أطل الدكتور أيمن الظواهري عبر شاشة الجزيرة الأيام الماضية ليعلن خبر انضمام قيادات من الجماعة الإسلامية المصرية إلي تنظيم القاعدة، ويبارك انضمامهم وذكر بعض أسماء لهذه القيادات التي تقيم بالخارج بعضهم في ظروف مجهولة أبرزهم محمد شوقي الاسلامبولي شقيق قاتل السادات ومحمد خليل الحكايمة . وبعضهم ظروفه معلومة مثل الشيخ عبد الآخر حماد المقيم بألمانيا لاجئا سياسيا ومحمد مصطفي المقريء اللاجيء بلندن. غير أن هذا الخبر علي غير كل ما يعلنه الظواهري دائما في أشرطته المتلفزة أو الصوتية لم يتضمن أسبابا مجمعة وأغراضا عامة قومية أو أممية، وربما لا أجاوز إذا قلت إنه تضمن ما يمكن أن يوصف بالجدل والإثارة أكثر من تضمنه معلومات رائقة، ذلك أن العلاقة بين الجماعة الإسلامية المصرية والجهاد شهدت دائما توترا مكتوما في العلاقات بينهما حتي عندما تحالفا لأسباب مرحلية قبيل اغتيال السادات عادا وانفصلا فور إتمام العملية، وشهدت تلك العلاقة تأرجحا حال وجود عدد كبير من قيادات الجماعة الإسلامية طلقاء خارج مصر في أفغانستان في الفترة ما بين 88 / 99 ووجوده هو أيضا في تلك الآونة في ذات المكان متمتعا بعلاقات استراتيجية كانت تولد بينه وبين أسامة بن لادن، وفشلت كل محاولات التوافق بين الجماعتين مجددا في تلك الفترة. لكن علاقات الظواهري توثقت بقيادي الجماعة الإسلامية رفاعي طه الملقب بأبي ياسر الذي شغل موقع رئيس مجلس شوري الجماعة خصوصا بعد إطلاق قيادات الجماعة التاريخية مبادرة وقف العمليات المسلحة من داخل السجن في يوليو 97، واعتراض طه عليها اعتراضا شديدا. وعندما صدر إعلان تشكيل الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين في مارس 98 وتضمن إلي جانب توقيعات أسامة بن لادن وأيمن الظواهري توقيع زعيم الجماعة الإسلامية رفاعي طه، حدث جدل كثيف وأرسل قيادات الجماعة من داخل محبسهم رسالة شديدة اللهجة إلي طه حملتها منهم آنذاك وأرسلتها إليه تضمنت لوما علي موقفه دون مشاورة إخوانه، ولاختلاف منطلقات الجبهة (القاعدة ) عن منطلقات جماعتهم التي أسسوها واختلاف الأهداف حسبما عبروا في تلك الرسالة الشهيرة، وعندها عدل طه عن موقفه وأعلن تفسيرا علي موقع الجماعة الذي كان يبث علي شبكة الانترنت وقتها باسم (المرابطون) يحمل معني التراجع والانسحاب من الجبهة. من هذا المدخل نستطيع تفسير مدي قوة بنية مجلس شوري الجماعة الإسلامية وتأثيرات القيادات التاريخية علي عناصرهم وقواعدهم بما يصعب معه القول بإمكانية وقوع انشقاقات واسعة، ونستطيع قراءة تأثيرات إعلان الظواهري علي الجماعة الإسلامية المصرية . فلم تكد " الجزيرة " تنتهي من بث مقابلة الظواهري المتلفزة التي حوت الإعلان، حتي بادر فقيه الجماعة عبد الآخر حماد بالاتصال بالجزيرة واستمعنا إليه ينفي خبر انضمامه إلي القاعدة ويؤكد علي حقيقة لمسها الخبراء والمعنيون برصد ظاهرة الجماعات الإسلامية أن قيادة الجماعة الإسلامية المخولة بالقرار داخل مصر، وأنه لا يملك أحد التحدث باسمها غير قياداتها ومجلس شوري الجماعة الموجود داخل مصر. لا يقلل ذلك من قيمة ومكانة محمد شوقي الإسلامبولي الذي لا يمكن النظر إليه كشقيق لقاتل السادات بل لكونه واحدا من مجموعة أسست تلك الجماعة أواسط السبعينيات وكان شقيقه الأصغر " خالد " قد تتلمذ علي يديه وتوسعت دائرة علاقاته بأصدقاء محمد الذين يترددون علي منزل الأسرة بملوي ثم بضاحية عين شمس بالقاهرة، وهنا تجدر الإشارة إلي تأييد " الاسلامبولي الكبير " لمبادرة وقف العنف عند إطلاقها في يوليو 97 ولعب دورا أساسيا في صدور قرار من مجلس شوري الجماعة بالخارج في مارس 98 بوقف العمليات المسلحة داخل وخارج مصر. ورغم اعتراضات الاسلامبولي علي بعض التصريحات الصحفية لزملائه قادة الجماعة بمصر التي واكبت إصدار المراجعات الفكرية الجديدة، غير أن تأييد المبادرة أمر يختلف عن المراجعات، ذلك أن وقف العمليات العسكرية يعني عدم استعمال السلاح كوسيلة للتعبير عن الآراء أو المواقف السياسية، بينما المراجعات تتضمن لحد بعيد تغييرا أساسيا في منهج الجماعة ورؤيتها وعلاقاتها المتعددة بالدولة والمجتمع. لا أعتقد أن يكون لذلك الإعلان أثر ما في تعديل تركيبة الجماعة في هياكلها التنظيمية أو مراجعاتها الفكرية اللهم إلا قصد إلقاء كرة ثلج يراد لها أن تكبر ومن ثم تفتح المجال لدخول قيادات أخري علي الخط في المستقبل المنظور. وإذا كان القدر المتيقن من الصحة الذي تضمنه الخبر هو إعلان انضمام محمد الحكايمة للقاعدة فهذا الجزء في حد ذاته لا يحمل إمكانية تضخم كرة الثلج، ذلك أن الحكايمة رغم كونه عنصرا مهما في الجماعة، إلا أن نفوذه تنامي في الخارج في فترة محددة، غير أنه بقي خارج دائرة اتخاذ القرار طول الوقت.