رفض علماء الأزهر الشريف الاعتراف بالبهائية كديانة رسمية في مصر من خلال إدراجها في خانة الديانة في بطاقة الهوية الشخصية، وذلك إثر صدور حكم قضائي لصالح زوجين يقضي بحق انتسابهما للعقيدة البهائية في المستندات الرسمية. حيث قال الدكتور علي جمعة مفتي مصر: إن الطوائف والمذاهب التي تعترف أصلا بالإسلام أو المسيحية أو اليهودية مثل السنة والشيعة والشافعية (إسلامية)، والأرثوذكسية والكاثوليكية (مسيحية) لا يتم تسجيلها في خانة الديانة في مصر؛ فمن باب أولى ألا يتم تسجيل البهائية خاصة أنها لا تمت بصلة إلى أي دين سماوي. وأوضح الدكتور علي جمعة أن "المسلمين يرفضون انتماء البهائية إليهم، كما أن البهائيين أنفسهم يرفضون ذلك، ومع الرفض المتبادل لم يتم الالتفات إداريا إلى ذلك، كما لم تتدخل الإدارة في ملل المسيحية ومدى قبول بعضها لبعض من عدمه، ومحاولة تصنيف ذلك في خانة الديانة" ببطاقة الهوية. واعتبر المفتي أن السماح بذكر البهائية في خانة الديانة "أمرا غير سديد"، فيه خروج عن الحكمة التي بني عليها عدم ذكرها، مؤكدا أنه لا بد من التفكير في أمر ذكر الديانة في الأصل، باعتباره أمرا يحتاج إلى مراجعات دينية وقانونية لأنه ليس من السهولة القول أيضا بإلغاء خانة الديانة حيث يرتبط الأمر بالزواج والميراث ونحوهما. ويذكر ان محكمة القضاء الإداري قد اصدرت حكما فى برايل من العام الماضى يقضي بأن طائفة البهائية (ذات العدد القليل في مصر) لها حق الاعتراف بها رسميا، بعد قيام زوجين برفع قضية منذ عامين للحصول على حق انتسابهما للعقيدة البهائية في المستندات الرسمية بما فيها البطاقة الشخصية. وكانت السلطات المصرية قد صادرت أوراق هوية الزوجين وشهادات ميلاد أطفالهما الثلاثة ورفضت إصدار أوراق جديدة ما لم يسجلوا أنفسهم كمسلمين. وبرى الدكتور مصطفى الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية أن هذا الحكم الإداري الذي يعترف بالبهائية كدين يكتب في خانة الديانة يؤكد أن "مصر تتجه نحو العلمانية، أو أصبحت بالفعل دولة علمانية، مع أن الأصل فيها أنها دولة إسلامية". بينما رفض الدكتور عبد المعطي بيومي التعليق على الحكم القضائي، أو الاعتراف أساسا بالبهائية، قائلا إن البهائية مذهب مخالف للإسلام ولا يتفق مع الشريعة الإسلامية، وتنكر بعض ثوابته، وإنكار ثابت واحد يكفر منكره ويخرجه من دائرة الإسلام". وأضاف أن "الثابت الأساسي في البهائية أن العقل هو المشرع فما يراه العقل حسنا فهو حسن، وما يراه العقل قبيحا فهو قبيح؛ ولذلك شرع البهائيون أشياء غريبة وغيروا فرائض الإسلام فجعلوا الحج إلى عكا في فلسطين، وجعلوا الوضوء في الصلاة اختياريا، فكل هذا يكفي لعدم الاعتراف بالبهائية، أو القول بأنها دين مستقيم". وكان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف قد أكد -في رد له على جمعية البهائيين في مدغشقر- أن من يعتقد بالبهائية أو البابية أو القاديانية يعد "مرتدا عن دين الإسلام"؛ لأن من يعتقد بهذه المذاهب يعتقد بالنبوة لغير النبي صلى الله عليه وسلم الذي ختم الله به النبوة. وأشار المجمع في بيان له إلى أن البهائية تعمل لخدمة الصهيونية والاستعمار؛ فهي سليلة أفكار ونحل ابتليت بها الأمة الإسلامية حربا على الإسلام باسم الدين. وحذر المجمع من أن "البهائية بدعة احتوت على مبادئ كلها منافية للإسلام، من أبرزها القول بظهور الله في الأئمة الاثني عشر (أئمة الشيعة)، ثم في شخص اسمه أحمد الأحسائي، ثم في شخص ميرزا علي محمد الشيرازي، كما أنها تنفي الإيمان بيوم القيامة، وجعلت الصلاة تسع ركعات، وألغت فريضة الجهاد". وفي المقابل فقد رحب حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالحكم القاضي بالاعتراف بالبهائية، وقال في تصريحات نقلتها وكالة رويترز السبت 8-4-2006: "إن الحكم انتصار حقيقي لحرية الدين والمعتقدات التي يكفلها الدستور المصري والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان".وأضاف أن المحكمة بعثت برسالة قوية بأن من حق كل مواطن مصري أن يختار الدين الذي يريده وليس الدين الذي يفرض عليه بشكل تعسفي من قبل مسئولي وزارة الداخلية. ويكفل الدستور المصري حرية الدين، ولكن المسئولين يحجمون عمليا من الاعتراف بديانات أخرى غير الإسلام والمسيحية واليهودية.وتأسست العقيدة البهائية الخارجة عن الإسلام في إيران قبل 150 عاما، وتدعي أن عدد أعضائها 5 ملايين شخص في 191 دولة. وتقدر المبادرة المصرية لحقوق الإنسان عدد البهائيين في مصر بنحو ألفي شخص. وفي تقريره السنوي هذا الأسبوع قال المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي تأسس عام 2004 وتموله الدولة: إنه نظرا لمشاكلهم (البهائيين) المتعلقة بالوثائق الرسمية فإنهم يواجهون متاعب في المدارس والجامعات وفي حالات استخراج شهادات الميلاد والوفيات والإعفاء من الخدمة العسكرية. وجدير بالذكر ان مشكلة البهائية في مصر ترجع إلى عام 1960 حينما حلت السلطات المؤسسات البهائية في البلاد.