أكد علماء الاجتماع أن ملامح الشخصية المصرية لازالت تحافظ على كيانها وقيمها التي تتسم بقبول الآخر المصري رغم المتغيرات ومحاولات الوقيعة، مهما كان اختلافه الديني أو المادي أو الثقافي، مؤكدين على تماسك المجتمع كواقع علمي. واستعرض الضيوف خلال ندوة "الشخصية المصرية في واقع متغير" التي أقيمت بقاعة ضيف الشرف أمس الخميس بمعرض الكتاب، عددًا من المحاور التي تظهر طبيعة الشخصية المصرية، وقال الدكتور أشرف فرج أستاذ علم الاجتماع، إن الكائنات الحية تكرر تجربتها مع الحياة،عدا الإنسان الذي ينقل خبراته للأجيال القادمة فيتطور، والثقافة في علم الاجتماع هي مجموع العادات والتقاليد والدين المنتشرة، ككائن ثقافي، أما الوسائل التي نستخدمها فهي حيادية تمامًا. وأشار فرج إلي أن ثورة 25 يناير طالبت بإسقاط نظام كامل وليس شخص، والغريب أننا نعيد بحرفية خلق نفس النظام مع كل زعامة جديدة، نفس المنطق في حل المشكلات وتناول القضايا،فالثورة أخرجت أفضل ما فينا وهو رغبة الانصهار والاتحاد كيد واحدة، ومع تبخر هذا الحلم عدنا لواقع أشد قسوة. لذلك هناك حالة من الغضب الحالي لدى الشعب المصري، حتى تصل لرغبة في العراك والعصبية يظهر في الشارع بشكل واضح، وكذلك المستوى الأخلاقي الذي نلمس بأنفسنا انحداره في طلبة جامعات بشكل مذهل، وهذا ينذر بأن أطباء المستقبل سيقتلوننا ومهندسونا سيبنون بيوتًا تسقط على أهاليها. ويرجع فرج ذلك لنظريات البنية التي تختلف في منهجها فأول اتجاه يتحدث عن علاقة الفرد والمجتمع ويعتبر المجتمع فيه هو المهيمن والمشكل للفرد وأسلوب حياته، أما النظرية الثانية فتفيد بأن الفرد هو مشكل المجتمع ومغيره، ولكن المجتمع لديه القدرة الأكبر على التأثير في الفرد وليس العكس. أما الدكتور ميشيل مجلع أستاذ الاجتماع فيرى أن العلاقة الجدلية الدائمة والدائرية التأثير بين الفرد والمجتمع، ومن ذلك التكوين الانفعالي للفرد مع متغيرات المجتمع بين البيئة الزراعية والبيئة الصحراوية، فالبيئة الجغرافية الرومانسية للمصريين ما بين الخضرة ومياه النيل والمناظر الجمالية تشكل الجانب المثالي للثورة المصرية ولا تناسب فكرة الثورات التي لا يجب أن تتسم بالرومانسية، ولأن المثالية غير مناسبة للسياسة، ففكرة الجاهزية للقيادة للحكم ذهبت الثورة معها في مسار آخر. واستكمل الدكتور ميشيل معقبًا، فيما يخص الثورات فقد استطاع الشعب إنجاح ثورتين حضاريتين بلا حمل سلاح هما في الحقيقة مخزون 7 آلاف سنة، مؤكدا أن المصريين ليسوا ذوي طبيعة عنيفة، فكان الالتحام الذي بدى في مشاهد العلاقة القوية بين المسلمين والمسيحيين، فالإيمان بمصريتنا وقوتنا كبير جدًا وهو سلاحنا الحقيقي، والمشكلة تكمن في البنية الثقافية المتوارثة عقب أجيال طويلة أو في عدم التعامل مع الآخر بحقيقته وإنما الصورة الذهنية عنه.