في يناير الماضي، نظم «مركز الجزيرة للدراسات» و«المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية» -في قطر- ندوة حول «المسألة الكردية في المشرق». ليست هذه أول القصيد عن «مسألة»، بل «دولة الأكراد»؛ التي يعمل الغربُ على إنجازها بحماس.. وهو نفسه من كان مزّق بلاد الأكراد إربًا، بتقسيمها على أربع «دولٍ قطريةٍ قزمة» (العراق وسوريا وتركيا وإيران)، وفقَ «اتفاقية سايكس بيكو». نعم، غير أنه غرس «الكيان الصهيوني» كالشوكة في جسد «دولة الإسلام»، مزّق الاستعمار «وطن الأكراد» بين ثلاث حصص؛ لبريطانيا «منطقة جنوب وأواسط العراق»، ولروسيا «الولايات الأرمنية في تركيا وشمال كردستان»، ولفرنسا «شرق سوريا وولاية الموصل». كل هذا بكليماتٍ أطلق عليها «اتفاقية القاهرة السرية» (سايكس-بيكو). لكن أواخر العام الماضي -وبحسب صحيفة «يني جاغ» التركية (2012م)- قالت كوندليزا رايس -وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد بوش الصغير- لرئيس «إقليم كردستان العراق» مسعود البرزاني: «حلم الدولة الكردية سيتحقق قريبًا».. «واشنطن تعمل على إقناع الحكومة التركية بالسماح بضم كرد تركيا إليكم». ف«مشروع الشرق الأوسط الكبير»؛ الذي بدأ منذ (90 عامًا) -تقول «كوندليزا» في «الواشنطن بوست»- «وتم توسعته وتخطيطه من جديد عام 2003م»؛ ف«خريطة الشرق الأوسط ستتغير بدءًا من المغرب العربي حتى خليج البصرة، وستشمل 22 دولة»، بما في تلك الدول حليفتهم «تركيا». وإن كان من تعليق؛ فليكن... 1- لم يكن للأكراد «دولةً مستقلةً» في يومٍ من الأيام، وليس كل وطنٍ يجوز له الاستقلال، وكذا لا يسوغ اختلاف اللغات والمذاهب والأعراق استقلال الشعوب، خاصةً عن «دولة الإسلام». 2- بقاء «القضية الكردية»، وإن ظل أرّق دولًا كترکيا، لا يسوغ «إقامة دولةٍ كردية»، وإلا أقام «الطوارق» دولة في جنوب بلاد المغرب العربي، وبالمناسبة هذا هو الملف التالي ل«دولة الأكراد»، وبحسب كوندليزا أيضًا. 3- وكذلك اختلاف اللغة، ف«سويسرا» تتكلم -على ضآلتها- ثلاث لغات، فضلًا عن اعتراف كثير من الدول؛ كتركيا، بلغة الأكراد، مع أني لا أجيز للمسلم أن يعتد بغير العربية لغة كتابه ونبيه -عليه الصلاة والسلام-. 4- «الدولة الكردية»، ليست كل العقبات تجاه «دولة الإسلام الموعودة» (الخلافة)، وأخطر منها «الكيان الصهيوني»، لكنها تكون إحدى أكبر العقبات، وب45.000.000 عدد نسمات، وتبدأ من العاصمة الأرمينية شرقًا إلى قريبٍ من حلب السورية غربًا، ومن شمالي تكريت العراقية جنوبًا إلى شمال ديار بكر في عمق تركيا شمالاً. 5- «دولة الأكراد» الناشئة هذه علمانيّة بامتياز؛ فبرزاني وطالباني وزيباري، وأحزابهم، زعماء «إقليم كردستان» المستقل فعلًا عن العراق، والنواة الفعلية لدولة كرديةٍ كبيرة، كلهم علمانيون، ف«ما موقف الأكراد من الدين الإسلامي الآن وبدون مراوغة؟ ومَن وراء طموحهم الجغرافي اللامتناهي؟ وأليس لليهود يدٌ في مشروع الأكراد»؟ سأل أحد المتابعين «ندوة مركز الجزيرة». وطلب آخر: «إضافة محور بعنوان الكرد والإسلام» للندوة. 6- خدم «الكرد» الإسلام طوال تاريخه وفي كل مجال؛ وتبوءوا أعلى مناصبه الزمانية والدينية؛ فكان منهم صلاح الدين الأيوبي قاهر الصليبيين، وأحمد بن عبد الحليم بن تيمية شيخ الإسلام. ولا يزال الإسلام -دين الكرد الأثير- في حاجةٍ لخدماتهم، شأن كل أبنائه. 7- إن كان يشكو الأكراد جور دولٍ وأنظمةٍ؛ فلعمر الله قد ظلمت كل رعاياها عربًا وكردًا وأتراكًا وفرسًا؛ فهل يستقل كل فردٍ عن كل دولة؟! 8- الاستعمار المتحمس لما يزعمه حل «مشكلة الأكراد» هو من أوجدها، وليس معنيًّا أبدًا بحل المشكلات. 9- غاية الغرب من إقامة دولة الأكراد هو تفتيت بلاد الإسلام، ورغبة الزعامات الكردية العلمانية من ذلك مجرد التسلط على عباد الله. 10- إنه لا المسألة الكردية ولا لغة الأكراد، شأن كثيرٍ من قضايا عالمنا المعاصر، تفصل فيما بين الجنة والنار. نحن -إذن- مدعوُّون لإعادة النظر في «دولة الأكراد».. بل وفي «دولة فلسطينيّة مستقلة قطرية قزمة».. منبتّةٍ عن «دولة الإسلام». أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]