إقترب منى فجأة وحدّقت عيناه بوجهى ثم سألنى ألا تتذكرنى قلت من ؟؟ قال دكتور ذكى الفار رئيس قسم الاقتصاد بكلية طب جامعة اكسفورد قلت له مرحا ولكن ماعلاقة الطب بالاقتصاد ؟؟ قال إنها جد علاقة وثيقة قلت كيف ؟ قال ليس الاقتصاد وحده ذو صلة بالطب فهناك السياسة والقانون الدستورى قلت له كيف ؟؟ فقعّر حاجبيه ونظر الى شزراً وطلب منى الجلوس بمكان هادىء ثم إستهل بشرح العلاقة مابين الطب والسياسة قائلا : إن رسالة الماجستير الخاصة بى كان موضوعها – العلاقة بين وجع الدماغ والسياسة الدولية – وبعدها قد أعددت رسالتى لنيل درجة الدكتوراه فى الطب الدستورى وكان موضوعها العلاقة بين ضغط الدم والبرلمان المصرى أما الدراسة الاخيرة فقد كانت عن الطب الاقتصادى والتى فيها قد ناقشت لب العلاقة بين وجع البطن والإقتصاد المصرى وهنا حدّقت عيناى على شفتيه فكانتا تشوبهما رعشة غريبة بينما راحت يداه تتحركان من اعلى الى اسفل والعكس حتى أن قدميه لم تثبتا لدقيقة واحدة بل ان حاجبيه راحا يتراقصا فى عفوية غريبة رجل مثل هذا يستحق ان أضع القلم جانبا وان اقفل ثغرى وأعطى له اذناى فلربما ظهر التبر من وراء التراب إستطرد الرجل بداية فى شرح العلاقة بين وجع الدماغ والسياسة الدولية قائلا : ان هذه العلاقة جد قوية وعميقة فسألته كيف ؟ قال بداية ان العلاقة طردية مابين وجع الدماغ و السياسة الدولية فمثلا هل تستطيع ان تحتفظ بهدوء دماغك بينما ترى عيناك دولة كبرى تغتال القيم والمبادىء فى دولة صغرى وهل يهنأ بالك وبالتالى يستريح دماغك وأنت ترى البوسنة والهرسك والشيشان كلمى والنساء مكسورات الكرامة بينما الاطفال فمقتولة براءتهم... وهل تملك لنفسك إعتدال المزاج بينما تلمس بعينيك دولة عظمى تكيل بمكيالين إحداهما للعرب والأخرى لتل أبيب فى غيبة من العدل والرحمة ؟ وحتى لو كنت بارد الدم ياأخى وبالتالى تحرص على اراحة دماغك مما يحدث على الساحة الدولية فهل تتحمل صور فوتوغرافية أمامك لأمهات ثكلى ونسوة أرامل وفتيات تنتزع بكارتهن إنتزاعا أمام أعين زويهن بل أطفالا تزبح رقابهم أمام أم وأب موثوقى الأيدى والأرجل أين انت اذن من راحة الدماغ وهناك ألاف البشر يحصدهم الجوع حصدا ويدوسهم الفقر بعجلاته الثقيلة ... اين انت اذن من هدوء النفس بينما ترى عيناك حال الدول المسلمة تجلدهم وبقسوة كرابيج الدول التى لاتعرف الله .. اين انت من نفسك حين تجد خيرات بلادك يصدر بينما مساوىء البلاد الاخرى يتم توريدها اليك ... اين انت اذن من إطمئنان قلبك وأنت ترى الدول العربية وهى لم تجتمع يوما إلا على كلمة الفرقة ..... اين انت اذن من راحة بالك بينما عيناك ترى دماءا مسلمة مسفوكة هنا وهناك .... اين انت اذن من عالم لايفرق بين رأى القوة وقوة الرأى ثم صمت فجأة وأشار بسبابته الى قرص الشمس فى حركة عفوية لا أدرى لماذا يشير.... ثم واصل حديثه فقال أما بالنسبة للعلاقة بين وجع البطن والإقتصاد المصرى فانها لعلاقة جد وثيقة قلت له كيف ؟؟ أجابنى متسائلا : متى تصاب بألم فى البطن؟؟ قلت شىء من إثنين إما ان أأكل بشراهة ومن ثم تصيبنى التخمة فعسر الهضم وإما ان تظل معدتى خاوية من أى طعام فيصيبنى المغص جراء الجوع .... قال أصبت وأضيف اليك ان ألام البطن قد تحدث كذلك من ألام القولون جراء التوتر والقلق النفسى وهذا الأخير له صلة بعدم ثبات الاقتصاد المصرى اذ يوم تجد نفسك متفائلا وأيام يلاحقك التشاؤم وعلى هذا الايقاع يرقص الجنيه المصرى وسط تهليل المصفقين بغية تعويمه كالين اليابانى وعدوه اللدود الدولار الاميركى وكلما إذداد الإيقاع طربا كلما إذداد الجنيه رقصا وتمايلا ومن ثم إذدادت البطون المصرية عدم ثبات وميوعة ولأدلل على هذا أسألك هل تأمن لبطنك ألا تؤلمك بينما فمك لم ينل سوى القدر اليسير من الطعام ؟؟ وهل تأمن لمعدتك ألا توجعك بينما أنت لاتجد سوى شاهنشاه الموائد المصرية الفول بأنواعه وهل تطمئن على القولون وكلنا نعرف إرتباطه بحالة المرء المزاجية .. هل تطمئن عليه بينما أنت ترى من يمتطى الشبح بيد انك لاتقدر على امتطاء ذوى الأربع وكذا ترى عيناك من يتناول الكافياروالدينيس وأنت لاتعلم من عالم الأسماك سوى البسارية والشبار ثم استطرد قائلا ان هذين الإسمين كانا محور دراسة ثاقبة قمت بها على عينة من المصريين فسألت الأول ماذا تعلم عن الكافيار والدينيس فأجابنى هما إسمين لشعبين من شعوب القوقاز فوليت عنه وسألت الأخر فقال هما فرقتين كانتا موجودتين بإسبرطة القديمة تناحرتا حتى انتهيتا فسألت الأخر أجابنى أنهما منظمتين ارهابيتين مقرهما جنوب شرق اسيا وهنا ولازال الحديث للدكتور ذكى الفار وقد أعاد يداه بإتجاه قرص الشمس مشيرا بهما فى حركة عفوية وهو صامتا لبرهة ثم عاود قائلا كان هذا عن الكافيار والدينيس فما بالك بغيرهما فسألته إذن أنت تقصد الإقتصاد المصرى وتاثيره على الجبهة الداخلية من خلال البؤرة المعدية والإنسجام المعدى من عدمه وانا معك أنه سبب له وجاهته فى اثبات الصلة بين الاقتصاد المصرى ووجع البطن خاصة وأن الشعب المصرى اما بسارية النشأة او شبارى النزعة .. ولكن ألهذا صلة بإرتباط الاول بالإقتصاديات العالمية ؟؟؟ قال نعم ... قلت كيف ؟؟ أجاب لقد إتفقت معى فى قوة العلاقة بين ألم القولون والحالة المزاجية والعصبية للمرء .. قلت أجل .. قال إذن هل تملك مزاج هادىء بينما ترى الاقتصاديات العالمية تركل اقتصاد بلك فى غيبة من الاقتصاديات العربية وتشابكها أمام الوحدة الاقتصادية الأوربية ؟؟ قلت فهمت وكفى .... ولكن بقى سؤال واحد وهو مدى الإرتباط بين ضغط الدم والبرلمان المصرى فقال الرجل لفوره إنها لعلاقة هى الأخرى جد وثيقة فلمجلسنا النيابى الصلة كل الصلة بضغط الدم ولكنى لن أشرح لك الصلة الإكلينيكية لأنك سوف لاتعى ماأقول ولكن سأضرب لك الأمثلة عساها تدلل على جدية هذه الصلة فمثلا هل يحتفظ ضغط دمك بمعدله الطبيعى حينما تجلس أمام جهاز التلفاز وترى بعينيك عضواً يتثاءب وأخر فى رقاد ... أفلم تتساءل كم كنا سنرى من أعضاء البرلمان النائمين لولم يحدث المونتاج ؟! هل لاينخفض ضغط دمك عندما تجد نائبا وهو من المفترض يحمل فوق كاهله أمانة خمسماءة ألف أو يزيد من المواطنين يلهث وراء وزيرا ما بحجة أنه راعى حمى المصالح الخاصة لمواطنى دائرته بينما الأولى حدوثه هو العكس أن ترى المسئول هو الذى يجب أن يلهث وراء النائب إرضاءاً له هو وناخبيه ؟ ثم أتساءل ألا يرتفع ضغط دمك حينما تجد كلمة موافقة وقد حسمت قبل رفع الايدى والحجة أن الأيدى مرفوعة من قبل التصويت على القانون او غيره لحساب التكتلات الحزبية والبرلمانية قلت نعم قال إذن فالعلاقة جد وثيقة بين ضغط الدم والمجلس التشريعى ومن هذا المنطلق كان لعلم الطب بفروعه الأربعة قيمته فى القرن العشرين وكان لفروعه الثلاثة الأولى وهى الطب السياسى والطب الدستورى والطب الإقتصادى الدور الفعال فى محاولةٍ لتسليط الضوء على أسباب المرض العام ربما قد يمن الله علينا وعلى كل بلاد العالم الثالث بالشفاء العاجل ان شاء الله ثم توقف الرجل عن الحديث فجأة عساه قد رأى شيئا قد أخرس لسانه فوقف فجاة وإلتفت يمنة ويسرى وإنطلق تاركا ساقيه كالريح المرسلة قائلا وبصوت عالى مرتعد لاتذكر إسمى لأحد .... وهنا قتل الرجل إحترامى له فإستدرت لتوى فاذا بكتلة كثيفة متحركة ورائى إرتطمت بها فسقطت مغشيا علىّ ثم عاودنى رشدى فسألته من انت ؟؟؟ قال لا تقلق فأنا الذى سأشرح لك العلاقة بينى أنا والتشنجات العصبية ...