القاهرة : تباينت ردود الأفعال في أعقاب صدور الحكم القضائي الصادر امس في مصر بالسماح لأقباط كانوا أشهروا إسلامهم بالعودة إلى المسيحية وتجدد الخوف من اشتعال فتيل الفتنة الطائفية، وجاء ذلك في وقت لم يهدا فيه الرأي العام بسبب حكم آخر صدر قبل أيام يجيز ترك خانة الديانة "فارغة " ل " البهائيين". وقضت المحكمة الإدارية العليا بعودة 12 مصرياً إلى المسيحية بعد اعتناقهم الإسلام، وألزمت المحكمة وزارة الداخلية إصدار أوراق ثبوتية جديدة لهم يدون فيها أمام خانة الديانة " قبطي سبق له اعتناق الإسلام". وهذه المرة الأولى التي تدون فيها صفة كهذه في بطاقات الهوية لمصريين. وقالت المحكمة التي لا يجوز الطعن في أحكامها، في حيثيات حكمها، نقلا عن جريدة " الحياة ": " إن من حق كل مواطن أن يدون في بطاقته الشخصية العقيدة التي يؤمن بها" مشيرة إلى أن الحكم " لا يعد موافقة من جانبها على مبدأ الردة الذي لا تقره الشريعة الإسلامية". وقال المحامي نجيب جبرائيل الذي حرك الدعوى إنه " للمرة الأولى في مصر نبتعد عن شبح الدولة الدينية ويتم تفعيل الدستور المصري وتطبق المادة ال46، ويشعر الاقباط بأن مادة المواطنة (التى أقرت فى التعديلات الدستورية الأخيرة) بدأت تأخذ طريقها في منحى صحيح" . ووصف الحكم بأنه " تاريخي يبيض وجه مصر أمام المجتمع الدولي". في المقابل، بدا أن المراجع الدينية الإسلامية تسعى إلى التخفيف من وطأة الحكم. إذ قال عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الدكتور عبد المعطي بيومي " إن هؤلاء لم يكونوا بمسلمين ولا هم بأقباط، لأنهم تركوا دينهم الأصلي من أجل منافع دنيوية وهم يتلاعبون ويعبثون بالأديان... وبالتالي إسلامهم مزيف". وعن حد الردة الذي نصت عليه الشريعة الإسلامية، أوضح بيومي أنه " إذا كانت الردة تمثل خطورة على أمن المجتمع والأمة، فعلى القضاء أن يحكم بما يراه ملائماً على المرتد... والردة أن يفارق الشخص الجماعة وينتمي لصفوف العدو، وبالتالي فإن أساسها سياسي مثل الجاسوسية ولا تكون على المعتقد" ، مشيراً إلى أن لجنة العقيدة والفلسفة في المجمع تبنت توصية مفادها أن " المرتد إذا لم يمثل خطورة على المجتمع فلا رده الله" . ورأى أن " الحال التى نحن بصددها لا تمثل خطورة الآن" . وعلى الجانب الأخر يقول البرلماني السابق ورجل الدين المعروف الشيخ يوسف البدري إن " هذا الحكم أحسبه محاولة لاستنهاض الدولة لإصدار قانون الردة لأن كتابة (قبطي سبق له اعتناق الإسلام) في خانة الديانة تعني أنه مرتد لا مسلم ولا نصراني" ، وأضاف: " سأرفع دعوى مستعجلة بضرورة تطبيق حد الردة على هؤلاء وهو القتل مصداقاً لقول رسول الله " ، وأضاف: " الحكم ليس سيئاً لأنه يعطي إشارة بضرورة إصدار قانون الردة ". ورحبت منظمات أهلية بالحكم الجديد إذ علق مدير مركز " اندلس " لدراسات التسامح أحمد سميح على الحكم، قائلاً " هو اتجاه صحيح لحرية العقيدة في مصر ومن الواضح ان القضاء المصري المستقل راح ينتبه لمواثيق حقوق الانسان الدولية " . وجاء حكم المحكمة الإدارية العليا في وقت لا يزال الجدل مستمراً حول حكم صدر عن القضاء الإداري قبل أيام يرفض إثبات كلمة " بهائي " في خانة الديانة في بطاقة الهوية. غير أنه يجيز أن تترك خانة الديانة في هذه الحال من دون تحديد. إذ رأت المحكمة " أن البهائية ليست عقيدة أو ديناً وانما هي فكر فاسد غير معترف به. وطالما أن البهائي لا ينتمي الى أي من الديانات الثلاث فلا يجوز أن يثبت له أي من هذه الديانات في خانة الديانة وذلك لتميزهم عن أصحاب الديانات السماوية عند قيام أي علاقات اجتماعية أو شخصية وبما يحفظ المجتمع من اندساسهم بين أصحاب الديانات الثلاث" .