انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف مناطق حيوية في تل أبيب وبئر السبع بإسرائيل | فيديو    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    عيار 21 بعد الانخفاض.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    أسعار اللحوم اليوم 3-5-2024 للمستهلكين في المنافذ ومحلات الجزارة    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    طائرات الاحتلال تستهدف محيط مسجد "أبو شمالة" في تل السلطان غرب رفح الفلسطينية    ملف يلا كورة.. قرعة كأس مصر.. موعد مباراتي المنتخب.. فوز الزمالك.. وطلب الأهلي    جمال علام: أناشد جماهير الأندية بدعم منتخب مصر.. والاتحاد نجح في حل 70% من المشكلات    خالد الغندور: محمد صلاح «مش فوق النقد» ويؤدي مع ليفربول أفضل من منتخب مصر    إبراهيم سعيد: مصطفى شوبير لا بد أن يكون أساسي فى تشكيل الأهلي علي حساب الشناوي وإذا حدث عكس ذلك سيكون " ظلم "    أحمد الكأس: سعيد بالتتويج ببطولة شمال إفريقيا.. وأتمنى احتراف لاعبي منتخب 2008    «تغير مفاجئ في الحرارة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر والظواهر الجوية المتوقعة    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    «دفاع الشيوخ»: اتحاد القبائل العربية توحيد للصف خلف الرئيس السيسي    «زي النهارده».. اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 1991    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    تحذير شديد اللهجة حول علامات اختراق الواتساب    ميزة جديدة تقدمها شركة سامسونج لسلسلة Galaxy S24 فما هي ؟    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    ماما دهب ل ياسمين الخطيب: قولي لي ماما.. انتِ محتاجة تقوليها أكتر ما أنا محتاجة أسمعها    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بسعر 829 جنيها، فاكسيرا توفر تطعيم مرض الجديري المائي    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأكراد.. شعب عريق بلا دولة!
يتحدثون بلغة مختلفة ويتميزون بكرم الضيافة والبساطة
نشر في محيط يوم 25 - 04 - 2013

الأكراد شعب نشأ من رحم 4 بلدان هي العراق وإيران وتركيا وسوريا، لكنهم أمة كبيرة بلا دولة، تسعى بكل ما أوتيت من قوة كي تأخذ حقها في أن تصبح دولة معترف بها ولها حقوق ووجود سياسي مثل أي دولة، لكن أمامها جولة أخرى من جوالات الإصرار كي يرفرف علم كردستان ليقول للعالم أنه دولة مستقلة وليست إقليم كما يصفه البعض.
إلى ذلك، لم تكن كردستان بلدًا مستقلاً ذا حدود سياسية معينة في يوم من الأيام؛ حيث تتوزع كردستان بصورة رئيسية في ثلاث دول هي العراق وإيران وتركيا مع قسم صغير يقع في سوريا، فيما يوجد عدد من الكرد في دول أخرى أهمها أرمينيا وكذلك في أذربيجان وباكستان وبلوشستان وأفغانستان.
إحصاءات
قدَّرت الإحصاءات عددهم بحوالي 55 مليون نسمة، وتزداد كثافتهم في تركيا وإيران وسوريا والعراق، كذلك يوجد عدد منهم في دول كثيرة في أوربا وأمريكا الشمالية وأستراليا وإفريقيا، موزعين بنسبة 46% في تركيا، و31% في إيران، و18% في العراق، و5% في أرمينيا وسوريا.
وأتفق أغلب الباحثين على أن الأكراد ينتمون إلى المجموعة الهندوأوربية، وأنهم أحفاد قبائل الميديين التي هاجرت في مطلع الألف الثانية قبل الميلاد، واستطاعت أن تنشر نفوذها بين السكان الأقدمين، وربما استطاعت إذابتهم لتتشكل تركيبة سكانية جديدة عرفت فيما بعدُ بالكرد.
والدين الإسلامي هو دين الأغلبية الساحقة في كردستان بنسبة 70%، والكرد في غالبيتهم العظمى سنيون شوافع، ويوجد بينهم القليل من الشيعة يرتكزون في جنوب كردستان، أما المسيحيون من الأكراد فهم من الكاثوليك والكلدانيين والأشوريين والسريان ويتحدثون اللغة الأرامية.
أما الأكراد اليهود فهاجروا ما بين عامي 1949 و1950 إلى إسرائيل، أستراليا والولايات المتحدة.
ويعد صلاح الدين الأيوبي -محرر القدس- أحد أهم الشخصيات في التاريخ الكردي، الذي تعود جذوره إلى منطقة حرير شمال غرب أربيل، كما إن شيخ الإسلام ابن تيمية كردي الأصل, وكذلك ابن الأثير، وابن النديم وغيرهم من العلماء والقادة.
والقضية الكردية اليوم بين أحزاب سياسية تسعى للحكم وحركات وتشكيلات عسكرية تسعى للاستقلال، فالجيش التركي يلاحق حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، وإقليم كردستان العراق يسعى للانفصال التام عن العراق، وفي المنتصف يقف أكراد سوريا وإيران مطالبين بحقوقهم.
معاناة بطعم الأمل
ألاعيب السياسة وأفعال الساسة شرَّدت هذا الشعب الكردي ومزقت أحلامه، ثم جاء الاستعمار فبذر بذور العصبية للعرق، ونادى بالقومية الكردية.
ووفقا لمركز التأصل للدراسات والبحوث ، ما زلت المشكلة الكردية قائمة حتى اليوم والحلول مُوزَّعة بين أكثر من أربع دول، والشعب الكردي بينهم لا حيلة له ولا قوة.
بدأت مشكلة الأكراد في العصور المتأخرة حيث عاش الأكراد في إقليم كردستان وكان كيانًا واحدًا في ظل إمارات مستقلة، لكن نظرًا لاختلاف المعتقد بين الشاه إسماعيل الصفوي المطبق على حكم الإقليم وبين الشعب الكردي السني حدثت الفُرقة، ودخل الأكراد في متاهة لم يخرجوا منها حتى الآن.
وقد سعى الأكراد إلى من يخلِّصهم من الحكم الصفوي؛ ولذلك فقد قامت الدولة العثمانية الخصم الأكبر للصفويين، بإقناع أمراء الأكراد ورؤساء العشائر وحكام المقاطعات بالانقلاب على حكم الشاه، وعليه قامت عدة مدن كردية بالتمرد والثورة على الشاه، كديار بكر، وبدليس، وكركوك، وأردبيل.
ثم تفاقمت المشكلة الكردية بمجيء عام 1514م عند اصطدام الدولتين الصفوية والعثمانية في معركة جالديرن، والتي كان من نتائجها تقسيم كردستان إلى دولتين الأولى عثمانية والثانية صفوية.
وفي عام 1515م حدث اتفاق بين السلطان العثماني وأمراء الأكراد يتضمن اعتراف الدولة العثمانية بسيادة تلك الإمارات على كردستان، وبقاء الحكم الوراثي فيها، وفق مجموعة من الشروط. ثم تبع ذلك عدة معاهدات بين الدولة الصفوية والعثمانية بشأن هذا الإقليم.
ثم ازدادت المشكلة الكردية تعقيدًا ببروز الدور الاستعماري للدولة الغربية، حيث سعت هذه الدول إلى تقسيم الشعوب العربية والإسلامية إلى أقليات دينية وعرقية؛ بهدف إضعاف القوى الإسلامية وتفتيت قواها، فسعت في بادئ الأمر إلى تقسيم إقليم كردستان إلى أربع مقاطعات وزعتها على أربع دول، ثم هي الآن تسعى في تأجيج نار الطائفية والعنصرية عن طريق الدعوة إلى القومية الكردية.
حتى بات كثير من الأكراد لا يدعون إلا لوحدته الكردية، بجمع الأكراد في وطن واحد، تاركين بذلك الدعوة إلى الوحدة الإسلامية؛ وما دفعهم لهذا إلا كثرة ما لاقَوْه من ظلمٍ من كافة الدول المحيطة بهم.
فلقد اعتبر الكرد أنهم تعرضوا للاضطهاد والتنكيل والشرذمة على يد شركائهم في المنطقة، وهو شعور توجه أولاً نحو الفرس في الدولة الإيرانية ونحو الترك في الدولة العثمانية، لكن الأمر اتسع بعد الحرب العالمية الأولى ليشمل كل الدول الأربع التي توزع عليها الكرد، وبدأت منذ ذلك الحين معالم علاقة متوترة ومتشككة، وأحيانًا عدائية ودموية بين الكرد وهذه الدول، حتى باتت القضية الكردية جزءًا محوريًّا من أسباب التوتر في المنطقة منذ نحو تسعين عامًا.
حلول متعنتة
وحول أسباب التعنت في المشكلة الكردية يشير باسيل نيكتين قنصل روسيا السابق بإيران إلى أسباب التطاحن والصراع الواقع في إقليم كردستان، وسر تمسك الدول المحيطة به بقسمٍ منه، فيقول في كتابه (الكرد): "منطقة الكردستان لها أهمية جغرافية واقتصادية كبرى، فهي إحدى الصلات بين الشرق والغرب، وفيها تتفجر ينابيع غزيرة من النفط الحيوي للعالم..."، كذلك فإن المنطقة غنية بالمعادن والموارد الطبيعية.
بالإضافة إلى سعي الدول الاستعمارية الكبرى في تأجيج الصراعات المذهبية، والنعرات العصبية، وإحياء القوميات لزعزعة الأمن في هذه المنطقة.
ويرى خبراء ومحللون أن خوف دول كتركيا والعراق من التهديدات الكردية في حال اعترافها باستقلال الأجزاء الكردية، كذلك فإن لبعض الدول كإيران أطماعًا توسعية، يقف حائل أمام حل المشكلة الكردية.
كما عمدت بعض الدول إلى استغلال الأزمة الكردية لمصالح خاصة بها؛ فإيران على سبيل المثال كانت تدعم الحركة الكردية العراقية لإشغال النظام العراقي، فلما تعارضت مصالحها مع أكراد العراق أوقفت الدعم، بل هي الآن في حالة صدام وتشاحن معها.
وكذلك فعلت العراق بأكراد إيران بعد الثورة الإيرانية، حيث أمدتهم بالسلاح لمواجهة السلطة الجديدة، وفي الوقت ذاته كانت في مواجهة مع أكراد العراق. وكانت سوريا تستقبل أكراد العراق وتتعاطف معهم، بينما تمتنع عن تلبية بعض الحقوق لأكراد سوريا، بما فيها منح عشرات الآلاف منهم الجنسية.
وسعت دول كأمريكا إلى إعاقة أية اتفاقات بين الأكراد ودول كالعراق لحل مشكلتهم، وقديمًا ساندت أوربا أتاتورك وأعاقت عملية الاستقلال التي مهدت لها معاهدة "سيفر1920م"؛ لرغبة أوربا في إبراز مصطفى كمال أتاتورك كبطل؛ لدعمه في حربه على الإسلام والخلافة الإسلامية في تركيا مقر الخلافة. لذا لم يكن من مصلحتهم إضعافه بتمكين الأكراد من الحصول على استقلالهم.
الموقف الدولي
هناك مواقف دولية نحو القضية الكردية، حيث نجح ممثل الأكراد شريف باشا في إدخال ثلاثة بنود تتعلق بالقضية الكردية في «معاهدة سيفر» التي أبرمها الحلفاء بباريس في أغسطس 1920م، وقد كرس ذلك عملية تدويل القضية الكردية بصورة رسمية، رغم أن الدولة العثمانية حاولت مرارًا أن تصف القضية الكردية بأنها قضية داخلية تستطيع الدولة حلها.
وكان من الممكن أن تصبح معاهدة سيفر محطة مهمة في تاريخ القضية الكردية، حيث نصت على تحقيق حل المشكلة الكردية على مراحل، وإذا اجتاز الأكراد هذه المراحل - وطالبوا بالاستقلال، ورأت دول الحلفاء أهلية الأكراد لذلك - يصبح الاستقلال أمرًا واقعيًّا، وعلى الحكومة التركية الاعتراف بذلك. لكن كان رد تركيا على المعاهدة عنيفًا، ووصف كمال أتاتورك المعاهدة بأنها بمثابة حكم الإعدام على تركيا، وحاول بمختلف الوسائل وضع العراقيل لمنع تطبيق المعاهدة.
وهكذا لم تر معاهدة سيفر النور؛ بسبب صعود نجم مصطفى أتاتورك والحركة الكمالية، وتوسيع مناطق نفوذها، وكذلك لرغبة أوروبا في إبراز مصطفى كمال كبطل؛ لدعمه في حربه على الإسلام والخلافة الإسلامية في تركيا مقر الخلافة؛ لذا لم يكن من مصلحتهم إضعافه بتمكين الأكراد من الحصول على استقلالهم.
لكل ذلك لم يمر عام ونصف العام على توقيع «معاهدة سيفر» حتى طرحت فكرة إعادة النظر فيها، وجاءت هذه المواقف من قبل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، واتخذ المجلس الأعلى للحلفاء قرارًا بهذا الشأن يوم (25 من يناير 1921م)، إضافة إلى توجيه الدعوة إلى وفد حكومة أنقرة لحضور المؤتمر القادم، الأمر الذي دلّ على اعتراف الحلفاء بالواقع الجديد في تركيا.
وفي فبراير 1921م عقد مؤتمر بلندن في لبحث المشاكل العالقة، ومن ضمنها المشكلة الكردية، حيث اعتزم الحلفاء إعطاء تنازلات مهمة في هذه القضية، لكن الحكومة التركية أصرت على أن المسألة يمكن حلها داخليًّا، لا سيما وأن الأكراد لهم الرغبة في العيش مع إخوانهم الأتراك حسبما زعمت آنذاك.
وأثناء انعقاد مؤتمر لندن، عقدت حكومة أنقرة عددًا من الاتفاقيات الدولية التي كرست الشرعية الدولية القانونية للنظام الجديد في تركيا، ثم قامت الحكومة الجديدة بإلغاء جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمتها حكومة الأستانة ومن ضمنها معاهدة سيفر. كل ذلك أدى إلى تعزيز مكانة الحكومة التركية الجديدة، وبذلك فشل مؤتمر لندن؛ لتوجه ضربة إضافية للآمال القومية الكردية.
إلى ذلك، جاءت فكرة عقد معاهدة لوزان بعد تنفيذ المسرحية التي خططت لها المخابرات الإنجليزية من أجل هدم الإسلام، والقضاء على الخلافة الإسلامية بإبراز اليهودي الحقود مصطفى كمال أتاتورك كبطل مغوار استطاع إنقاذ شرف الدولة العثمانية من الحلفاء واليونان الذين احتلوا أزمير بتمكين من بريطانيا عام 1920م، وتوغلوا في الأناضول؛ فقام مصطفى كمال باستثارة روح الجهاد في الأتراك، وخدعهم برفع القرآن، ورد اليونانيين على أعقابهم، وتراجعت أمامه قوات الحلفاء بدون أن يستعمل أسلحته، وأخلت له المواقع؛ وعندها بزغ نجم مصطفى كمال في العالم الإسلامي كله، ولُقِّب بالغازي، ومدحه الشعراء، وأشاد به الخطباء.
ونصت معاهدة لوزان الموقعة في (24 من يوليو 1924م) على أن تتعهد أنقرة بمنح سكان تركيا الحماية التامة والكاملة، ومنح الحريات دون تمييز، من غير أن ترد أية إشارة للأكراد فيها، كما لم تجرِ الإشارة إلى معاهدة سيفر، وعدَّ الأكراد هذه المعاهدة ضربةً قاسية ضد مستقبلهم ومحطمة لآمالهم.
عملت بريطانيا بعد المعاهدة على إلحاق جنوب إقليم كردستان -والمعروف بولاية الموصل- بالعراق، بينما اعتبر الأتراك أن بقاء أكراد الموصل خارج نطاق سيطرتهم يمهد السبيل أمامهم لإثارة أكراد تركيا؛ لذا طالبوا بضم ولاية الموصل إلى أراضي تركيا.
وصلت المفاوضات لطريق مسدود؛ فأحالت بريطانيا القضية إلى عصبة الأمم التي أمرت بتشكيل لجنة لبحث القضية؛ وذلك من أجل استنفاد الوقت، وخلق أوضاع جديدة على أرض الواقع؛ حتى لا تعود الولاية لتركيا، وهذه هي طريقة الاحتلال دائمًا.
قامت هذه اللجنة باستطلاع آراء أهل الموصل في القضية؛ فمنهم من كان يريد الرجوع إلى الحكم التركي بدافع الدين الإسلامي، ورفض حكم الإنجليز غير المسلمين، بينما كانت الأقليات المسيحية واليهودية تصر على عدم العودة للحكم التركي، أمَّا الأكراد الذين يؤلِّفون ثلاثة أخماس الولاية فكانوا ضد الحكم العربي والتركي، وكان كبار الملاَّك منهم هم الطبقة الوحيدة المؤيدة للحكومة العربية، وترى تبعية الولاية لحكومة بغداد.
الثورة الكردية
في ذلك الوقت قامت ثورة كردية بزعامة الشيخ سعيد بيران في مارس 1925م ضد السلطات التركية، واتهمت تركيا الحكومة البريطانية بتحريض الأكراد على الثورة، ورغم عدم وجود أدلة على ذلك، إلا أن الثابت أن بريطانيا قد قابلت الثورة بارتياح.
بداية من عام 1931م بدأ الأكراد في القيام بالثورة ضد الدولة الإيرانية والعراقية والتركية؛ وذلك بقياد عائلة البارزانيين الذين ظهروا على مسرح الأحداث منذ 1908م، والذين عُرِفوا بالسيادة والقيادة الدينية والعسكرية، وكان من أبرزهم الشيخ عبد السلام الذي قاد الأكراد لمقاومة القوانين الجديدة التي فرضها نظام تركيا الفتاة العلماني.
وأعلن الثورة المسلحة ضدهم حتى تمَّ الصلح عام 1909م، ولكن السلطات التركية قامت بعد ذلك بإعدامه عام 1914م؛ لتقدمه بمطالب كردية خاصة بجمع الضرائب بما يوافق الشريعة الإسلامية، وإنفاقها في إصلاح المرافق في كردستان، وطلب تعيين مفتيين على المذهب الشافعي، وطلب اعتماد التعليم في كردستان باللغة الكردية، وكذلك لرفضه إرسال متطوعين للقتال مع الجيش التركي في الحرب العالمية الأولى, وكان منهم الشيخ أحمد البارزاني الذي اتصف بالقسوة حتى مع الأكراد.
ثم ظهر المُلا مصطفى البارزاني على مسرح الأحداث من هذا الوقت ولفترة طويلة خاض فيها معارك كثيرة، وأعلن التمرد على الحكومة العراقية، وتنقَّل بين العراق وتركيا وروسيا، وحُدِّدَت إقامته لمدة عشر سنوات في الناصرية، ثم السليمانية، ثم فرَّ من منفاه؛ ليتزعم الحركة الثورية الكردية، ويؤسس الحزب الديمقراطي الكردستاني.
دعَّم مصطفى البارزاني قواته بعد ذلك، ودخل في معارك كثيرة مع الجيش العراقي مستعينًا بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة التي كانت ضد العراق، ومستعينًا كذلك بإمدادات عسكرية كبيرة من إيران التي كانت تعادي العراق، ولكن من يعتمد على الولايات المتحدة لا بد أن يخسر في النهاية؛ إذ قامت أمريكا برعاية اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران في 6 من مارس 1975م عن طريق وزير خارجيتها اليهودي الشهير هنري كيسنجر.
ومن ثَمَّ سحبت إيران الشاه أسلحتها، وتركت الأكراد فريسةً لهجوم عراقي كاسح أسفر عن هزيمة تامة لقوات البارزاني، وانتهاء الثورة الكردية بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في هذا الوقت تمامًا، ولجوء البارزاني إلى إيران، وقد نشأت بعد هذه الهزيمة تيارات سياسية مختلفة انبثق عنها أحزاب جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.