بالأسماء.. تعيين أعضاء بمجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي    جامعة قناة السويس تحافظ على تقدمها في التصنيف العالمي QS 2025    محافظ الفيوم: فتح 14 مجزرًا وذبح الأضاحي مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتابع سير العمل بمشروعات مدينة أخميم الجديدة    تباين أسعار العملات الاجنبية في بداية تعاملات اليوم الخميس 6 يونيو 2024    سعر الذهب اليوم الخميس 6-6-2024 خلال بداية التعاملات بعد ارتفاع عيار 21 في الصاغة    محافظ الفيوم يتابع مع رؤساء المدن إجراءات تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    ضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للبيئة.. افتتاح «بديع صنع الله» بقصر الأمير طاز    تجربة مبادرة "صحة المرأة" ضمن جلسات مؤتمر "صحة أفريقيا".. ماذا حققت؟    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل أخر جلسات الأسبوع    ننتصر بالحرب والقدس لنا.. تصريحات استفزازية جديدة لوزير إسرائيلي    البرلمان العربي: اقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع القانوني والتاريخي للقدس    الخارجية الإسبانية: مدريد ستنضم لجنوب أفريقيا في الدعوى ضد إسرائيل    المستشار الألماني يؤيد ترحيل المجرمين الخطرين إلى أفغانستان وسوريا    إصابات في قصف مسيرة إسرائيلية دراجة نارية بجنوب لبنان    تصفيات المونديال| الجزائر يستقبل غينيا للابتعاد بالصدارة    الأرصاد الجوية: أسوان و قنا أعلى المحافظات فى درجات الحرارة    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    الثانوية الأزهريةl تباين آراء الطلاب حول امتحان البلاغة بالقليوبية    تخصيص 159 ساحة ومسجد لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك بمحافظة الفيوم    المؤبد وغرامة 200 ألف جنيه لعامل لاتجاره في الحشيش بالقليوبية    «تعليم المنوفية»: لا وجود لأي شكاوي من امتحانات الثانوية الفنية    بوسترات فردية لأبطال فيلم عصابة الماكس قبل عرضه بموسم عيد الأضحى.. صور    رحلة «أهل الكهف» من التأجيل 4 سنوات للعرض في السينمات    سوسن بدر تكشف كواليس تصوير الفيلم الوثائقي «أم الدنيا» قبل عرضه    أسرار وكواليس في حياة الفنان محمود المليجي.. فيلم «الأرض» نقطة التحول    لو هتضحى.. اعرف آخر يوم تحلق فيه إمتى والحكم الشرعى    هل الحاج يصوم العشر من ذي الحجة؟.. «الإفتاء» تجيب    أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور.. منظمة الصحة العالمية تؤكد    العلاج بالمجان.. قافلة طبية لأهالي قرية سيدي شبيب بالضبعة شرق مطروح    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    رفضت العودة له.. تفاصيل التحقيق مع المتهم بإلقاء مادة ك أو ية على طليقته    قبل التغيير الوزاري، سويلم يقدم كشف حساب لوزارة الري على هامش المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    عميد تجارة عين شمس: التعاون الثقافي والعلمي مع الجامعات الفرنسية مهم للجانبين    ليلة بكت فيها سميحة أيوب.. الأوبرا تكرم سيدة المسرح العربي (بالصور)    تعليق مثير من شوبير عن محمد أبو تريكة وشيكابالا.. ماذا قال؟    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة والفترة الماضية شهدت انخفاضا فى الأسعار    اليونيسف: 9 من بين كل 10 أطفال بغزة يفتقرون للغذاء اللازم للنمو السليم    بدء التصويت فى انتخابات البرلمان الأوروبى العاشرة فى هولندا    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ مشروعات الطرق والمحاور بالقاهرة الجديدة    أحمد الدبيكي: إتفاقية دولية مرتقبة لحماية العاملين في التخصصات الخطرة    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وسيارة ملاكي بشبرا بنها الحر    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    اعرف المدة المناسبة لتشغيل الثلاجة بعد تنظيفها.. «عشان المحرك ميتحرقش»    محمد عبدالجليل يعلق على مباراة مصر وبوركينا فاسو    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    نجم الإسماعيلي: تلقيت عروضًا من الأهلي والزمالك.. وهذا قراري    إبراهيم عيسى: تكرار الأخطاء جريمة بحق التاريخ.. لم نتعلم من الأحداث    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    الأزهر للفتوى: الاجتهاد في السعي على طلب الرزق في الحر الشديد له ثواب عظيم    مصادر: خطة لرفع أسعار الأدوية بنسبة 30%    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «شماريخ» تحت شعار «تحيا المقاومة لتحيا فلسطين» (تفاصيل)    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    البابا تواضروس: أخبرت نائب محمد مرسي عن أهمية ثقة المواطن في المسئول فصمت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحبة الجلالة فى السجن!
نشر في محيط يوم 03 - 04 - 2013

منذ بدأت صاحبة الجلالة رسالتها النبيلة على أرض هذا الوطن . دفعت غاليا الثمن . وعرف شارع الصحافة فى مصر أبطالا لم يرهبهم سيف ولم يترددوا فى مواجهة الظلم .

دفع شرفاء الصحفيين وأرباب القلم الثمن .. وكان منهم من تعرض للترشيد . والارهاب والسجن ، لكن النهاية كانت دائما لصالحهم . فقد ذهب الذين ظلموا وبقيت ذاكرة الصحافة مضيئة بنجومها وأشرافها وبقيت الرسالة الصحفية النبيلة . بقيت الكلمة . وذهب الذين حاولوا وأدها !

كان محمد التابعى . ومايزال رغم رحيله . أمير الصحافة فى مصر ..

عاش حياة طويلة عريضى. وخاض معارك صحفية وسياسية كثيرة. وذاق عسل الصحافة وأكتوى بنارها .

وكان التابعى صاحب قلم رشيق . لكنه فى نفس الوقت قلم محارب عنيد .

وبسبب هذا القلم دخل أمير الصحافة السجن مرتين !

وكان ذلك فى عهد الملك فؤاد ..

وفى عهد الملك فؤاد لم يدخل السجن من الصحفيين والكتاب غير ثلاثة . عباس محمود العقاد وتوفيق دياب ومحمد التابعى .

وكان لسجن كل واحد منهم قصة مثيرة.

كان عباس محمود العقاد رجلا صعبا عنيدا لم يتحيز فى حياته قط لانسان أو قوة . وكانت له من البداية مواقف ثائرة معترضة جريئة . كان لها دوى كبير وأصداء عميقة.

ذات يوم ..

وقف العقاد يتحدث فى مجلس النواب وكان أحد نواب المجلس ..

وأخذته الحماسة ..

فصاح بصوته الجهورى : أن هذا المجلس مستعد لأن يسحق أكبر رأس فى الدولة!

وما أن نطقها حتى ساد الوجوم قاعة المجلس من المفاجأة..

ان أكبر رأس فى الدولة هى رأس فؤاد ملك البلاد !

وها هو النائب العقاد " المتهور " يعلن صراحة وبصوت جهورى أن مجلس نواب مصر قادر ومستعد للقضاء على رأس الملك !

لكن صمت النواب الذى أحدثته المفاجأة سرعان ما تحول الى ثورة وهياج !

بعض النواب انفعلوا بجرأة العقاد .. وصاحوا يؤيدونه فى انفعال ..

بعض النواب غضبوا وثاروا من أجل الملك . ووقفوا عن مقاعدهم ينددون بالعقاد وبما قاله !

وهنا اضطر ويصا واصف رئيس مجلس النواب . لأن يدق بعنف بيده على المنصة .

وصاح بصوت عال : لا.. لا.. لا.. أنا لا أسمح بهذا !

وكان يقصد بأنه لا يسمح بعبارة العقاد العنيفة .. وطلب ويصا واصف من سكرتارية المجلس عدم اثبات ما قاله العقاد فى محضر الجلسة .. ثم رفع جلسة مجلس النواب فى الحال !

ولم تمض سوى دقائق حتى بدأت زلازل كلمة العقاد !

ما كاد ويصا واصف رئيس مجلس النواب يغادر القاعة ويصل الى مكتبه . حتى دق جرس التليفون . وكانت المكالمة من قصر عابدين .

وسمع ويصا واصف من يقول له على الناحية الأخرى : صاحب الجلالة الملك يستدعيك فورا لمقابلته فى القصر.

وأسرع رئيس مجلس النواب للقاء فؤاد .

وحاول أن يهون ما حدث فى المجلس ويهدىء من ثورة الملك على العقاد .

- وقال له : عباس العقاد أحد عبيد مولانا المخلصين !

• ورد عليه الملك فؤاد : لكنه عبد خطر !

ويقول التابعى ان النيابة العمومية بدأت تحقق مع عباس العقاد . وانتهت الى اتهامه بتوجيه تهمة العيب فى الذات الملكية للنائب المتهور . الذى هو فى نفس الوقت عملاق الأدب !

وأحيل العقاد الى محكمة الجنايات ..

وأخذت قضيته تتأجل أكثر من مرة بناء على طلب الدفاع عنه والسبب أن الدفاع كان يريد احالة القضية الى دائرة أخرى . غير الدائرة التى ستنظرها .

وكانت هذه الدائرة معروفة بقسوة أحكامها . وبأن رئيس هذه المحكمة كان على صلات قوية مع كبار رجال السرايا وحاشية الملك فؤاد !

ونجح دفاع العقاد فى خطته ..

ونظرت القضية أمام محكمة أخرى .. أصدرت حكما بحبس عباس العقاد مع الشفل تسعة شهور !

هكذا دخل العقاد " سجن مصر " ..

وفى ذلك الوقت كان نزلاء هذا السجن وكل السجون . يشتكون من صعوبة أحوال العيش فى الزنزانات فى فصل الشتاء البارد .

وفى السجن ..

شكا العقاد من البرد وقال أنه مريض . وتم استدعاء طبيب السجون الذى فحصه وأيد شكواه .

وذكر أن زنزانة العقاد ذات نافذة مفتوحة الا من القضبان الحديدية. ومنها يتسلل البرد الذى يشكو منه العقاد !

وظلت مشكلة نافذة زنزانة العقاد موضوع مكاتبات عديدة بين مصلحة السجون ووزارة الحقانية " العدل " التى تتبعها السجون . حتى وافق وزير الحقانية فى النهاية على تغطية نافذة زنزانة العقاد بألواح من الزجاج . تفتح وتغلق حسب حاجته وطلبه !

فماذا فعل "السجين العقاد " تجاه هذا القرار "الكريم"؟

ذات يوم ...

ذهب وزير الحقانية على ماهر باشا ليزور سجن مصر ..

وفتح الحارس باب زنزانة العقاد ..

وصاح بصوت مرتفع : معالى الوزير !

وكان العقاد فى تلك اللحظة ممددا على فراشه بالزنزانة ..

وعندما سمع العقاد صياح الحارس .. أسرع بوضع ساق فوق ساق ..

وتعمد أن تكون قدماه فى وجه معالى الوزير مباشرة فور أن يدخل الزنزانة !

ودخل الوزير من باب الزنزانة ..

لكن العقاد ظل على رقدته على الفراش لا يتحرك .. وهو يضع ساقا فوق ساق !

كان المشعد عجيبا ..

وزير العدل يقف على بعد خطوة من داخل الزنزانة . ومن خلفه كبار رجال وضباط مصلحة السجون..

والعقاد على وضعه يثنظر الى سقف الزنزانة .. وكأنه لا يرى الوزير الذى دخل الزنزانة !

ولم يهتم " السجين العقاد" بالنهوض تحية واحتراما لمعالى الوزير !

وهنا قال على ماهر باشا وزير الحقانية للعقاد .. نهارك سعيد يا استاذ عقاد ..

لم يرد العقاد عليه !

قال له على ماهر باشا : عندك شكوى يا أستاذ من أى حاجة ؟

ظل العقاد على صمته ..

عاد وزير الحقانية ليساله : لك طلبات يا أستاذ عقاد !

ظل العقاد صامتا كأنه تمثال من صخر . لا يسمع ولا يرى ولا يتحرك أو حتى "يرمش" !

فلم يجد الوزير على ماهر باشا أمامه سوى أن يستدير ويغادر زنزانة هذا الصامت .. صامتا هو الآخر !

وأغلق الحارس باب الزنزانة على العقاد !

وقد اهتمت الصحف المصرية بقصة القبض على عباس محمود العقاد وسجنه ومحاكمته . وحملت مجلة "اللطائف المصورة " صورة فوتوغرافية نادرة للعقاد جالسا على مقعد . وكتبت تقول : "الكاتب الكبير والنائب المخترم الاستاذ عباس محمود العقاد . الذى استدعته النيابة صباح 14 الجارى للتحقيق معه فى شأن مقالات كتبها فى المؤيد الجديد .. ثم صدر الأمر باعتقاله فى سجن مصر فنرجو له فرجا قريبا "!

وعادت "اللطائف المصورة " لتنشر فى عدد آخر صورة للعقاد . وكتبت تقول : الكاتب الكبير الاستاذ عباس محمود العقاد . الذى أدت به كتاباته الى غياهب السجن . وقد تحدد يوم 8 ديسمبر المقبل للنظر فى التهم المنسوبة اليه . فنرجو له فرجا قريبا . مغتنمين هذه الفرصة للاعراب عن شديد تألمنا ، لما أصابه ولمعاملته فى السجن . وهو متهم سياسى . معاملة المجرمين العاديين . دون أن تراعى فى ذلك مكانته الأدبية وحالته الصحية .

وعلى صفحتها الأولى من عدد الاثنين 15 ديسمبر سنة 1930 نشرت "اللطائف المصورة" صورة معبرة للعقاد وقد اقتيد من سجنه الى مبنى المحكمة لمحاكمته . وكتبت تحتها تقول : " الكاتب الكبير والصحفى المعروف الاستاذ عباس محمود أفندى العقاد . يهبط من السيارة التى جاءت به من السجن الى المحكمة . وقد ذكرت الصحف أن صحته ساءت . شفاه الله.

وأضافت " اللطائف " : عرضت على محكمة الجنايات يوم الاثنين فى 8 ديسمبر الجارى قضية جريدة المؤيد الجديد . المتهم فيها كل من الاستاذ محمد أفندى فهمى الخضرى والأديب الكبير عباس محمود العقاد أفندى . لنشرهما فى تلك الجريدة مقالات عدتها الحكومة عيبا فى الذات الملكية بقلم الأستاذ العقاد . وحملت مسئولية ما نشر للاستاذ الخضرى مدير الجريدة .

ووصفت "اللطائف" ما حدث يوم المحاكمة قائلة : وقد ازدحمت المحكمة فى الداخل والخارج بالجماهير . واتخذ رجال البوليس الاحتياطات اللازمة . وجىء بالاستاذ العقاد من سجنه . وحضر للدفاع عن المتهمين المجاهد الكبير الأستاذ مكرم عبيد بك والأستاذ محمود الغنام ، وطلبا التأجيل ليتمكن الأستاذ مكرم بك عبيد والأستاذ محمود الغنام من اعداد الدفاع . فأجابت المحكمة الطلب وأجلت القضية الى يوم 21 ديسمبر الجارى.

حوكم العقاد ..

ودخل السجن ..

لكن قضبان الزنزانة لم تبق للأبد..

خرج العقاد من السجن ..

ودخل التاريخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.