جمال أسعد: التحول بين الأديان تجارة تقف وراءها منظمات عالمية جورج إسحاق: الخطاب الديني سبب الأزمة لأنه شكلي ولايهتم بالمضمون أحمد زايد: تقييد حرية العقيدة يؤدي الي عنف دموي داخل المجتمع كمال زاخر: الأزمة ليست في الأديان ولكن في غياب ثقافة القانون تحقيق: فاتن زكريا دوما عقب مثل هذه الازمات توجه الانظار الي مفكري ومثقفي الامة باعتبارهم الرهان الاخير للتصدي للتعصب الديني الذي يهدد نسيج الامة.. حيث يقول الدكتور كمال زاخر (المفكر القبطي) ان الازمة ليست في الاديان وإنما في غياب ثقافة سيادة القانون لان من يحكم العلاقات في الشارع ليس الدين وانما القانون مشيرا الي انه عندما يتراجع القانون يتقدم الحكم الديني وبالتالي عندنا في الدستور نص صريح في المادة 46 تنص علي حرية الاعتقاد وعندنا الكلام في المناسبات الطيبة (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وانه لايوجد في الاسلام ما يمكن ان يسمي بحد الردة التي أخذت مناقشات وجدلا كبيرا بين الفقهاء واستقر الامر انه غير موجود.. اذن فالازمة ناتجة من التراخي في إعمال القانون فلو عندنا يقين وارادة سياسية في تنفيذ القانون ما حدثت مشاكل بدءا من اعلان الكنيسة باختفاء كاميليا ووصولا الي المظاهرات التي تطالب بعودتها الي المسيحية او هكذا.. فالامران يكشفان عن غياب وضوح الارادة السياسية في إعمال القانون فالعدالة والامن غير قابلين للخصخصة واهم عملية لاعمال الدولة وفقا لنظرية العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين الذي يعد الدور الاول لهم. مطلوب تحرك النائب العام ويضيف ان هذه العملية ليس فيها مسلم ومسيحي فكل شخص من حقه ان يختار ديانته الا ان هذا يأخذنا لمربع اكبر وهو الاسلمة والتنصير ومن الواضح من كلمة الاسلمة او التنصير ان هناك طرفا خارجا خارج الشخص يسعي الي الاسلمة او التنصير وبالتالي كان لابد من تحرك النائب العام ليوضح هل هذا الكلام حقيقي ام اشاعات لكن احنا للاسف الشديد لم نتعود علي الشفافية. تيارات مختلفة تكتفي بذكر المادة فقط اي ان هذا حق مطلق لاينظمه ولايقيده قانون ومنها مادة حرية العقيدة وهي حرية مكفولة ومعني ذلك انها حق مطلق. وشدد عيسي علي ضرورة تدخل الدولة لتنظيم هذا الحق وممارسته بحيث لايستغل لاغراض غير دينية، فالآن تغيير العقيدة مطلقة ولكن البعض يمارسونها للاضرار بغيرهم او بعض المسيحيين يغيرون مذهبهم من اجل طلاق زوجاتهم. فإذا غير الاب دينه يتغير اتوماتيكيا دين الابناء في شهادات الميلاد او البطاقات الشخصية فإذا هم بلغوا سن الرشد وارادوا التمسك بدينهم الاصلي قامت عقبات قانونية لذلك وبالتالي الامر يحتاج لنوع من التنظيم القانوني الذي لايصادر الحق فإذا اراد تغيير القانون لابد ان تكون هناك مسحة زمنية تصل مابين عامين او ثلاثة اعوام ليتم البت في امر تغيير الديانة للشخص الراغب في ذلك لكي نتأكد انه راغب حقا في تغيير عقيدته ولايهدف تحقيق مصلحة دنيوية مؤقتة وهذا نوع من الاقتراحات ينبغي القيام به. ثقافة الدولة المدنية ويشير رئيس تحرير جريدة القاهرة الي ان المشكلة الاساسية في وجود ازمة لحرية العقيدة هي الثقافة الاجتماعية فلابد من اشاعة ثقافة الدولة المدنية بين جميع المواطنين والتصدي بقوة للتيارات التي تسعي لاختيار المدارس الفقهية المتزمتة وتهدف لانتشارها وان يقر أن جميع الاديان تقر حرية ممارسة العقيدة اذن فالمسألة تحتاج لترتيبات قانونية ولترتيبات ثقافية وفكرية عامة. تدين شكلي ويوضح جمال اسعد كاتب سياسي ومفكر مسيحي ان مايحدث من تعصب لا علاقة له بالدين وانما هو افراز طبيعي لحالة التعصب المقيتة وحالة التطرف الديني والتدين الشكلي والمناخ الطائفي، مشيرا الي ان كل هذه الاشياء افرزت واقعاً بعيداً عن القيم الدينية الحقيقية وانما يتمسك بشكليات الدين والتدين، فحرية العقيدة تقرها الاديان السماوية جميعها كما ان الدستور والقانون يقران تلك الحرية ولكن ما يحدث هو صراع اجتماعي في المقام الاول بين طرفين اصبحوا متنازعين طائفيا لتحول احدهما من دين لاخر في اطاره العقيدي هناك حرية كلمة لاي انسان يتحول من دين لدين آخر علي ان لايكون هذا التحول نتيجة لاكراه أو ترغيب أو ترهيب وانما نتيجة لايمان كامل بتلك العقيدة المنتقل اليها مقارنة بعقيدته الاصلية ولكن مايتم علي ارض الواقع ان هناك من المتاجرين بالاديان هنا وهنا، والذين يتصورون ان المجيء بشخص من دين وتحويله لدين آخر هذا عمل يكسبهم رضا السماء والآخرة ناهيك عن المنظمات التي تقف وراء تلك العملية ايضا من هنا وهنا لذلك تحولت العملية الي عملية متاجرة تقف وراءها منظمات عالمية، وايضا عملية التحول بالنسبة لمصر تحديدا يسيطر عليها الجانب الاجتماعي اكثر منه جانب ديني ولكن هذا الجانب الاجتماعي يغلق بستار ديني بمعني لو تزوجت مسيحية من مسيحي او مسلمة من مسلم دون ارادة او رغبة أهلها فهذا عار اجتماعي، فما بالك لو تزوجت مسيحية من مسلم او العكس هذا العار الاجتماعي يأخذ شكلاً دينياً لمداراة هذا العار. حالة احتقان وانتقد الدكتور جورج اسحاق الناشط السياسي الخطاب الديني الذي أدي إلي وجود حالة الاحتقان في الشارع، مشيراً إلي أن الخطاب الديني علي الفضائيات من الجانبين سواء المسيحي أو الإسلامي خلق حالة احتقان غير عادية، موضحاً أن المسألة العقيدية لابد أن تناقش في أماكن متخصصة نظراً لوجود بعض الفئات التي تقرأ ولا تكتب أو تكتب ولا تقرأ.. وغير ذلك وبالتالي ظهر عندنا أن أي شخص يفتي في أمور الدين حتي أننا نجد بواب العمارة نفسه يفتي، فيضيع الدنيا كلها إلي جانب ذلك أيضاً رجال الدين في جانب آخر مسيطرين علي الناس سيطرة كاملة في الكنيسة وهذه مسألة خطيرة جداً لأنه لابد أن يكون هناك حرية في التنقل من ديانة لأخري. خطاب مظهري ويري إسحق أن الخطاب الديني خطاب مظهري لا يهتم بالمضمون، مشيراً إلي حديث الرسول صلي الله عليه وسلم (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) وبالتالي هل احنا بنمارس ديناً بشكل محترم أم نتقاضي رشاوي مقابل القيام بأعمال?!.. بالطبع لا وبالتالي إحنا عندنا شكليات وليس لدينا مضمون في ممارسة الدين أي أن روح الدين ليست موجودة وبالتالي بات من الضروري علي رجال الدين أن يتحدثوا في روح الدين وليس المظاهر لأن روح الدين انحصرت في المظاهر فقط. ظاهرة عالمية ويعقب الدكتور أحمد زايد (أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة) علي أن التعصب الديني ليست ظاهرة مرتبطة بمصر فقط، وإنما تبدو أنها ظاهرة عالمية، وهذا يدل علي أن النظم الحديثة التي تدخل فيها العالم نظم فشلت في استيعاب الإنسان وتحقيق طموحاته في الحياة، فالإنسان دائماً يرجع إلي ما هو قديم من 30 أو 40 عاماً فالآن أصبح المجتمع يرجع للوراء وبالتالي أصبح يقيم الإنسان بناء علي الدين والعائلة أو سلالته أو عقيدته والدين والفقر مثل زمان وتاهت القيم التي تبني عليها المجتمعات الحديثة وتاهت مبادئ العدل والحرية فأصبح كل واحد يقف للآخر بالمرصاد وبالتالي أصبحت الخطورة القادمة القتال نتيجة التدخل في العقيدة الأخري. وأضاف د. زايد أن ما لدينا الآن تدين شكلي ليس له علاقة بالمضمون وليس بإيمان حقيقي متجسد في الفرد وإنما يدافع الإنسان بشكل عاطفي وغريزي عن الدين، فالدين القائم علي العقل مرتبط بأشياء غريزية مرتبطة بجسم الإنسان وانفعالاته والتي يصاحبها العنف والكراهية للآخرين وهذا يعد أكبر دليل علي أنه ليس تديناً حقيقاً وإنما كُفر أي أن السلوك الديني سلوك لا ديني لأنه لم يمنع الآخرين أن يفكروا أو يختاروا وهذا سلوك نفسي غير ديني وغير عقلاني، مشيراً إلي وجود مشكلة كبيرة تبدأ بفشل المنظومة الحديثة التي تحقق للإنسان طموحاته فيفتقد الرؤية ويصبح غير قادر علي أن يري الأمور من حيث الدين بمعيار الدين ويتحول إلي معيار هدمي والكراهية والحقد والتدخل في شئون الآخرين لا يربطه بالقيم الانسانية العليا التي يهدف إليها الدين. وذهب استاذ علم الاجتماع إلي أن السلوك الديني يبدو أنه من الجاهلية لأنه أكثر ارتباطاً بالغريزة والمشاعر البدائية عند الانسان التي تقوم علي الكراهية ورفض الآخرين والتدخل في حريتهم الشخصية والتدخل في اختيارهم ومراقبتهم بشكل دائم بحيث إن الشخص ليس له أي حرية وترك في مقابل ذلك القيم النبيلة المرتبطة بالدين (العقل، التعايش السلمي، إعمار الأرض، بناء المجتمع) منبها إلي أن التدين أصبح أكثر ظهوراً بين المتعلمين فأنصاف المتعلمين نجد أن الإنسان البسيط تدينه بسيط وجميل لأن حياته محدودة وإنما الشخص المتعلم يعتبر تدينه يتجه نحو الآخرين فينقدهم بل يصل به الأمر ليكفرهم. ويوضح زايد أن تأثير تقييد حرية العقيدة علي المجتمع يخلق نوعاً من الجفاء داخل المجتمع والتي تؤدي في المدي الطويل للعنف لأن فيه مراحل للكراهية والعدوان تبدأ باتخاذ موقف عدائي ضده في ممارسات أو سلوكيات خاصة برفضه. سوء فهم ويؤكد الدكتور مصطفي علوي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة علي أن هناك سوء فهم بين المواطنين في مسألة حرية العقيدة بدرجات متفاوتة في العالم أجمع وليس في مصر فقط، حيث التعصب وتقييد حرية العقيدة ظاهرة عالمية والدليل علي ذلك القس الأمريكي والأزمة التي صنعها بإعلانه عن رغبته بحرق المصحف كنوع من إحياء ذكري 11 سبتمبر وأيضاً نجد الأخطر من ذلك أن رئيسة وزراء ألمانيا صاحبة السلطة هناك عملت احتفالاً لصاحب الصور الدنماركية المسيئة للرسول (صلي الله عليه وسلم) إذن فمسألة حرية الاعتقاد التي تنص عليها الأديان أصبحت أزمة في العالم كله علي الرغم أن الدين الإسلامي يؤكد في كتابه العزيز أن كلاً له دينه، لافتاً إلي أن المظاهرات التي تشتعل نتيجة ارتداد شخص عن دينه الأصلي يوضح سوء فهم الناس لمبدأ العقيدة التي يعتنقها يقيد هذه الحرية التي كفلها له الإسلام علي الرغم أن الله سبحانه وتعالي أعطي الإنسان حرية الاعتقاد. وألمح استاذ العلوم السياسية إلي أن تعصب الشعب بسبب الدين دائماً موجود وفي فترات معينة تزداد أو تقل بتدرج ولكنها موجودة باستمرار وذلك نتيجة خلل في الفهم والموقف ولكن المسئولية في النهاية تقع علي عدد من المؤسسات منها المؤسسات الدينية (الكنيسة الأرثوذكسية والأزهر) فأنا أري أن دور الكنيسة لا يتظاهر فيها الناس إذا كان هناك إشاعات لتحول شخص لديانة أخري، ولكن دورالكنيسة ينحصر في التأكد من صحة الاشاعات والتأكيد علي حرية ممارسة الاعتقاد أو اعتناق أي ديانة مرغوب فيها.. مشيراً إلي أن المؤسسات الدينية دورها مهم ولكنها ليست وحدها المسئولة عن التأكيد علي ممارسة حرية العقيدة وإنما المؤسسة التعليمية (المدرسة والجامعة) والمؤسسات الثقافية والإعلامية لابد أن يكون لها دور إيجابي في هذا الأمر حتي تستطيع تصحيح فهم الفرد عن حرية العقيدة وتعيده إلي سياقه الصحيح.