تعليقا علي ما نشر عن التعليم الأجنبي في مصر والمدارس الأمريكية بالتحديد، لم أكن أتوقع اي رد فعل من قبل بعض أولياء أمور طلاب المدارس الأمريكية، وإن كان هناك رد فعل فانه بالضرورة سوف يكون رد فعل غاضبا ودفاعا عن هذه المدارس حرصا علي مستقبل أبنائهم. ولقد هيئت نفسي للدفاع عن وجهة نظري عندما اتصلت احدي السيدات(ولها اثنان من الأبناء بالمدارس الأمريكية) للتعليق علي ما تم نشره حول هذا الموضوع .وعلي عكس المتوقع فوجئت بها تتطلب مني كتابة المزيد حول هذا الموضوع حتي يتسثني للمسئولين التعرف علي هذا النوع من التعليم الفاشل (علي حد قولها)، فأجبتها انه علي الرغم من وجود تحفظات علي هذا التعليم لكنه ليس سيئا إلي هذه الدرجة. وإذا كان هذا رأيك فلماذا الحقتي أبناءك بهذه المدارس ؟!فأجابت بحزن لقد اتخذت هذا القرار بعد أن سمعت عن مدي سهولة التعليم الأمريكي في مصر مقارنة بالثانوية العامة المصرية كما أن الحصول علي درجات مرتفعة في الدبلوم الامريكي أمر مؤكد وكنت أتابع إعلانات هذه المدارس بالجرائد وتأكدت من أن كل طلاب الدبلومه الأمريكية يلتحقون بكليات القمة دون اي دروس خصوصية وبسهولة شديدة ولذلك أسرع كل من اعرفهم بتحويل أبنائهم إلي المدارس الأمريكية، هروبا من الثانوية العامة والبعد عن الالتحاق بالجامعات الخاصة، وعلي الرغم من ارتفاع المصروفات التي وصلت في المدارس العادية إلي 25الف جنيه في السنة، إلي انني أسرعت بتحويل أبنائي إلي التعليم الامريكي، ومما سهل الموضوع أن هذه الفصول بنفس مدرسة الأولاد فلم يكن هناك اي مشكلة، وعلي الرغم من ملاحظة أن الأولاد ليس لديهم كتب دراسية، بل كل أسبوع يتم تسلم ملخص لمادة ما ويمتحن فيها اليوم التالي وأصبح لديهم وقت فراغ طويل نتيجة لعدم وجود واجبات منزلية أو مذاكرة قبل الامتحان ولكني لم اهتم بل اعتبرته ميزة فلقد ارتحت من المذاكرة والمتابعة اليومية للواجبات. ولكني فوجئت بعد أن وصل ابني الأكبر إلي G12 (السنة النهائية) تغير نظام القبول بالجامعات المصرية وتم وضع شروط "تري أنها قاسية"، فلقد كانت المدرسة تمنح 80% من مجموع دراجات الثانوية العامة وعادة ما يحصل عليها جميع الطلاب ثم خفضت إلي 60% ثم إلي 40%. وأصبح علي الطلاب اجتياز امتحان SAT 1-SAT 2 بدرجة لا تقل عن 1200 درجة بعد أن كانت 800 درجة فقط بل إن هذا العام ارتفعت إلي 1320درجة وعلي الرغم من كم الدروس الخصوصية مرتفعة التكاليف - مما اضطرني إلي تحويل الابن الأصغر إلي مدرسة اقل في المصروفات (13 ألف جنيه في السنة) - إلا أن ابني حتي الآن عجز عن الحصول علي هذه الدرجات .ولقد وافقت احدي الجامعات الخاصة علي قبول هؤلاء الطلاب شريطة النجاح في امتحان واحد، وما زلت في انتظار النتيجة. فأجبتها إذا عودي إلي الدروس الخصوصية والجامعات الخاصة مرة أخري رغم كل ما تم إنفاقه طوال السنوات الماضية، فإذا كان الأمر كذلك لماذا لا تحولي ابنك الصغير (الصف الثاني الإعدادي) إلي التعليم المصري، فأجابت علي حد علمي لا يسمح بعد مرور أكثر من عامين العودة إلي التعليم الوطني، كما أن مستوي اللغة الإنجليزية المنخفض جدا لا يسمح له بالدخول إلي IG. اشعر أنني تعيسة جدا فلم احصل علي المجموع المرتفع وكليات القمة ولا علي تعليم جيد لأبنائي. تري من المخطيء؟!! وفي اتصال آخر سألتني السيدة هل حقا ما يقال عن الدبلوم الامريكي هذه الأيام، فردت لها السؤال علي اعتبار أن أبناءها في المدارس الأمريكية فأجبت أنها لا تعرف، لان ابنتها الكبري انتهت من الشهادة العام الماضي وقد حصلت علي 60% من الدرجة من المدرسة وحصلت علي درجات SAT, 1-2 800 درجة وكان هذا سهلا. وعلي هذا الأساس أدخلت الابن الأصغر بعد أن انتهي من شهادة الإعدادية هذا العام .ولكن التعديلات الأخيرة صعبت الموضوع كما أن ما أشرت إليه في مقالك السابق جعلني أتردد وأفكر في تحويل ابني إلي الشهادة الإنجليزية. لقد ارتضينا دفع كل هذه الأموال مقابل التسهيلات السابقة. فسألتها لماذا لا تعودي بابنك إلي التعليم المصري، خاصة انك ذكرت انه كان من الفائقين فأجبت لا أريد المجازفة بالدخول في دوامة الثانوية العامة والدروس الخصوصية، ومفاجآت الامتحان، وأخطاء التصحيح .وماذا عن الجامعات الخاصة. أجابت أنها تفضل الجامعات الحكومية . فسألتها وإذا تغير نظام الالتحاق بالجامعات في مصر. هل تعودين بابنك إلي التعليم المصري، حتي إذا لم تتغير المناهج إجابت بثقة كبيرة، طبعا بلا جدال، فانا لست من الطبقة التي تدخل أبناءها تعليما أجنبيا لمجرد التميز أو التباهي إمام الآخرين إن اولادي لا يتحدثون العربية وليس لديهم فكرة عن بلادهم أو تاريخهم لأنهم لم يدرسوا إلا كل ما هو أمريكي أو انجليزي أو كندي .أرجو أن تصدقي أن الكثيرين ادخلوا أبناءهم وهم يعانون من ارتفاع مصروفات هذه المدارس. ولكنه مستقبل الأبناء. أرجو أن يكون وصل معني كلامي فهمت ما تقصدين ولكن فهمي وتعاطفي معك لن يجدي شيئا. وبعد أن أنهيت الاتصال تساءلت لماذا اشعر بالتعاطف معهم لقد كنت بالأمس فقط أري أن هذا اختيارهم وأنهم السبب في انتشار هذه المدارس نظرا للاندفاع للالتحاق بها. ولكني اكتشفت أنهم من الضحايا. لكن في الوقت نفسه يثبت ما توصلت إليه من نتائج في دراستي من أن الإقبال الكبير الذي تالقه هذه المدارس لا يرجع إلي ما تقدمه من تعليم متميز أو استخدام تكنولوجيا التعلم كما يدعي بعض المسئولين. ويبقي السؤال، علي من تقع المسئولية ومن يحاسب علي ما وصل إليه التعليم في مصر. لقد أصبح التعليم (علي حد قول استاذنا حامد عمار)، سلعة تعرض في السوق بأنواع مختلفة والكل يحاول الشراء كل حسب قدرته المالية .ومن لا يقدر يجتهد في التضحية بكل ما يستطيع كي يحصل علي أفضل ما يمكن شراؤه من اجل مستقبل الأبناء التعليم الذي وضعه رئيس الجمهوري علي قمة الاولويات وأصبح في عهده قضية امن قومي!!