فجأة، وكالعادة، اكتشفت وزارة التربية التعليم المصرية أنها قامت بتعيين آلاف المعلمين في وظائف التدريس وهم لا يحملون مؤهلات تربوية، كخريجي كليات، التجارة، والآداب، ودار العلوم، والعلوم، والزراعة، والإعلام، والألسن.. الخ، وفجأة، وللمرة الثانية، اكتشفت أهمية حصول جميع هؤلاء على مؤهل تربوي بعد سنوات طويلة من التدريس تتجاوز في بعض الأحيان الثلاثين عاماً، بعد أن تخرج من تحت أيديهم ملايين المُتعلمين، وفجأة، وللمرة الثالثة، قررت الوزارة وبلا دراسة وقف ترقيات الحاصلين على مؤهلات غير تربوية إلى المراحل التعليمية الأعلى حتى يحصلوا على الدبلوم العام في التربية، ليتقدم عليهم في هذه الترقية أبناؤهم، وأبناء أبنائهم.. فأي تخبط هذا يا وزارتنا العزيزة؟. أولاً.. أيها المستشارين لدي وزارة التعليم.. ألا تعلمون أن الذين أوقفتم ترقياتهم بآرائكم الجهنمية قد عينوا على وظائف التدريس بالقانون 47 لسنة 78 ابتداء، وهو لم يضع شرط الحصول على مؤهل تربوي للترقي بين المراحل التعليمية، ولكن وضع شرط قضاء مدد بينية يكون فيها المدرس مشتغلاً بالوظيفة ليتم ترقيته، وكان في ذلك أعدل وأوقع، لأنه اعتمد على الممارسة والخبرة، وليس على مجرد الأوراق، فلماذا تخضعون من تعينوا في ظل هذا القانون - برغبة الدولة - لشروط القانون 155 لسنة 2007، المعروف بقانون الكادر في الترقي بين المراحل التعليمية.. أفهم أن قانون الكادر يطبق على من تعين في ظله ابتداء حين النقل من مرحلة إلا أخرى، ولا يطبق على القدامى إلا في الجديد الذي جاء به كالمسميات الوظيفية المُستحدثة والمعاملة المالية الجديدة.
ثانياً.. تشترطون حصول غير المؤهلين تربوياً على مؤهل تربوي، ولم تقولوا لنا كيف سيحصلون على هذا المؤهل في ظل يوم دراسي يبدأ من السابعة والنصف صباحا وينتهي في الثالثة إلا ربع بعد الظهر، فإذا كنتم تفكرون في زيادة أيام الدراسة ب خمسين يوما أسوة ببعض الدول، حسب ما صرح به السيد الدكتور رئيس قطاع التعليم العام، فكيف سيخرج المعلم من مدرسته للحصول على الدبلوم التربوي المزعوم؟، اللهم إلا إن كان في مخيلتكم أن المدارس متهاونة والمعلم قادر على التزويغ وترك جدوله الدراسي ليستطيع اللحاق بمحضرات الدبلوم التربوي في الجامعة التي تبعد عنه لثلاث ساعات سفر مثلاً.. أين دور أكاديمية المعلمين في التيسير على المعلمين القدامى؟، ولماذا لا يكون الأمر عبارة على أكاديمية تربوية لمدة ثلاثة أشهر في الصيف بنظام الدراسة المكثفة، يحصل بعدها المعلم القديم على المؤهل التربوي؟.. على الأقل حتى لا يوضع هو والمعين اليوم وليس لديه أي خبرة في كفة واحدة.. للأسف لا يوجد أي تخطيط ولا حرص على الصالح العام.
من فضلكم.. فكروا وخططوا بطريقة شاملة ودقيقة قبل إرسال تعليماتكم إلى المديريات والإدارات.. فكروا جيداً قبل أن تزيدوا من الضغط على المعلم بهذه الإهانة، فينفجر في وجه الجميع.. فكروا قبل عرض أوامركم في الطريقة التي ستنفذ بها حتى تؤتي أكلها.
الحل أعرضه في نقطتين:-
(1) لا توقفوا ترقيات المعلمين القدامى إلى المراحل الأعلى، كون هذا غير قانوني أو دستوري، وحددوا لهم مدة زمنية للحصول على المؤهل التربوي، إن كان مهماً للعملية التعليمية، ولا أظنه كذلك مع من تمرّسوا في المهنة لأكثر من عشر سنوات.
(2) يسيروا طرق الحصول على المؤهل التربوي حتى لا يترك المعلم مدرسته، واقترح لذلك فكرتين.. الأولى: تكثيف الدراسة لمدة ثلاثة أشهر يحصل بعدها المعلم على الدبلوم التربوي، والثانية: إلغاء نسبة الحضور للمعلم لدى كليات التربية وأن يحصل المعلم على الدبلوم التربوي بسداد المصروفات والمذاكرة وأداء الامتحان عن طريق شبكة الانترنت.
أرجو أن تصل رسائلي إلى معالي الأستاذ الدكتور وزير التربية والتعليم، لأنها رسائل من الميدان، وليست من المكاتب الفخمة المكيفة صيفاً وشتاءً.
