الممكن أن تفضي إلي محادثات سلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحت قيادة محمود عباس زعيم فتح؟ لا أعتقد أن المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية ممكن أن تفضي إلي شيء بدون إيجاد طريقة لدمج حماس التي تشكل حكومة تمثل نصف الشعب الفلسطيني في تلك المحادثات، حيث لا يمكن أن تحقق سلاماً مع نصف الشعب وأن تكون في حالة قتال وصراع مع النصف الآخر. فالفرضية الأمريكية والإسرائيلية بأن عزل حماس من أي محادثات سلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي سوف تفضي إلي سلام حقيقي فرضية خيالية، ولا يمكن تطبيقها علي أرض الواقع. والسؤال هو هل يمكن إقناع الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية بالسماح لحركة حماس بالمشاركة في عملية السلام؟ وهو هل ستشارك حماس إذا سمح لها؟ حسنا دعنا نرجع إلي الوراء قليلاً، بعد تشكيل حكومة وطنية في مطلع عام 2007، بناء علي اتفاق مكة برعاية السعودية، وحتي قبل ذلك، عندما كانت هناك محادثات بين حركتي فتح وحماس حول إمكانية تشكيل مثل تلك الحكومة، أوضحت حماس أنه علي الرغم من أنها لن تشارك في مثل تلك الجلسات إلا أنها لم تكن تعترض علي إجراء محادثات من هذا القبيل، أو علي عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية وحركة فتح، وإجراء تلك المفاوضات. لذا لم يكن هناك عائق لعملية السلام أن تمضي قدماً، وخصوصاً منذ أن التزمت حماس بطرح أي اتفاق يحقق مع إسرائيل للاستفتاء العام، كما التزمت حماس بنتائج هذا الاستفتاء. ففرضية أنه لا يمكن تحقيق تقدم في محادثات سلام طالما حماس في الحكومة فرضية غير صحيحة. هل أنت مع التحليل الذي جاء في مجلة "فانيتي فير" (Vanity Fair) القائل إن الولاياتالمتحدة خططت مع حركة فتح لإحداث انقلاب في غزة، والتخلص من حماس، والذي أخفق مما أدي إلي المواجهات والتصادم بين الحركتين (حماس وفتح)؟ المرء لا يحتاج إلي مقالات تحقيقيه للتوصل إلي تلك المقاربة التي خلصت إليها مجلة "فانيتي فير". وليس سراً علي الإطلاق أن الحكومة الأمريكية أعلنت عن رغبتها منذ البداية في تدعيم القوي العسكرية التابعة لعباس، فقد عينت جنرالاً أمريكياً ليكون مسئولاً عن برنامج دعم تلك القوي العسكرية، وتوفير المخصصات المالية للتدريب والمعدات، وتسليح هؤلاء الأفراد. وقالت علناً أن الغرض من هذا البرنامج تدعيم وتسليح تلك القوي لتكون أكثر قدرة علي مواجهة حماس والإطاحة بها من الحكومة وهذا لم يكن سراً. أنا لم أر أن الحكومة الأمريكية قد أعلنت صراحة أنها تريد من حركة فتح إسقاط نظيرتها حماس من الحكومة. نعم، إنهم أعلنوا عن ذلك صراحة. ما حدث بعد ذلك كان بتوجيه من "محمد دحلان" مستشار الأمن القومي للرئيس عباس حينذاك، فقد وُجهت تعليمات لميليشيات فتح بالهجوم علي حركة حماس، وإيجاد حالة من الفوضي من شأنها السماح لقوات الأمن التابعة لعباس من الدخول وإبداء الرغبة في الحفاظ علي الأمن بغزة، وتولي زمام الحكم. متي اتخذ هذا القرار؟ القرار حسب المقالة مقالة فانيتي فير أُخذ فوراً بعد انتخابات يناير 2006. وكما تقول مجلة (فانيتي فير) أعضاء من وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض كانوا مصدومين من نتائج تلك الانتخابات. فقد فازت حماس بالأغلبية (انتخبت بأغلبية ساحقة) في حين خسرت فتح. وفي هذا الوقت كانت حماس تراقب إعلانها وقف إطلاق النار. فلم تطلق الصورايخ أو تدخل في عمليات العنف ضد إسرائيل. إن هذا لأن الكثير من الشعب الفلسطيني كان لديه انطباع أن تم الإطاحة بحماس لشيء يتصل بمنهج حماس المتبني للعنف وهذا ليس صحيحاً، ففي هذا الوقت أُتخذ القرار وكان هناك وقف لإطلاق نار من جانب حركة حماس لمدة عام ونصف العام. في واقع الأمر قناعات الرئيس الأمريكي "جورج بوش" بشأن حركة حماس بعيدة عن الحقيقية، والحقيقة أن حركة حماس وتنظيم القاعدة علي خلاف تام (علي طرفي نقيض)، وهما علي ذلك منذ نشأتهما. القاعدة لا تؤمن بحركات التحرر الوطني ذات الطبيعة القومية. فهي (القاعدة) تؤمن بالعودة والرجوع الديني إلي إقامة الخلافة الإسلامية علي كل الأراضي الإسلامية. فالقاعدة ترفض فكرة فلسطين القومية وما شابه ذلك، وأنها ليست متعاطفة مع حماس. وحماس تبرأت ورفضت في أكثر من محفل خطابات وتصريحات قادة التنظيم بخصوص الحركات الفلسطينية. ماذا عن الإسرائيليين؟ الإسرائيليون يعرفون حماس جيداً. هل تعتقد أن الإسرائيليين يفضلون الحوار مع حماس علي الرغم من أنها لا تعترف بإسرائيل؟ حسناً يظهر استطلاع للرأي بصحيفة هآرتس (Haaretz) العبرية أن نسبة كبيرة من الإسرائيليين يريدون حكوماتهم أن تتحاور مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ لأنهم علي قناعة أنه لا يمكن تحقيق سلام بدون حركة حماس. فقد أبلغني أشخاص علي دراية ببواطن الأمور بتل أبيب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وعددا من أفراد حكوماته لديهم رغبة في التعامل مع الحركة. وهم يعدون للرد علي مطالب حماس للدخول في هدنة واستغلال تلك الهدنة في إعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم حركتي حماس وفتح، ولكن هناك رفضا أمريكيا صلبا من الصعب التنازل عنه لشيء من هذا القبيل (أي للحوار مع حركة حماس باعتبار أنها منظمة إرهابية حسب التصنيف الأمريكي والغربي). يردد الإسرائيليون حالياً أن حركة حماس تستخدم صورايخ مصنعة في إيران لضرب عسقلان. هل تعتقد أن إيران متورطة حالياً في دعم الحركة؟ إيران وحماس ليستا حلفاء طبيعيين. فحماس سنية علي عكس حزب الله الشيعي الحليف الطبيعي لإيرانيين. فحماس تحارب وتكافح كما نري، من أجل بقائها. لذا فإنها في مثل تلك الظروف تقبل الدعم من أي قوي راغبة في تدعيمها. وليس هناك دليل، علي حد علمي، أنها قبلت هذا الدعم تحت مسمي تابع لإيران. فعندما رغبت طهران في تنظيم لقاء لمعارضة مؤتمر السلام بمنطقة الشرق الأوسط في نوفمبر الماضي (2007) مؤتمر أنابوليس برعاية أمريكية رفضت حماس الحضور مما دفع الجانب الإيراني إلي إلغاء خططه.