«فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    الآن.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 16 مايو 2024 بعد آخر انخفاض    وزير النقل: نستهلك 200 ألف طن قضبان سنويا.. وسننتقل من الاستيراد الكامل لتغطية الاستهلاك والتصدير    الصحة الفلسطينية: شهيد ومصابان برصاص قوات الاحتلال في مدينة طولكرم بالضفة الغربية    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    لبنان.. الطائرات الإسرائيلية أطلقت 14 صاروخًا على المناطق المستهدفة شرقي البلاد    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    عاجل.. غارة إسرائيلية عنيفة على رفح الفلسطينية    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    العربي جابر: الترجي فريق قوي وأصبح له شكل    ضياء السيد: الأهلي سيواجه الزمالك في السوبر الإفريقي والمباراة ستقام على ستاد مصر    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    «البحوث الفلكية» يعلن عن حدوث ظاهرة تُرى في مصر 2024    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    تأجيل أولى جلسات مُحاكمة المتهمين في حريق ستديو الأهرام ل 26 يونيو    حريق هائل يلتهم صيدلية في مدينة طلخا بالدقهلية    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    أحذر تناول البطيخ بسبب تلك العلامة تسبب الوفاة    العربي جابر: «الأهلي لا يدافع أمام الترجي في رداس»    مواعيد أهم مباريات اليوم الخميس 16- 5- 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    «الشباب والرياضة» تُعلن حصول «بوما العالمية» على رعاية ملابس البعثة المصرية في دورة الألعاب البارالمبية مجانًا    وزير النقل يكشف مفاجأة بشأن القطار الكهربائي السريع    تعرف على رسوم تجديد الإقامة في السعودية 2024    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الخميس 16 مايو 2024    بداية الموجه الحارة .. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الخميس 16 مايو 2024    مانشستر يونايتد يفوز على نيوكاسل بثلاثية في الدوري الإنجليزي    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    مشهد مسرب من الحلقات الجديدة لمسلسل البيت بيتي 2 (فيديو)    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    وزير النقل يشرح تفاصيل تعويض الأهالي بعد نزع ملكيتهم في مسار القطار الكهربائي    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    ننشر فعاليات الاجتماع التشاوري بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال    لماذا التاكسي الكهربائي بالعاصمة؟.. 10 مميزات جديدة اعرفها    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    عصام صاصا التريند الثالث على اليوتيوب    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    كريم عفيفي يتعاقد على بطولة مسلسل جديد بعنوان على الكنبة    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    تعرف على أسعار الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الخميس 16 مايو 2024    انطلاق معسكر أبو بكر الصديق التثقيفي بالإسكندرية للأئمة والواعظات    كامل الوزير: تكلفة طرق "حياة كريمة" 13.5 مليار جنيه.. فيديو    مرتكب الحادث رجل سبعيني.. تحليل لمحاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية وبيطرية بقرى مطوبس    نصائح مهمة يجب اتباعها للتخلص من السوائل المحتبسة بالجسم    هنية للأسرى الفلسطينيين: إن مع العسر يسرا وطوفان الأقصى سيحقق لكم الحرية    بسبب نصف مليون جنيه.. سمية الخشاب تتهم منتج سينمائي في محضر رسمي بقسم الهرم    أمين الفتوى يكشف عن طريقة تجد بها ساعة الاستجابة يوم الجمعة    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    ب عروض مسرحية وأغاني بلغة الإشارة.. افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترجمة هي فعل الاعتراف بالآخر والأداة الفعالة في تحقيق رغبة النهضة
نشر في القاهرة يوم 06 - 04 - 2010

كان من بين أهم الأسئلة التي طرحها وناقشها مؤتمر "الترجمة وتحديات العصر" 28 -31 مارس2010 والذي نظمه المركز القومي للترجمة الأسئلة المتعلقة بعلاقة الترجمة بالنهضة، وبعلاقة وتأثير الترجمة علي الهوية الثقافية للأمم. ولا يمكن ذكر هذا المؤتمر دون أن نتذكر ما تركه المشروع القومي للترجمة الذي اقترحه ونفذه منذ عام 1994 الأستاذ الدكتور جابر عصفور وبتأييد ودعم من السيد وزير الثقافة فاروق حسني لكي يواصل به تراث أستاذه طه حسين حين شرع في مشروع الألف كتاب، ثم تطور المشروع القومي للترجمة لكي يأخذ شكلا مؤسسيا تبلور في "المركز القومي للترجمة" الذي احتفلنا منذ عام بترجمته لألف كتاب في شتي فروع المعرفة والأمل في أن يحقق نفس العدد مع نهاية عام 2010.
التنوير
ونعود إلي أوراق مؤتمر" الترجمة وتحديات العصر" والذي شارك فيه 80 باحثا ومترجما من مصر والوطن العربي والعالم. وباعتبار رسالته التي يحملها وهي رسالة التنوير والاستنارة، ويدافع عنها في وجه قوي الظلام والتخلف، كان طبيعيا أن ينبه الأستاذ الدكتور جابر عصفور إلي " ما بين الترجمة والنهضة" واعتباره أن الترجمة هي الخطوة الأولي في النقل وأداته الفعالة في تحقيق رغبة النهضة والمضي في طريقها الصاعد وذلك بما يقرب "الأنا" من "الآخر" المتقدم أو يضعها في موازاته علي طريق التقدم نفسه ومن ثم يخايلها بإمكان منافسته أو حتي التفوق عليه وعندئذ تعد الترجمة نقلا لأسرار التقدم التي يحتكرها الآخر ووسيلة لاكتساب معارفه التي يتحقق بها هذا التقدم وتعتبر الترجمة كذلك جسرا يعبر هوة الزمان والمكان واللغة ويفتح أفقا جديدا من التواصل والاتصال ويحفز علي الانجاز الموازي وعلي مواصلة السعي من حيث انتهي الآخر السابق في طريق التقدم والهدف هوتحقيق التميز أو تأكيد الهوية الذاتية في مدي الإضافة التي ستنطوي علي معني الخصوصية.
جولة ثقافية سياحية
وهكذا يدفعنا ارتباط النهضة بالترجمة بتأكيد الهوية الذاتية إلي التوقف عند الأوراق التي ناقشها المؤتمر حول علاقة وتأثير الترجمة علي الهوية الثقافية في ورقتها عن " الترجمة الأدبية وحوار الثقافات" تعتبر (ثريا إقبال) من خلال ترجمتها لرواية "لله الأمر" أن الرواية دعوة إلي إقامة جولة سياحية ثقافية في ربوع الآخر المختلف تاريخيا عن سواه فهي تقصي جمالي للتعرف علي الاختلاف والتخلف وبعبارة أخري يمكن تشبيه الرواية برحلة جوية تتحول معها الصفحات المقروءة إلي زمن معاش والزمن إلي تلك الساعات التي تقطع جوا بين بلد وآخر ومدينة وأخري..وعند الباحثة فإن ساعات قليلة في التحليق في أجواء الرواية يجد القارئ نفسه في ذمة ثقافة أخري تملي عليه شرط الجودة فيها وتجعله يستغني في حاسوبه وعقله معا ليلجأ إلي السحر لسبر غور شيء ما وإلي التنجيم علي عقدتها. وتتناول ورقة البروفيسور جليبر الأشقر اللبناني الأصل علاقة "التعابير وترجمة المشاعر في زمن العولمة" بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحرب الدعاية العربية الإسرائيلية بمعني أن كل طرف يريد أن يحتكر لنفسه صفة الضحية وينكر هذه الصفة علي الطرف الآخر، ويبدو هذا في إنكار إسرائيل لغزوها للفلسطينيين عام 1948 إلي حد محاولة منع الفلسطينيين ومنع الهيئات الدولية من استعمال تعبير "النكبة"، بينما تكاثر في الجانب العربي منكرو المحرقة والقول بأن أرقام الإبادة النازية لليهود مضخمة إن لم تكن مخترعة، ويخلص أن السلام السياسي بين العرب واليهود في الشرق الأوسط يشترط، بين شروطه المختلفة والمتعددة، سلاما في حرب الدعاية يستند إلي اعتراف متبادل بمصائب الطرف الأخر.
ويبحث حسن صقر "في الهوية والترجمة" وعنده أن سؤال الهوية ينشأ إجمالا في أوقات الخطر الذي يهدد الأمة أوعندما يحتدم الصراع بين ثقافة تدافع عن نفسها دون أن تملك الكثير من وسائل القوة وبين ثقافة مسيطرة ذات حضور مهيمن، والهوية الثقافية، التي تعني مجموع السمات الثقافية والروحية المدعومة باللغة تواجه مثل هذا التحدي الذي يحصرها في زاوية ضيقة ويبعدها عن تيار الحياة المبدعة. ويعتبر حسن صقر أن الهوية الثقافية يجب أن تكون جاهزة لطرح الأسئلة عليها ومن أبرز هذه الأسئلة التوجه نحوالماضي أم الانفتاح علي المستقبل، المشاركة مع الثقافة العالمية أم الاعتكاف علي الخصوصية؟ وباعتبار أن الهوية ليست ما نحن عليه، وإنما ما نصير إليه وبالتالي فهي مسئولية ومشاركة في الصيرورة والإبداع، ولن يتحقق أي شيء من ذلك إلا بالإطلالة الايجابية علي العالم، ومن هنا تأتي أهمية الترجمة أخذا وعطاء، والتي تقدم لنا روح العالم وعقله، وهذا لا يطمس هويتنا كما يتوهم البعض، وإنما تفرض علينا تحديا كي نرتفع إلي مستوي العالم عن أبتناء العقل الذي يصنع المعجزات .
ويعرف رشيد بن جدوالترجمة باعتبارها اعترافا بالآخر، فعنده أن الترجمة هي في العمق والمطلق فعل اعتراف "بالآخر"، فإن أترجم نصك من لغتك إلي لغتي لا يعني فقط إنكما، أنت ونصك، موجودان بالنسبة إلي بل يعني كذلك، وبخاصة اني في هذه الغاية سأستعمل نصك وبتصميم مسبق، هنا يتخذ الاعتراف ب "الآخر" والتفاعل معه من خلال الترجمة أبعادا متعددة ومختلفة.
ويناقش عصام رياض حمزة في ورقته "الترجمة والهوية الثقافية" بالتطبيق علي تجربة اليابان. فالترجمة باعتبارها نقلا أمينا لثقافة وتجارب ومعارف الشعوب وقوميات أخري لها تأثير تراكمي علي المكونات الثقافية للشعوب المنقول إليها والمتلقية للمترجمات وهو تأثير ايجابي، وتأثير سلبي، فالتأثير الايجابي المرجومن الترجمة يكمن في مدي الإفادة من ثقافة وتجارب الآخر ومدي ما يتفاعل به الإنتاج الثقافي لذلك المتلقي لتواكب الحراك المعرفي من حوله، أما التأثير السلبي الذي قد يراه البعض، فهوأن الترجمة بما تنقله من معارف وتجارب وتراث أجنبي قد تطمس بعضا من ملامح الهوية الثقافية للمتلقي وتغير من التوجهات الفكرية أو الثقافية التي يعتقد أنها من ثوابت التراث القومي لدي من يتأثرون بما يصل إليهم، حيث يصل بهم الاعتزاز بما لديهم إلي الاعتقاد الأقرب إلي اليقين بتميزهم الثقافي ورفض مجرد تأمل ما لدي الآخرين من حولهم ولذلك يرون الترجمة سلاحا يهدد هويتهم الثقافية.
وبتطبيق هذه المفاهيم علي التجربة اليابانية يعتبر الباحث أن اليابان أمة تعتز بهويتها الثقافية أيما اعتزاز لكنها عبر تاريخها الثقافي والمعرفي اتخذت سبيلا لبناء تراثها الثقافي، فقد كونت الترجمة الأساس المعرفي للأركان الأساسية المكونة للهوية الثقافية اليابانية مع ضرورة توافر شرط أساسي وهو الإضافة الإبداعية لتلك المكونات وهذا ما جعلها تحرص في عصرها الحديث، وهي تنفتح علي العالم وتنهل من ثقافته وتجاربه، علي أن تختار الترجمة طريقاً للمعرفة، ولا تسعي أن يكون التعليم بلغات أجنبية هوالوسيلة لمواكبة التقدم العلمي والثقافي في العالم، مثلما فعلت الهند مثلا، وبذلك استطاعت الحفاظ علي وحدة الهوية الثقافية للشعب الياباني وواكبت التقدم الحضاري في مرحلة التحديث الأولي، ثم حققت التميز المعرفي والحضاري في مرحلتها الثانية حين أضفت الإبداع علي ما نقلته إليها من معارف وثقافات العالم.
أما قاسم عبده قاسم، فهو يناقش في ورقته "الترجمة والهوية الثقافية"، ويعتبر أن الهوية الثقافية لجماعة ما أوأمة ما تصنعها عوامل عديدة بعضها موروث عن الماضي والبعض الأخر من إنتاج الحاضر، وبعضها ناتج عن الاحتكاك بالأمم والجماعات البشرية الأخري. وفيما يتعلق بالروافد والمؤثرات الثقافية..فإن هذه الروافد والمؤثرات الثقافية، ومن بينها الترجمة بطبيعة الحال فهي من العوامل المهمة في تشكيل الهوية الثقافية. وباعتبار أن الترجمة ترتبط بالضرورة بالنخبة الثقافية ارتباطا مباشرا إلا أن عائدها الفعلي يعود علي الجماعة بما يشكله من تيار ثقافي فاعل في الإنتاج الثقافي العام للجماعة أوللأمة بأسرها، وهكذا تسهم الترجمة إسهاما فعليا في تيار الهوية الثقافية للأمم والحضارات، وتقرر الورقة انه بقدر ما تكون درجة انفتاح المجتمع علي الثقافات الأخري ووتيرة الترجمة عن الثقافات الأخري تتحدد بدرجة الانفتاح علي العالم والتواصل مع الجماعات البشرية المختلفة ودرجة خروج المجتمع من قوقعة الذات والاعتماد المتبادل مع العالم.
وتخلص الورقة إلي أن التجارب التاريخية المعروفة عن تاريخ الترجمة في التراث الإنساني بشكل عام تؤكد علي أن الهوية الثقافية تبلورت علي نحوأشد قوة ووضوحا في الحضارات التي أفادت من عمليات ترجمة واسعة النطاق. فقد أفادت الحضارة العربية الإسلامية كثيرا في تشكيل هويتها الثقافية بفضل حركة الترجمة الهائلة التي سارت بخطي موازية لخطي البناء الحضاري وبحيث استعادت هذه الحضارة كثيرا من عمليات الترجمة ولم تشوش هويتها الثقافية، وبنفس القدر فإن الحضارة الأوروبية لم تشكل هويتها الثقافية العامة سوي من خلال حركة الترجمة التي وفرت الشروط المناسبة للنهضة الأوروبية في أواخر العصور الوسطي . وإذا كانت الورقة قد استدلت بالتجارب التاريخية عند المسلمين والغرب علي إسهام الترجمة في حركة النهضة، فإن هذا يصدق بالضرورة علي الترجمة في هذا العصر وهو ما يعني أن الترجمة من عوامل بناء الهوية الثقافية كما أنها فعل فكري ونشاط ثقافي سيتفاعل بالضرورة تفاعلا ايجابيا
مع الهوية الثقافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.