ليس مهما إلى أي فصيل سياسي تنتمي , ولا أية فكرة أو أيدلوجيا تعتنق , ليس مهما هل أنت من حركة تمرد أو أختها في الرضاعة حركة تجرد , أو حتى حزب الكنبة , ليس مهما من أنت وما ديانتك , مسلم , مسيحي . ملحد , هذه الأشياء وتلك الأسماء والمسميات لم يعد لها قيمة , بل ربما صارت من الأمور البغيضة والمملة لكثرة تكرارها . الشيء الوحيد المهم هو هل أنت راض عن مشاهد العنف الدموية التي طرأت على المجتمع المصري المسالم المتسامح؟ هل أنت راض عن الألفاظ البذيئة التي تملأ الفضائيات والإنترنت؟ هل تشعر بسعادة وأنت ترى البلطجية يجوبون الشوارع ومعهم السلاح الأبيض والأسود والبرتقالي؟ كيف تشعر وأنت تسمع عن حوادث الخطف مقابل فدية والتي تنتهي في أحيان كثيرة بقتل الضحية بدم بارد دون اكتراث لأم ثكلى وأب مكسور القلب عاجز الإرادة قليل الحيلة؟ بماذا تشعر وأنت ترى كل يوم أناسا من بني وطنك وجلدتك يقطعون الطرق وينشرون الخراب , ويروعون الآمنين ؟ ماذا يكون رد فعلك وأنت ترى مساجد مصر محاصرة , والمصلين تسيل دماؤهم على الأرض يطعنات وطلقات إخوانهم دون أن ترتعش أيديهم أو تدمع عيونهم وهم يمارسون أحط أنواع القتل ؟ هل تصدق أن نساء مصر العفيفات المنتقبات . يُتحرش بهن في بلد الإسلام , وبلد الأزهر (الشريف ) دون أن تنبس العمائم بكلمة واحدة؟ هل نحن حقا نعيش في مصر الحضارة والحب والتسامح؟ أي مصر تلك التي تاهت في غياهب ثورتها وضلت طريق إنسانيتها , ما الفرق بين هذه المشاهد وبين ما نراه في دولة الكيان الصهيوني (إسرائيل)؟ أليست هي ذات المشاهد ونحن نرى المصلين محاصرين في باحات الأقصى ؟ ما الفرق بين الاعتداء على النساء هناك والاعتداء على النساء هنا ؟ ما الفرق بين قتل الأطفال هناك وقتل الأطفال هنا ؟ بل ربما أكون منحازا غير منصف وأنا أساوي بين المشاهد في الدولتين , فهناك أمن وهنا خوف , وهناك , شبع وهنا جوع , وهناك استقرار وهنا فوضى . من الذي أوصلنا إلى هذا المشهد العبثي ؟ ومن الذي يتحمل مسؤلية انهيار وطن بكل مؤسساته مقابل رغبات شخصية رخيصة ؟أين التعليم ودوره؟ ماذا كانت تفعل المدارس , وأين ذهب الدعاة في الفضائيات وفوق المنابر؟ هل هذه هي ثمار الدعوة ونتائج الخطاب الديني الرشيد؟ أين المثقفون الذين يقتحمون مكاتب المسؤلين باسم الرفض والثورة؟ أين من يزعمون أنهم قادة الفكر والتنوير ؟ كلنا متهمون إذن وليس بيننا أبرياء , ترى كم من الوقت نحتاج لكنس كل هذه العيوب من شوارع أنفسنا ؟ وكم من السنين سوف نستغرق لإعادة ترميم أحلامنا المكسرة وشخصياتنا المهترئة؟ إن أجيالا بكاملها على وشك الانهيار التام , وأخيرا هل نحن نستحق أن ننتمي إلى مصر , أم إننا يجب أن نبحث عن اسم جديد يليق بنا , فلتكن هذه الأرض إذن مصرائيل !!