العمار : الحضارة الإسلامية قامت على ثقافة الحوار والتواصل والانفتاح الرياض : أكد د. عبد العزيز عبد الله العمار وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد بالمملكة العربية السعودية أن الحوار بين الحضارات تزايدت أهميته القصوى وتعمق الاقتناع بدوره فى تحقيق وفاق ثابت بين أبناء الأمة الواحدة وتفاهم مشترك بين الشعوب المختلفة، خاصة بعد تصاعد التحديات التي تواجه البشرية في كافة المجالات وتفاقم الأزمات التي تهدد حياة الأفراد والجماعات والتي تعوق الجهود المبذولة من أجل التنمية الشاملة وتؤدى إلى اتساع الفجوة بين الدول المتقدمة صناعياً والنامية . وقال العمار خلال مشاركته في مؤتمر مشكلات العالم الإسلامي في ظل العولمة الذي عقد بالقاهرة مؤخراً أنه مع مستجدات النظام العالمي الجديد سواء على صعيد الثقافة والقيم أو على صعيد السياسة والاقتصاد حيث شاع استخدام الحوار على مختلف الأصعدة في شتى الميادين الثقافية والفكرية والحضارية ، فأصبح أحد الظواهر المهمة للعصر الحالي الذي يتميز بثورة المعلوماتية والاتصال ، وقوى التواصل بين البشر، وتظهر أهمية الحوار في تأسيس صيغة معرفية متجددة تعتمد على تلاقح الأفكار وتبادل الرؤى تحقيقاً للتواصل العلمي والمعرفي والابتعاد عن العزلة والانكفاء. ويرى د. العمار ، بحسب جريدة " المدينة " السعودية ، أننا نعيش اليوم عصر التداخل الثقافي والفكري والاجتماعي على مستوى العالم ، حيث كسرت العولمة والانفتاح الحضاري الحواجز بين المجتمعات البشرية وأتاحت الفرصة أمام الناس للاضطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى وتجاربها والاستفادة منها والتفاعل الإيجابي والسلبي معها ، كما أن ذلك الانفتاح قد خلق تحديات جديدة أمام الأمم والحضارات في اختبار قدرتها على البقاء وصلاحية مبادئها وثقافاتها ومدى مقاومتها للذوبان والتحلل ، وقال أن الأمة الإسلامية معنية بالدرجة الأولى بتلك التحديات وبالتصدي للهجمة الشرسة عليها ، فقد تم تصوير الإسلام بأنه دين التخلف والرجعية ومحاربة التقدم والحضارة وتصوير المسلمين أنهم يسعون إلى استحلال دماء العالم وأطلقوا مصطلحات تمثل العلاقة بين الإسلام والغرب مثل صراع الحضارات ، في حين أن المبدأ الإسلامي قائم على حوار الحضارات الذي أمر الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) . وحول التفاعل الحضارى يوضح د. العمار :إن العالم العربى والإسلامي مدعو اليوم أكثر من أى وقت مضى إلى الانفتاح على آفاق العصر والدخول فى حوارات جدية وهادفة ,تهدف إلى نشر المعارف والثقافات بين الشعوب وتنمية العلاقات السلمية بينها والمشاركة فى التقدم العلمى الذى يشهده العالم اليوم ليفتح الحوار مجالاً واسعاً أمام تفاهم المجتمعات، ويؤدى إلى تقارب الثقافات ويساهم فى تلاقح الإفكار، وهو ما يطلق عليه اليوم " التفاعل الحضارى" من أجل مواجهة تحديات العصر ووضع الحلول المناسبة لها. وقال العمار : إن الحضارة الإسلامية قامت على التفاعل الحضارى المعتمد على ثقافة الحوار والتواصل والانفتاح ، حيث أخذت عن الحضارات السابقة واقتبست من ثقافات الأمم والشعوب التى أحتكت بها ، وصهرت جميع ذلك فى بوتقة الإسلام ، فكانت حضارة إنسانية لها أثر كبير فى نقل روح المدينة إلى جميع الشعوب التى تفاعلت معها ، ولاشك أن قاعدة التسامح التى يقوم عليها الإسلام هى التى فتحت أمام الأمة الإسلامية السبيل إلى الاحتكاك بالأمم والشعوب وشجعت المسلمين على التفاعل مع الحضارات والثقافات الأخرى ، حيث كان الإسلام بذلك أرقى الأديان فى تحقيق التسامح الذى هو القاعدة الأساسية للتفاعل الحضارى. وحول كيفية وصول الحوار إلى نتيجة منطقية يقول وكيل وزارة الأوقاف : لابد من أن يملك كل منهما حرية الحركة الفكرية التى تحقق له الثقة بشخصيته المستقلة ، بحيث لا يكون واقعاً تحت هيمنة الإرهاب الفكرى والنفسى الذى يشعر معه بالانسحاق أمام شخصية الطرف الآخر، وقال : إن الحوار القائم على الشعور بالتفوق والاستعلاء لا يؤدى إلى الأهداف التى من أجلها تنشأ علاقات التواصل الثقافى بين الأمم ، وأن التفاعل الحضارى الذى يراد منه أن تتخلى الأمة عن هويتها وثقافتها وخصائصها الذاتية وتصوراتها الفكرية لا يمكن أن يكون تفاعلاً إيجابياً لأنه بذلك يكون نوعاً من أنواع التبعية الثقافية والفكرية ، كما أنه يؤدى إلى أن تصبح الأمة متلقية لفكر جديد وتصور مستورد ، وستكون ضحية عدوان أيدلوجى وفكرى وثقافى وهو أشد أنواع العدوان وأعلى مرحلة من مراحل محو الثقافة. وأكد وكيل الوزارة أن الحوار بين الحضارات ضرورة حتمية وواجب أخلاقى وإنسانى للتعايش السلمى بين البشر وهو ما يتطلب التكافؤ وتوافر النوايا الحسنة والالتزام بالأهداف التى تعزز القيم والمبادئ الإنسانية ، التى هى القاسم المشترك بين جميع الحضارات والثقافات ، وأن الحوار الأول المطلوب تحقيقه هو بين المسلمين أنفسهم ليتداركوا سوء واقعهم وما يحيط بهم من أحداث وما ينزل بهم من نوازل وكوارث ، وبطبيعة الحال فإنهم أحق الناس بمحاورة أنفسهم قبل أن يحاوروا غيرهم ,وأن يقفوا مع أنفسهم وقفة إيمانية لمعرفة واقعهم الإنساني السليم ، وقد أجمع أهل العلم فى الماضى والحاضر على خطورة ترك الحوار بين المسلمين واستبداله بسوء الظن.