المحاولات الأمريكية في الوقت الحالي ، هي محاولات واهية لتأجيل الملف النووي الكوري القوي المنتصر، و التركيز علي الملف النووي لإيران. علي ما يبدو أن إيران هي الشغل الشاغل لأمريكا قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتواجدها ولقربها من منطقة الشرق الأوسط .من الواضح أن أمريكا استطاعت بنجاح أن تبعد التقارب الألماني الفرنسي!! والذي شكل جبهة صمود قوية في وجه أمريكا إبان حربها مع العراق، لكنها لم تكتفي بذلك ، بل وضعت أوروبا في صدارة المواجهة الأمريكيةالإيرانية بدعم أمريكي الوجهة والمواجهة، و أعادت شيراك إلي حظيرتها ، بعد أن ابتعد حليفه القوي شرودر عن المسرح السياسي. في وقت يتراقص فيه بوتين في روسيا لإرضاء الطرفين الأوربي و الأمريكي في آن واحد معا. .فهو خريج ذوبان ثلوج الحرب الباردة وعائما علي فيضانها وطوفانها معلنا انه بقايا نظام عالمي سابق متشبثا ببقائه بعدما انتصر الغرب عليه. ويأتي الشكل العام للموقف العربي ليضيف نقاطا تحتسب لصالح السياسة الأمريكية، و بوضوح هناك رغبة للبعض من الحكام العرب في عدم امتلاك إيران التكنولوجيا النووية. لكن هناك سؤالا بات و سيظل يتكرر علي ألسنة الشعوب العربية والذي يظهر دوما عدم الإجادة في حسابات السياسة العالمية في العالم العربي!! فهاهي إسرائيل تمتلك المئات من الرءوس النووية، ويعرف العالم اجمع هذا بوضوح، فلماذا يقف بعض العرب الآن و أقصد هنا البعض من الحكومات العربية وليس شعوبا في وجه الحق الشرعي لإيران؟ فإيران تشارك الموقف العربي، في البعض من وجهات النظر في اغلب قضايا الصراع. . في وقت من المفروض علينا أن نقف الوقفة الحازمة ، ونرفض أنواع التراخي أمام أمريكا أو غيرها ، ونضع استراتيجية تمكننا من النهوض والقيام لمناصرة الحق ، إذا كان الحق هو المبدأ ، وهو الأساس في عقيدتنا التي توشك علي الضعف والتلاشي أمام خصم عنيد يحاول التقليل من شأنها ، ويعيدها إلي أفكار القرون الأولي.. و الأمس ونهوض الشارع الأسلامي الذي رفض الإساءة إلي رسوله الكريم ومؤسس قيمه وباني حضارته المتسامحة ، والتي تناسي وصعب علي الغرب أن يفهم أنها عقيدة وليست أيديولوجية ليس ببعيد.. لتأجيج الفتن بين الأديان، في الوقت الذي الأديان فيها بريئة كبراءة الذئب من دم يوسف. من المعروف جيدا ، أن أمريكا لم تتوان في استخدام القنابل الذرية ضد اليابان ، وذلك لان اليابان في الحرب العالمية كانت في طريقها لامتلاك أسلحة تتفوق بها علي أمريكا وهذه هي الحقيقة التاريخية التي لم يتم السماح للمؤرخين بذكرها، إلا البعض ممن يملكون القوة والشجاعة من المفكرين الغربيين الذين يعيشون الآن في قلب الأراضي الأمريكية دون خوف لإيمانهم الشديد بما يسمي بالحرية ، التي انتهكها جورج بوش بالتنصت علي شعبه ، لأنه انتهك ابسط حقوق الحرية الفردية والجماعية لمواطنيه ، وليس رغبة ترومان الرئيس الأمريكي آنذاك كما يظن البعض، في استسلام اليابان ليوقف قصفها بالقنابل المدمرة التي ألقيت علي هيروشيما ونجا زاكي. ومن هنا علينا أن نعي أن مشروع إيران النووي لو كان يشكل خطورة علي الموقف الأمريكي في الظروف الحالية، لتم القصف الأمريكي لإيران قبل الحرب علي أفغانستان والعراق. فتصريحات الرئيس احمدي نجاد بشأن إسرائيل و مكان دولتهم، ليست بجديدة، لأنه سؤال بات يتردد كثيرا خصوصا في المحافل الرسمية و الدراسية والأكاديمية. ليس هذا فحسب ، بل ردده الزعيم الليبي معمر القذافي ، لكنه لما يقابل ويؤخذ بعين الاعتبار ويحمل محمل الجدية ، كما هو مأخوذ الآن ، ومن ألمانيا علي وجه الخصوص لأنها من حاول القضاء علي اليهود، و ما الهولكوست إلا طوق نجاة من المحارق النازية!!!!!. ولما التأسف بشدة علي برودة العلاقات التي أصابت ألمانيا و أمريكا فترة وجود شرود ر وتقاربه مع شيراك في الحرب علي العراق ، كما وصفتها المستشارة الألمانية في لقائها الأخير مع جورج بوش الرئيس الأمريكي إلا إعلانا عن الوجه الجديد لألمانيا في المرحلة المقبلة؟؟. وهنا تتضح لنا الرؤية بأن هناك اتفاق أصبح جليا، فيما تردده المستشارة الألمانية و ما يردده الآن الرئيس الفرنسي جاك شيراك ، الذي مثل سابقا مع شرودر الرؤية الصحيحة التي تقف وراءها الشعوب لمناصرة الحق في موقفهم إبان غزو العراق، والذي هرول فيه توني بلير لمناصرة بوش الابن ليبقي بريطانيا بمثابة الجسر الذي يمكن المرور عليه بين أمريكا وأوروبا . فإيران مصرة علي حقها الشرعي في امتلاك التكنولوجيا النووية، وهذا من ابسط الحقوق الشرعية لو كانت هناك عدالة دولية في غيابها يصعب تصنيف الأمور!!!!!؛ يقابله رفض أمريكي ، و معارضة المجتمع الدولي لإيران خصوصا فرنساوألمانيا وشبه صمت بريطاني، وتلاعب روسي للطموح في التحكم الروسي كمصدر من مصادر الطاقة، للضغط لإحالة الملف النووي لإيران إلي مجلس الأمن، والذي يعاني من نقصه للشرعية الدولية التي تطالب أكثر الدول الأعضاء عضوية الآن بتعديل نظامه، ومشروعية النظر إلي قراراته التي تفقد شرعيتها في ظل نظام عالمي أحادي الجانب ..و يعرف الجميع مسبقا أن إيران من أقوي الدول القادرة علي الصمود أمام أي حظر يفرض عليها، حتي وإن فرض عليها الحظر فسيكون الحظر للمرة الثالثة ، وتستطيع إيران أن تقوي عليه.. فهل توجد رغبة أمريكية في دق طبول الحرب مرة أخري؟!! من الواضح أن إيران بالرغم من الجرأة التي تتمتع بها من خلال تصريحات مسئوليها ، وحالات شبه الضعف العسكري أمام أي تحالف دولي، فهي لا تجد من يساندها دوليا في الوقت الراهن، خصوصا من جاراتها العرب .وهذه إحدي الفرص التي يجب الرهان عليها وليس الرهان علي الانتخابات الأمريكية. لقد كان من الممكن الرهان علي باكستان جارتها النووية، لكن من المستبعد أن يكون لها أي دور في معاضدة إيران. وهذا ظهر واضحا من خلال الانتهاكات الأمريكية للأراضي الباكستانية وقصفها وانتهاك حرمة أراضيها التي لم تجد من يدافع عنها في خضوع وخنوع وركوع من يمثلونها خصوصا رئيسها مشرف، الذي لن يتوان لحظة في إرضاء أصدقائه من الأمريكان مهما كلفه الأمر، فهاهو بوش يتجول كما يتجول في مزرعته بتكساس في قلب باكستان ويلقي الحفاوة والترحيب من مشرف وبطانته وهذا بدوره يؤكد لأمريكا مدي ولاء الرئيس الباكستاني مشرف لها كرجل يمكن الركون والاعتماد عليه للصالح الأمريكي وليس الباكستاني . فسيبقي الأمر بالنسبة لإيران متعلقا بالمساعي الدبلوماسية ، و إلي أي مدي تستطيع إيران المواجهة دون حلفاء،؟ في وقت سعي فيه احمدي نجاد إلي استمالة موقف عربي مؤيد له، لكن منعته من ذلك الهيمنة الأمريكية ، و الضغوط الأمريكية علي المنطقة لتبني سياسات ( ديمقراطية الشرق الأوسط)، وها نحن نعيش في موضة عصرية جديدة وهي موضة الانتخابات التي لم تخل منها دولة في عالمنا الثالث، طاعة عمياء تنفذها السياسات الخاضعة لأمريكا بغض النظر عن كيفية سير الانتخابات و ما هو الغرض الحقيقي من ورائها !!! كل هذا من المؤشرات التي تؤكد قدرة أمريكا في هذه المرحلة من أن تعزل إيران باستمالة القوي الكبري بما فيها ألمانياالجديدة التي مزقت قديما لغرض اقتصادي وليس سياسيا، وفرنسا المتمردة بقيادة شيراك الذي تم ضمه إلي الحظيرة الأمريكية بعد رحيل شرودر ، ليقفوا الآن خلف أمريكا المنتصرة والقوة الوحيدة ، ليسهل لأمريكا أن تنفرد بإيران القادرة علي الانتصار علي الحظر ، وتنفذ أمريكا أي مخطط مدروس في جعبتها السياسة بواجهة أوروبية، وهذا ما ستحكي عنه الأيام القادمة، خصوصا بعدما لعب القدر دورا يعضد إيران وهو ابتعاد شارون القوي القادر علي تنفيذ السياسات الأمريكية في المنطقة عن المسرح السياسي ، والذي من المحتمل أن يدفع بواشنطن إلي أن تعدل في خطتها بشأن إيران في المرحلة الحالية ، وتترك اكبر مساحة للدبلوماسية في أن تجد الحلول السلمية بشأن الملف النووي الايراني بعيدا عن التحرشات العسكرية وتجييش الجيوش. وإن تم هذا فستكون إحدي اللكمات التي يتلقاها شيراك من الجمهوريين الأمريكيين قبل رحيلهم عن السلطة وفصل إيران عن جاراتها العرب.