تناولت في مقالي السابق في إطار التأكيد علي ما تثبته الأيام والتاريخ من أن الشعب المصري قادر علي إحراز النجاح والفوز إذا تولدت لديه العزيمة والإرادة والإصرار علي تحقيق الهدف.. رمزا من رموز علماء جائزة نوبل المصريين بمناسبة تكريم مصر له رئيسا وشعبا بمنحه قلادة "النيل العظمي" ألا وهو العالم المصري د. محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة اذرية والذي نال مؤخرا جائزة نوبل للسلام. تناولت في مقالي السابق في إطار التأكيد علي ما تثبته الأيام والتاريخ من أن الشعب المصري قادر علي إحراز النجاح والفوز إذا تولدت لديه العزيمة والإرادة والإصرار علي تحقيق الهدف.. رمز من رموز علماء جائزة نوبل المصريين بمناسبة تكريم مصر له رئيسا وشعبا بمنحه قلادة "النيل العظمي" ألا وهو العالم المصري د. محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي نال مؤخرا جائزة نوبل للسلام. وأشرت إلي بعض ما ورد من مقتطفات بكلمة د. البرادعي للتعبير عن الاعتزاز بتكريمه من أن البعض ينظر إلي عالمنا العربي نظرة تخوف وريبة واستعلاء مُعتبرين أن إسهامنا الحالي في الحضارة الإنسانية لا يتعدي نشر التخلف والدمار.. وأضاف.. أن أساس تقدم أي مجتمع يعتمد علي ركيزتين هما.. "العلم والمعرفة" من جانب والحرية بإبعادها الشاملة والتي لا يمكن لأي إنسان أو مجتمع أن يحقق ذاته أو يفجر طاقاته بدونها. وإذا قدمت في نهاية المقال.. للعالم الكبير د. أحمد زويل الحائز علي جائزة "نوبل في الكيمياء عام 1999" علي أثر لقاء أخير ومعاصر معه بحضور الأخ الأستاذ إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة دار الشروق للنشر واتحاد الناشرين العرب والصحفي الشاب النابه أحمد المسلماني الكاتب السياسي في الأهرام والذي صرح في معرض اللقاء "سمعت د. أحمد زويل يقول للكاتب الكبير الأستاذ نجيب محفوظ (والحائز أيضا وسابقا علي جائزة نوبل للآداب) أني أفهم أن يلتف الناس حولك، ويحتفون بك، فأدبك معروف وسهل الفهم، ومن ثم فإن تقديرهم لك يأتي من قراءة ووعي.. ولكني أندهش من هؤلاء الذين يتركون ما بأيديهم من عمال نظافة ومقاه ومارة في الطريق ويأتون لتحيتي.. إنهم لا يعرفون ماذا فعلت ولكنهم يقدرون!! ويضيف الكاتب الشاب محمد المسلماني "حين تشرفت بلقاء الأديب العالمي نجيب محفوظ منتظرا أن يملي علي مقدمة كتاب عالمنا الكبير (يقصد الكتاب الذي ألفه مؤخرا د. زويل بعنوان "أحمد زويل عصر العلم" وكانت مقدمته بقلم الكاتب الكبير الأستاذ نجيب محفوظ) ظل يكرر الكاتب الكبير "لماذا لا نستفيد من علمه.. لماذا.. لماذا؟!". ثم جاءت في مقدمة كاتبنا الكبير للكتاب وعلي لسانه "أنا أتنبأ له (د. زويل) بأنه سيأخذ جائزة نوبل مرة أخري في بحثه العلمي الجديد فلايزال شابا معطاء وأعطي لنا دروسا وآراء مفيدة في نهضتنا نرجو أن نستفيد منها وأن تكون منارة للجميع". وقد كان ذلك نفس السؤال الذي وجهته شخصيا للدكتور أحمد زويل في نهاية جلستنا الأخيرة بعد لقائنا الرباعي.. فكان أن أهداني الأخ الأستاذ إبراهيم مشكورا الطبعة الثالثة (يناير 2006) من كتاب د. زويل الذي أشرت إليه.. ثم تابعت محاضراته ولقاءاته في دار الأوبرا.. والجامعة الأمريكية.. فلنتعرف معا علي أهم خواطره وأفكاره... و"الروشتة" التي يصفها.. لوطنه والعالم.. اليوم وغدا. في سطور كتابه.. ومن خلال وصفه لمراسم الاحتفاليات لتسليمه لجائزة نوبل بالسويد بأنها بمثابة تجربة العُمر كله... قال في كلمته أثناء حفل تسليم الجائزة: "حقا إنها عبقرية العلم التي دفعت بالسباق مع الزمن شطرا إلي الأمام.. مع بدايات التقاويم الفلكية منذ ستة آلاف سنة مضت في أرض إيزيس إلي نظام "الفمتو ثانية" الذي يكرم هذه الليلة لأجل الإنجاز الجوهري في العوامل المجهرية. وقد بدأت حياتي وتعليمي في نفس أرض إيزيس "مصر" وتوصلت إلي إنجازاتي العلمية في أمريكا، وفي هذه الليلة تسلمت وسام الشرف في السويد بميدالية نوبل والتي عادت بي إلي البدايات.. وهذه العالمية، من خلال عبقرية العلم، إنما هي علي وجه الدقة ما كان يقصده المستر "نوبل" ويبغيه منذ أكثر من قرن من الزمان مضي". ثم علق علي بقية كلمته "بأن تلك الجائزة توضح بجلاء لا لبس فيه، أن الدول النامية بمقدورها أن تسهم في تقدم العلم وازدهاره، فالعلم مثله مثل الطبيعة لا يحده زمان ولا مكان، وأنه ينتمي إلي العالم أجمع.. فلو أن جائزة نوبل عرفت منذ ستة آلاف سنة حينما بزعت حضارة مصر القديمة.. أو حتي قبل ألفي عام حينما أنشئت مكتبة وجامعة الإسكندرية القديمة.. لكانت مصر قد حصلت علي العديد من جوائز نوبل في العديد من مجالات العلم.. ولكن في العصر الحديث فإن مصر والعالم العربي، والذي أعطي للعالم علماء بارزين مثل "ابن سينا وابن رشد وجابر بن حيان والحسن بن الهيثم وغيرهم".. ولم يحصدوا جوائز في العلوم أو الطب. وعندي أمل كبير أن هذه الجائزة الأولي سوف تلهم الأجيال الشابة في الدول النامية وتحثهم علي الأخذ بأسباب العلم والاعتقاد بإمكانية الإسهام في دنيا العلوم والتكنولوجيا علي المستوي العالمي. ويلتقي العالم الدكتور زويل.. في خواطره سواء التي أوردها في كتابه الأخير أو محاضراته أو لقاءاته.. مع نفس التوجه الذي أشار إليه العالم الدكتور محمد البرادعي.. في كلمته التي ضمنها اعتزازه بتكريمه بوطنه لحصوله علي جائزة نوبل.. وذلك فيما يرتبط بتوزيع الثروة في العالم.. وانحسار موارد التنمية للفقراء ومحدودي الدخل.. إذ يقول د. زويل عن "عالم الذين لا يملكون".. في عالمنا الحاضر هنا انحياز في توزيع الثروة حوالي 20% من سكان العالم يعيشون في الدول المتقدمة.. ويتمتعون بنعمة التقدم، والفجوة ما بين هؤلاء والذين يعيشون في الدول النامية مازالت تتسع.. وطبقا لإحصائيات البنك الدولي فإن هناك 8.4 مليار نسمة في الدول النامية، 3 مليارات منهم يعيشون بدخل أقل من 2 دولار في اليوم، 2.1 مليار يعيشون علي أقل من دولار في اليوم أي تحت خط الفقر 5.1 مليار ليس لديهم مياه صالحة للشرب أو رعاية صحية.. بينما في الدول المتقدمة يصل نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي إلي حوالي 35 ألف دولار مقارنة بألف دولار للفرد في العديد من الدول النامية. ومن هنا يؤكد د. زويل أن هذا الاختلاف في مستوي المعيشة يخلق العنف والصراعات العرقية ونوعا من عدم الرضا.. هذا إلي جانب الإحباط الذي يتولد عن سياسة الكيل بمكيالين في النزاعات الدولية. وعندما يتعرض للعولمة يشير إلي أنها تعطي فوائدها فقط إلي جزء من سكان العالم القادرين علي استغلال واستثمار السوق والموارد المتاحة.. علي الرغم من اعتقاد البعض أن العولمة هي كل فكرة براقة لمشاكل الفجوة الاقتصادية والانفجار السكاني والإضراب الاجتماعي. وإذ يؤكد د. زويل أيضا علي ضرورة التقاء الحضارات ولو بعيدا عن الروابط الاقتصادية والسياسية.. فيجب علي الدول المتقدمة والنامية أن تشارك في حوار بين حضارات وثقافات.. أشار أيضا إلي ضررة ما يتطلبه النظام العالمي من شراكة شاملة وجديدة بين العالمين المتقدم والنامي.. فالعلم والتعلم هما الأساس في ربط الثقافات المختلفة وتحقيق التقدم والرخاء.. فتقدم الدول يرجع إلي قوتها العلمية والتكنولوجية. وعندما يتطرق د. زويل.. إلي الاضطراب العالمي والقوي العظمي وما أحدثته هجمات 11 سبتمبر 2001 المرعبة بالولايات المتحدة من أثر اندفاعي علي القوي العظمي في العالم انعكس بالتالي علي توجهات شعوب الدول النامية خاصة في عالمنا العربي.. وما يثار من قضايا أو مشاكل قد تؤثر علي طبيعة العلاقات بين بعض الدول الكبري.. ودول المنطقة.. أو ما ينتج عن ذلك ردود فعل شعبية ترتبط بمفهوم عقائدي أو عرقي.. فبعد إدانته إلي كل ما يمس العقائد أو الديانات.. ألمح إلي أنه يفضل أن تكون ردود الفعل لأي موقف "عقلانية" وموضوعية.. ولا ترتكن للعاطفة فقط.. كما جاء في تعليقاته خلال محاضراته "كيف نفهم أن نتعامل مع قوة عظمي.. فمناقشة الأسد لا تفيد.. ولكن الذي يفيد أن نطور ونحول أنفسنا بالعلم والمعرفة فسيكون العائد للعالم العربي إيجابيا ومؤثرا. ومن هنا يري العالم الدكتور زويل أن "روشتة" تحقيق النهضة في العالم العربي. تأتي من خلال: إنشاء نظام تعليمي جديد يرتكز علي رؤية جديدة للقيم الأخلاقية والاجتماعية والثقافية لإيجاد قوة عاملة متعلمة مؤهلة تتمتع بمهارات القرن الحادي والعشرين. إنشاء مراكز تفوق جديدة تركز علي المجالات المهتمة بالمنطقة والمشاركة العالمية. إنشاء صناعات جديدة تستند علي العلم والتكنولوجيا المستحدثة والمتطورة محليا. إنشاء مؤسسة وطنية للعلم والتكنولوجيا لدعم البحث والتطوير والاستناد إلي نظام يقوم علي التميز العلمي دون سواه. إنشاء الأكاديمية العربية للعلوم علي أن تضم أفضل الخبراء في مجال العلم والتكنولوجيا في العالم العربي.. مع التخفيف من عبء البيروقراطية لكي تنجح "الروشتة" ببنودها الخمسة. ويختص العالم الدكتور زويل.. وطنه مصر.. بجانب خواطره ومقترحاته السابقة للعالم العربي ككل "بثلاثية أساسية" يقترح فيها: إنشاء المراكز المضيئة للعلم ذات طابع عالمي. إعادة هيكلة وتقويم البحث العلمي الحالي لإعداد الأجيال القادمة وترسيخ النبوغ وإعطاء الفرصة للعلماء خاصة في المستقبل. التأكيد علي العقيدة الوطنية وترسيخ التاريخ والتقاليد الحضارية المصرية. ومن هنا يقترح إنشاء جهازين لخدمة هذه الثلاثية المهمة: المؤسسة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا لتقسيم البحث العلمي.. واختيار أهم الأبحاث العلمية مع توفير التمويل اللائق لها. المجلس الوطني للعلوم والتكنولوجيا ويكون تحت الرعاية المباشرة للسيد رئيس الجمهورية. وأخيرا.. إذا كنا جميعا.. نفخر بأن مصر لها من رموز قادتها وعلمائها وأدبائها من حازوا جائزة "نوبل" في السلام والعلوم والآداب.. فكلنا يأمل أن نأخذ خواطرهم ومقترحاتهم نبراسا للتقدم والتطور.. خاصة في مجال "العلم والمعرفة".