ينبغي إعادة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لوزارة مستقلة وتوجيه وزارة الصناعة نحو تنمية المنتجات الوطنية لرفع قدرتها التنافسية بالأسواق الداخلية والعالمية. تتناول بعض وسائل الاعلام قضية الدعم والآليات التي تقوم الدولة بتفعيلها لمساندة المواطنين في ظل الوضع القائم وحتمية حماية محدودي الدخل ومساندة الفئات الاكثر استحقاقا له دون تسربه لغير مستحقيه حيث تبدو المطالبة بعدم المساس بقيمة هذا الدعم التي بلغت 116 مليار جنيه بمشروع ميزانية 2010/2011 وقد تبلغ العام الحالي 141 مليار جنيه مما يمثل عبئا متزايدا علي الموازنة العامة للدولة يؤدي لعجز كلي قد يصل الي 105 مليارات جنيه في موازنة العام المالي الحالي. وقد يعزي البعض الي ان احد اسباب ارتفاع اسعار بعض المنتجات مع زيادة معدلات التضخم حدث نتيجة تخفيض حجم دعم الطاقة بالاضافة الي ان سوء توزيع الدعم بين اصحاب السيارات الفارهة واصحاب السيارات الصغيرة في استهلاك البنزين المدعم بالاضافة لتسرب دعم السلع الغذائية والاستهلاكية لغير المستحقين اثار الرأي العام وهناك مايقول اننا اصبحنا دولة مستهلكة وليست منتجة مما يدعو ذلك لضرورة توجيه دعم الاستهلاك الي دعم للانتاج وتحفيزه باستخدام آليات محكمة وضوابط حاكمة ولكن قد تأتي النتيجة ايضا بارتفاع اسعار المنتجات وزيادة معدلات التضخم كما ان انخفاض سعر الصرف للجنيه المصري امام الدولار يجعل وصول المنتجات الامريكية ارخص من المنتجات الوطنية ونكون بذلك قد دعمنا الفلاح الامريكي علي حساب الفلاح المصري وعندما نستورد السلع الاستهلاكية والمعمرة بأسعار ارخص من الصناعات الوطنية نكون قد دعمنا المنتجين الاجانب علي حساب المنتجين المصريين لذا يستوجب ذلك وضع الحلول المثلي في مواجهة تلك الازمة الطاحنة التي تتفاقم يوما بعد الآخر.. وفي جميع الاحوال فإن القضية تنحصر في مدي وصول الدعم لمستحقيه ايا كان نوعه باعتباره وسيلة لرفع مستوي معيشة الافراد وتحقيق المصالح العليا للمجتمع المصري.. وهذا يستوجب نظرة ثاقبة نحو كيفية حماية الدعم بأنواعه المختلفة حتي يصل لمستحقيه ولكن لايجوز بحال من الاحوال تقديم دعم للمنتجين دون الوقوف علي التكاليف الفعلية لمنتجاتهم الوطنية بحيث تتماثل نسب الارباح المبنية بأرقام اعمالهم الضريبية مع ارباح بيع تلك المنتجات وتداولها بالسوق الداخلية.. ويحكم ذلك عدة تشريعات خاصة بتنظيم حركة التجارة الداخلية من بينها المرسوم بقانون 163سنة 1950 وتعديلاته والقرار 180 سنة 1950 وتعديلاته والتي اوقف وزير التجارة والصناعة تنفيذ تلك الاحكام دون مبرر واصبح الحبل علي الغارب دون ثمة ضوابط قانونية حاكمة لأسعار تداولها او ارباح بيعها وهذا يعد مخالفا لأحكام المادة 123 من قانون العقوبات ومانحن ببعيد عن قرارات المهندس رشيد وزير التجارة والصناعة بشأن حديد التسليح والاسمنت والسكر التي اصابها البطلان لمخالفتها صريح اعمال القانون لهذا فإن دعم الانتاج وفقا لمنهج وزارة التجارة والصناعة الراهن يعد اهداراً للمال العام واطاحة بحقوق ومصالح المستهلك القانونية خاصة محدودي الدخل.. ومن ثم فإن الاتجاه نحو دعم الاستهلاك هو الطريق الوحيد لتحقيق مصالح المجتمع ولكن يستوجب ان يكون ذلك من خلال اجراءات وقواعد تحقق وصوله لمستحقيه وفق السياسات الكفيلة بمعالجة التفاوت المتزايد في الدخول والثروات بين افراد المجتمع وقد اشارت دراسة للبنك الدولي الي انخفاض نسبة الفقراء من 8.24% عام 90/91 الي 4.19% عام 95/96 ثم انخفاضها الي 74.16% عام 2000/2001 ثم عاودت الارتفاع الي 56.19% عام 2004/2005 فضلا عن ارتفاع نسبة الفقر من 2% عام 96 الي 9.2% عام 2000 ثم الي 8.3% عام 2005. ولهذا الواقع آثاره السلبية علي النمو والتطور مما يستوجب اعادة هيكلة الدعم ووضع الآليات الفعالة لوصوله لمستحقيه الا ان نظام الدعم العيني مشوب ببعض المساوئ والسلبيات التي يتسرب من خلالها لغير مستحقيه واكبر مثل علي ذلك دعم التعليم ثم عدم توظيف واستخدام الخريجين بما يعود بالنفع العام بالقدر المطلوب مما يعد ذلك اهدارا للمال العام وعدم الانتفاع به بالمستوي الامثل والمطلوب ثم الصورة الاخري تتمثل في السلع المدعمة مثل اسطوانات البوتاجاز ورغيف الخبز حيث من اللافق للنظر ان المشرع المصري وضع قواعد قانونية لمنع تسرب الدعم العيني من هذه السلع لغير مستحقيها وقام بتفريد عقوبات مالية وسالبة للحرية لمن توصل لهذه السلع بغير حق ولمن تصرف فيها علي غير الوجه المقرر من اجله الصرف ولكن يتسرب دعم الدقيق البلدي المدعم نتيجة تعدد اسعاره واستخداماته حيث يصرف للمخابز بسعر الطن 160 جنيهاً وللمستودعات بسعر 550 جنيهاً كما ان من الثغرات التي ينفذ من خلالها الدعم لغير مستحقية يتمثل في الخبز البلدي حيث تشير البيانات الي وجود حوالي 20 الف مخبز بلدي يستخدم 24 الف طن دقيق بلدي مدعم لإنتاج 250 مليون رغيف بلدي مدعم ومسعر جبريا يوميا ويأتي تسرب دعم هذا الخبز نتيجة لعدة قرارات وزارية خاطبت اصحاب المخبز والمديرين المسئولين عنها فقط والزمتهم بإنتاج هذا الخبز بأوزان ومواصفات معينة وبيعه بأسعار جبرية مقررة ولكنها اغفلت وضع ضوابط وقواعد لتحديد كمية حيازته والغرض من استخدامات هذه الخبز واوجبت عقوبات علي مخالفتها لهذا فإن مجرد خروج الخبز البلدي المدعم من تحت ايدي اصحاب هؤلاء التجار والمديرين المسئولين عنها وبيعه عن طريق الباعة الجائلين بأسعار تفوق اسعاره المقررة لا تعد جريمة مخالفة لهذه القرارات فضلا عن تعدد اوزان واسعار هذا النوع من الخبز يؤدي بالقطع لتسرب دعمه لغير مستحقيه والحقيقة تبدو واضحة في مدي الحاجة الي عودة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بوزارة مستقلة وانفراد وزارة الصناعة بتنمية المنتجات الوطنية ورفع قدرتها التنافسية وكفي ما تعانيه التجارة الداخلية من مأساة حقيقية منذ ما آلت لوزارة التجارة والصناعة في 30/12/2005 حيث لم ولن تستطيع اجهزة وقطاعات التجارة الداخلية المتعددة مواجهة فوضي الاسعار وانفلاتها وتحقيق حماية حقوق ومصالح المستهلك وهذا معيار لتقييم تجربة تولية رجال الاعمال وزارات لها اهميتها الاقتصادية والاجتماعية.