وزير الصحة: القطاع الخاص قادر على إدارة المنشآت الطبية بشكل أكثر كفاءة    حزب الله يستهدف مقر قيادة "الفرقة 91" في ثكنة بيرانيت الإسرائيلية    ناقد رياضي يعلق على تهنئة السيسي لنادي الزمالك بعد الفوز بلقب الكونفدرالية    لينك الحصول على نتيجة الشهادة الاعدادية 2024 برقم الجلوس أو بالاسم.. moe.gov.eg    "عبد الغفار": 69 مليون مواطن تحت مظلة منظومة التأمين الصحي    أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    أيمن بدرة يكتب: بطلوا تهريج    نقيب المهندسين يشارك بمعرض تخرج طلاب الهندسة بفرع جامعة كوفنتري بالعاصمة الإدارية    كم يوم باقي على عيد الاضحى؟ المعهد القومي للبحوث الفلكية يوضح    النائب محمد زين الدين: مشروع قانون المستريح الإلكترونى يغلظ العقوبة    إصابة 8 أشخاص في تصادم ميكروباص بسيارة نقل ب «طريق مصر- أسوان الزراعي»    أخبار الفن اليوم: نجوم العالم يدعمون القضية الفلسطينية بمهرجان كان.. وشيرين عبد الوهاب تقدم بلاغا للنائب العام ضد روتانا    16 كيلو ذهب عيار 24.. 15 صورة جديدة لضريح ومسجد السيدة زينب    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    التربية النوعية بطنطا تنظم ملتقى التوظيف الثالث للطلاب والخريجين    قصواء الخلالي: النظام الإيراني تحكمه ولاية الفقيه وفق منظومة سياسية صارمة    في أول أسبوع من طرحه.. فيلم الأصدقاء الخياليين - IF يتصدر إيرادات السينما العالمية    رياضة النواب تطالب بحل إشكالية عدم إشهار 22 ناديا شعبيا بالإسكندرية    أخبار الأهلي : أحمد الطيب عن لاعب الأهلي : هاتوه لو مش عاوزينه وهتتفرجوا عليه بنسخة زملكاوية    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد بعد هجوم ميلي على حكومة سانشيز    جنوب أفريقيا ترحب بإعلان "الجنائية" طلب إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت    الرياضية: جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    تكريم نيللي كريم ومدحت العدل وطه دسوقي من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    الأرصاد تحذر من الطقس غداً.. تعرف علي أعراض ضربة الشمس وطرق الوقاية منها    لحرق الدهون- 6 مشروبات تناولها في الصيف    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    أحمد الطاهري: مصرع الرئيس الإيراني هو الخبر الرئيسي خلال الساعات الماضية    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    رئيس الوزراء يشهد افتتاح جامعة السويدى للتكنولوجيا "بوليتكنك مصر" بالعاشر من رمضان.. ويؤكد: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    خالد حنفي: علينا إطلاق طاقات إبداع الشباب والاهتمام بريادة الأعمال والابتكار    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    قائمة الأرجنتين المبدئية - عائد و5 وجوه جديدة في كوبا أمريكا    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأجيل محاكمة رجل أعمال لاتهامه بالشروع في قتل طليقته ونجله في التجمع الخامس    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    محافظ قنا يتفقد مركز تدريب السلامة والصحة المهنية بمياه قنا    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد 1320 يومًا من التقاضي.. محطات مهمة في محاكمة "القرن".. والتفاصيل الكاملة لأحكام البراءة
نشر في المسائية يوم 29 - 11 - 2014

بعدما يقرب من 1320 يومًا، وما يقرب من 4 أعوام كاملة أسدل الستار على محاكمة القرن، وعلى مر تلك الأيام والسنين التى تعاقب الحكام على مصر، والتى شهدت 4 فترات رئاسية وتقلبات مختلفة، وصلت بها إلي محطتها الأخيرة أيضا، وهى تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة مصر؛ لتكون الحادث الأكبر فى تاريخ مصر، والأول من نوعه الذى يحاكم فيها رئيس جمهورية مصر العربية أمام القضاء.
لذا فإن هذه المحاكمة بجميع مراحلها وتنوعها هبوطا وصعودا مع تذبذب الأوضاع السياسية سطرها التاريخ المصرى بكل ما فيها، فقد استمرت محاكمة القرن 100 جلسة، ونحو ثلاث سنوات، خضع فيها الرئيس الأسبق مبارك لتحقيقات وجلسات محاكمة طويلة مع ابنيه ووزير داخليته وبعض مساعديه.
فبعد إعلان مبارك تنحيه عن السلطة في 11 فبراير 2011، وتكليف القوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، غادر مع عائلته منزله في شرم الشيخ؛ ليكون ذلك بداية تقديم جهات مختلفة بلاغات إلى النيابة العامة تتهم الرئيس الأسبق بالتحريض على قتل المتظاهرين، ووجهت للرئيس الأسبق تهم التحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير، وهم 225 متظاهرًا، وإحداث إصابة 1368 آخرين وإشاعة الفوضى في البلاد، وإحداث فراغ أمني فيها، والفساد المالي، وعلى خلفية هذه البلاغات أمر النائب العام في 28 فبراير 2011 بالتحفظ على أموال مبارك وأفراد أسرته داخل مصر، ومنعهم من السفر في ضوء تحقيقات حول ارتكابهم جرائم مال عام، وبعد ذلك بيوم واحد أصدر النائب العام المصري أمرًا بالقبض على مبارك ونجليه، وهو ما تمّ مساء اليوم نفسه في مدينة شرم الشيخ ليكون إيذانًا بالبدء في محاكمة مبارك، ومرت محاكمة مبارك بمحطات عديدة.
وأجلت مرات عدة طوال ثلاث سنوات، حيث أطلق عليها محاكمة القرن، والمحطات الأهم في هذه المحاكمة كانت في 13 أبريل 2011، حيث قرر النائب العام حبس مبارك ونجليه ووزير الداخلية حبيب العادلي وستة من مساعديه بصفة احتياطية على ذمة التحقيقات، ثم أمر بتجديد حبسهم بصورة متوالية على ذمة التحقيق، وفي 24 مايو 2011 قرر النائب العام إحالة مبارك وجميع المتهمين للمحاكمة الجنائية عن وقائع الاشتراك في قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير وارتكاب جرائم فساد مالي ترتب عليها إهدار المال العام والإضرار المتعمد به وفي الثالث من أغسطس 2011 مثل مبارك في جلسة محاكمته الأولى أمام محكمة مدنية في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم العربي أن يمثل رئيس سابق أمام محكمة غير استثنائية، وقد مثل معه في القفص أيضًا نجلاه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وستة من مساعدي الوزير.
وقرر القاضي المستشار أحمد رفعت تأجيل قضية مبارك ونجليه إلى يوم 15 أغسطس 2011 لفض أحراز القضية، وفي يوم 15 أغسطس 2011 انعقدت جلسة المحكمة مجددًا، وتم ضم قضية مبارك إلى قضية حبيب العادلي، وتم وقف البث التليفزيوني لوقائع المحاكمة حرصًا على الصالح العام، وكانت الجلسة الثالثة لمحاكمة مبارك في الخامس من سبتمبر 2011، واستغرقت ما يقرب من عشر ساعات، حيث استمعت المحكمة لشهادة أربعة من شهود الإثبات، وتمَّ تأجيل القضية إلى جلسة 7 سبتمبر 2011، واستمرت المحاكمة لتتأجل أكثر من مرة لسماع الشهود والمدعين والمرافعات.
وفي 2 يونيو 2012، حكمت محكمة جنايات القاهرة على مبارك والعادلي بالسجن المؤبد، والبراءة لمساعدي العادلي في اتهامهم بقتل المتظاهرين، وبراءة مبارك من تهم الفساد وعقب الحكم طعن محامي مبارك والعادلي في الحكم أمام محكمة النقض.
وفي 13 يناير 2013 قضت محكمة النقض بقبول الطعن المقدم من مبارك والعادلي على الأحكام الصادرة بحقهما بالسجن المؤبد في قضية قتل المتظاهرين، وقررت إعادة محاكمة جميع المتهمين في قضية قتل المتظاهرين، وفي 11 مايو 2013 بدأت إعادة محاكمة مبارك وباقي المتهمين في القضية.
وفي 14 أغسطس 2014 حجزت المحكمة القضية للحكم في جلسة 27 سبتمبر الماضي، وأجلت المحكمة في جلسة 27 سبتمبر 2014 النطق بالحكم إلى جلسة السبت 29 نوفمبر 2014 لعدم انتهاء المحكمة من كتابة أسباب حكمها.
وعقدت محاكمة الإعادة على مدى عام و4 أشهر منذ مايو 2013 حتى أغسطس 2014، وانعقدت فى أكثر من 55 جلسة خصصت 32 منها لسماع مرافعة النيابة العامة والدفاع عن المتهمين كما استمعت المحكمة ل22 شاهدًا من كبار المسئولين بالدولة السابقين والحاليين، وبلغ عدد أيام إعادة محاكمة القرن 474 يومًا، حيث بدأت أولى جلساتها في 11 مايو 2013، وكانت آخرها يوم أمس 29 نوفمبر 2014 حتى جلسة حجزها للحكم.
وترافع خلال ال55 جلسة في إعادة محاكمة المتهمين بقضية القرن 42 محاميًا عن المتهمين ال11 فى القضية، ومع مرور قطار جلسات إعادة المحاكمة، أصدرت المحكمة قرارها بحظر النشر بجميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية حفاظًا على الأمن القومي، وذلك على مدى 18 جلسة سرية استمعت فيها لكل من المشير حسين طنطاوي، والفريق سامى عنان، واللواء مراد موافى، مدير المخابرات الأسبق، واللواء مصطفى عبدالنبى، رئيس هيئة الأمن القومي، وعاطف عبيد، واللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية الأسبق، والمهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والطاقة، واللواء أركان حرب حسن الروينى، والمقدم عمر الدردير، رئيس مباحث سجن المنيا، وقت الثورة، والدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، وآخرين من ضباط وزارة الداخلية.
وبعد انتهاء ال18 جلسة السرية تم السماح للإعلاميين والصحفيين بحضور جلسات المحاكمة، وذلك في الجلسة التى عقدت بتاريخ 12 يناير عام 2014، وتمت إعادة البث التليفزيوني المباشر لجلسة المحاكمة.
وفى جلسة 22 مارس 2014، بدأت النيابة العامة مرافعتها بالقضية واستكملتها بجلسة 25 مارس، وتم التأجيل ل29 مارس لسماع مرافعة دفاع المتهم الأول حبيب العادلى، والتى استمرت على مدار 5 جلسات.
وحددت 4 جلسات لسماع مرافعة دفاع الرئيس المخلوع استمعت خلالها إلى مرافعة المحامى فريد الديب، واستمعت المحكمة إلى مرافعة دفاع المتهم اللواء أحمد رمزي مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع الأمن المركزي، على مدى 4 أيام، كما استمعت لمرافعة دفاع المتهم اللواء عدلي فايد، مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع الأمن والأمن العام على مدى 3 أيام، وأيضا استمعت إلى مرافعة اللواء حسن عبدالرحمن، مساعد وزير الداخلية الأسبق رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق.
وكذلك استمعت إلى مرافعة دفاع المتهم اللواء إسماعيل الشاعر، مساعد وزير الداخلية الأسبق مدير أمن القاهرة، وأيضا استمعت إلى مرافعة اللواء أسامة المراسى، مدير أمن الجيزة الأسبق بجلسة واحدة، وكذلك استمعت إلى مرافعة اللواء عمر الفرماوى، مدير أمن مديرية 6 أكتوبر الأسبق بجلسة واحدة.
وفى النهاية، استمعت المحكمة بجلسة 7 أغسطس 2014 إلى تعقيب النيابة العامة على مرافعة الدفاع على مدار جلستين، وإلى مرافعة المتهمين عن أنفسهم، وكان آخرهم الرئيس المخلوع مبارك، وبعد حجز القضية للحكم عكفت المحكمة على قراءة جميع أوراق القضية التى بلغت 162 ألف ورقة، وفحصها لتصدر أمس حكمها التاريخى فى القضية الفريدة من نوعها من حيث عدد أوراقها، وعدد الشهود والمجني عليهم والمتهمين، حيث يحاكم فيها رئيس الجمهورية الأسبق، ونجلاه، ورموز نظامه، وقد وصل عدد الجلسات إلى 100 جلسة.
وتنشر "بوابة الأهرام" اليوم التفاصيل الكاملة لمحاكمة "القرن"، والتى ترأس هيئتها المستشار محمود كامل الرشيدى.
في جلسة تاريخية شهدتها أكاديمية الشرطة وقف المستشار الجليل محمود كامل الرشيدي، يلخص الحياة السياسية في مصر خلال حكم الرئيس الأسبق مبارك، شارحًا أسباب حكمه بالبراءة، مؤكدًا أن القضاء لاشأن له بالسياسية.
وقال المستشار الرشيدي في معرض ذكر الأحكام في القضية، والتي صدرت بالبراءة لجميع المتهمين إنه برغم ماجلي للمحكمة من نقاء المطالب المشروعه للمتظاهرين فجرالثورة الشعبية الأولى في 25 يناير 2011، والتى نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، لما اعترى النظام الحاكم من وهن في سنواته الأخيرة كبطء القرار، وتهيئ فرع منهم للاستحواذ على مقاليد الحكم وقرب الاتباع، ونضب ضخ دماء جديدة على مقاعد سارت حكرًا لقيادات تناست دورات قانون عجلة الحياة دومًا للأمام، وغض الطرف عن الموروثات الشرطية التى غفلت الفكر الأمني الخلاق وتقاتل على ثروات مصر زمرة من المنتفعين، وأصحاب المصالح والمتسلقين مع تزييف الإراده الشعبية واندثار التعليم واهدار الصحة وتجريف العقول المستشرفة للغد.
إلا أنه ما كان يتناسب الولوج لمحاكمة جنائية لرئيس الجمهورية الأسبق عملا بقانون العقوبات واستبدال الأفعال الخاطئة في نطاق المسؤلية السياسية بالجرائم المشار إليها فى منطق الاتهام، أما وقد اجتاز الوطن -بمشيئة مالك الملك- الحالة الثورية، وترسخت المشروعية الدستورية بعد الثورة الشعبية الثانية في 30 يونيو 2013، ومهما كان الرأي أو الحكم على الفترة التى تسلم فيها مبارك حكم البلاد إذ قاربت 36 عاما مابين نائب لرئيس الجمهوريه، ثم رئيسًا للجمهورية، فأصاب ولم يستوصب مثل أي فعل لبشر، فالحكم له أو عليه بعد أن انسلخ منه العمر سيكون للتاريخ، وبالأحرى لقاضي القضاة الحق العادل الذي سيسأله كحاكم عن رعيته.
وبقيت كلمة أقولها وأنا أغادر المنصة من باب رد الفضل للوطن الذي تربيت فيه، عن نفسي رفعة بلادنا لن تكون إلا ببعث مكارم الأخلاق، وإتقان العمل، والإعراض عن اللهو، وإن كان ما قلته طوال الجلسة فيه نقص فنحن بشر، وإن كان فيه تمام، فمن رب البشر، استودع أرض الكنانة وشعبها لمن لا تضيع من عنده الودائع، وهنا رفعت المحكمة الجلسة.
وشهدت الجلسة قبل بدايتها إجراءات أمنية مشددة، ولم يسمح بدخول قاعة المحاكمة إلا لحاملي التصاريح المزيلة بتوقيع رئيس المحكمة، وتواجدت القيادات الأمنية المختلفة داخل وخارج مقر المحاكمة، وعلى رأسهم اللواء علي الدمرداش مدير أمن القاهرة، وحضر عدد كبير من مراسلي الصحف المحلية والأجنبية، فضلا عن دفاع المنسوب لهم الاتهام في القضية، وعدد من محبي الرئيس مبارك، كما حضر المحاميان الكويتيان فيصل العتيبي، وعايد السبيعي، ولاعب كرة القدم السابق مصطفي يونس، والفنان تامر عبدالمنعم، وكان الترقب والقلق هو حال الحضور بقاعة المحاكمة.
وفى الساعة العاشرة صباحًا، تم إيداع مبارك الذى ظهر على سرير طبى متحرك، ونجليه، وحبيب العادلى، ومساعدى الداخلية الستة، وأخذ بعضهم يرددون الأدعية، وآيات الذكر الحكيم.
وفى العاشرة والنصف، اعتلت هيئة المحكمة المنصة، واستهل المستشار محمود الرشيدي الجلسة قائلا "باسم الله قاضي القضاة الذي لايقضي في ملكه إلا بأمره، وباسم الشعب فتحت الجلسة، وأثبت حضور المتهمين، وقال رئيس المحكمة، عبرت ال63 من عمري وأري لحظة حسابي وسؤالي ماذا صنعت في الدنيا والقضاء.
واستعرض رئيس المحكمة حديث رسول الله عن القضاء وتابع، أتوجه إلي زميلي المستشارين إسماعيل عوض، ووجدي عبدالمنعم بالشكر على تحملهما وصبرهما ومعاونتهما لي، خلال مراحل نظر القضية للوصول لهذه اللحظة، وجزاهم الله عني وعن رسالة القضاء خيرًا.
ووجه الرشيدى للنيابة العامة الشكر، مؤكدًا أنهم عملوا في ظروف صعبة، ذكر المستشار وائل حسين، المحامي العام الأول لشمال القاهرة، ومحمد إبراهيم، المحامي العام للمكتب الفني للنائب العام، وتامر فاروق، رئيس نيابة الأموال العامة العليا، وفي تقليد جديد منحهم رئيس المحكمة وثيقة الثناء، ودعي لهم بأن يرفع الله قدرهم.
وأكمل المستشار الرشيدي قائلا إن الحكم لابد أن يكون له مقدمات وصولا للنتائج، لافتًا إلى أنه لايعطي درسًا، وأن الشعب هو من يسمعه.
نظرت المحكمة الأوراق بموجب أمري إحالة وقائمتي أدلة ثبوت الجناية الأولى رقم 1227، والثانية 3642 لسنة 2011، وتضمنا 7 اتهامات قام رئيس المحكمة بشرحها، وأوضح أن الحكم ورد في 1430 صفحة، وتم إجراء فهرس له تضمن 12 جدولا 6 للمصابين و6 للقتلي وعددهم في 11 محافظة وهم 239 متوفى، بينهم متوفى في شمال سيناء لم يرد في أمر الإحالة وأدرجته المحكمة.
وتم إعداد الكشوف للمصابين من الكشف السابع حتى الكشف ال12 وعددهم 1588 مصابًا، وتم إيضاح أسمائهم وإصابتهم ومن أصيب منهم خارج الإطار الزمني والمصابين في الميادين العامة وعددهم 502.
وأضاف رئيس المحكمة أنه تم عرض أدلة الثبوت في الجنايتين والشهادات في أسباب الحكم في المحاكمة الأولي وهم 13 شاهدًا، ثم شهادة 19 شاهدًا الذين أدلوا بشهادتهم أمام محكمة الإعادة، كما أجرت المحكمة سردًا تاريخيًا، حددت فيه الفترة ما قبل الاتهام لاستقراء صحة الاتهام المنسوب للاتهام من عدمه، وما توارد إليها من شهود جرت في مجلس القضاء، وأكد رئيس المحكمة أنه لا شأن للقضاء بالسياسة.
وتابع المستشار الرشيدي، بالنسبة للإعلام الوطني سبيدأ التحليل عقب صدور الحكم لشعبنا الواعي، لذلك قامت المحكمة بإجراء أمر لايخالف القانون والأعراف القضائية واسميته "تبيان"؛ لحين الحصول علي صورة رسمية للحكم خلال ساعات تم إعداه في 280 صفحة ليعين وسائل الإعلام المختلفة لقراءته قبل البدء في التحليل.
وقام رئيس المحكمة بتقديم هذا التبيان عبر فلاشة وأسطوانة مدمجة للصحفيين ودفاع المدعين بالحق المدني والمتهمين.
وطالب رئيس المحكمة من الحضور التزام الهدوء، وعدم ارتكاب أي تصرف غير مسئول، محذرًا من مغبة هذا الأمر، ثم تلا رئيس المحكمة منطوق الحكم قائلا: بعد الاطلاع علي أوراق القضية، وأخذ يعدد بعض المواد من قانون العقوبات.
أولاً الجناية 1227 قصر النيل فيما يتعلق بالاتهام الاشتراك في جرائم القتل العمد والشروع والمتهم فيها حبيب العادلي، وأحمد رمزي، وعدلي فايد، وحسن عبدالرحمن، وإسماعيل الشاعر، براءة.
وذكرت المحكمة مقطعًا من أسباب حكمها سالف الذكر، بأن أساطين القضاء الجنائي في 9 محافظات قد أصدرت حكمها بالبراءة لمرؤسيهم، وتابع قائلا إن القضاء بالبراءة لايمنع الدعوى المدنية من بحث عناصرها باعتبار أن الشق الجنائي لم يفصل في الأساس المشترك.
وبالنسبة لجنح التسبب بالضرر للمنشآت الشرطية أصدرت المحكمة حكمها على حبيب العادلي، وعدلي فايد، وحسن عبدالرحمن، وإسماعيل الشاعر، وأسامه المراسي، وعمر الفرماوي ببراءتهم.
وأوضح رئيس المحكمة قائلا إن محكمة الإعادة وهي تنوء بحمل ثقيل علي من قتل أو شرع في قتله إبان الثورة الشعبية الأولي 25 يناير، فإنها تنتقل من حيز الكلام لصدق الأفعال وناشد رئيس الجمهورية برعاية أسر الشهداء ومصابي الثورة، خاصة من أغدق عليه المولي نعمة الابتلاء بأن فقد أحد أعضاء جسمه، ورعايتهم في كافة الأحوال لتهدأ نفوس المصريين.
وبالنسبة للجناية 3642 بشأن ما أسند لمبارك، وسامح فمهي وزير البترول في قضية تصدير الغاز، قضت المحكمة بالبراءة.
وهنا رفع مبارك يديه تحية للحاضرين، وانتهت في أسبابها إلي ماكشف عنه تقرير اللجنة الخماسية شركة البحر الأبيض المتوسط ، بأن ذمتها المالية للهيئة العامة المصرية للبترول بمبلغ 174 مليون دولار وطالب رئيس مجلس الوزراء الشركة بالوفاء بمديونيتها وفي شأن تهمة تقديم 5 فيلات لمبارك، حكمت المحكمة غيابًا لسالم، وحضوريًا لمبارك وعلاء وجمال بانقضاء الدعوى الجنائية.
وأشارت المحكمة إلي أنه يجب علي القاضي النافذ البصيرة أن يحكم بمقتضي النص، وليبرئ ذمته أمام الله، وأن محكمة الإعادة تهيب بالمشرع الجنائي تعديل الفقرة 15 لتبسط العدالة سلطانها علي كافة صور الرشوة، والاتهام الأخير لمبارك بالاشتراك بالاتفاق بالتحريض علي قتل المتظاهرين، حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية، لسبق صدور أمر ضمني بأ لاوجه لإقامتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.