أكد موقع "المونيتور" الأمريكي إن المساعي المصريّة لم تنقطع لتأمين حاجات مصر من المنتجات البتروليّة، منذ أن توقّفت شركة "أرامكو" السعوديّة عن إمداد مصر بالشحنات البتروليّة في أعقاب تصويت مصر لصالح مشروع قرار روسيّ لحلّ الأزمة السوريّة بمجلس الأمن الدولي. وأشار الموقع، في تقرير له، إنه للشهر الثالث على التّوالي، ترفض شركة "أرامكو" السعوديّة، وهي أكبر شركة نفط في العالم، الإلتزام بالتعاقد المبرم مع مصر، من دون إبداء أيّ أسباب واضحة للمسؤولين المصريّين عن توقّف إمداد تلك الشحنات. وأردف الموقع: في رحلة البحث عن البدائل، بادرت طهرن بالإعلان عن رغبتها واستعدادها الكامل في توريد الشحنات البتروليّة التي تحتاج إليها مصر، تعويضاَ عن البترول السعوديّ، حيث ذكرت صحيفة "طهران تايمز" الإيرانيّة، في تقرير نشر على موقعها الإلكترونيّ في 15 أكتوبر الماضي، أنّ إيران عرضت على مصر بعض المنتجات النفطيّة لشهر أكتوبر. وخلال مقابلة مع شبكة سي ان ان، قال المدير العام للشؤون الدوليّة في مجلس الشورى الإيرانيّ حسين أمير عبد اللّهيان في 4 أكتوبر الماضي: إنّ تعاون البلدين مهمّ جدّاً لمعالجة المشاكل والتحدّيات التي تواجه العالم الإسلاميّ والشرق الأوسط. ويشير "المونيتور" إلى أنه لم تكن تلك المرّة الأولى التي تطرق فيها إيران الأبواب المصريّة لتقريب وجهات النظر وخلق علاقات ثنائيّة وطيدة مع القاهرة؛ فقد شهدت السنوات الماضية محاولات عدّة للتّقارب الإيرانيّ من مصر، حيث سبق وعرضت إيران على مصر في 16 إبريل من عام 2012، نقل الخبرات الإيرانيّة في مجالات التكنولوجيا والتقنيّة النوويّة لإدخال صواريخ بعيدة المدى، إلاّ أنّ الأخيرة تجاهلت ذلك العرض. وفي ظلّ علاقات مصر المتنامية مع روسيا، الحليف العالميّ الأوّل لإيران، وإعلان مصر موقفها من نظام الرئيس السوريّ بشّار الأسد، الذي يتّفق مع إيران، فضلاً عن تصاعد وتيرة الخلافات السعوديّة - المصريّة، حول الأزمة في سوريا واليمن، وبحث مصر عن بدليل للبترول السعوديّ، تجد طهران، المالكة لرابع إحتياطيّ للنفط في العالم، الفرصة سانحة الآن لطرق الأبواب المصريّة مرّة أخرى للّتعاون بين البلدين. ولأنّ التّعاون بين الدول يرتبط في شكل وثيق بالمصالح السياسيّة، رأى عدد من المتابعين والمراقبين أنّ توريد البترول الإيرانيّ ستكون له فاتورة سياسيّة باهظة الثمن. وبالطبع، سيدمّر ذلك علاقات مصر الخليجيّة، وينهي أيّ مساعدات ماليّة مستقبليّة من دول الخليج لمصر، ولكن هل ستقبل مصر ذلك العرض الإيرانيّ لتأمين حاجاتها البتروليّة، في ظلّ تصاعد حدّة الخلافات المصريّة - السعوديّة يوماً بعد يوم؟ وفي هذا الإطار، قال الباحث في العلوم السياسيّة الدكتور عمّار علي حسن في تصريحات خاصّة ل"المونيتور": إن العلاقات مع السعوديّة والخليج سوف تزداد سوءاً إذا ما قبلت مصر ذلك العرض". أوضح: "الدول تحكمها المصالح السياسيّة، والبترول السعوديّ، ليس منحة خليجيّة، وإنّما إتّفاق وتعاقد مبرم بين الدولتين لتصدير 700 ألف طنّ شهريّاً لمدّة 5 سنوات بقيمة 23 مليار دولار. وبالتّالي، إذا كانت إيران على استعداد لتلبية حاجات مصر البتروليّة في إطار تبادل تجاريّ من دون شروط سياسيّة، فبالطبع أوافق على ذلك". واستطرد "دول الخليج في غالبيّتها أبرمت إتفاقيّات أمنيّة مع إيران، فلا يخفى على أحد ذلك. وبالتّالي، لا مانع من دعم العلاقات بين القاهرةوطهران طالما لا تأتي على حساب دول الخليج" . وأكد عمّار علي حسن: "إيران تطرق أبواب مصر مرّات ومرّات، ولم تيأس من محاولات توطيد علاقاتها بالقاهرة. وبالتّالي، إذا وافقت مصر على توطيد علاقاتها بإيران، من الممكن أن تستثمر تلك العلاقة في معالجة القضايا العالقة مثل الملف اليمنيّ والسوريّ، الذي تعدّ إيران طرفاً أصيلاً فيها، لأنّ التدخّل العسكريّ العربيّ في اليمن فشل في حلّ الأزمة، وعلى الخليج أن يدرك هذا جيّداً" .