وزيرة التعاون الدولي تُلقي كلمة مصر أمام الجلسة العامة لاجتماع مجلس المحافظين    افتتاح المؤتمر الدولي الأول للعلوم والتنمية المستدامة بالإسكندرية    كوريا الشمالية تؤكد إطلاق صاروخ بالستي تكتيكي.. وتتعهد بتعزيز قوتها النووية    تعرّف على برنامج الأهلي اليوم قبل انطلاق مباراة الترجي    «وكيل تعليم القليوبية»: انتظام سير امتحانات الشهادة الإعدادية في يومها الأول دون أي معوقات    بعد حادث الواحات.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي    «انتحار معلن» يمثل مصر بمهرجان آرانيا الدولي للمسرح بالصين    أستاذ طب وقائي: أكثر الأمراض المعدية تنتشر في الصيف    البابا تواضروس يتلقى تقريرا عن الخدمة في إيبارشية وسط أوروبا    ماذا قال النواب عن كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية بالبحرين؟    مصادر روسية: مقتل شخص في هجوم بطائرة دون طيار أوكرانية على منطقة كورسك الروسية    في اليوم ال225.. حصيلة جديدة لشهداء وجرحى العدوان الإسرائيلي على غزة    وزير التعليم يشهد حفل ختام بطولات الجمهورية ومسابقات التربية الفكرية ببورسعيد (صور)    نهائي أبطال إفريقيا.. "الكرات الهوائية" دفاع حديدي في الأهلي والترجي (أرقام)    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    غدا.. "النواب" يصوت نهائيا على مشروع قانون ربط حساب ختامي الموازنة العامة 2022/ 2023    أسعار الأسماك اليوم، الكابوريا ترتفع 35 جنيهًا في سوق العبور    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير التموين: 60% زيادة في توريد القمح خلال الموسم الحالي    جوري بكر بعد طلاقها: "استحملت اللي مفيش جبل يستحمله"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    استكمال رصف محور كليوباترا الرابط بين برج العرب الجديدة والساحل الشمالي    معهد القلب يشارك بمبادرة قوائم الانتظار بإجراء 4 آلاف عملية قلب مفتوح    طيران الاحتلال يشن غارات على جنوب لبنان.. وحزب الله ينفذ هجوما صاروخيا    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    بنك الأسئلة المتوقعة لمادة الجغرافيا لطلاب الثانوية العامة 2024    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    الشهادة الإعدادية 2024| 16807 طالبا وطالبة يؤدون أول امتحاناتهم ب108 لجان بالأقصر    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ياسمين فؤاد: تطوير المناهج البيئية بالجامعات في مباحثات مع «البنك الدولي»    متاحف مصر تستعد لاستقبال الزائرين في اليوم العالمي لها.. إقبال كثيف من الجمهور    لقاء سويدان تهنئ عادل إمام في عيد ميلاده: «صاحب السعادة»    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    تفاصيل اكتشاف نهر الأهرامات بالجيزة.. هل يحل لغز نقل الأحجار العظيمة؟    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    3 منهم قرروا البقاء.. 17 طبيبا أمريكيا يغادرون غزة بعد محاصرتهم بالمستشفى    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    بدء تلقي طلبات راغبي الالتحاق بمعهد معاوني الأمن.. اعرف الشروط    وظائف وزارة العمل 2024.. فرص عمل في مصر والسعودية واليونان (تفاصيل)    فانتازي يلا كورة.. تحدي الجولة 38 من لعبة الدوري الإنجليزي الجديدة.. وأفضل الاختيارات    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الداخلية: سحب 1145 رخصة لعدم وجود الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    بينها التوت والمكسرات.. 5 أطعمة أساسية للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    باحث مصري يتمكن من تطوير حلول مبتكرة لاستخدام الفطريات من نباتات الغابات في الصناعات الدوائية    تراجع أسعار الدواجن اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    معاريف تكشف تفاصيل جديدة عن أزمة الحكومة الإسرائيلية    بحثا عن لقبه الأول.. مصطفى عسل يضرب موعدا ناريا مع دييجو الياس في بطولة العالم للاسكواش    بدء امتحان اللغة العربية لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة والدراسات الاجتماعية بالقاهرة    مفتي الجمهورية يوضح مشروعية التبرع لمؤسسة حياة كريمة    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الشأن السوري .. دون تحديد
نشر في محيط يوم 04 - 03 - 2012

يوم الاثنين الموافق 27 فبراير 2012، قيل أن بشار الأسد ونظامه اغتالوا نحو 135 مواطنا سوريا، وقيل أن معظمهم كان من مدينة حمص وإدلب، وقيل أن 64 من أهالي حي "بابا عمرو" في حمص قد ذبحوا ذبح النعاج بالسنج والسكاكين على يد حاجز للجيش السوريوهم يحاولون الهرب من القصف العنيف الذي تعرض له الحي، ثم توالت الجرائم على هذا المنوال حتى اليوم.

والمفارقة العجيبة أن هذا الخبر جاء في الوقت الذي أعلن فيه النظام السوري أن 90% ممن صوتوا على الدستور الجديد وافقوا عليه ، وأن نسبة المشاركة في ذلك الاستفتاء بلغت 47.4%!!!.

(1)
مضمون الخبر

يظهر هذا الخبر أن عدد الضحايا الذين قضوا في أحياء بابا عمرو وغيره من أحياء مدينة حمص بخاصة، وفي مختلف المناطق السورية بعامة هو في تصاعد مستمر. إذ بات تذكير العالم المتواصل بهذا التصعيد أمراً غير مجدٍ في ردع آلة القتل التي يستخدمها بشار في التعامل مع الشعب السوري الثائر.

وليس أدل على ذلك من أن الموقف الأممي من اجتياح الفرقة الرابعة مؤخراً لحي "بابا عمرو"، (والمعروفة بتميزها عن باقي فرق الجيش السوري في العتاد و العناصر التي يجري اختيارها وفق معايير تكفل ولاءها التام للنظام) .. كان موقفاً هزلياً تميز بتوزيع الأدوار فيما بين الدول الغربية ذاتها، وحتى فيما بين المسئولين في الدولة الواحدة.

غير أن الحال في حمص وغيرها من المدن السورية يظهر - في المحصلة- أن الالتزام بشعار "سلمية التظاهر" ضد النظام، ومحاولة "استقطاب الرأي العام" الإقليمي والدولي لجانب الثوار .. لم يعد قادرا (وحده) على وقف شلال الدماء في سوريا، كما لم يعد صالحاً للتعامل مع نظام بشار الدموي، ما أكده حين صرح مؤخراً بأن النظام قد خسر المعركة في الفضاء، لكنه ما زال قوياً وراسخاً على الأرض، وهذا هو الأهم (في نظره).

ومهما يكن من أمر، فما نراه أكثر صواباً أن الثورة لا يمكن أن تحقق الانتصار المرجو على نظام بشار، طالما ظلت تعتمد على شعار "سلمية التظاهر" أسلوباً وحيداً في التعامل معه، حيث أثبت هذا النظام أنه دموي بامتياز، وأنه على استعداد للذهاب في استخدام خيار العنف المغلظ ضد المتظاهرين حتى النهاية.

لذا فإن لجوء الثورة السورية للتسلح في مقاومة جيش النظام وقواه الأمنية - حتى في أدنى درجاته- يعتبر أمراً ضروريا لنجاح المظاهرات التي ترفع شعار "سلمية التظاهر"، ويعين في الوصول لغاياتها.

هنا سترتفع عقيرة الذين يعارضون هذا الرِأي، بدعوى أن لجوء الشعب إلى السلاح يعني دخوله في حرب غير متكافئة مع النظام لن تورثه سوى الفشل من ناحية، فضلاً عن أنها قد تذهب إلى حد إثارة حرب أهلية يمكن أن تنتهي بدمار البلد وخرابه وتقسيمه لدويلات من ناحية أخرى.

والرد المقابل على هؤلاء، يكمن في السؤال عن الخيار البديل، الذي يستطيع الصمود أمام بطش الآلة العسكرية للنظام ويحد من غلوائه، وبخاصة أن هناك ما يشير إلى أن بشار لن يتراجع عن استخدام الخيار الأمني المغلط في قمع المظاهرات مهما كانت النتائج.

لذلك يبدو أن وتيرة الجرائم التي يرتكبها النظام، مرشحة للتصاعد المستمر ما لم يجر تسليح المقاومة بشكل يعين في صد هجمات الجيش وقوات الأمن التابعة للنظام. ويعود تصاعد استخدام نظام بشار للعنف لأسباب ثلاثة:

الأول - أن الثوار لا يملكون من العدة والعتاد، ما يقوى على مواجهة الآلة العسكرية التي يملكها النظام (الخصم).

الثاني - أن مواقف الدول الغربية التي تؤيد الثوار تمتنع- حتى اللحظة- عن مجرد مدِّ العناصر العسكرية التي انشقت عن الجيش السوري النظامي بالسلاح، الذي يعينها في حماية نفسها وحماية المدنيين من قصف الآلة العسكرية الجهنمية التي يملكها النظام.

الثالث- أن الدول العربية التي تبدي تأييداً واضحاً للثورة السورية، يبدو أنها لا تستطيع- حتى اللحظة الراهنة- اتخاذ قرار حاسم بتزويد الثوار بالسلاح، بسبب علاقاتها المتميزة مع أمريكا ودول الغرب بصفة عامة، والتي ما زالت تمتنع عن تزويد الجيش السوري الحر بالسلاح.

والسؤال الآن: ما نظام التسلح الذي يعين المعارضة في التصدي لجيش وقوات أمن النظام، وما المتوقع من الأنظمة العربية والمجتمع الدولي تقديمه للمقاومة، حتى تتمكن من إسقاط بشار ونظامه؟.

قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من كشف حقيقة الوضع الراهن، ومدى تفاعله مع الظروف العربية والإقليمية والدولية التي تتدخل بصورة مباشرة وغير مباشرة، في سير الأحداث التي تجري على الأرض في سوريا.

(2)
في الداخل السوري

1- أثبت هذا النظام أنه على استعداد لاستخدام كافة أنواع الأسلحة المتاحة لديه في قمع المظاهرات والاحتجاجات، كما ثبت بالأدلة المادية القاطعة أنه لن يتورع عن ارتكاب أبشع جرائم القتل والتعذيب من أجل البقاء في سدة الحكم، الأمر الذي تحقق عبر المشاهد والمعلومات الموثقة التي بُثَّت وما زالت تُبَث على الفضائيات وتتناقلها وكالات الأنباء ومواقع الإنترنت.

كذلك، أثبت النظام- وهذا هو الأهم- أنه ماضٍ في استخدام العنف المغلط ضد شعبه حتى النهاية، برغم كل الاعتراضات العربية والإقليمية والدولية على السلوك الإجرامي الذي ينتهجه في محاولته قمع المظاهرات وقتل المحتجين وتعذيب المعتقلين.

وهذا ما أكدته المشاهد التي بثتها وما زالت تبثها الفضائيات ووكالات الأنباء المصورة، حول المجازر التي ارتكبها الجيش وقوى الأمن السوري والشبيحه في مدن حمص وحماه وإدلب ودرعا والقامشلي ودير الزور والبوكمال والزبداني وريف دمشق وغيرها من المدن والقرى السورية.

2- بات من العبث استمرار الشعب السوري في الاعتماد على أسلوب التظاهر السلمي (وحده) في التصدي لبشار ونظامه والعمل على إسقاطه، أو- على الأقل- إيقاف شلال الدم الذي بات يخضب كل بقعة من أرض سوريا. لذا فإن اللجوء إلى السلاح في مقاومة هذا النظام، أصبح ضرورة ملحة لدعم التظاهرات السلمية التي تنادي بإسقاط النظام.

3- ليس من شك أن الجرائم البشعة التي ارتكبها نظام الأسدين سواء في عهد الأب أو الابن، والتي تعكس قسوتهما المروعة في التعامل مع المعارضين لهذا النظام .. إنما تعكس طبيعة تكوين هذا النظام الذي يستند لخلفية طائفية ذات بعدين: الأول، طموحات عائلة الأسد في التفرد برئاسة سوريا، والثاني ادعاء هذه العائلة بأن استحواذ الطائفة العلوية على الحكم يعني حمايتها للنظام من ناحية، ويقيها من التهميش الذي قد تتعرض له ثانيا.

ويرى العديد من المحللين السياسيين أن هذا النظام، ملتزم بأقصى درجات التعصب الطائفي، الذي يُسوِّغ له ارتكاب جرائم القتل والتعذيب الوحشي بحق المعارضين السوريين بدم بارد، برغم أن غالبية هذه الطائفة يبدو أنها تضيق ذرعا بجرائم بشار.

4 - استثمار بشار وقادة جيشه ومؤسساته الأمنية وشبيحته لانتمائهم الطائفي، قد يكون سببا رئيساً في استخدام الخيار الأمني المغلظ بحق المعارضين وبخاصة من ينتمي منهم للطائفة السنية التي تمثل الأغلبية في سوريا. فليس من شك أن بشار الأسد ومن قبل والده .. وضعا في اعتبارهما- إن صواباً أو خطأً- أن الطائفة العلوية التي ينتميان إليها، تشكل الظهير الرئيس الذي يعتمدان عليه وقت الأزمات. وهذا ما نشهده بالنسبة للطائفة العلوية، حيث لم تشارك حتى اللحظة بفعالية تذكر في مقاومة هذا النظام، بالرغم أنها تدرك أن بشار ونظامه محسوب عليها شاءت أم أبت.

فما يراه العديد من المراقبين والمحللين السياسيين أن القيادة السورية (وعلى رأسها بشار وقادة جيشة .. وجلهم من الطائفة العلوية)، تنطلق في تعاملها مع الطوائف السورية الأخرى وبخاصة الطائفة السنية، من منطلقٍ عقائدي يدعو لتهميش تلك الطوائف وإبعادها عن السلطة حتى لو اقتضى الأمر اللجوء لأسلوب الإبادة ضد أبنائها، واتباع سياسة الأرض المحروقة معها.

ولعل ما يؤيد هذا القول، أننا لم نسمع حتى اللحظة، عن تحرك جاد لزعماء الطائفة العلوية وشيوخها ومفكريها بهدف ردع آل الأسد عن الاستمرار في ارتكاب المجازر بحق الطوائف السورية الأخرى، سواء في عام 1982حين دمر "الأسد الأب" نصف أحياء حماة، أو في الأزمة الحالية التي تشهد ارتكاب مجازر وجرائم يندى لها جبين الإنسانية، على يد "الأسد الابن".

صحيح أن هناك عدداً من من المفكرين والشيوخ والكتاب والمثقفين في الطائفة العلوية همُ الآن قيد الإقامة الجبرية، وأنهم باتوا عاجزين عن التحرك ضد هذا النظام .. لكن هذا لا يشفع لأبناء الطائفة العلوية إحجامهم- حتى اللحظة- عن التعاون مع أبناء الطوائف الأخرى لإسقاط بشار ونظامه.

فالواجب الوطني والإنساني والأخلاقي، يفرض على كل أبناء الطائفة العلوية، مشاركة أخوانهم من أبناء الطوائف الأخرى في الثورة التي باتت تعم كل مدينة وقرية وضيعة في سوريا. وغير ذلك يبدو أن قادة الطائفة العلوية وأبناؤها وكأنهم يؤيدون نظام الأسدين في ارتكابه جرائم مروعة بحق الشعب السوري.

ومع ذلك .. يظل التحسب من اتهام الطائفة العلوية بعدم الوقوف مع ثورة الشارع السوري على النظام (بالمطلق) أمراً واجباً. ذلك أنه لا يوجد في تاريخ هذه الطائفة ما يدل على تأييدها للتعصب الطائفي. فمفكري هذه الطائفة وعقلائها وشيوخها وحتى بسطائها، كانوا دوما يؤيدون الوحدة الوطنية، ويؤمنون بأنهم جزء أصيل في نسيج المجتمع السوري.

وإذا كان نظام الأسدين قد استطاع أن يستولي على قيادات الجيش السوري، ويجير هذا الجيش لحمايته وبقائه في الحكم وتوريثه، فهذا لا يعني أن الطائفة العلوية (في عمومها) راضية عن هذا الوضع.

صحيح أن قادة الجيش يدينون بالولاء التام لنظام الأسدين، وصحيح أن ولاء بعضهم قد يكون قائماً على تعصب طائفي، وصحيح أن "الأسد الأب"، قد يكون شكل ميليشيات خاصة ينتمي معظم عناصرها للطائفة العلوية (وقام بعملية غسيل مخ لتلك العناصر بحيث أصبح سلوكها حيال أبناء الطوائف الأخري يتسم بالتعصب الطائفي)، غير أن الصحيح أيضاً، أن هذا لا يرقى إلى الحكم على الطائفة العلوية بأنها تؤيد النهج الإجرامي الذي يتعامل به نظام الأسدين مع الطوائف السورية الأخرى.

(3)
على الصعيدين العربي والدولي

لم يعد خافياً أن غالبية الأنظمة العربية سواء التي اجتاحتها رياح التغيير ونجحت (نسبياً) في إسقاط حكامها المستبدين، أو تلك التي ما زالت تنتسب لما يسمى بالنظام الرسمي العربي، الذي يرتبط بالغرب بصلات أقرب ما تكون ل"التبعية" منها إلى "الندية" ،،،

،،، نقول : لم يعد خافياً أن جميع هذه الأنظمة غير قادرة على اتخاذ إجراءات حاسمة على الأرض، تستطيع منع النظام السوري من الاستمرار في ارتكاب جرائمه المروعة ضد شعبه. وحتى على الصعيد السياسي، نرى أن مواقفها ما زالت تتوخى الحذر مما يجري في سوريا، وبالتالي لم تحدد بعد موقفها النهائي من الوضع في سوريا.

فليس من المنطق في شيء والحال هذه، أن نصف البلدان التي اجتاحتها رياح التغيير ونجحت في إسقاط حكامها المستبدين، بأنها تحررت كليةً من سطوة الأنظمة الاستبدادية التي استهدفتها ثورات الربيع العربي. فهي ما زالت تعيش مرحلة من الترقب لما ستفسر عنه الجهود التي تُبذل من أجل القضاء على توابع الأنظمة الاستبدادية التي كانت تحكمها. ولعل هذا هو السبب الحقيقي في أن بعض هذه الدول لم تحسم موقفها من النظام الذي يحكم سوريا بصورة واضحة، بالرغم مع أنها لا تتخلف عن إعلان تعاطفها في كل مناسبة، مع الشعب السوري في محنته الراهنة.

وبالنسبة للنظم العربية الرسمية التي لم تصلها رياح التغيير بعد، فهي تعيش مرحلة ترقب يشوبه قدر لا يستهان به من الخوف مما يخبئه المستقبل. لذا نراها تتخذ مواقف مؤيدة للشعب السوري، بل وتتبنى المطالبة بتزويد جيشه الحر بالسلاح، أملاً في الظهور بمظهر الدول التي تؤيد التغيير في المنطقة.

وعلى الرغم من صدق دعواتها لدعم الشعب السوري ووقوفها ضد نظام بشار الأسد، واستعدادها لتقديم المال والسلاح للمقاومة السورية، غير أنها لا تستطيع أن تخطو على هذا الطريق خطوات عملية، دون موافقة أمريكا والدول الأوربية التي ترتبط بعلاقات وثيقة معها، والتي ما زالت تمتنع عن تقديم السلاح لجيش سوريا الحر.

أما على الصعيد الدولي، فتنقسم الدول المعنية بالمشكلة (في اتخاذ مواقفها نحو ما يجري في سوريا) لفريقين رئيسين:

الأول- يضم أمريكا والدول الغربية التي ترى ضرورة إسقاط بشار ونظامه. غير أن تأييدها للشعب السوري ضد النظام الحاكم، فلم يتعد مجال التصريحات السياسية والرسائل الإعلامية، دون اتخاذها لأي إجراء عملي على الأرض.

وتتذرع هذه الدول في تبرير موقفها هذا، بأن تشتُت المقاومة السورية في الخارج والداخل وتشرذمها، يعوق اتخاذها لقرار عملي حاسم يستهدف دعم المقاومة على الأرض. كما تتذرع في منعها تزويد الجيش السوري الحر، بخشيتها من تسرب السلاح إلى تنظيم القاعدة، إذا ما استمر وضع المقاومة على هذا الحال من الشرذم.

وفي نظرنا أن هذا الموقف الغربي سوف يمتد لفترة طويلة، حتى لو تخلى الفريق الأخر عن مواقفه المعارضة لإصدار قرار أممي يدعو بشار للتخلي عن استخدام العنف في قمع المظاهرات والاحتجاجات.

فالغرب يري فيما يحدث في سوريا الآن، فرصة ثمينه لتدمير آخر دولة عربية ما زالت في حالة حرب مع إسرائيل. فاستمرار الحالة السورية على ما هي عليه الآن ولأطول فترة ممكنة، يعني- في نظر الغرب- إمكان تآكل اقتصادها وقدرات جيشها القتالية، بحيث تصبح غير قادرة- ليس فقط على مواجهة إسرائيل- وإنما عاجزة عن تأمين الحد الأدني من مقومات الدولة والحفاظ على أمنها واستقرارها .. هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، يأمل الغرب من وراء تأييده للمقاومة السورية، أن يظهر بمظهر الصديق الذي يحرص على تحقيق مطالب الشعب السوري في إسقاط نظام بشار، ويعينه في بناء نظام ديمقراطي يحفظ للمواطن كرامته ويؤمن له العيش بحرية. وبذلك يستطيع هذا (الغرب) أن يحافظ على مصالحه في المنطقة ويساعد في تثبيت وجود الكيان العبري فيها.

أما الفريق الثاني- فيضم روسيا الاتحادية والصين، اللتين ما زالتا تشهران الفيتو في وجه كل محاولة يبذلها الفريق الأول نحو اتخاذ خطوة عملية تستهدف إجبار بشار على التخلي عن الحكم، ووقف سيل الدماء الذي ما زال يتدفق بغزارة نتيجة استخدام العنف ضد المتظاهرين.

وتسعى هاتان الدولتان إلى الحفاظ على موطئ القدم الذي يوفره لهما بشار الأسد ونظامه حالياً، كما يظهرا من خلال موقفهما المؤيد للنظام السوري على هذا النحو المتطرف، أنهما يقفان أمام السياسات الأمريكية والأوروبية التي تسعى للهيمنة على المنطقة العربية، استكمالاً لمخططات الغرب بشأن حصار روسيا والصين، جغرافياً وسياسياً واقتصاديا.

غير أن هاتين الدولتين تدركان جيداً أن رياح التغيير التي تجتاح المنطقة، لن تستثني النظام السوري أيا كانت المبررات التي تسوقانها بصدد شرعية تأييدهما الشديد لنظام بشار. لكن حقيقة ما يستهدفانه- من موقفهما هذا- هو كشف أهداف الغرب الحقيقية من تأييده المريب للمقاومة السورية، والذي أثبته رفض أمريكا تزويد جيش سوريا الحر بالسلاح، وما أعلنه ساركوزي عن أن فرنسا على استعداد لتسليح المقاومة السورية، شريطة أن يتم هذا بقرار من مجلس الأمن!!.

والنتيجة التي نخلص إليها من رصدنا لمواقف هذين الفريقين من الأزمة السورية، تتلخص في أن كليهما يتصارعان على أرض غير أرضهما، الأمر الذي يتوجب على المقاومة السورية بخاصة والشعب السوري بعامة أن ينتبهوا له جيداً.
(4)
تسليح المقاومة

ليس المطلوب في تسليح المعارضة، أن يتوافر لديها من السلاح، ما يضاهي تسلح الجيش النظامي من دبابات وطائرات ومدرعات وغير ذلك من السلاح المتطور. وإنما المطلوب توافر مستوى من التسلح يكفي لتأهيل عناصر المقاومة ليكونوا قادرين على سرعة الحركة وسهولة المناورة في التصدي لآلة النظام العسكرية التي تعتمد بالدرجة الأولى على التسلح الثقيل من دبابات وطائرات وقاذفاتٍ صواريخ ومدفية.

غير أن هذه الخاصَّة التي يتميز بها جيش الأسد، يمكن أن تشكل نقطة ضعف ثمينة إذا ما أحسنت المقاومة استثمارها، وذلك باعتماد أسلوب حرب العصابات في التعامل مع هذا الجيش. فليس المطلوب من المقاومة تدميره بمعداته وأسلحته الثقيلة التي هي ملك للشعب السوري ولا قتل الشرفاء من منتسبيه .. وإنما المطلوب تعطيل هذه المعدات عن أداء ما يريده النظام منها، وبخاصة استخدامها في قصف المدن والقرى التي تشتعل فيها المظاهرات.

وليس بعيداً عن هذا السياق، إن تساءلنا عن مغزى قرار المجلس الانتقالي السوري بإنشاء مكتب استشاري عسكري يُعنى بالتنسيق بين فصائل المقاومة في الداخل السوري بشأن تزويدها بالسلاح، في الوقت الذي اعترفت دول الاتحاد الأوروبي بالمجلس ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري من ناحية، وفي الوقت الذي أعلن قائد الجيش السوري الحر رفضه للتعامل مع هذه اللجنة بدعوى أنه لم يجر التنسيق معه بشأن تشكيلها كما لم يتلق أي توضيح عن أهدافها من ناحية أخرى.

والأكثر من ذلك أنه لم يعلن- بعد مضي أيام على صدور هذا القرار- عن أي محاولات لرجوع قائد الجيش الحر عن قراره، ما يعني أنه لم تجر اتصالات بينه وبين رئيس المجلس الوطني بهدف التنسيق بين الفريقين. وإذا كان هناك من يتحمل مسئولية هذا الوضع، فنعتقد أن المجلس الوطني هو الذي يتحمل النصيب الأكبر منه، باعتباره المعارضة السورية المعترف بها دولياً.

فثمة ظواهر قد تصف مواقف المجلس بسلبية لا يمكن تجاهلها لعل من أهمها تزامن انسحاب مجموعة من أعضاء المجلس وتشكيلهم لفصيل مقاوم مستقل، مع إصدار قرار بتشكيل اللجنة الاستشارية العسكرية.

هذا فضلاً عما يثار عن أن جميع أعضاء المجلس هم ممن عاشوا في الدول الغربية، ما يعني أنهم ليسوا على معرفة كافيه بالأوضاع في سوريا قبل الثورة وبعدها. كما أن هناك من يتهم المجلس بأنه لم يبذل جهداً كافيا من أجل التواصل مع المقاومة في الداخل السوري، وهذا موضوع آخر يطول شرحه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.