في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحالية والمستقبلية تعاظم دور الحركة التعاونية الاستهلاكية في تحقيق البعد الاجتماعي وحماية محدودي الدخل وتوفير احتياجاتهم من السلع الضرورية بأفضل الاسعار. والتعاونيات الاستهلاكية يحكمها القانون 109 لسنة 1975(بشأن قانون التعاون الاستهلاكي)- وهي تمتلك شبكة لتوزيع السلع الاستهلاكية ممتدة في انحاء البلاد في جميع التجمعات السكانية غير هادفة لتعظيم الأرباح قوامها 3426 جمعية إضافة إلي 1396 فرعا تستطيع في كل وقت أن توزع سلعة أو مجموعة سلع بسعر واحد ونظام واحد ولا تحمل ميزانية الدولة أي أعباء ووجود هذه الشبكة كان له الدور الأكبر في موازنة الأسعار وكبح جماح التضخم وتعد هي الموزع الرئيسي لسلع الفئات محدودة الدخل في المراكز الحضرية والتجمعات العمالية. وتسعي الحركة التعاونية الاستهلاكية جاهدة إلي التأكيد علي الدورين الاقتصادي والاجتماعي لتحقيق الأمن والاستقرار للمواطن المصري من خلال تنمية وتطوير دورها المستمر في حماية المستهلك المصري. القضية الملحة المطروحة علي ساحة العمل الوطني الآن هي الزيادة المستمرة في أسعار السلع علي محدودي الدخل الذين يمثلون أغلبية الشعب. وتعتبر قضية التجارة الداخلية في مصر بهدف توصيل السلع الضرورية للمواطنين بالأسعار المناسبة وتحقيق العدالة في توزيع الدعم ليصل إلي مستحقيه من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في هذه المرحلة. إن بعض الشركات ترفع أسعار السلع الأساسية والضرورية التي تمس الاحتياجات اليومية للمواطنين وتراوحت نسبة الزيادة في الأسعار بين 01٪ و04٪ في بعض المحافظات نتيجة لاستغلال بعض التجار للوضع العام ورفع الأسعار دون أن تفرق بين السلع المصنعة محليا والمستوردة من الخارج. وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أي مبرر لرفع الأسعار وأنها ستحسم المشكلة من خلال ضوابط تشريعية وعقوبات رادعة قادرة علي تحقيق الالتزام من قبل التجار وعدم المغالاة والتلاعب بأقوات الشعب ومواجهة المتلاعبين بالصالح العام للدولة لقاء مصالحهم الشخصية. إن تجربة العالم علي امتداد 100 دولة أكدت ان الجمعيات التعاونية الاستهلاكية باعتبارها منظمات شعبية ذات أهداف اقتصادية واجتماعية تعتبر أفضل الوسائل للدولة لاستقرار التجارة الداخلية بعيدا عن الاستغلال وسلسلة الوسطاء وهي منافذ التوزيع الطبيعية.. وصمام الأمان لمواجهة الغلاء. هناك أمثلة مشرفة للتعاون الاستهلاكي بالمواقع الصناعية والعمالية فهناك صور رائعة لدور التعاونيات الاستهلاكية في المحلة الكبري وحلوان ونجع حمادي والمنيا وكوم امبو وغيرها حيث يتم توفير كل السلع حتي الخبز الذي تنتجه المخابز التعاونية بالأسعار المناسبة والجودة المطلوبة. ويتطلب الأمر مواجهة المشاكل التي تواجه التعاونيات الاستهلاكية حتي تستطيع القيام بدورها علي الوجه الأكمل فالتعاون الاستهلاكي يلبي جميع احتياجات الإنسان من المأكل والمشرب. وفي السنوات الأخيرة وبسرعة غير متوقعة وجدت التعاونيات نفسها أمام تغيرات اقتصادية واجتماعية عالمية انعكس تأثيرها علي المجتمعات النامية وكانت التعاونيات أكثر تأثرا بهذه التغيرات فقد أصبحت التعاونيات في ظل السياسة الجديدة للحكومة نحو تشجيع القطاع الخاص وتقليص سياسة الدعم واعادة رسم الخطط والبرامج مطالبة بمواجهة منافسة قطاعات أخري جديدة أو قديمة نمت في ظل المناخ الجديد وهو ما لم تتعود عليه التعاونيات من قبل. وفي ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية من حولنا لابد من تطوير التعاون الاستهلاكي في ظل اقتصاديات السوق من مجرد موزع لمجموعة السلع المدعمة من الدولة إلي تعاون في توزيع السلع المختلفة من خلال القيام بتفاوض جماعي لشرائها ثم توزيعها بهامش ربح معقول وفي سبيل ذلك نري ضرورة تقوية الجمعيات تنظيميا وماليا وفي ذلك تأكيد لدور التعاونيات في تحسين جودة المنتجات بما يكفل لهذه المنتجات القدرة التنافسية. وأصبح دعم وتعظيم التعاونية الاستهلاكية ضرورة ملحة وذلك من خلال: أهمية مساندة عمليات التطوير والتحديث بفروع جمعيات المحافظات، ضمن منظومة شاملة للتطوير، بتوفير تمويل طويل الأجل اسوة بما تم مع شركات المجمعات الاستهلاكية وشركات الجملة ومن ذات المصدر وبنفس الأسلوب، حيث إن القدرات الذاتية للجمعيات محدودة وتكاد تغطي نشاطها التجاري فقط. تمكين التعاونيات الاستهلاكية من القيام بدورها في ضبط الأسواق وموازنة الأسعار خاصة بالنسبة للسلع الاساسية الأكثر ارتباطا بأمن البلاد ونخص بالذكر سلع البطاقات التموينية والدقيق البلدي وأنابيب الغاز والسكر، فتكون التعاونيات هي الموزع الرئيسي لهذه السلع وهي بحكم انتشارها هي الأكثر قدرة من غيرها للقيام بهذا الدور. لابد من وضع التعاونيات علي أجندة اهتمامات الدولة فيما يختص بالمنظمات التي تراعي البعد الاجتماعي لعمليات الإصلاح، خاصة أن التعاونيات تمتلك من الانتشار وتفاعل المجتمعات المحلية معها أكثر من أي مؤسسة أخري لأنها تتعامل مع الناس من خلال احتياجاتهم اليومية، كما أنها تخصص 5٪ من صافي فائضها في الإنفاق علي تحسين أوضاع بيئتها الاجتماعية. معاونة التعاونيات الاستهلاكية في القيام بدورها في تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة لتخصيص أماكن لها لممارسة نشاطها أو خدمة المناطق النائية أو البعيدة عن العمران أو المجتمعات الخاصة كالعاملين بالمناجم أو المحاجر أو العشوائيات (ضمن مخصصات تطوير العشوائيات). فالتعاونيات الاستهلاكية هي الأداة السليمة لإحداث التوازن في الأسعار وتحقيق البعد الاجتماعي وحماية محدودي الدخل وتوفير احتياجاتهم من السلع الضرورية ومواجهة الغلاء. كاتب المقال: رئيس الاتحاد العام للتعاونيات رئيس الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي