انا اري ان الكرة الان في ملعب الاخوان المسلمين وباستطاعتهم ان يقودوا قاطرة التوافق الوطني بين القوي المختلقة ويتحقق الحلم الذي يجاهد الجميع من اجله , وهذا يتحقق باشراك كل القوي الوطنية في الحكم واتخاذ القرار مع عدم النبش قي الماضي , لان النبش في الماضي لن نأخذ منه الا الاختلاف الذي لا نجني من ورائه الا الخراب والدمار – والقارئ للتاريخ يستطيع ان يلمس هذا منه ومدرسة التاريخ خير شاهد ومعلم لانها لا تخطئ — ونستطيع من واقع ديننا ان نتعلم كيف نقابل الازمات وكيف نعمل علي حلها ووأد الصدع قبل ان يستفحل وخير من نتعلم منه رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه , ننظر كيف اقام دولة الاسلام , وكيف واجه الصعاب , وكيف حافظ غلي بقاء الدولة عزيزة قوية , لانني اري ان بناء الدولة الان يتشابه الي حد كبير في الظروف والملابسات التي شابت بناء رسول الله صلي الله عليه وسلم لدولة الاسلام فقبل اقامة دولة الاسلام في المدينةالمنورة كان بين قبيلة الاوس والخزرج تاريخ طويل من العداء دام كما قال بعض العلماء لاكثر من مائة وعشرين عاما فلما اراد النبي صلي الله عليه وسلم بناء الدولة الاسلامية بناها علي التسامح والمحبة بين ابناء المجتمع المدني ثم آخي بينهم وبين ابناء المجتمع المكي ممن آمن برسول الله صلي الله عليه وسلم في مكة وكان العامل الاساسي في نجاح بناء هذه الدولة هو طي صفحة الماضي الاليم بكل ما حدث فيه .
وطبعا ما قام به رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يكن في صالح اليهود الذين كانوا يمثلون اعداء الدولة الوليدة شأنهم في ذلك كشأننا نحن الان — ” والذي يتزعم العداء فيها لنا الان اللوبي الصهيوامريكي ” — فماذا قعل اليهود ؟؟؟ اخذوا في الايقاع بين الاوس والخزرج واستخدموا في ذلك الماضي الاليم بين القبيلتين فذكروهم بقتلاهم في الحروب التي وقعت بينهم من قبل فاخذ كل فريق يرفع السلاح في وجه اخيه من الفريق الاخر وكاد ان يقع القتال بين الفريقين كما كان يقع في الجاهلية فلما سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم بالأمر; خرج اليهم فيمن معه من المهاجرين فقال: يا معشر المسلمين! الله الله ، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للاسلام… وألّف بين قلوبكم؟، فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم ، فبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً .
لنستنتج من هذا
1 – ان الخلافات التي تقع بين المسلمين او حتي ابناء الوطن الواحد يكون وراءها اعداء الامة كاليهود في العصر النبوي — والصهيو امريكي في عصرنا الحاضر والهدف طبعا معروفا للجميع وهو — ” اضعاف الدولة بايقاع الاختلاف بين ابناء الوطن بما يضمن لاعدائنا السيطرة علينا والتحكم بشئوننا وعدم استقلالنا بما يحقق اطماع العدو اللعين ”
— 2 – دور النبي صلي الله عليه وسلم في وأد الخلاف قبل استفحاله كقائد للامة والذي كان يجمع فيها بين سلطتين ” السلطة التنفيذية كحاكم للدولة والمتمثلة الان في رئيس الدولة دكتور محمد مرسي — وبين السلطة الدينية والمتمثلة الان في دكتور احمد الطيب كممثل عن المؤسسة الدينية الازهر الشريف ” ومن هنا نطالب السيد رئيس الجمهورية بالعمل علي وحدة الصف من واقع مسئوليته انه رئيس لكل المصريين وليس لجماعة الاخوان المسلمين فقط فكلنا ابناء وطن واحد وهو مسئول عنا امام الله تعالي لا فرق بين هذا وذاك — وكذلك نطالب شيخ الازهر في جمع الشمل من واقع مسئولينه الدينية لانه يمثل السلطة الدينية للمسلمين والتي كان يمثلها النبي صلي الله عليه وسلم بدولة الاسلام في المديتة المنورة فيقوم شيخ الازهر بنفسه ومعه كوكبة من علماء المسلمين بتبني هذه القضية والمبادرة الي دعوة الجميع للجلوس سويا من اجل التقارب من واقع دينهم وحبهم لهذا الوطن خصوصا وان الازهر قد احرز نجاحات متعدده في بداية الثورة حينما قرب بين وجهات النظر بين طوائف المسلمين وبين هذه الطوائف وبين الاخوة الاقباط من ناحية اخري . فنخن احوج لتضافر جهود العلماء في هذا الوقت العصيب التي تمر به مصر عملا بقول الله تعالي — { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } وقوله تعالي { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
ولذلك اذا حدث اخفاقات في هذا الامر فانه يعود الي تفريط كل من السلطة التنفيذية المتمثلة في السيد رئيس الجمهورية , وكذلك تفريط السلطة الدينية في مسئوليانها نحو المجتمع ونحو الوطن والمتمثلة في صاحب الفضيلة شيخ الازهر .
وسوف يسأل الجميع عن ذلك امام الله يوم القيامة . والشيئ العجيب اننا لا نتعلم ابدا ولا نستوعب الدوروس من الماضي لان الاخفاقات التي حالت دون تحقيق ثورة يوليو لاهدافها كانت بسبب الصراعات التي وقعت سواء بين الاحزاب او بين الاخوان المسلمين والرئيس عبد الناصر او حتي بين الجماعات الاسلامية وبين الرئيس انور السادات والشيئ العجيب ان الاجيال المتعاقبة اخذت تتوارث هذا الصراعات وما حدث فيها جيلا بعد جيل فانتج ذلك مجتمعا متصارعا علي اشياء لم تحدث بين الجيل الحالي وكاننا نعيش بذلك عصر الجاهلية الاولي ولذلك لما سألوا مبارك المخلوع لماذا تكره الاخوان المسلمين قال ” شيئ ورثته ممن كان قبلي ” فلماذا لا نستمع لصوت العقل ونعمل بقول الله تعالي : ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) فاذا كان الله لن يسألنا عن افعال من سبقونا فكيف نحمل نحن انفسنا عواقب افعالهم — امر غريب –.
والشيئ الاعجب ان هذه المشاحنات حدثت بين جيل انتهي امره وهو الان بين يدي الله اي انه لم تحدث تلك المشاحنات بيننا ومع ذلك مازالت العداوة والبغضاء مستمرة فينا كالنار التي ترعي في الهشيم وهذا مرجعه الي الارث القبيح الذي ورثاه عن عمد واختبار منا وليس اجبارا ممن سبقونا , لانه من الممكن ان نترك هذا الارث .
خصوصا واننا لم نجبر عليه , واخذنا نشعل بهذا الموروث اللعين نار العداوة ليس من اجل الوطن وانما من اجل مصالحنا الشخصية وارضاءا لأهوائنا . وهذا ما نراه في اشخاص بعينها الان . والله لو شاء القدر ان يعود بالجيل السابق مرة اخري لتخلصوا من اسباب العدواة التي كانت بينهم اشفاقا علينا وعلي حالنا .
لانهم لو راوا ما نحن فيه لعلموا ان ما وقع بينهم هو الذي اوصلنا الي هذا الحال المشين الذي نعيشه ونتعايش معه — وياليتنا نتعلم مما يحدث حولنا انظروا الي العراق والصومال , هاتان دولتان اسلاميتان تقطعت اوصالهما وانفرط عقد التماسك بين من يعيش فيهما بسبب تلك الموروثات التي ورثها اطراف النزاع فيهما فعملت علي الوصول الي حروب اهلية لم تهدأ نيرانها ولم يخبوا لهيبها الي يومنا هذا , ثم نري علي النقيض ان دولا كانت بينها حروب من الصعب ان تنسي بسبب ما ترتب عليها من اضرار وقعت ومع ذلك تغلبوا علي الخلافات التي بينهم وصارت بينهم الان علاقات طيبة وتعايشوا في سلام دائم مثل المانيا وايطاليا من جانب واكثر الدول الاوربية من جانب اخر في الحرب العالمية الاولي والثانية وكذلك ما وقع بين امريكا واليابان وانا اري ان ما وقع بين امريكا واليابان لا يمكن ان ينسي بسهولة لان امريكا ضربت مدينتين باليابان بالقنبلة الذرية فمحتها من علي سطح البسيطة الخضراء بكل ما فيها ومع ذلك تغلبوا علي الماضي الاليم والان يتعايشون في سلام بيتهم — فهل هؤلاء اقضل منا ؟؟؟
يا قوميون ويا اسلاميون اذا كان اعداؤنا قد اتحدوا فيما بينهم مع اختلاف عقائدهم ولغاتهم وعاداتهم وتناسوا الماضي الاليم اليس نحن اولي بذلك ؟؟؟؟ خصوصا واننا ابناء وطن واحد نعيش فيه بعادات وتقاليد تجمعنا واهداف لم نختلف عليها ولم يقف امام وحدتنا الا ماض ذهب بأهله فلماذا لا نتخطي تلك العقبة ونغلب مصالح الوطن علي مصالحنا ؟؟ فالاشخاص زائلون اما الوطن فباق وسوف تحكم علينا الاجيال القادمة بما لنا وما علينا وسنسأل عن هذا امام الله يوم القيامة فاغتنموا الفرصة قبل فوات الاوان وهاهم الشرفاء كما نراهم يرفعون اصواتهم بالحق فهل من مجيب ؟؟؟؟؟؟