انتقد خبراء المجتمع المدني وحقوق الانسان الاقتراحات التي تضمنها تقرير مجلس الشوري حول تعديل بعض مواد الدستور، والذي رفعه للرئيس مبارك متضمنًا تعديل المواد 74 و 144 و145 و146 و156 من الدستور لمنح مجلس الوزراء دورًا مع رئيس الجمهورية في وضع السياسات العامة أو تضمن اقتراحات بتوسيع صلاحيات مجلس الشوري عن طريق تعديل المادتين 194 و195، كما أوصي بإجراء تعديلات لتحديد "كوته" للمرأة في البرلمان وفي المجالس المحلية، وتضمنت الاقتراحات أيضًا الأخذ بنظام القوائم النسبية في الانتخابات مع اعطاء الحق كاملاً للمستقلين في الترشيح بدلاً من النظام الفردي المعمول به الآن ويتطلب ذلك اضافة نص جديد في الدستور بجانب تعديل المادة "87" منه. كما تضمنت المقترحات تعديل المادة "88" من الدستور المتعلقة بالاشراف القضائي علي الانتخابات حيث يريد المجلس اقتصاره علي اللجان الرئيسية فقط دون الفرعية، كما تحدثت الاقتراحات عن تغيير المواد 12 و24 و30 و33 المتعلقة بالفكر الاشتراكي وعلاقته بالدستور، كما تحدثت عن إلغاء المادة 19 من الدستور المتعلقة بالمدعي العام الاشتراكي وإحالة اعماله إلي النيابة الادارية والقضاء العادي، كما اشارت المقترحات إلي تعديل المادة 40 لاعادة النظر في مدي كفاءة العقوبات المقيدة للحرية والعقوبات المالية المقررة في جرائم النشر، كذلك تعديل المادة "41" لتحديد قواعد ومدة الحبس الاحتياطي. وقد اعتبر الحقوقيون أن هذه المقترحات من قبل مجلس الشوري تعد التفافًا علي دعاوي الاصلاح ولا تعدو كونها توقيعًا للدستور وتنفيذًا للضغوط الشعبية والدولية المتزايدة، وانتقدوا خلو الاقتراحات من نصوص محددة أو صورة واضحة لشكل المواد المقترح تعديلها بعد اجراء التعديل، ولفتوا إلي أن الدستور المصري أصبح متناقضًا في روحه وفلسفته مع الأوضاع القائمة في مصر فضلاً عن كونه جاء متخبطًا منذ البداية بين مناهج وفلسفات مختلفة، وهو ما يعدو لاعادة النظر في جميع خصوصه من خلال هيئة تأسيسية منتخبة انتخابًا حرًا وإقامة حوار مجتمعي مقنع ومحرر من جميع القيود والمحرمات، والانتقال بهذا الحوار ومقترحات الهيئة التأسيسية بين جميع القطاعات والفئات العمرية والخروج بها خارج نطاق القاهرة. اعتبر أمير سامح - رئيس الجمعية الوطنية للدراسات - أن التعديلات التي اقترحها مجلس الشوري لا تستجيب للمطالب الوطنية، وقال انها طريقة للتنفيس عن الضغوط المتزايدة ومحاولة لتفويت الفرصة علي أحداث التغيير والاصلاحات الحقيقية، ووصف الأسلوب بأنه تكنيك معروف ومعتمد في الدول الاستبدادية يهدف إلي تكريس الأوضاع واستمرار الحكام في مقاعدهم. ويقول أن أي تعديل حقيقي لابد أن يبدأ بوقف استمرار نظام الحكم الفردي المطلق الذي يتجسد في أكثر من 36 مادة في الدستور الحالي يجب تعديلها جميعًا، يأتي بعد ذلك تحرير القضاة تمامًا من قبضة السلطة التنفيذية وابعاد وزير العدل ووزارته عن المجلس الأعلي للقضاء ورفع سلطاته عن النيابة العامة، واقرار مبدأ اختيار النائب العام من قبل المجلس الأعلي للقضاء. ويضيف لابد من تعديل ما يتعلق بالنظام الانتخابي لتصبح العملية الانتخابية في جميع مراحلها خاضعة للاشراف القضائي دون أي تدخل ودون أي تواجد لوزارة الداخلية كشرط أساسي لنزاهة الانتخابات، ويجب أن يتضمن أي تعديل تحرير للأحزاب السياسية ووضع صيغة تقبل تعددية حزبية حقيقية ويأتي ذلك من خلال نص دستوري ينعكس القانون، كما يجب أن ينص الدستور علي حرية واقعية وحقيقية للصحافة وأن يتضمن التعديل الدستوري ألا يوقع جزاء بعقوبة علي الصحف والصحفيين إلا العقوبات المدنية، واخيرًا لابد من تعديل المادة الثانية من الدستور لتقر ترسيخًا لمبدأ المواطنة وتساوي جميع المواطنين. قال سالم أن الاشكالية ترتبط بمنهج الحزب الوطني والحكومة في رؤية قضية الاصلاح والتغيير وهذا المنهج يرفض اجراء إصلاحات إلا في حدود ما تراه السلطة والأجهزة الأمنية وأمانة السياسات، وهو منهج يستبعد وجهة نظر قوي المجتمع والمؤسسات المدنية حتي وان كانت احزابًا ونقابات، كما تتجاهل الدولة مخاطر استمرار منهج الالتفاف والتجاهل للتغيرات ذات الطبيعة الدولية والاقليمية، وادعاءاتها المتواصلة بأنها تسعي للتغيير خطوة خطوة بينما الجميع يعلم أن النظام يحجب التغيير ويناور بصيغ ذات طبيعة دعائية واعلامية لا أكثر. يري بهي الدين حسن أن التعديلات المقترحة جاءت مطاطة ولم تتضمن نصوصًا محددة وهذا ما يجعلنا نتخوف خاصة وأن لدينا في مصر تجارب عديدة مع مثل هذا النوع من التعديلات اخرها قرار تعديل المادة "76" والتي استبشرناها بها خير ليأتي التعديل في النهاية علي عكس ما توقعناه ومخالفا تمامًا لأمنيات المواطنين والقوي السياسية والمدنية. ويقول احيانا تكون العناوين جميلة ولا يؤدي الفعل إلي شيء أو يؤدي إلي شيء سلبي، ويقول عدم التحديد في اقتراحات الشوري يصعب معه القول بالاتفاق أو الاختلاف معها باستثناء بعض التعديلات ومنها تعديل المادة "41" وهي المادة التي تجرم في الدستور الحالي أن تقيد حرية أي فرد إلا في حالات الطوارئ، وهذا يعني انه في حالة استمرار المادة علي حالها وإلغاء الطوارئ فسيكون تقييد حرية أي فرد غير جائز وغير ممكن سواء جاء قانون للارهاب أو غيره، وهذا ما يؤكد أن تعديلها سيأتي ليتلائم ليتلائم مع وقف العمل بالطوارئ واصدار قانون مكافحة الارهاب الجديد كي لا يطعن عليه بعد الدستور. ويتفق - حسن - مع مسألة توسيع اختصاصات ودور مجلس الشوري وإلغاء المدعي العام الاشتراكي ولكن المشكلة في عدم وجود نصوص واضحة أو اقتراحات محددة بهذه النصوص لنستطيع الحكم علي مدي توافقها ومطالبات القوي السياسية واحتياجات المجتمع، وانتقد ما تم اقتراحه من تعديل المادة "88" المتعلقة بالاشراف القضائي علي الانتخابات وما يسعي إليه المجلس بالعودة بهذا الموضوع إلي ما قبل حكم المحكمة الدستورية العليا الذي اقر واشترط اشرافا قضائيًا كاملاً، ويأتي مطلب مجلس الشوري في الاتجاه المعاكس لطموح وامال كل المصريين في وجود انتخابات نزيهة وحرة، وهي خطوة للوراء. ويعود - بهي الدين - مرة أخري لعدم وجود نصوص محددة ويقول أن التحول من نظام الانتخابات الفردي إلي نظام القائمة النسبية، وعمل مقاعد للمرأة اسوة بنسبة 50% عمال وفلاحين مطلبين جيدين، وانما كيف يتم ذلك وعلي أي صورة لا أحد يعرف، ولم يحدد ذلك التعديل المقترح، فمثلاً لا نعرف ما هي ونسبة هذه المقاعد، كما أن التعديل تحدث عن مقاعد للمرأة وتجاهل الأقباط. وفي النهاية - يقول - أن هذا الدستور لا يصلح الترقيع والتعديلات المشوهة فهو ولد بترقيع من الأساس بين فلسفات ومناهج مختلفة، وأصبح في روحه وفلسفته متناقضا مع واقع الحال في مصر، وقد اقترح البعض انتخاب هيئة مستقلة لصيانة دستور جديد، وهذا مطلب رائع إلا اننا نحتاج قبل هذه الهيئة لتعديل نظام الانتخاب لنضمن أن تكون محايدة ونزيهة وحرة، كما نحتاج ايضا إلي ازالة كل القيود علي المعلومات والأفكار لمدة عامين علي الأقل قبل انتخاب الهيئة، اضف إلي ذلك عمل حوار مجتمعي معمق حول مستقبل مصر والنموذج الذي نريد أن نكونه، وان يكون هذا الحوار مفتوحا ومجتمعيا من القيود والمحرمات. من جانبها تقول نهاد أبو القمصان - مدير المركزي المصري لحقوق المرأة - المقترحات بها أمور جيدة خاصة فيما يتعلق بتعديل المواد الاشتراكية وتقليص سلطات رئيس الجمهورية، وهذه القضايا مطروحة علي مستوي الشارع المصري وليس المثقفين فقط منذ سنوات طويلة، وانما الخوف من أن يتم تفريغ ذلك من مضمونه. تطالب - نهاد - بجبهة تأسيسية تتكون من مجموعة حكماء للنظر في الدستور بالكامل واقتراح ما يرونه بشأنه ثم يتم عرض ما يرونه علي جميع القطاعات وجميع المصريين في القاهرة والمحافظات ويظل ذلك قائمًا لمدة عامين، ويدرس أسلوب وضع ا لدستور نفسه لأن الدستور يجب ألا يتضمن تفصيلات وأن يقتصر علي المبادئ العامة، بمعني أنه مثلاً يكفل حق الانتخاب والترشيح لجميع المواطنين ثم يأتي القانون ليحدد نظام الانتخاب وكيفية المشاركة، كما يجب أن يتم التقليل قدر الامكان في الدستور من حالات الاحالة للقوانين ويعلي الدستور من المبادئ العامة والثوابت. وحول المرأة المصرية والدستور تقول - نهاد - أن المادة "11" من الدستور الحالي تنص علي أن تقوم الدولة بالتوفيق بين الدور الاجتماعي والأسري للمرأة ودورها العام وهذا لا يحدث علي أي المستويات بل علي العكس هناك الكثير من القرارات تأتي مناهضة ومتناقضة مع الدستور ونصوصه، وهذا ما يدفعنا للمطالبة بأن يتضمن الدستور النص علي اتخاذ بعض الاجراءات والتدابير المحددة المدة لصالح المرأة والتي تضمن التوفيق بين دروبها العام والخاص، كما يجب أن يشدد الدستور علي أن يكون تولي المناصب القيادية من حق جميع المواطنين وأن للمرأة الحق في ذلك، والعمل الكامل علي دعم حقوق المرأة. تضيف - نهاد - أي دستور لمصر لابد من أن يتضمن اعداد قيم المواطنة الكاملة خاصة بالنسبة للمرأة دون أن يخل ببعض التدابير لحمايتها واعطائها دورها الحقيقي، كما يجب اعادة تعديل المادة "76" ليتم خفض مدة الرئاسة من 6 سنوات إلي 4 سنوات ولا تزيد علي فترتين فقط، وان يتضمن الدستور تقييدا قويا وتحريما للحالات التي يمكن فيها استخدام الطوارئ. كما تطالب - نهاد - بخفض عدد مواد الدستور، وأن تطال التعديلات المادة "2" لتكون الشريعة الاسلامية أحد مصادر التشريع وليست المصدر الرئيسي، ليصبح لدينا تعدد في مصادر التشريع، وتحجم دور المؤسسات الدينية في التدخل في المبادئ الأساسية والحريات العامة. أما صلاح سليمان - مدير مؤسسة النقيب للتدريب ودعم الديمقراطية - فيقول أن ما اقترحه مجلس الشوري يعتبر توقيعا للدستور دون الاقتراب من أي اصلاح حقيقي فالحديث عن تعديل المواد التي تتحدث عن المدعي العام الاشتراكي، والاقتصاد والنظام الاشتراكي يؤكد أن الدستور منفصل تمامًا عن الواقع، كما أن الاقتراح لم يتطرق إلي المادة "76" والتي تطالب كل القوي السياسية بإعادة تعديلها بعدما اصابها من تشويه في التعديل الذي اجري عليها، وأكد سليمان أن مصر في حاجة لدستور جديد يؤكد علي الديمقراطية واحترام حقوق الانسان ويدعم المواطنة ويؤمن بالتعددية الحزبية ويسمح بالتداول السلمي للسلطة، فنحن نحتاج إلي دستور تتساوي فيه السلطات الثلاث ولا يكرس السلطة في يد رئيس الجمهورية